ونحن نبكى على أطلال سوريا المُدمرة، لايجب أن نتجاهل حقيقة أن هناك عملية مخابراتية -غير عربية- قامت باستبدال فاشية نظام الأسد الاستبدادى بالفاشية الدينية لنظام محمد الجولاني، ويجب أن نقف عند عدة حقائق مهمة إذا أردنا تحليل الموقف الحالى فى المنطقة العربية التى بلغت -بالفعل- أضعف حالات أمنها القومي!! ويجب أن نعرف ونفهم أن سوريا ستدخل بالمنطقة كلها فى أتون مرحلة جديدة من عدم الاستقرار.
> أخطأت دول عربية عديدة عندما لم تسأل خلال الخمسة عشرة عامًا الماضية «كيف نضغط على بشار الأسد» لكى يقيم حوارًا مع مكونات وفئات الشعب السوري، فالرجل عنيد لايسمع الكلام، ولايُدرك حجم مخاطر عناده، وهذا العناد تسبب فى تجميد قُدرات الجيش السورى، وسمح لقوى مختلفة بالتحالف سويًا لإيقاف مشروع بشار القائم على منح مساحات استراتيجية لإيران لكى تتوغل فى سوريا، وهو الأمر الذى استفز الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل، بل واستفز دولًا عربية مهمة إقليميًا واقتصاديًا، وأدى الأمر إلى تحرك العناصر غير العربية للقضاء عليه قضاءًا مبرمًا وإحياء مشروع قديم مشترك بينهم هدفه نشر الأنظمة الدينية الفاشية فى المنطقة.
> كان يجب أن يرحل بشار الأسد قبل عشر سنوات على الأقل عندما بدأ الاعتماد على إيران للقتال بدلًا منه ومن جيشه، والذى تحول بدوره -هذا الجيش- إلى مجرد ستارٍ لقوات إيرانية تتدرب وتحصل على خبرات قتالية مهمة مقابل جيش نظامى يجلس فى المكاتب ويُشرف من بعيد على المعارك الميدانية، وعندما حانت لحظة خروج المقاتلين الإيرانيين من المشهد.. وجد -هذا الجيش نفسه- بلا تدريب وبلا تأهيل وبلا خبرات فى تفاصيل حرب العصابات.. فقررت قياداته عدم القتال انتقامًا من بشار وخوفًا من هزيمة عظيمة وغير مسبوقة.. ولا تستبعد أن هناك اتفاقًا قد جرى بين قيادات الجيش السورى وفصائل محمد الجولانى بعدم إطلاق الجيش السورى لطلقة رصاص واحدة مقابل عدم الانتقام من هذه القيادات التى وجدت بشار الأسد عبئًا عليها بالإضافة إلى عناده وغباءه السياسى والذى أدى بدوره لتوريط الجيش فى حسابات دولية مُعقدة لن يدفع ثمنها سوى الجيش نفسه.
> لاتُصدق أن محمد الجولاني -الذى أطلق على نفسه أحمد الشرع- رجلُ مُعتدل، أو أنه «كيوت» و«مُسالم».. بل يجب أن تُدرك أنه ربيب وسليل تنظيمات دينية متطرفة قتلت وسلبت ودمرت واغتالت وأحرقت دولًا عربية عديدة.. فعلت هذا فى سوريا والعراق وليبيا.. وهى نفس التنظيمات التى قتلت ضباطنا وجنودنا فى سيناء.. فهو ابن تنظيم القاعدة وأحد قيادات داعش ورأس الحربة فى تنظيم النُصرة وقائد تنظيم جبهة تحرير الشام.. فلا تُقنعنى أنه تحول فجأة وأصبح ديمقراطيًا مُسالمًا متعاونًا يؤمن بحقوق الآخرين.. فلن تقنعنا لحيته التى تم تهذيبها ولا ملابسه الإفرنجية أن رأسه أخرجت مابها من أفكار التطرف والقتل والدموية.. هذه «حركات» قديمة تم استهلاكها منذ خمسة عشرة عامًا ولن تَخِيل علينا ولاعلى من يؤمن بأن التنظيمات الدينية المتطرفة هى جماعات أيديولوجية ثابتة غير مرنة لاتسمح لمن يخالفها -الفكر- بالحصول على مساحات وسط ميدان السياسة.. وبلا شك هى جماعات غير قادرة على ممارسة الإدارة السياسية والسلطة والحكم.. وسوف نرى!!
> لاتقل لى أن محمد الجولانى وجماعته دخلوا إلى دمشق دون تنسيق مُسبق مع تركيا والولايات المتحدة وبِعلم إسرائيل!! نعم بِعلم إسرائيل التى أعلن نتنياهو قبل تحرك هيئة تحرير الشام بأربعة وعشرين ساعة فقط أن أيام بشار الأسد فى السلطة باتت معدودة!! والغريب أن إسرائيل التى طالت يدها مناطق من إيران وسوريا ولبنان ومازالت تقتل مئات الآلاف فى غزة وجدت -من يحمل فى يده مصحف وسيف- يشارك فى تحالفٍ هى عضو فيه للخلاص من بشار الأسد فى أطار أن المصلحة أهم من هذه الحسابات الضيقة.. فماذا يعنى قتل الأطفال فى غزة؟.. المهم هو الشام والمسجد الأموي!!
> وبمناسبة المسجد الأموى.. هذا الظهور المُلفت لمحمد الجولانى فى المسجد غرضه توصيل رسالة بانتمائه إلى المذهب السُنى ومحاربته للمذهب الشيعى، ولذلك قال داخل المسجد، إن بشار الأسد قام بتسليم سوريا لإيران -وهذا حقيقى- ولكن هل الجولانى يريد توصيل هذه الرسالة فقط؟.. قطعًا هو يريد توصيل رسالة أخرى.. وهى أنه سوف يُعيد مجد الدولة الأموية التى انطلقت من دمشق.. ولكن فاته أن هذه الدولة كانت مترامية الأطراف.. وكانت دولة رائدة لا تابعة.. فكانت تحكم الشام كاملًا من دمشق إلى القدس والحجاز ومصر والمغرب العربى وبعض البلدان عند حدود إفريقيا.. ولكن «الجولانى» جاء لنا على رأس مشروع كبير لتقسيم سوريا -المُقسمة أصلًا من جسد الشام الكبير- فهل يرغب الجولانى فى توحيد سوريا؟ أم أنه سيكتفى بدمشق وريفها؟ هل سيقاوم إسرائيل التى استولت على مائتى كيلو مترمربع من المناطق المتاخمة للجولان المحتلة؟ هل سيرد على تصريح نتنياهو الذى أطلقه أمس الأول والذى قال فيه، إن الجولان ستظل إسرائيلية للأبد؟ هل سيمنع انفصال الأكراد السوريين؟ هل سيمنع تركيا من ضم أراض سورية؟ هل سيحارب إيران -على أرض العراق- فى المستقبل ويقضى على ماتبقى من سوريا؟
> كل هذه الأسئلة يجب أن تُطرح فى عقولنا ونحن نسمع كلمات الجولانى داخل المسجد الأموى.. وهو مشهد -من وجهة نظرى- لايعنى أبدًا أن الجولانى سيقوم بإحياء الدولة الأموية!!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نور المنطقة العربية بشار الأسد الشعب السورى أراض سورية بشار الأسد
إقرأ أيضاً:
الحرس الثوري: مصير بشار الأسد تحدد على الأرض
بغداد اليوم - طهران
اعتبر قائد قوات الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، اليوم الخميس (9 كانون الثاني 2025)، أن مصير النظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد تحدد على الأرض وكانت المعارك على الأرض فقط وهذا يبرر دور القوات البرية في الحسم.
وقال اللواء سلامي في كلمة له خلال مناورات عسكرية تجريها القوات البرية للحرس الثوري وتابعتها "بغداد اليوم"، إن "دور القوات البرية، حتى مع تطور التقنيات الجوية والفضائية، حاسم وكامل لتحقيق الأهداف النهائية لأي حرب".
وأضاف في معرض إشارته إلى مصير بشار الاسد وعدم قتال القوات البرية السورية في مواجهة المسلحين، "لقد تم تحديد مصير النظام السوري على الأرض، لأن المواجهات كانت برية والجوية كانت محدودة لهذا النظام".
وبين اللواء سلامي أن "العدو هزم على الأرض في غزة رغم تفوقه المطلق في الجو، وأية دولة لا تتمتع بحدود آمنة لن تكون آمنة في ظل الوضع الحالي".
وقال "تولي قواتنا البرية أهمية وقيمة خاصتين للحدود، وإن التسلل عبر الحدود من قبل الجماعات غير النظامية والجماعات غير الحكومية والجيوش غير الكلاسيكية أمر في غاية الأهمية بالنسبة لأمن الحدود اليوم"، منوهاً أن "العدو يريد أن يوهمنا بأننا أصبحنا ضعفاء، بل نحن أصبحنا أقوى بكثير في كافة أبعاد القوة".
وتابع "عند مقارنة القوات البرية العام الماضي مع هذا العام، نرى أننا حققنا تقدماً كبيراً في مجال الحرب الإلكترونية، والطائرات بدون طيار والطائرات الصغيرة، والقدرة على الحركة، والقوة النارية، والقدرة التخطيطية، واليوم، تتكامل تدريبات قواتنا البرية مع الواقع العملياتي في الميدان".
وأشار اللواء سلامي إلى الإعلام الموجهة ضد الشعب الإيراني، وقال "إن القوة الناعمة، وتدفق العدوان المعرفي، والعمليات النفسية، والدعاية والقصف الإعلامي، أصبحت اليوم أجزاء مهمة لا تنفصل عن المعارك الجديدة التي يجب على شعبنا وقواتنا المسلحة الاهتمام بها، يريد العدو أن يفرغ القلوب من الثقة ويملأها بالشك".
المصدر: وكالات