بين عشية وضحاها طوى الزمان أربعة عشر عامًا من الدماء والخراب والحروب والتهجير وهدم المنازل والمؤامرات، ووجدنا المدن السورية تتساقط كأوراق الشجر أمام الفصائل السورية، أيا كانت مسمياتها وتوجهاتها أو أجنداتها، المحصلة النهائية هى انهيار نظام الأسد الذى استعصى على هؤلاء ومن رحل منهم ومن غادر سوريا ومن أخرجوه من السجون والمعتقلات طوال الأربعة عشر عاما الماضية.
الجميع فى دهشة من هذا السقوط السريع والانهيار الفورى لنظام الأسد، والأغرب من ذلك هو فرار الأسد وأسرته دون أية مقاومة أو حتى حفظ ماء الوجه لعائلة الأسد التى حكمت سوريا طوال نصف قرن من الزمان، ورحيلهم إلى بلاد الثلوج والحروب والمؤامرات، تحت مسمى لجوء سياسى، وما هو إلا لجوء مهين وهروب مذل ايثارا للسلامة وخوفًا على حياته وحياة أسرته من غضب الشعب السورى، الذى ذاق الويلات على يديه الملطختان بالدماء، لتتولى روسيا رعايته خارج سوريا بعد أن تخلت عنه داخلها فى مفارقة غريبة، وتنصل أغرب من الجميع، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، التى تضع أنفها فى كل تفصيلة من تفصيلات الشرق الأوسط خلال العقود الماضية تطالب الأسد بالرحيل وترك البلاد ليتولى الشعب السورى إدارة بلاده بنفسه.. هل هذه هى أمريكا التى نعرفها؟ وهل هذا ترامب الذى يغضب لإسرائيل إذا اصابها القلق أو الخوف؟ والذى يقيم الدنيا ولايقعدها ويهدد الشرق الأوسط بأكمله بمصير أسود لأجل قلة من الأسرى تحت أيدى حماس، إذا به يسمح ويبارك مليشيات عسكرية، تحمل السلاح وتلاصق إسرائيل فى هضبة الجولان المحتلة معللا حق الشعب السورى فى تقرير مصيره ومستقبله، والذى نتمنى جميعا كعرب ان يصدق الذئب فى صداقته للحملان دون أن يبقر بطونها ويأكل لحومها.
وما نراه من مباركات وتأييد القوى العظمى والدول التابعة لها شرقًا وغربًا لرحيل الأسد وبناء سوريا جديدة هو أمر جيد، ولكنه يتعارض مع الخرائط والسياسات التى حفظناها عن ظهر قلب، والتى لا تحمل بين تضاريسها وخطوطها العرضية والطولية إلا الأطماع والمؤامرات والدسائس لصالح دولة الاحتلال الإسرائيلى.
هناك غموض فى جميع المواقف التى طرأت على سقوط المدن السورية كقطع الثلج، وسرعة هروب الأسد واستسلام نظامه واختفائه من المشهد يجعلنا نخشى على الشعب السورى، الذى تنسم عبير الحرية بعد نصف قرن من حكم الحديد والنار، ولن يرضى بالهوان او العودة للوراء على يد أنظمة جديدة للحكم أو تدخلات خارجية لا نعلم عنها شيئا، ولا يدري أحد ماذا ينتظر المسرح السورى من مفاجأت وكواليس وأدوار ونسأل الله السلامة للشعب السورى الشقيق بعيدًا عن المسميات السياسة.
وأكد بيان للسعودية وقوف المملكة إلى جانب الشعب السورى وخياراته «فى هذه المرحلة المفصلية من تاريخ سوريا»، ودعا إلى تضافر الجهود للحفاظ على وحدة سوريا وتلاحم شعبها، بما يحميها من الانزلاق نحو الفوضى والانقسام، مؤكدًا دعمها لكل ما من شأنه تحقيق أمن سوريا الشقيقة واستقرارها بما يصون سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها.
كما دعت السعودية فى البيان المجتمع الدولى للوقوف إلى جانب الشعب السورى الشقيق والتعاون معه فى كل ما يخدم سوريا ويحقق تطلعات شعبها وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، ومساندة سوريا فى هذه المرحلة بالغة الأهمية لمساعدتها فى تجاوز ويلات ما عانى منه الشعب السورى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الشعب السورى هموم وطن طارق يوسف الفصائل السورية دولة الاحتلال الإسرائيلي الشعب السورى
إقرأ أيضاً:
الخارجية الروسية: مستمرون في دعم سوريا ونتوقع تطور العلاقات في المستقبل
سوريا وروسيا.. قال الممثل الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول أفريقيا، نائب وزير الخارجية ميخائيل بوجدانوف، إن روسيا تتوقع أن تتطور علاقاتها مع سوريا بشكل أكبر في المستقبل، وأن تقوم على المساواة والمنفعة المتبادلة.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال في وقت سابق:"إن سوريا كانت دائما شريكا مهما لروسيا في العالم العربي وعلى الساحة الدولية، وكانت العلاقات بين بلدينا ودية تاريخيا، وتستند إلى مبادئ الاحترام المتبادل ومراعاة مصالح كل منا، وأنا على ثقة من أنها ستستمر في التطور على أساس متساو ومتبادل المنفعة".
وأضاف بوتين:"تمر سوريا اليوم بأوقات عصيبة، ونأمل أن يتغلب شعبها بنجاح على التحديات العديدة الناجمة عن الأزمة التي طال أمدها في البلاد، ومن جانبنا، نحن مستعدون لمواصلة تقديم المساعدة المطلوبة للسوريين".
وأكد المبعوث الروسي الخاص أن "الأحداث التي أدت إلى تغيير السلطة في سوريا في ديسمبر 2024 لا تغير مواقفنا الأساسية، لقد كنا ثابتين في دعمنا لسيادة الجمهورية العربية السورية ووحدتها وسلامة أراضيها ونواصل الحفاظ عليها، نحن نسترشد بفكرة أن الأمر متروك للسوريين أنفسهم لتحديد مستقبل البلاد من خلال حوار وطني واسع النطاق يأخذ في الاعتبار المصالح المشروعة لجميع القوى السياسية والمجموعات العرقية والطائفية".
علاقات روسيا وسوريا تتحسن بعد سقوط الأسدوفي سياق متصل كان مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، أكد أن موسكو مستعدة لتقديم «المساعدة اللازمة» للدفع بعمليات خروج سوريا من مرحلة ما بعد الأزمة.
ومن جانبه أشار وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، قبل يومين، من أن بلاده " منفتحة على السماح لروسيا بالاحتفاظ بقواعدها الجوية والبحرية على طول الساحل السوري، ما دام أن أي اتفاق مع الكرملين يخدم مصالح سوريا ويحقق المكاسب".
وكان أبو قصرة قد قال، في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»، إن موقف روسيا تجاه الحكومة السورية الجديدة قد "تحسن بشكل ملحوظ" منذ سقوط بشار الأسد، مشيراً إلى أن دمشق تدرس المطالب الروسية.