بوابة الوفد:
2025-01-11@07:57:27 GMT

سوريا الماضى والمستقبل

تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT

بين عشية وضحاها طوى الزمان أربعة عشر عامًا من الدماء والخراب والحروب والتهجير وهدم المنازل والمؤامرات، ووجدنا المدن السورية تتساقط كأوراق الشجر أمام الفصائل السورية، أيا كانت مسمياتها وتوجهاتها أو أجنداتها، المحصلة النهائية هى انهيار نظام الأسد الذى استعصى على هؤلاء ومن رحل منهم ومن غادر سوريا ومن أخرجوه من السجون والمعتقلات طوال الأربعة عشر عاما الماضية.


الجميع فى دهشة من هذا السقوط السريع والانهيار الفورى لنظام الأسد، والأغرب من ذلك هو فرار الأسد وأسرته دون أية مقاومة أو حتى حفظ ماء الوجه لعائلة الأسد التى حكمت سوريا طوال نصف قرن من الزمان، ورحيلهم إلى بلاد الثلوج والحروب والمؤامرات، تحت مسمى لجوء سياسى، وما هو إلا لجوء مهين وهروب مذل ايثارا للسلامة وخوفًا على حياته وحياة أسرته من غضب الشعب السورى، الذى ذاق الويلات على يديه الملطختان بالدماء، لتتولى روسيا رعايته خارج سوريا بعد أن تخلت عنه داخلها فى مفارقة غريبة، وتنصل أغرب من الجميع، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، التى تضع أنفها فى كل تفصيلة من تفصيلات الشرق الأوسط خلال العقود الماضية تطالب الأسد بالرحيل وترك البلاد ليتولى الشعب السورى إدارة بلاده بنفسه.. هل هذه هى أمريكا التى نعرفها؟ وهل هذا ترامب الذى يغضب لإسرائيل إذا اصابها القلق أو الخوف؟ والذى يقيم الدنيا ولايقعدها ويهدد الشرق الأوسط بأكمله بمصير أسود لأجل قلة من الأسرى تحت أيدى حماس، إذا به يسمح ويبارك مليشيات عسكرية، تحمل السلاح وتلاصق إسرائيل فى هضبة الجولان المحتلة معللا حق الشعب السورى فى تقرير مصيره ومستقبله، والذى نتمنى جميعا كعرب ان يصدق الذئب فى صداقته للحملان دون أن يبقر بطونها ويأكل لحومها.
‏وما نراه من مباركات وتأييد القوى العظمى والدول التابعة لها شرقًا وغربًا لرحيل الأسد وبناء سوريا جديدة هو أمر جيد، ولكنه يتعارض مع الخرائط والسياسات التى حفظناها عن ظهر قلب، والتى لا تحمل بين تضاريسها وخطوطها العرضية والطولية إلا الأطماع والمؤامرات والدسائس لصالح دولة الاحتلال الإسرائيلى.
‏هناك غموض فى جميع المواقف التى طرأت على سقوط المدن السورية كقطع الثلج، وسرعة هروب الأسد واستسلام نظامه واختفائه من المشهد يجعلنا نخشى على الشعب السورى، الذى تنسم عبير الحرية بعد نصف قرن من حكم الحديد والنار، ولن يرضى  بالهوان او العودة للوراء على يد أنظمة جديدة للحكم أو تدخلات خارجية لا نعلم عنها شيئا، ولا يدري أحد ماذا ينتظر المسرح السورى من مفاجأت وكواليس وأدوار ونسأل الله السلامة للشعب السورى الشقيق ‏بعيدًا عن المسميات السياسة.
وأكد بيان للسعودية وقوف المملكة إلى جانب الشعب السورى وخياراته «فى هذه المرحلة المفصلية من تاريخ سوريا»، ودعا إلى تضافر الجهود للحفاظ على وحدة سوريا وتلاحم شعبها، بما يحميها من الانزلاق نحو الفوضى والانقسام، مؤكدًا دعمها لكل ما من شأنه تحقيق أمن سوريا الشقيقة واستقرارها بما يصون سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها.
كما دعت السعودية فى البيان المجتمع الدولى للوقوف إلى جانب الشعب السورى الشقيق والتعاون معه فى كل ما يخدم سوريا ويحقق تطلعات شعبها وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، ومساندة سوريا فى هذه المرحلة بالغة الأهمية لمساعدتها فى تجاوز ويلات ما عانى منه الشعب السورى.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الشعب السورى هموم وطن طارق يوسف الفصائل السورية دولة الاحتلال الإسرائيلي الشعب السورى

إقرأ أيضاً:

حكايات يكتبها خيري حسن : عطية معبد..شاعر التفاصيل ضد التفاصيل الأخرى

كنت صغيراَ فى السن عندما ذهبت إلى بيت ثقافة إهناسيا المدينة - وهى مدينة فرعونية قديمة تبعد عن القاهرة ما يقرب من 140 كم جنوباً.
استقلبنى رئيس نادى الأدب الشاعر نور سليمان بترحاب شديد، وعندما استمع إلى شعر العامية الذى كنت أكتبه فرح جداً بى وقال:" جهز نفسك لندوة فى بيت ثقافة الفشن - وهى مدينة قريبة من محافظة المنيا وتبعد عن القاهرة 160كم جنوباَ أيضاً.

وبالفعل ذهبت مع مجموعة من الأدباء والقيت الشعر الذى أكتبه( وهو ليس بشعر أصلاَ) ثم صعد على المنصة الشاعر عطية معبد - من أسرة نادى أدب مدينتى إهناسيا - ليلقى قصيدة عنوانها عبقرى، ومذهل مازلت أذكره ولا أنساه حتى اليوم.
على المنصة صعد عطية معبد ناحل الجسد، شارد الذهن، مبتسماَ فى خجل طفولى ظاهر، ويمسك فى يده علبة سجائر نصف فارغة يبدو أنها لا تفارقه ثم امسك بالورقة الفولسكاب التى أمامه ليقرأ واعتدل ثم قال: 
" تفاصيل ..ضد التفاصيل وتفاصيل أخري"! 
وكان هذا هو العنوان..وكانت هذه هى اللحظة التى توقعت فيها أننى أمام شاعر - رغم عمره الصغير وقتها - سيكون علامة بارزة فى قصيدة النثر المصرية.

ودارت الأيام دورتها وجئت للقاهرة، وشغلتنى نداهة، ومتاهة الصحافة، واختفى عطية معبد عن الحياة الأدبية لأسباب كثيرة ربما من بينها تركيبته الشخصية الخجولة، والكسولة، التى لم تجعله يأخذ المكان الذى يستحقه بين كتاب قصيدة النثر فى جيله ومن أسبابها أيصاَ - بطبيعة الحال - دوائر العلاقات المتشابكة فى وسط الصحافة الثقافية فى القاهرة الذى عانى منها عطية وكل موهبة مثل موهبة عطية.. بسبب التجاهل، والتهميش، والاقصاء، والاستبعاد، لسنوات طويلة. ولكن رغم ذلك ظل اسمه وعنوان قصيدته محفوران فى ذهنى لا أنساهما!

بعد سنوات طلبنى الزميل خالد ناجح - وكان رئيسا لتحرير مجلة الهلال وكتاب الهلال ورواية الهلال - للعمل معه كمديراَ لتحرير مجلة الهلال وبالفعل وافقت وقدمت للصحافة الثقافية مع أسرة تحرير المجلة - فى حدود ما استطعت - 7 أعدادا مازال الزملاء فى دار الهلال وخارجها يذكرونهم حتى اليوم. 

وأثناء هذه الفترة بحثت عن شعر عطية معبد حتى أنشره فلم أجده، وبحثت عن عطية نفسه حتى أحاوره فلم أجده..وذات يوم وأنا فى المجلة فتحت درج مكتب قديم فوقه أطنان من التراب! فى حجرة مجاورة كان يضم كتب ومجلات قديمة فوجدت أمامى اسم عطية معبد على ديوان له كان صادراَ عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ضمن سلسلة ( إبداعات - العدد 54 ) - أول فبراير - 1998 عنوانه:
( هكذا أموت..عادة)
ففرحت به وفرحت أكثر عندما وجدت فى الديوان قصيدته التى لم انساها" تفاصيل ضد التفاضيل.. وتفاصيل أخري) والديون واضح من شكله أنه لم تمسه يد، ولم ينشر عنه حرفا، ولم يكتب عنه أحدا ( على الأقل فى مجلة الهلال ) وظل مركونا فى الدولاب القديم ما يقرب من 20 سنة حتى جئت ووجدته!
 
وعندما قررت أن أكتب عن الديوان وعن عطية معبد فى العدد التالى من المجلة حدث - لسوء حظى - ولسوء حظ عطية ( كده..كده عطية حظه سىء ) ابتعدت عن إدارة تحرير المجلة، لأسباب ليس الآن المجال لذكرها.. لتبقي تفاصيل - عطية معبد - ضد التفاصيل وتفاصيل أخري " باقية، وحاضرة، وشاهدة على مواهب حقيقية - مثل موهبة عطية معبد - لم تأخذ مكانها، ولا اتسع لها زمانها بالقدر الذى تستحقه. وربما من أجل ذلك جعل عطية معبد عنوان ديوانه:
" هكذا أموت..عادة" فهل الموت الذى كان يقصده هو موت الموهبة؟! ربما!!
ويقول عطية معبد:
" ليس من سبب
يدعونى للأحتفاظ بعلب المارلبوبو
الفارغة
غير رغبتى
فى أن ارى الخراب
ملوناَ"


 

مقالات مشابهة

  • تامر أفندى يكتب: أحمد عدوية..  طرب "صُنع فى مصر"
  • تصريحات مصرية جديدة عما تريده القاهرة من دمشق بعد التغيير في سوريا وسقوط الأسد
  • كما قال مالك فى الخمر
  • حنان أبوالضياء تغوص فى العالم السرى للمشاهير
  • اللغة التى جعلتهم يقهروا الظلام
  • إدمان الهواتف
  • محافظ أسوان يشيد بالطالبة بسملة لتكريمها بمسابقة الرسملمحات من الهند
  • المهمة الأساسية للأحزاب السياسية
  • واشنطن والنظام السورى الجديد
  • حكايات يكتبها خيري حسن : عطية معبد..شاعر التفاصيل ضد التفاصيل الأخرى