كبار السن وحقوق الإنسان
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
مدرين المكتومية
تبذُل اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان جهودًا حثيثة وعملًا دؤوبًا من أجل الاهتمام بمختلف القضايا الإنسانية والاجتماعية، التي تدعم مسيرة حقوق الإنسان في وطننا العزيز، وفي احتفالها باليوم العالمي لحقوق الإنسان، ركزت اللجنة على فئة كبار السن، تلك الفئة المهمة من شريحة المجتمع والتي تعد من الشرائح التي تحتاج إلى عناية واهتمام كبيرين؛ كونها الفئة التي قدمت الكثير طوال حياتها لتحصل في المقابل على حياة جميلة ورائعة لا سيما بعد التقاعد.
وقد كرمت اللجنة عددًا من المشاريع والمبادرات الحكومية والخاصة والتي تساهم بشكل كبير في مد يد العون لهذه الفئة التي تعد من أهم الفئات التي ساهمت في بناء الأجيال جيلًا بعد جيل.
هذه البادرة الطيبة هي جزء لا يتجزأ من الدور الفعال التي تقوم به اللجنة مع العديد من المبادرات الأخرى التي تعنى بالإنسان وتهتم بالأنظمة والتشريعات وتساهم في تطبيقها في مواضعها.
وفي ظل ما نجده من اهتمام كبير على مستوى مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان، بفئة كبار السن، يؤسفنا ويؤلمنا أن نجد بعض حالات عقوق الوالدين، وإهمال جسيم من بعض الأبناء لآبائهم وأمهاتهم، متغافلين تمامًا مسؤوليتهم الأخلاقية والدينية والمجتمعية بل والإنسانية عن رعاية الأشخاص الذين كانوا سببًا في وجودهم في هذه الحياة، وبذلوا كل غالٍ ونفيس من أجل أن يصبحوا على ما هم عليه.
لا شك أن الغالبية العظمى من مجتمعنا الأصيل هم من البارين بوالديهم، ونجدهم يقدمون كل سبل الرعاية والعناية بكبار السن. وهذا هو الواجب على كل فرد في المجتمع، أن يولي هذه الفئة الوقورة الوقت الكاف والاهتمام اللازم، مهما كانت الظروف والالتزامات.
إننا اليوم ونحن نقلب في صفحات التاريخ، ونقلب في الكثير من المشاهد والصور فإن الذين صنعوها لنا وحققوا تلك الأمجاد هم هذه الفئة، التي اليوم تنقل الصورة وتحكي لنا القصص وتسرد لنا الحكايات وتخبرنا عن جمال الحياة في مراحلها الأولى التي عاشوها.
ولقد حمل احتفال اللجنة هذا العام شعار "خطوات مستدامة لحماية وتعزيز حقوق كبار السن في سلطنة عُمان"، إيمانًا من اللجنة بأهمية الالتفات إلى هذه الفئة، وإيلائها الرعاية اللازمة، بالتعاون والشراكة مع مختلف مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني وجميع أفراد المجتمع.
ومما يبعث على الفخر أن وطننا الغالي عُمان يُولي فئة كبار السن الاهتمام المُستحق، خاصة وأن النظام الأساسي للدولة، أكد على حقوق هذه الفئة، من خلال ضمان الحماية الاجتماعية، والرعاية الصحية، والمعونة في حالات الطوارئ، والشيخوخة، ولعل أبرز مثال على هذا الدعم أن صندوق الحماية الاجتماعية يقدم لكبار السن منفعة خاصة بهم، تقديرًا وعرفانًا بأدوار هذه الفئة وما قدمته من عطاء خدمةً للوطن.
الجميل في هذا الاحتفال أنه تضمن استعراضًا لتوصيات الجلسة الحوارية التي نظمتها اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان قبل أيام؛ والتي سعت إلى مضاعفة جهود مختلف الجهات لضمان حقوق كبار السن، وتطوير الخدمات المقدمة لهم وفق أفضل الممارسات الدولية. ومما يجدر ذكره من هذه التوصيات أن الخبراء دعوا إلى "إيجاد آلية لضمان توحيد الجهود والتكامل بين جميع الجهات المعنية بتقديم الخدمات لكبار السن، والعمل على إصدار قانون شامل لحماية وتعزيز حقوق كبار السن في سلطنة عُمان يتفق مع المعايير الدولية ذات الصلة، وتحديث التشريعات الحالية". ولا شك أن مثل هذه التوصيات ستجد طريقها للجهات المعنية، لا سيما من مجلس الشورى الذي يُعوَّل عليه في مثل هذه الأمور أن يأخذ بزمام المبادرة ويسعى لإصدار تشريع جديد يختص بكبار السن.
وأخيرًا.. إنَّ الجهود المتواصلة لحماية وتعزيز حقوق كبار السن، تعكس ما تنعم به سلطنة عُمان من تقدم في مختلف المجالات، وتؤكد أننا ماضون على الطريق الصحيح نحو تحقيق التطلعات المجتمعية وبصفة خاصة تلك التي تتواكب مع مُستهدفات رؤية "عُمان 2040".
كلمة شكر وتقدير ومحبة واعتزاز وفخر لكل رجل وامرأة خدموا هذا الوطن وبذلوا الغالي والنفيس من أجل أن يتقدم، وأن نجد نحن- أبناء الأجيال الشابة- كل هذا الإنجاز من حولنا.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بعد اختيارها رئيسا للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية.. من هي المغربية أمينة بوعياش؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تتميز أمينة بوعياش المناضلة الحقوقية بتاريخ حافل بالعمل الدبلوماسي على مدى سنوات عمرها، فمنذ أن ولدت "أمينة بوعياش" في مدينة تطوان المغربية، تشربت من ثقافة الأندلسية وتميزت بقيم وروح الإنسانية والتفاهم والتضامن، وعاشت حياتها في نضال حول حقوق الإنسان، حتى تُوجت أمينة بوعياش، في مسيرتها الحقوقية لتتولى منصب رئيـسةً للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ممثلة لدولة المغرب، بإجماع أصوات المؤسسات الأعضاء، على هامش الدورة الـ58 لمجلس حقوق الإنسان التابع لـ الأمم المتحدة في جنيف.
مسيرة حافلة من العطاء الحقوقيدرست "أمينة" بمجال العلوم الاقتصادية واستطاعت إتقان عدة لغات منها العربية، الأمازيغية، الفرنسية، الإنجليزية والإسبانية، ودخلت "بوعياش" إلى مجال حقوق الإنسان مع عدد من المنظمات غير الحكومية المغربية الرامية إلى الترافع من أجل إنشاء آلية وطنية للوقاية من التعذيب بالمغرب سنة 2009.
الاندماج في المجتمع الحقوقيكانت هموم المغرب كوطن يشغل بال "بوعياش" ليس فقط كمواطنة ولكن كمناضلة حقوقية تسعى إلى الحفاظ على حقوق الانسان وإرساء المساواة والعدل في ربوع بلادها، والحفاظ على حقوق المهمشين.
واختيرت أمينة بوعياش عضوة في اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور المغربي لسنة 2011، وعضوة في مجلس إدارة مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، نظرا لخبرتها الحقوقية.
تمثيل في محافل دوليةكما حظيت بعضوية عدد من الهيئات والمنظمات على الصعيدين الإقليمي والدولي من بينها اللجنة الأكاديمية للمؤتمر العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام واللجنة الوطنية للقانون الدولي ومنتدى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للتصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وتشجيع إنشاء آلية للوقاية من التعذيب.
تعيينها في مناصب قيادية ودبلوماسيةوفي عام 2016 عينها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في منصب سفيرة لدى دولتي السويد ولاتفيا (ليتوانيا).
وفي عام 2018 عُينت "أمينة بوعياش" رئيسة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، لتصبح أول امرأة مغربية ترأست منظمة حقوقية وطنية.
وتوالت المناصب القيادية التي تولتها "بوعياش" حيث انتخبت أمين التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في عام 2022، كما تقلدت سابقا منصب نائبة رئيس الفدرالية الدولية لرابطات حقوق الإنسان، كما تم انتخابها على رأس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان لولايتين متتاليتين.
نضال لانتزاع حقوق الانسانبصمت اسمها بقوة في مجال حقوق الإنسان بفضل قيمها وقدراتها التنظيمية العالية وطريقة عملها الاستثنائية حين يتعلق الأمر بحشد الجهود من أجل الدفاع عن القضايا العادلة وطرح القضايا الإنسانية الأكثر تعقيدا على المستويين الوطني والدولي، وهي من بين الصفات التي جعلتها تحظى عن استحقاق بإجماع هيئات المجتمع المدني، حيث تتمتع بمصداقية واسعة ودائمة.
جوائز دوليةحصلت أمينة بوعياش، على وسام العرش من الدرجة الثالثة (ضابط) تقديرا من ملك المغرب، وأيضًا على وسام العرش من درجة فارس تقديرا لإسهاماتها كعضوة في اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور في عام 2011، كما تم منحها وسام جوقة الشرف الوطني برتبة فارس للجمهورية الفرنسية عام سنة 2014.
واختارتها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ضمن خمس نساء قياديات كرسن حياتهن للنضال من أجل عالم تترسخ فيه المساواة بين الجنسين في عام 2021 في اليوم العالمي للمرأة.
جوائز وتكريماتكما تم اختيار أمينة بوعياش، من مركز الشمال والجنوب التابع لمجلس أوروبا في يناير 2024 للحصول على جائزة نظير عملها من أجل تعزيز حقوق الإنسان، كما حصلت على جائزة نساء المستقبل 2024 التي تمنحها جمعية الصداقة الإسبانية-الفرنسية.
وحصلت "بوعياش" مع بداية عام 2025 على جائزة البحر الأبيض المتوسط من قبل مؤسسة "دول العالم المتحدة" وهيئة تحكيمها الدولية، في إيطاليا، تقديرًا لجهودها في مجال حقوق الإنسان، حيث ترمز الجائزة للسلام والعيش المشترك والحوار بين الشعوب، وتمنح للشخصيات التي أثرت في المجتمع الدولي في مجال حقوق الإنسان.