الصحافة العُمانية والتحول الرقمي
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
طرحنا في مقال الأسبوع الفائت سؤالا يقول أين صحافتنا من ثورة الذكاء الاصطناعي؟ وللإجابة عن هذا السؤال المهم والملح في الوقت نفسه، استعرضنا التحولات التقنية الكبرى التي شهدتها الصحافة، وقلنا إن التأريخ للتحول الرقمي في الصحافة بوجه عام يجب أن يبدأ بظهور الحاسوب وتزايد استخدامه في إنجاز بعض الأعمال التي كان يقوم بها الصحفيون والفنيون البشر في المؤسسات الصحفية.
تشير المصادر التاريخية إلى أن صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قامت في نهاية خمسينيات القرن الماضي بتجربة استخدام الحاسوب لتحليل الأخبار والبيانات. وشهدت نهاية الستينيات وأوائل السبعينيات بداية استخدام الحاسوب في الصحافة لتحرير النصوص والتصميم. وسرعان ما انتقلت هذه الأجهزة إلى الصحف العربية خاصة في السبعينيات والثمانينيات لتطوير عمليات التحرير والإخراج والطباعة.
يمكن القول إن التحول الرقمي في الصحافة العُمانية ليس وليد اليوم، ولا يرتبط بثورة تكنولوجية واحدة، واستفاد من كل التقنيات الرقمية التي بدأت مع ظهور الحاسوب وانتهت -حتى الآن على الأقل- بالذكاء الاصطناعي، مرورا بشبكة الإنترنت وشبكة الويب، وشبكات التواصل الاجتماعي. ورغم أن نشأة الصحافة في عُمان جاءت متأخرة وبدأت في مطلع السبعينيات في وقت كان الحاسوب قد دخل بالفعل في إنتاج الصحافة في كثير من دول العالم، فإن دخول هذه التقنية في الصحف العُمانية تأخر حسب بعض شهود هذه المرحلة من الصحفيين إلى نهاية ثمانينيات وبداية تسعينيات القرن العشرين، وبالتالي تأخرت الصحف التي كانت قائمة وقتذاك في إنجاز أولى خطوات التحول الرقمي.
في تقديري إن هذا التأخر كان طبيعيًا ومتوقعًا ومتوافقًا مع السياق التقني الذي كان قائما في سلطنة عُمان في تلك الفترة من ناحية، ومحدودية الخريطة الصحفية التي كانت تضم ثلاث صحف أسبوعية فقط من ناحية ثانية، بالإضافة إلى المقاومة العالية من جانب إدارات الصحف والصحفيين للحاسوب واستخدامه في الصحافة في تلك الفترة المبكرة من عمر الصحافة في عُمان. وقد تم تعويض هذا التأخر فور بدء التحول الرقمي من خلال تسخير كافة الإمكانات المادية والبشرية لاستخدام أحدث الأجهزة والبرامج المشغلة لها، والتوسع الكبير في توظيفها في جمع وتحرير الأخبار والموضوعات الصحفية وإخراج الصفحات وإعدادها للطباعة. ومع مطلع الألفية الجديدة كانت كل الصحف العُمانية تقريبا قد أدخلت الحاسوب في صالات التحرير وغرف الأخبار، وبدأ الصحفيون في الاعتماد على أجهزة المؤسسة في كتابة وتحرير موضوعاتهم، واستخدام الأنظمة التحريرية التي قامت الصحف بتوفيرها لتحقيق التدفق الإخباري داخل المؤسسة، بين الصحفيين وأقسام المراجعة المركزية، ورؤساء الأقسام، ومديري التحرير، والمصممين، والمخرجين.التقنية الثانية التي تبنتها الصحافة العُمانية بشكل أسرع كانت شبكة الإنترنت، التي تحولت إلى وسيلة اتصال جماهيرية بعد ظهور شبكة الويب في 1991. في العام التالي لظهور الويب سارعت الصحف خاصة في الدول الغربية إلى توظيف هذه التقنية في إنشاء مواقع إلكترونية لها على الشبكة لتكون قناة ترويج وبيع إضافية لها. وكان على الصحافة العُمانية في تلك الفترة أن تنتظر ست سنوات بعد ظهور الصحف الرقمية لتظهر مواقعها على الشبكة، وذلك لأن شبكة الإنترنت لم تدخل إلى عُمان سوى في عام 1997، وفي العام نفسه خرجت الصحف العُمانية -التي كانت قد تحولت إلى الإصدار اليومي وزاد عددها لتصبح خمس صحف- إلى الشبكة.
وبعد الخروج إلى الشبكة تزايدت سرعة تبني الصحف العُمانية للتقنيات الجديدة وتوظيفها في تطوير المحتوى والوصول إلى جمهور عالمي واسع. خلال العقد الأول من الألفية الحالية أطلقت المزيد من الصحف العُمانية مواقعها الإلكترونية، وحدّثت الصحف الكبرى مواقعها، وأضافت لها المزيد من الخدمات مثل التحديث المستمر للأخبار والتفاعل مع المستخدمين واستخدام الوسائط المتعددة، وتحولت بعض هذه المواقع إلى منصات إلكترونية متكاملة.
ربما يكون تبني وتوظيف شبكات التواصل الاجتماعي كمنافذ لتوزيع الإنتاج الصحفي هو النقلة الأكبر والأهم في التحول الرقمي للصحافة العُمانية في السنوات الأخيرة. إذ بعد فترة قصيرة من إنشاء الصحف العالمية حسابات لها على هذه الشبكات سارت الصحف العُمانية في الاتجاه نفسه، وأصبحت حساباتها على هذه المنصات الجديدة منافذ مهمة لتوزيع محتواها والتفاعل مع القراء وزيادة حركة المرور على مواقعها الإلكترونية. وقد بحثت دراسات كثيرة واقع استخدام الصحف والصحفيين في عُمان للمنصات الاجتماعية، وأكدت نتائجها أن الاستخدام الواسع لها فتح أبوابا جديدة لوصول المنتج الصحفي إلى ملايين من مستخدمي هذه المنصات في جميع أنحاء العالم والوصول بالرسالة الإعلامية العُمانية إلى آفاق جديدة.
التقنية الأحدث في سلسلة التحول الرقمي والتي كانت محورًا للمؤتمر الدولي الرابع لقسم الإعلام بجامعة السلطان قابوس، هي تقنية الذكاء الاصطناعي التي أصبح على الصحافة ووسائل الإعلام في عُمان التعامل معها والاستفادة من الإيجابيات والحد من السلبيات التي يمكن أن تترتب على التوسع في استخدامها. صحيح أن المؤتمر ناقش نحو ستين ورقة علمية، ولكن هذه الأوراق لم تتناول واقع الاستخدام الفعلي للذكاء الاصطناعي في الصحف العُمانية، ومع ذلك فإن أوراقًا أخرى تناولت اتجاهات الصحفيين في الصحف العُمانية نحو هذا الاستخدام، وأكدت إيجابية هذه الاتجاهات خاصة فيما يتعلق بجمع وتحرير الأخبار والتقارير الروتينية مثل حالة الطقس وأسعار الأسهم والسندات ونتائج المباريات الرياضية، بالإضافة إلى تحليل البيانات الضخمة والمساعدة في جمع معلومات التحقيقات الصحفية الاستقصائية.
إن على الصحافة العُمانية أن تستثمر ثورة الذكاء الاصطناعي وتستفيد منها مثلما استفادت من تقنيات التحول الرقمي السابقة عليها، بعد أن أصبحت خوارزميات التعلم الآلي جزءًا لا يتجزأ من الصحافة. ويمكن البدء باستخدام هذه التقنيات في تدقيق المعلومات والبيانات، قبل نشرها وتحديد الأنماط المناسبة للعرض والتقديم، والتنبؤ بالاتجاهات المستقبلية، وتحليل الاتجاهات على وسائل التواصل الاجتماعي، ورسم خريطة الرأي العام في الأحداث والقضايا المختلفة، بالإضافة إلى استخدامها في تخصيص توزيع المحتوى للمستخدمين الأفراد بناءً على تفضيلاتهم، وتعزيز التفاعلية، واقتراح المقالات والمحتوى بناءً على سلوك المستخدمين، وهو ما قد يؤدي إلى تغيير جذري في كيفية تفاعل الجمهور مع منصات الأخبار العُمانية.
إن من شأن تبني الصحف العُمانية التقدم في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وخاصة التعلم العميق، أن يعزز القدرات الصحفية ويساعد في التحقق من صحة المعلومات، والمساعدة في كشف الأخبار الزائفة والمضللة، وهو ما يزيد الثقة الجماهيرية فيما تنشره الصحف ويعيد لها بريقها كأكثر وسائل الإعلام مصداقية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الصحافة الع مانیة الذکاء الاصطناعی التحول الرقمی الصحافة فی فی الصحافة التی کانت التی کان فی ع مان
إقرأ أيضاً:
الصحف العربية: بن سلمان يلتقي زيلينسكي.. جريمة جديدة بحق غزة.. وقسد تندمج في مؤسسات الدولة السورية
اهتمت الصحف العربية الصادرة صباح اليوم بالعديد من الأخبار المحلية والإقليمية والعالمية .
لقاء بن سلمان بالرئيس الأوكراني
فقد ابرزت صحيفة الشرق الأوسط؛ لقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي حيث أكد الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، الاثنين، حرص بلاده ودعمها جميع المساعي والجهود الدولية الرامية لحل الأزمة الأوكرانية، والوصول إلى السلام.
جاء ذلك بعد استقباله في الديوان الملكي بقصر السلام في جدة، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حيث ناقشا خلال جلسة مباحثات رسمية آخر المستجدات وتطورات الأزمة الأوكرانية، واستعرضا أوجه العلاقات الثنائية بين البلدين.
بدوره، عبّر الرئيس زيلينسكي عن الشكر والتقدير للجهود التي تبذلها السعودية، منوهاً بدورها المحوري في منطقة الشرق الأوسط والعالم.
وأبدى الأمير محمد بن سلمان منذ الأيام الأولى للأزمة الأوكرانية استعداد بلاده للقيام بمساعيها الحميدة للإسهام عبر الحوار في الوصول إلى حل يفضي لسلام دائم، وذلك انطلاقاً من مكانتها وما تحظى به من تقدير دولي، واستمراراً لمبادراتها الإنسانية.
قطع الكهرباء عن غزة
فيما سلطت اندبندنت عربية الضوء علي تهديدات وزير الطاقة الإسرائيلي بقطع الكهرباء عن غزة حيث رصدت في تقرير لها جرائم الاحتلال في قطع الكهرباء عن المدينة المنكوب منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، أمر وزير الدفاع الإسرائيلي وكان حينها يشغل هذا المنصب يوآف غالانت، بفرض حصار كامل على القطاع، وقال "الحصار الجديد، لا كهرباء لا ماء لا وقود"، ومنذ ذلك الوقت قطعت إسرائيل خطوط الإمداد الكهربائي.
كما عطلت إسرائيل جميع خطوط إمداد الكهرباء لغزة وعددها 10، وكانت تزود القطاع بقدرة 120 ميغاواط، وأوقفت إدخال وقود محطة توليد الكهرباء الوحيدة، التي كانت تنتج 80 ميجاواط، وتسبب ذلك في إدخال القطاع في ظلام تام.
قوات سوريا الديمقراطية
ومن جانبها؛ أشارت صحيفة القبس الكويتية إلى ما شهدته سوريا في الساعات الماضية عبر مؤسسة الرئاسة بإعلان توقيع اتفاق يقضي باندماج قوات سوريا الديمقراطية «قسد» ضمن مؤسسات الجمهورية العربية السورية والتأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض التقسيم.
وذكر بيان للرئاسة عبر منصة «إكس» أنه بناء على اجتماع جرى بين السيد الرئيس أحمد الشرع والسيد مظلوم عبدي في يوم الإثنين الموافق لـ 10 مارس 2025.
كما تم الاتفاق على ما يلي : ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة بناء على الكفاءة بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية.
كما تم التوافق علي ان المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية وتضمن الدولة السورية حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية وكذلك وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية
وتم أيضا الاتفاق علي دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز وكذلك ضمان عودة كافة المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم وتأمين حمايتهم من الدولة السورية.