عقد الجامع الأزهر، اليوم الثلاثاء، الملتقى الأسبوعي "ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة"، تحت عنوان: "التأويل الحداثي للوحي الإلهي.. رؤية إسلامية"، بحضور الدكتور عبد الفتاح العواري، العميد الأسبق لكلية أصول الدين بالقاهرة، والدكتور محمود الصاوي، الوكيل السابق لكليتي الدعوة والإعلام الديني بجامعة الأزهر، وأدار الحوار الدكتور أحمد الطباخ، عضو المكتب الفني بالجامع الأزهر الشريف.

وقال الدكتور عبد الفتاح العواري، العميد الأسبق لكلية أصول الدين بالقاهرة، إن أمتنا الإسلامية تواجه بين الفينة والأخرى بعض الفئات الشاردة، التي تعلو أصواتها تحت دعوى التجديد، الذي هو في حقيقته تبديد، فهم لا يؤمنون بالحقائق الثابتة التي أخبرنا بها الله تعالى ولكن يفسرون الأمور حسب أهوائهم،  أما نحن فلدينا اليقين بالله تعالى انطلاقا من إيماننا الجازم القائم على الدليل من الكتاب والسنة، والذي هو قوام الإيمان بالله تعالى وملائكته وكتبه وجميع الغيبيات التي أخبرنا بها.

وأوضح أن الحداثة قد نظرت إلى كتاب الله تعالى كنظرة النقاد للكتب البشرية، بهدف إخضاعه للنقد لتشكيك المؤمنين به، زاعمين أن الوحي عبارة عن معاني نفسية وليست قوة خارجية، وهذا فكر خاطئ بالدليل من القرآن في قوله تعالى: " وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا"، فالقرآن كتاب الله، وتشكيكهم فيه محض كذب وافتراء، مؤكدا أنهم يريدون سلخ الأمة عن هويتها حتى يهون عليها التفريط في الدين وكتاب الله، فتصبح الأمة ضعيفة مستسلمة يسهل السيطرة عليها وعلى مقدراتها وخيراتها، وما نراه الآن من ضعف ما هو إلا ثمرة مرة للحداثة، مشيرا إلى أن التقدم الحضاري ما هو إلا نتاج أقلام من كتبوا التراث في تاريخنا الإسلامي، فالعالم لم يعرف التقدم ولا الحضارة إلا بأقلام علماء المسلمين، محذار الشباب من الأفكار الخبيثة والماكرة للحداثة.

من جهته، قال الدكتور محمود الصاوي، الوكيل السابق لكليتي الدعوة والإعلام بجامعة الأزهر، إن التأويل هو التفسير والبيان، ومنه ما هو محمود ومنه ما هو  مذموم، والتأويل الحداثي للقرآن هو التأويل المذموم، وله علامات وأمارات يجب الانتباه لها، ومن أهمها عدم الالتزام باللغة العربية، وعدم الالتزام بسياق النص، ومخالفة النصوص الصريحة، وتقديم العقل على النقل وغيرها من العلامات التي يسهل تمييز التأويل المذموم بها، مؤكدا أن التأويل الحداثي يهدف إلى تضليل الناس وتشويه الإسلام والخروج عن مقاصد الشرع.

وبين، أن الحداثة هي القطيعة مع التراث، وأن هناك خلط بين الحداثة والتحديث، فالإسلام هو أول من نادى بالتحديث والأخذ بأسباب النهضة والتقدم، ونحن مع التحديث، لكننا ضد الحداثة التي تقوم على محاور أهمها القطيعة مع الدين، والتمرد على القيم والدعوة للتقليد الأعمى، لافتا أن للحداثة محاور أهمها الأنسنة، أي نزع القداسة عن الوحي الإلهي، والعقلنة، أي إعمال العقل فيه رغم قصوره، والأرخنة، أي ربط الأحكام الفقهية والشرعية بسياقات تاريخية وزعم أنها لم تعد تصلح لزماننا، على عكس الحقيقة.

ويعقد "ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة" يوم الثلاثاء من كل أسبوع، في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وبتوجيهات من الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، وإشراف الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الرواق الأزهري، والدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، حيث كان بمسمى "شبهات وردود" وتم تغييره لملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، بعد نجاحه طوال شهر رمضان والذي كان يعقد يوميًا عقب صلاة التراويح، ويتناول هذا الملتقى في كل حلقة قضية تهم المجتمع والوطن، والعالَمَين العربي والإسلامي.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: شبهات وردود القرآن الكريم الجامع الأزهر الحداثيين المزيد المزيد الله تعالى

إقرأ أيضاً:

إبراهيم نصر يكتب: تحويل القبلة والمؤامرة على الأقصى

تحويل القبلة من المسجد الأقصى فى فلسطين، إلى بيت الله الحرام فى مكة المكرمة، من الأحداث العظيمة التى وقعت فى النصف من شهر شعبان، وهذه الذكرى تجعلنا دائما وأبدا نتذكر المؤامرة على هذه الأراضي المقدسة وعلى المسجد الأقصى الأسير، هذا المسجد الذي حكم عليه بالأسر على أيدي أعداء الله على مر التاريخ.

وفى يقينى أن الله تعالى حين أمر رسوله بالتوجه إلى بيت المقدس، فإنما أراد سبحانه وتعالى أن يلفت المسلمين جميعا إلى أهمية هذا البيت، باعتباره أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، ومن يفرط فيه، فهو يوشك أن يفرط فى الكعبة المشرفة بيت الله الحرام، ومن هنا فإن قضية تحرير القدس ليست مسؤولية الفلسطينيين، ولا المصريين، ولا الأردنيين وحدهم، بل هى قضية المسلمين أجمعين فى مشارق الأرض ومغاربها، وهذا ما ظهر جليا فى الموقف العربى والإسلامى الموحد، الذى تقوده مصر، الرافض لتصفية القضية الفلسطينية بتهجير الفلسطينيين من أرضهم، والتمسك بضرورة إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧وعاصمتها القدس الشرقية.

ولعله من المناسب أن نتذكر الآن احتلال القدس من قبل الصليبيين الذين انطلقوا من جميع دول أوروبا في أشرس حملة ضد الإسلام والمسلمين، فاستولى الصليبيون عليه سنة 1099م، وقتلوا في جوار البيت المقدس أكثر من سبعين ألفا من المسلمين، ثم قيض الله المجاهد صلاح الدين الأيوبي الذي حرره من أيدي الصليبيين في السابع والعشرين من رجب سنة 583هـ، يوم الجمعة من شهر أكتوبر 1187م بعد 88 عامًا من الاحتلال، فكان يومًا مشهودًا.

إن قبلتنا الأولى تذكرنا بحقيقة الصراع، وأن اليهود قوم بُهت: قال تعالى في معرض حديث الآيات عن القبلة: "وَلَئِنْ أَتَيْتَ الذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُل آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ"، ومن هنا ندرك مدى عداوة هؤلاء للإسلام والمسلمين، فقد شنوا حربا إعلامية ضارية في أمر القبلة، قبل وبعد التحويل، ولقد فُتن ضعاف الإيمان بقولهم: "يجحد ديننا ويتبع قبلتنا"، وقول المشركين: "يدعي ملة إبراهيم ويخالف قبلته"، وقولهم: "رجع إلى قبلتكم فيوشك أن يرجع إلى دينكم".

وكان مما انطلقت به أبواق أعداء الله قولهم: "إن كان التوجه أولًا إلى المسجد الأقصى باطلًا، فقد ضاعت صلاتكم إليه طوال هذه الفترة، وإن كان حقًّا فالتوجه الجديد إلى البيت الحرام باطل وضائعة صلاتكم إليه".

وفي سيرة ابن هشام عن ابن عباس، قال: ولما استقبل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة أتى رفاعة بن قيس، وكعب بن الأشرف، وابن أبي الحقيق، وهم زعماء اليهود، فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم، عليه السلام، ودينه، ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك، وإنما يريدون فتنته عن دينه، فأنزل الله تعالى: "سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" [البقرة: 142]، ثم قال المسلمون: يا رسول الله، كيف بمن مات من إخواننا قبل استقبال الكعبة. فأنزل الله تعالى: ".. وما كان الله ليضيع إيمانكم.. "، يعني: صلاتكم إلى بيت المقدس.

وإن المتأمل لآيات تحويل القبلة - وهي ترد شبهات اليهود - يتبين له مدى ضراوة الحرب الإعلامية والفكرية التي شنها اليهود، وما زالوا، وكل همهم هو تشويه صورة المسلمين وتشتيت شملهم، وحالهم كما قال الله تعالى: "وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا" [المائدة: 33].

اللهم فى هذا الشهر الفضيل، وببركة ليلة النصف منه التى ترفع فيها الأعمال، نسألك سبحانك أن ترفع عنا الغمة، وتجمع شتات الأمة، وتنصرنا على القوم الظالمين الكافرين، أعدائك أعداء الدين.

[email protected]

مقالات مشابهة

  • إبراهيم نصر يكتب: تحويل القبلة والمؤامرة على الأقصى
  • 25 كلمة في القرآن يفهمها الناس خطأ.. تعرف عليها
  • عميد كلية أصول الدين: وسطية الأمة هي السبب في انجذاب الكثيرين إلى الإسلام
  • لماذا خلقني الله يتيمة وهل ذلك يجعلني محبوبة إليه؟ طفلة تسأل وشيخ الأزهر يجيب
  • 250 فائزًا.. الرواق الأزهري ببني عدي يكرم المشاركين بمسابقة القرآن الكريم
  • أمين البحوث الإسلامية: القرآن كتاب الله الخالد وحجته البالغة
  • أغير من صديقة لأنها أجمل مني.. فهل هذا يعني أنني أحسدها؟ شيخ الأزهر يرد على سؤال طفلة
  • فهو يخلفه
  • الإعجاز العلمي بالبحوث الإسلامية: النباتات لديها القدرة على التواصل بين بعضها
  • رحلة بنداء رباني