الثورة المصرية والثورة السورية كانتا من أبرز محطات الربيع العربي، تحملان آمال الشعوب في التحرر من الاستبداد والفساد. ورغم الاختلافات في السياقات المحلية والإقليمية، إلا أن كليهما واجه تحديات كبرى وعقبات متشابهة في السعي نحو بناء دول تحقق الكرامة والحرية لشعوبها.

من قلب هذه التجارب، وهي تجارب مريرة عشناها فيما بعد سقوط الأنظمة وليس تنظيرا في الفراغ، يمكن استخلاص دروس حاسمة من الثورة المصرية لتكون نبراسا يضيء الطريق أمام الثورة السورية، التي لا تزال تواجه واقعا معقدا في ظل التدخلات الدولية والإقليمية.



فعالم الأماني والأحلام ليس له مكان في واقع الدول وتعقيدات السياسية وتحفّزات المتربصين. أذكر بعد ثورة يناير كان هناك قيادي إسلامي بارز يلقي درسا في أحد المساجد وهذا أصلا معجزة وقتها، وقد فاز الإسلاميون وقتها بأغلبية مجلس الشعب وفي طور تشكيل الحكومة، فكان يتكلم بحماس وقال ما معناه "لقد انتهينا من مرحلة الحكومة المسلمة وفي طريقنا للوحدة العربية الإسلامية الجامعة"، وهو الآن قابع في السجن منذ عشر سنوات، فرج الله عنه وعن كل المعتقلين.

1- أول الدروس: الثورة لا تنتهي بسقوط الطاغية
على الثورة السورية أن تعي أن سقوط بشار الأسد ليس إلا البداية، التحدي الحقيقي يبدأ بعد إسقاط النظام، حيث يتطلب الأمر بناء مؤسسات سياسية وعسكرية واقتصادية قوية تضمن عدم عودة الاستبداد بأشكال جديدة
أحد أخطر الأخطاء التي وقعت فيها الثورة المصرية كان اعتبار سقوط رأس النظام -حسني مبارك- نهاية الثورة. هذا الوهم أعطى فرصة ذهبية للقوى المضادة للثورة لإعادة تنظيم صفوفها والعودة عبر مؤسسات الدولة العميقة.

على الثورة السورية أن تعي أن سقوط بشار الأسد ليس إلا البداية، التحدي الحقيقي يبدأ بعد إسقاط النظام، حيث يتطلب الأمر بناء مؤسسات سياسية وعسكرية واقتصادية قوية تضمن عدم عودة الاستبداد بأشكال جديدة.

٢- وحدة الصف الثوري ضرورة لا خيار

في مصر، كان الانقسام بين القوى الثورية، لا سيما بين التيارات الإسلامية والمدنية، أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى فشل الثورة. غياب الثقة والتنسيق بين المكونات المختلفة مكّن القوى المضادة من الانفراد بكل طرف على حدة، حتى انتهى الأمر بانقلاب عسكري دموي.

الثورة السورية بحاجة إلى تفادي هذا السيناريو. يجب أن تبقى الفصائل الثورية موحدة تحت مظلة مشروع وطني جامع يتجاوز الخلافات الأيديولوجية والمصالح الشخصية.

3- الحذر من مؤسسات الدولة العميقة

في مصر، لعبت مؤسسات الدولة العميقة -الجيش، الشرطة، القضاء- دورا حاسما في إفشال الثورة. هذه المؤسسات لم تكن يوما حيادية، بل كانت أدوات في يد النظام القديم للحفاظ على مصالحه.

في سوريا، ورغم انهيار معظم مؤسسات الدولة تحت وطأة الحرب، فإن القوى المرتبطة بالنظام وأذرعه الأمنية والعسكرية ستسعى لإعادة تشكيل نفسها والعودة بوجوه جديدة. يجب الحذر من هذه المحاولات وإعادة هيكلة المؤسسات على أسس جديدة يعد من الأولويات.

لا تتخيلوا أنهم سيتنازلون هكذا طواعية عن مجدهم السابق، ستتواصل معهم دول الثورات المضادة وتنسق معهم لإفشال الثورة الوليدة، لذلك واجب الوقت هو تطبيق العدالة الانتقالية وتقليم أظافر النظام السابق وأحيانا قص الأصبع كاملا وليس قص الظفر فقط، هذا واجب المرحلة مع من تلوثت أيديهم بالدماء وتورّطوا في انتهاكات يشيب لها الولدان.

أحاديث التسامح والمحبة وفتح صفحة جديدة مع قادة ورموز النظام مآلها إلى الخسران، قد يُقبل بها تكتيكيا أو مرحليا وليس كخيار استراتيجي، لا بد من القصاص والتطهير، وجعل الدولة العميقة في حالة دفاع دائم وإلا ستنقض في اللحظة المناسبة. هذه واحدة من أهم حكم ثورات الربيع العربي للثورة السورية.

أحاديث التسامح والمحبة وفتح صفحة جديدة مع قادة ورموز النظام مآلها إلى الخسران، قد يُقبل بها تكتيكيا أو مرحليا وليس كخيار استراتيجي، لا بد من القصاص والتطهير، وجعل الدولة العميقة في حالة دفاع دائم وإلا ستنقض في اللحظة المناسبة
4- القضية الفلسطينية في القلب

الثورة المصرية أغفلت في لحظاتها الحاسمة الأهمية الاستراتيجية للقضية الفلسطينية، أو بمعنى أدق وجود الاحتلال على بوابته الشرقية. النظام المصري الحالي استغل هذا الغياب للتقارب مع إسرائيل بشكل غير مسبوق، ليصبح شريكا رئيسيا في دعم الاحتلال الإسرائيلي وحصار غزة، وبالتالي ربط النظام بقاءه ووجوده بدعم الاحتلال له، فالكيان الصهيوني داعم للاستبداد ومعوق للنهوض والرخاء.

على الثورة السورية أن تعي أنه لا تحرر ولا دولة رفاة دون التخلص من الاحتلال الصهيوني، سوريا الحرة التي ننشدها لا يمكن أن تكون حرة إذا اختارت أن تكون محايدة تجاه الاحتلال الإسرائيلي، لأن الاحتلال لا يريد حيادا، هو يريدك مصطفا معه كاملا وليس جزئيا.

5- التعامل مع التدخلات الخارجية بحذر

من الأخطاء الكارثية في التجربة المصرية كان الارتهان لبعض القوى الإقليمية والدولية التي استخدمت الثورة لتحقيق مصالحها الخاصة، ثم تخلت عنها عندما تعارضت هذه المصالح مع المطالب الشعبية.

الثورة السورية، التي تعاني من تدخلات إقليمية ودولية أكثر تعقيدا، تحتاج إلى استراتيجية ذكية للتعامل مع هذه التدخلات. الاعتماد الكامل على أي طرف خارجي قد يعرض الثورة للابتزاز أو الانحراف عن أهدافها الأساسية، الأتراك والروس -مرحليا- وربما في الأخير الإيرانيون -كورقة أخيرة- قد يكونوا كلمة السر، لمواجهة الصهاينة الذين لن يهدأ لهم بال حتّى يقضوا على كامل البنية التحتية العسكرية للدولة. لا بد أن تكون هذه التحالفات وفق قواعد وشروط تحفظ للثورة مكتسباتها، ولن تنجح هذه المعادلة إلا إذا ما تمت إدارة الملفات بذكاء ومعرفة نقاط التموضع المرحلية والدائمة.

6- بناء مشروع سياسي واضح

غياب المشروع السياسي الواضح كان من أهم أسباب إخفاق الثورة المصرية. التركيز كان على إسقاط النظام دون تقديم بديل قوي ومقنع، وهذا الفراغ أتاح للقوى المضادة ملء المشهد بأجنداتها الخاصة.

لا يمكن تكرار هذا الخطأ، وتجربة الائتلاف الوطني السوري مثال على ضرورة وجود رؤية سياسية متفق عليها، والائتلاف فشل في تمثيل كل أطياف الثورة بسبب خلافات بين التيارات الإسلامية والعلمانية. التعلم من هذه التجربة يتطلب إنشاء كيان سياسي موحد يُعبّر عن الجميع، فضلا عن مشروع سياسي شامل يحدد ملامح الدولة المستقبلية. يجب أن يكون هذا المشروع متفقا عليه بين جميع القوى الثورية، ليقدم رؤية واضحة للشعب السوري وللعالم عن سوريا ما بعد الأسد.

8- أهمية البقاء في الشارع

في مصر، أدى الانسحاب المبكر من الميادين بعد سقوط مبارك إلى فقدان الثورة لزخمها الشعبي، ما سمح للقوى المضادة بالعودة تدريجيا.

على السوريين أن يدركوا أهمية استمرار الحالة الثورية حتى بعد سقوط النظام. الحفاظ على الوجود الشعبي في الشارع يمنح الثورة قوة ضغط ضد أي محاولة للالتفاف عليها أو إعادة إنتاج النظام القديم.

8-الإعلام كسلاح ثوري

الإعلام كان أداة حاسمة في تفجير الثورة المصرية، لكنه أصبح لاحقا سلاحا بيد القوى المضادة لتشويه الثورة وشيطنة رموزها.

الثورة السورية بحاجة إلى إعلام قوي وموحد يقدم سردية الثورة للعالم، ويفضح جرائم النظام السابق وداعميه، ويواجه محاولات التشويه التي تقودها المنصات الإعلامية الموالية للاستبداد، ويفضح ما يفعله الصهاينة بسورية.

9- رفض التنازلات الكبرى
الثورة السورية يجب أن تكون حذرة من تقديم أي تنازلات تمس جوهر مشروعها التحرري أو تتعارض مع أهدافها طويلة الأمد، فالسقوط في بئر التنازلات لا قرار له
قدمت القوى الثورية في مصر تنازلات كبيرة، سواء للجيش أو للغرب، أملا في الحفاظ على الثورة. هذه الثورة السورية يجب أن تكون حذرة من تقديم أي تنازلات تمس جوهر مشروعها التحرري أو تتعارض مع أهدافها طويلة الأمد، فالسقوط في بئر التنازلات لا قرار له.

10- الثورة ليست مجرد تغيير وجوه

التجربة المصرية أظهرت أن تغيير الوجوه لا يعني تغيير النظام، فالنظام الاستبدادي قادر على التلون وإعادة إنتاج نفسه بأشكال جديدة.

الثورة السورية تحتاج إلى تفكيك بنية الاستبداد بالكامل، وليس مجرد تغيير القيادة. بناء دولة جديدة على أسس العدالة والحرية يتطلب إصلاحا عميقا لكل المؤسسات وإعادة صياغة العقد الاجتماعي.

11- الاستقرار وحش سيفترس الثورة قبل الصهاينة

الاستقرار بمعنى الانشغال بالهيكل الإداري للدولة كشكل من أشكال الاستقرار والغوص في تفاصيل الحياة اليومية ومشاكل الوزرات والدواوين واستنفاد الجهد والطاقة فيها، ونسيان أنّ هناك أعداء متربصون، بل منقضون كل يوم شرقا وغربا، يلتهمون الأرض والسيادة ويدمرون مقدرات الدولة وعنوان كرامتها (سلاحها)، وهي وصفة عبثية للانتحار والسير بخطى حثيثة نحو التقسيم ومشروع بناء "ضفة غربية" جديدة في سوريا، وليس دولة ذات سيادة.

أمل يتجدد

رغم كل ما مرت به الثورة السورية من انتكاسات، إلا أن روحها لا تزال حية في قلوب المؤمنين بالحرية والكرامة. هذه الروح يمكن أن تكون دافعا للثورة لتجنب الأخطاء، والاستفادة من الدروس، والمضي قدما نحو تحقيق أهدافها.

سوريا الحرة والمستقلة بتاريخها العريق قادرة على أن تكون نموذجا ملهما لشعوب المنطقة، لكن هذا يتطلب وحدة الصف، ووضوح الرؤية، والإصرار على استكمال المسار حتى النهاية. فلا تحرير حقيقيا دون عدالة، ولا كرامة دون حرية ولا تنمية واستقرار في وجود الاحتلال الأجنبي.

للنقاش حول المقال:
x.com/Mamdouh_Almonir
t.me/Mamdouh_Almoner
www.facebook.com/@Mamdouh.Almonir

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الثورة المصرية الاستبداد سوريا الاحتلال حرية سوريا مصر احتلال استبداد حرية مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الثورة السوریة الثورة المصریة الدولة العمیقة مؤسسات الدولة على الثورة أن تکون فی مصر یجب أن

إقرأ أيضاً:

من الدلتا إلى الصعيد «الري الذكي» يحول وجه الزراعة المصرية.. سويلم: المشروع يهدف لمساعدة المزارعين.. وخبراء: كفاءة النظام الحديث والذكي يصل لـ85%

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

مشروعات الري الذكي أصبحت واحدة من أهم الحلول لمواجهة التحديات المائية في مناطق مختلفة حول العالم، وقد بدأت العديد من الدول في تطبيق هذه التقنيات لتحسين كفاءة استخدام المياه في الزراعة وزيادة الإنتاجية، وحققت مشروعات الري الذكي التي تم تنفيذها في مناطق مختلفة، منها مشروع الري الذكي في الإمارات العربية المتحدة بمدينة مصدر، حيث تم تطبيق تقنيات الري الذكي في الزراعة باستخدام أنظمة ري موفرة للمياه تعتمد على الذكاء الاصطناعي، ويتم استخدام أجهزة استشعار لمراقبة رطوبة التربة، ويتم تحديد الكميات المناسبة من المياه تلقائيًا وفقًا لاحتياجات النباتات، ونجح هذا المشروع في تقليل استخدام المياه في الزراعة بنسبة تصل إلى 30%، مما ساعد في الحفاظ على الموارد المائية في منطقة تعاني من نقص المياه، وكذلك مشروع الري الذكي في أستراليا بمناطق ولاية فيكتوريا، حيث تم استخدام تقنيات الري الذكي في الزراعة الحضرية من خلال نظام «Smart Watering» الذي يعتمد على الاستشعار لتحديد احتياجات التربة والمناخ، حيث يتم توفير المياه بشكل دقيق استنادًا إلى البيانات التي يتم جمعها من المستشعرات، وأثبت النظام نجاحه في تقليل الفاقد من المياه بنسبة 60% مقارنة بالأنظمة التقليدية، كما ساعد في تحسين نوعية المياه المستخدمة في الري.

وبخطوات واثقة، تمضي مصر نحو الجمهورية الجديدة، متجاوزة العديد من المراحل الهامة في طريقها لتحقيق رؤية مصر 2030، التي تعتمد على رقمنة جميع قطاعات الدولة، وهو توجه يعكس حرص الدولة على تسهيل الخدمات وتقديمها للمواطنين بشكل أكثر كفاءة، ففي خطوة هامة نحو تعزيز استدامة الموارد المائية وزيادة الإنتاجية الزراعية، اطلقت مصر مشروعًا طموحًا لتحديث منظومتها المائية والتحول إلى الري الذكي، بالتعاون مع الحكومة الإسبانية، ويهدف هذا المشروع إلى تحسين كفاءة استخدام وإدارة المياه في القطاع الزراعي، ويعتبر من المشروعات الاستراتيجية التي ستساهم بشكل كبير في مواجهة التحديات المتعلقة بنقص المياه وندرتها في بعض المناطق، ويستهدف المشروع تحسين كفاءة استخدام المياه في الزراعة من خلال الاعتماد على تقنيات الري الحديثة والذكية، «البوابة نيوز» قامت بجولة للتعرف علي مشروع تحديث المنظومة المائية والتحول للري الذكي في مصر.

أنظمة متطورة

يعتمد المشروع على تطبيق أنظمة ري متطورة تتسم بالكفاءة في استهلاك المياه، مما يساهم في تقليل الفاقد وتحقيق أقصى استفادة من الموارد المائية المتاحة، كما يساهم التحول إلى الري الذكي في تحسين الإنتاجية الزراعية في مناطق الدلتا والصعيد، التي تعد من أكثر المناطق الزراعية أهمية في مصر، حيث تسعى وزارة الموارد المائية والري من خلال هذا المشروع إلى توفير الحلول المبتكرة التي تساعد المزارعين على رفع كفاءة استخدام المياه وزيادة إنتاج المحاصيل الزراعية، وقد تم تصميم المشروع ليشمل تحسين الإنتاج الزراعي بشكل مستدام، ما يساهم في دعم الأمن الغذائي لمصر في ظل التحديات المتزايدة الناتجة عن التغيرات المناخية، ومن المقرر أن يكون للمشروع أثر مباشر في تقليل التكلفة الزراعية وزيادة العوائد الاقتصادية للمزارعين.

ويعد تعزيز استخدام الرقمنة لمتابعة وتنظيم عمليات الري واحدة من أبرز ملامح المشروع، فمن خلال تقنيات حديثة مثل الأجهزة الذكية وأنظمة التحكم عن بعد، سيكون من الممكن مراقبة تدفق المياه في شبكات الري بشكل دقيق، مما يسمح باتخاذ القرارات الأكثر فعالية في الوقت المناسب، ويهدف المشروع إلى ربط مراكز التحكم في المياه بالمزارع بشكل مباشر، مما يمكن المزارعين من متابعة الري بشكل إلكتروني واستخدام المياه بشكل أكثر دقة، كما يساهم استخدام هذه التقنيات في تسهيل إدارة المياه وزيادة كفاءتها، ما يعني تقليل الفاقد من المياه وتحقيق استفادة أفضل من الموارد المحدودة، كما توفر الرقمنة بيانات هامة تساعد في تحسين إدارة الري في جميع مراحل الزراعة.

تبادل الخبرات والاستفادة من التجارب الإسبانية

من جانب آخر، يعد تبادل الخبرات مع الحكومة الإسبانية جزءًا أساسيًا من المشروع، حيث تعد إسبانيا من الدول الرائدة في مجال الري الذكي والتكنولوجيا الزراعية الحديثة، فيتضمن التعاون مع الخبراء الإسبان نقل المعرفة حول أفضل الممارسات في مجال الري، بما في ذلك تحسين أنظمة الري الحديثة، والتدريب على استخدام التقنيات الجديدة، وكيفية تفعيل روابط مستخدمي المياه.

كما أن إسبانيا تتمتع بتجارب ناجحة في تحسين إدارة المياه في المناطق التي تواجه تحديات مشابهة لتلك التي تواجهها مصر، وبالإضافة إلى ذلك، يتضمن المشروع تبني منهجيات متكاملة لإدارة المياه على مستوى الترع الفرعية، حيث سيتم العمل على تحسين التنسيق بين المزارعين في مناطق محددة لضمان الاستخدام الأمثل للمياه المتاحة، وتهدف هذه المبادرة إلى تعزيز فكرة التعاون والتنسيق بين جميع الأطراف المعنية بالمياه، وذلك لتفادي الفاقد وتحقيق أفضل استخدام للموارد.

ويمثل المشروع جزءًا من خطة طويلة الأجل تهدف إلى تحقيق إدارة مستدامة للموارد المائية في مصر، حيث تم وضع استراتيجيات تشمل تحسين التخطيط وإدارة الموارد المائية على المدى البعيد، فالمشروع يركز على تقليل الفاقد من المياه وتعزيز استخدامها في الزراعة بشكل يعكس التوجهات البيئية المستدامة، ويشمل المشروع تحسين كفاءة استخدام مياه الري والصرف الزراعي، مما يسهم في تقليل الضغط على الموارد المائية الطبيعية، كما يولي المشروع اهتمامًا خاصًا بتطبيق مبادئ الإدارة المتكاملة للموارد المائية، وهي المبادئ التي تهدف إلى تحقيق التوازن بين استخدام المياه في الزراعة والاحتياجات الأخرى من هذه الموارد الحيوية، ويهدف ذلك إلى توفير حلول مبتكرة ومستدامة للتحديات المتعلقة بتوافر المياه في مناطق متعددة في مصر.

وفي إطار تنفيذ هذا المشروع، يولي القائمون عليه أهمية كبيرة لدعم البحث العلمي، حيث يتم العمل على إشراك مراكز البحث العلمي والجامعات المصرية في مختلف مراحل المشروع، تم بالفعل مناقشة عدد من رسائل الماجستير والدكتوراه التي تتعلق بالري الذكي وتحسين إدارة المياه في الزراعة، وعلى سبيل المثال، تمت مناقشة رسالة دكتوراه في جامعة سوهاج تناولت تقنيات الري الذكي وتطبيقاتها في تحسين الإنتاج الزراعي باستخدام تقنيات التحكم في المياه، كما تم مناقشة رسالة ماجستير في جامعة أسيوط تهتم بدراسة أثر استخدام الأنظمة الذكية على كفاءة استهلاك المياه في الأراضي الزراعية في مناطق الصعيد، وتسعى هذه الدراسات إلى تقديم حلول علمية قائمة على البيانات لتحسين كفاءة إدارة المياه في الزراعة وتحقيق استدامة الموارد.

كما تشمل الخطة التنفيذية للمشروع العديد من الأنشطة والمراحل التي سيتم تنفيذها وفقًا للإطار الزمني المحدد، في المرحلة الحالية، يتم التركيز على تنفيذ الأنظمة الذكية لتوزيع المياه على الأراضي الزراعية، وتوفير التدريب اللازم للمزارعين على كيفية استخدام هذه التقنيات بفعالية، كما تشمل المراحل المقبلة تطوير البنية التحتية اللازمة لدعم النظام الرقمي لمتابعة منظومة الري، ومن المتوقع أن يساهم المشروع في تحقيق نقلة نوعية في طرق الري والزراعة في مصر، ما يسهم في تحسين كفاءة استخدام المياه، وزيادة الإنتاج الزراعي، وتعزيز الأمن الغذائي في المستقبل.

أهداف المشروع

يهدف ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺗﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻟﻤﺎﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﻟﻠﺮﻱ ﺍﻟﺬﻛﻲ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﺴﻴﻦ ﻛﻔﺎﺀﺓ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻭﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻤﺎﺋﻴﺔ، ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺴﻴﻦ ﺍﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ﻭﺗﻌﺰﻳﺰ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻲ، وﻳﺘﻀﻤﻦ المشروع ﻋﺪﺓ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺭﺋﻴﺴﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺮﻗﻤﻲ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮ ﻭﺗﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺒﻮﺍﺑﺎﺕ ﻭﺃﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻱ، وﻳﻬﺪﻑ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻟﺘﺤﺴﻴﻦ ﻛﻔﺎﺀﺓ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻭﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻤﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺎﺣﺔ ﻷﻏﺮﺍﺽ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ ﻭﺗﺤﺴﻴﻦ ﺍﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ﺑﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺪﻟﺘﺎ ﻭﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، وﻳﻬﺪﻑ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺗﻘﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺮﻱ ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ﺍﻟﺬﻛﻴﺔ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺭﻓﻊ ﻛﻔﺎﺀﺓ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺼﻮﻟﻴﺔ ﻭﺗﻌﺰﻳﺰ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻲ، ومن فوائد نظام الري الذكي والحديث، زيادة الدخل والعائد بما يقلل تكلفة الانتاج، وتوفير العمالة وترشد استهلاك الاسمدة لزيادة الانتاجية بما يعود بالنفع على المزارع، كما يساعد الري الذكي على توزيع المياه، إذ يتم توصيل المياه لكل نبات عبر شبكة من الأنابيب، وتسهم أنظمة الري الذكي في تحسين جودة المزروعات بشكل يقيها من الأمراض، ويخفض من تكاليف الري على المزارع، وكذلك تمكن المنظومة المزراع من معرفة مدى احتياج الارض للمياه ودرجة الرطوبة، ويمكن للمزراع أن يتحكم  في ماكينات الري أوتوماتيكياً أو يدوياً بناء على البيانات المقاسة.

خطة طويلة

وكان الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، عقد اجتماعًا لمتابعة تقدم سير العمل في مشروع تحديث المنظومة المائية والتحول للري الذكي، والجارى تنفيذه بالتعاون بين الوزارة والحكومة الإسبانية.

وأشار سويلم، إلى أن هذا المشروع يهدف لتحسين كفاءة استخدام وإدارة الموارد المائية المتاحة لأغراض الزراعة وتحسين الإنتاجية الزراعية بمناطق الدلتا والصعيد فى مصر، كما يهدف المشروع لاستخدام تقنيات الرى والممارسات الزراعية الذكية لمساعدة المزارعين على رفع كفاءة إستخدام المياه وزيادة الإنتاجية المحصولية وتعزيز الأمن الغذائي بتقنيات ذكية مناخيًا، كما سيدعم المشروع عملية الرقمنة فى متابعة منظومة الري لمساعدة المزارعين على الاستخدام الفعال للموارد، كما يعزز المشروع من التبادل المستمر للمعرفة حول أنظمة الري الاسبانية.

وأوضح سويلم، أن الوزارة وضعت خطة طويلة الأجل لتحقيق الإدارة المستدامة للمياه، مع السعى لتبادل الخبرات والاستفادة من الممارسات الناجحة فى مجال المياه، مثل الإستفادة من الخبرات الأسبانية في مجالى الري الحديث والرى الذكي، بالاضافة للتجارب الاسبانية الناجحة فى تفعيل روابط مستخدمى المياه والتى تسعى مصر للاستفادة منها لمواجهة التحدى الخاص بتفتت الملكية الزراعية بالشكل الذى يعزز من النهج التشاركي في إدارة المياه على مستوى الترع الفرعية، وتحسين عملية تخطيط وإدارة المياه وإتباع مبادئ الإدارة المتكاملة للموارد المائية لرفع كفاءة استخدام مياه الري وزيادة الاستفادة من مياه الصرف الزراعى والحفاظ على نوعية المياه.

ووجه سويلم، بمتابعة تنفيذ أنشطة ومكونات المشروع المختلفة طبقاً لخطة العمل الموضوعة والإطار الزمنى المعتمد لتنفيذ مكونات المشروع.

إنتاج جهاز التحكم الذكي

وكانت وزارة الموارد المائية والري، أعلنت في وقت سابق عن إنتاج جهاز التحكم الذكي الذي يهدف إلى تنظيم عملية الري وتقليل استهلاك المياه، مما يسهم في زيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية، ويتميز هذا النظام الذكي بقدرته على قياس درجة الحرارة والرطوبة في التربة الزراعية، ويعمل باستخدام الطاقة الشمسية، كما أنه يرسل رسائل نصية إلى هاتف المزارع المحمول ليخبره بحالة رطوبة التربة، سواء كانت مشبعة «رطبة» أو جافة.

في حال جفاف التربة، ترسل الوحدة الذكية رسالة نصية للمزارع ليتمكن من اتخاذ إجراء سريع، ويمنح النظام المزارع خيارين للتحكم: الأول هو الري «الأوتوماتيكي»، حيث تبدأ الوحدة في ري الأرض بمجرد قراءة جفاف التربة، وتستمر في الري حتى تصل التربة إلى مستوى التشبع، ثم تتوقف عملية الري تلقائيًا، أما الخيار الثاني فهو الري اليدوي، حيث يتحكم المزارع في تشغيل أو إيقاف عملية الري.

ويتميز النظام أيضًا بقدرته على الفحص الذاتي لوحدة التحكم، حيث يقوم بإرسال رسالة تحذيرية في حال انخفاض كفاءة البطارية لضمان استمرارية العمل دون الحاجة لتدخل بشري، كما يمكن برمجة الوحدة لإرسال 3 رسائل نصية إلى 3 مستخدمين مختلفين، إما من خلال وحدة برمجة متنقلة أو عبر إرسال رسالة مباشرة للمزارع من الوحدة.

قال الدكتور ضياء الدين القوصي، مستشار وزير الموارد المائية والري الأسبق وخبير المياه الدولي، إن نظام الري في مصر هو نظام قديم موجود منذ زمن القدماء المصريين، وهو بحاجة لتحديث وفق أليات وأدوات، ومن بين تلك الأليات هي تحويل الري السطحي أو الري بالراحة، للري بالنظام الحديث، فالري السطحي يعتمد علي انسياب المياه من اسوان جنوبا الي الإسكندرية شمالا عن طريق الجاذبية الأرضية، علي عكس الري بالنظام الحديث والذكي.

وأضاف القوصي، خلال تصريحاته لـ«البوابة نيوز»، أن الوضع حاليا يختلف اختلاف كلي وجزئي فالنظام القديم به العديد من أسباب التسرب وإهدار المياه وزيادة فواقد المياه، بسبب الرشح والنباتات المائية، ولتقليل تلك الفواقد يجب علينا الاتجاه لنظام الري الحديث للحد من ذلك.

وذكر القوصي، أن نظام الري الحديث ينقسم لنوعان ري بالرش والأخر الري بالتنقيط، فالأول وهو الري بالرش يصلح للنباتات الكثيفة مثل القمح والذرة والفول، وأما الري بالتنقيط فهو يصلح للبساتين والأشجار والخضروات.

وأوضح القوصي، أن كفاءة الري السطحي إن كانت 50% فإن كفاءة الري بالرش تصل 75% وكفاءة الري بالتنقيط تصل لـ 85%.

ولفت القوصي، أن هناك مشكلة كبيرة في تفتت الحيازة الزراعية، فنحن نمتلك 10 مليون فدان زراعي و20 مليون حائز ما بين مالك ومستأجر، فالحيازة في مصر يتراوح متوسطها لنصف فدان تقريبًا، ونظم الري الحديث تحتاج الي مساحات زراعية أوسع، فلا يعقل أن يتم عمل فتحه لكل ربع فدان، فهناك حاليًا اتجاه لعملية جديدة هي التجميع الزراعي، فالحوض بالكامل يزرع محصول واحد وفي نفس التوقيت، وتقسم بينهم كمية المياه والمصروفات، وهو ما وصفناه بجمعيات مستخدمي ومستهلكي المياه، بحيث يكون علي مستوي كل حوض جمعية وتتولي تلك الجمعية عملية الإدارة لتقديم الخدمة، والمياه التي سيتم توفيرها باستخدام نظام الري الحديث سيتم استصلاح أراضي صحراوية بها.

الدكتور ضياء الدين القوصي، مستشار وزير الموارد المائية والري الأسبق وخبير المياه الدولي

وعن أهمية مشروع تحديث المنظومة المائية في مصر، وكيف يسهم في تحسين كفاءة إدارة الموارد المائية، يقول الدكتور عباس شراقي ـ أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، في تصريحات خاصة لـ«البوابة»، إن مشروع تحديث المنظومة المائية في مصر يهدف إلى رفع كفاءة استخدام الموارد المائية فى مصر، والمحدودة منذ بناء السد العالى فى 1971 بكمية 55.5 مليار م3 من مياه النيل، وزيادة الانتاج الزراعى لمواجهة النمو السكانى المتزايد، باستخدام أحدث الطرق التكنولوجية فى الزراعة والرى.

وذكر شراقي، أن هناك عدة تحديات يواجهها مشروع تحديث المنظومة المائية في ظل الظروف الحالية، من بينها الزيادة السكانية بمعدل 1.5 مليون نسمة سنويا، ممل يتطلب 1،5 مليار م3 سنويا، والاختلافات المناخية من ارتفاع فى درجات الحرارة وما يترتب عليها من زيادة البخر، والتوسع العمرانى بانشاء حوالى 24 مدينة جديدة، وزيادة النشاط الزراعى مثل مشروع المليون ونصف المليون فدان، ومشروع الدلتا الجديدة لزراعة 2.2 مليون فدان، ومن قبل المشروعات القومية الكبرى فى توشكى، وشرق العوينات، وترعة السلام لزراعة حوالى 1.5 مليون فدان أيضا، وزيادة التلوث من مياه الصرف الزراعى والصناعى والصحى، وهذا يتطلب إنشاء العديد من محطات معالجة المياه مثل محطة المحسمة وبحر البقر وحاليا محطة الدلتا الجديدة، وانخفاض قيمة الجنيه يشكل ضغطا كبيرا فى تنفيذ المشروعات المائية وتطويرها وصيانتها، وكذلك تفتيت الحيازة الزراعية فى الوادى والدلتا، وانخفاض مستوى دخل المزارع المصرى، وأخيرا التخزين السريع فى سد النهضة الاثيوبى على مدار 5 سنوات باجمالى 60 مليار م3 بالاضافة إلى الفقد من البخر والتسرب.

وأوضح شراقي، أن طرق الرى الحديثة واستخدام الذكاء الاصطناعى يساعد فى زيادة كفاءة استخدام المياه وتقليل الفاقد، وزيادة الانتاجية، وبالتالى يخفف بعض الشئ من نقص المياه الذى يصل إلى حوالى 50%، ويتم التغلب عليه باعادة استخدام مياه الرى عدة مرات، مع استيراد بعض المنتجات الزراعية مثل القمح والذرة.

الدكتور عباس شراقي ـ أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة  تقرير الري الذكي تقرير مشروع الري الذكي تقرير مشروع الري الذكي تقرير مشروع الري الذكي تقرير مشروع الري الذكي 1 2 3

مقالات مشابهة

  • شقيقة زوجة ماهر الأسد تكشف تفاصيل جديدة حول تفجير خلية الأزمة
  • ثورة ١١ فبراير… من مبادئ الجمهورية انطلقت ولأجل مكتسباتها اندلعت  
  • صدمة جديدة لزوج الفنانة السورية إنجي مراد بعد يوم واحد فقط على وفاتها
  • الشرع يكشف تفاصيل اعتقاله في العراق: تنقلتُ بين 4 سجون وأطلق سراحي قبل الثورة السورية بيومين
  • بيان لـحزب الله بمناسبة الذكرى الـ46 للثورة الإسلاميّة في إيران
  • الخارجية النيابية: التعامل مع الحكومة السورية ما زال بحذر
  • ايران تحتفل بالذكرى السادسة والأربعين للثورة الإسلامية
  • في إشكالية الانتقال والثورة والحرب
  • لون الحرية.. معرض تشكيلي يجسد أحلام الثورة السورية بطرطوس
  • من الدلتا إلى الصعيد «الري الذكي» يحول وجه الزراعة المصرية.. سويلم: المشروع يهدف لمساعدة المزارعين.. وخبراء: كفاءة النظام الحديث والذكي يصل لـ85%