تشو شيوان **

‏قبل بضعة أيام، أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) عيد الربيع الصيني، وهو من الممارسات الاجتماعية للشعب الصيني في الاحتفالات برأس السنة الصينية التقليدية، على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.

وعيد الربيع الصيني، المعروف أيضًا بـ"السنة القمرية الجديدة"، هو أحد أهم الأعياد التقليدية في الصين، ويُحتفل به في بداية العام الجديد وفقًا للتقويم القمري.

يُعد هذا العيد فرصة للتجمع العائلي والاحتفال بالأمل والبدايات الجديدة، ومن الجيِّد الاعتراف بهذا العيد التقليدي ليصبح واحدًا من التراث الثقافي غير المادي للبشرية، والصين والصينيون لهم تاريخهم الطويل الذي يُعطيهم الحق في أن تكون ثقافتهم جزءًا من التراث البشري غير المادي، ويمكننا القول بأنَّ عيد الربيع الصيني هو احتفال بالحياة، الأمل، والتقاليد العريقة، مما يجعله حدثًا مميزًا يتجاوز حدود الزمان والمكان.

‏لقد جاء هذا القرار خلال الدورة الـ19 للجنة الحكومية الدولية لحماية التراث الثقافي غير المادي والتي تعقد في باراغواي خلال هذه الأيام. واعترفت اللجنة بالعيد لأنه يضم مجموعة واسعة من الطقوس والعناصر الثقافية الفريدة التي تشترك فيها جميع أطياف المُجتمع الصيني. وأوضحت اليونسكو أنَّ عيد الربيع، وهو يوافق بداية العام القمري الصيني الجديد التقليدي، يشمل ممارسات اجتماعية مختلفة وأيضاً أنشطة يشارك فيها كبار السن ومناسبات عامة احتفالية تنظمها المجتمعات السكنية.

‏يمثل عيد الربيع العطلة التقليدية الأهم في الصين ويرمز إلى أمل الشعب الصيني في حياة أفضل وعلاقة قوية للأسر والبلاد وقيم التناغم بين الإنسان والطبيعة. وتم انتقال عيد الربيع عبر الأجيال منذ تاريخ طويل، ويوفر قوة روحية دائمة للشعب الصيني. كما يلعب دورا مهما في تعزيز التناغم الأسري والاجتماعي، وتوجيه التنمية الاقتصادية، وحماية البيئة، وتدعيم التبادلات الثقافية العالمية. فإن إدراج عيد الربيع على قائمة اليونسكو سيساعد في تعزيز القيم العالمية للسلام والتناغم وإظهار الدور المهم للتراث الثقافي غير المادي في التنمية المستدامة.

‏وخلال السنوات الماضية، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة الحضارة العالمية، ويدعو إلى التبادلات والتعلم المتبادل بين الحضارات والثقافات والشعوب المختلفة، فأعتقد أن عيد الربيع وسيلة ممتازة لتنفيذ مبادرة الحضارة العالمية والمساعدة على انتشار الثقافة الصينية التقليدية، حيث نعرف أن عيد الربيع إرث للمفاهيم الثقافية الصينية للسلام والوئام والتناغم، ومن خلال تجربة أنشطة عيد الربيع المختلفة، يمكن للناس في جميع أنحاء العالم فهم الصين بشكل أكبر وإدراك أن الثقافة الصينية منفتحة وشاملة ومبتكرة.

‏وفي العصر الحديث، يمكن للجمهور العالمي أن يشعر بحيوية الفن الصيني التقليدي بفضل دعم التكنولوجيا من خلال سهرة عيد الربيع الصيني التي تنتجها مجموعة الصين للإعلام منذ عام 1983، وهي دائمًا تتكون من الأغاني والرقصات وغيرهما من العروض الفنية المتنوعة الرائعة، وقد أصبحت من التقاليد الصينية الجديدة بالنسبة إلى الشعب الصيني وحتى لشعوب العالم بشكل تدريجي، وهي أيضًا بطاقة ثقافية للصين للعالم.

وتُعد سهرة عيد الربيع الصيني، التي ينتجها مجموعة الصين للإعلام واحدة من أبرز وأضخم الفعاليات التلفزيونية على مستوى العالم. تُقام هذه السهرة السنوية عشية عيد الربيع، حيث تجمع ملايين الأسر الصينية للاحتفال بالعام القمري الجديد من خلال برنامج غني ومتنوع يحمل في طياته التقاليد والثقافة الحديثة، ومنذ عام 1983 أصبحت تقليدًا ثابتًا ومحبوبًا لدى الصينيين في جميع أنحاء العالم. وتُعد هذه السهرة أكثر البرامج التلفزيونية مشاهدةً؛ حيث تحطم أرقامًا قياسية سنويًا؛ إذ تصل مشاهداتها إلى مليارات الأشخاص عبر الشاشات ومنصات الإنترنت، وتمثل السهرة فرصة للاحتفال بالوحدة العائلية والثقافة الصينية الغنية، كما تعكس تطلعات الناس لعام جديد مليء بالأمل والحظ السعيد، وهي عبارة عن مزيج فريد من العروض الترفيهية والتقليدية، وتشمل العروض الموسيقية؛ حيث يقدم فنانون بارزون من مختلف أنحاء الصين والعالم أغاني وطنية وشعبية تعكس الروح الاحتفالية، وأيضًا الرقصات التقليدية.

كما تُعرض رقصات مثل رقصة الأسد والتنين، إلى جانب عروض تمثل ثقافات الأقليات العرقية في الصين، إضافة للدراما الكوميدية؛ حيث يتابع الجمهور بفارغ الصبر فقرات كوميدية مليئة بالمرح والسخرية، والتي غالبًا ما تتناول قضايا اجتماعية بأسلوب طريف، وهناك بعض عروض الألعاب البهلوانية إذ تتميز السهرة بعروض مذهلة تسلط الضوء على مهارات الأداء الحركي، وخلال السنوات الماضية قد دخل العرض ما يٌعرف بالتكنولوجيا والإبهار البصري التي تُستخدم أحدث تقنيات الإضاءة والمؤثرات البصرية، إضافة إلى تقنيات الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي، لخلق تجربة مشاهدة استثنائية.

‏ومن هنا يمكننا القول إنَّ عيد الربيع بين الماضي والحاضر هو حبة من الصين للعالم، ومع تصاعد التأثيرات الدولية للصين في المجتمع الدولي، هناك مزيد من الأجانب يعرفون ويفهمون الصين بشكل شامل وموضوعي.

** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وزير الزراعة: نسعى إلى إعادة النظر في الأساليب التقليدية والتفكير خارج الصندوق

ألقى علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، كلمة خلال فعاليات إطلاق: تقرير المتابعة رقم -2، و فعاليات المائدة المستديرة حول تطورات تنفيذ المنصة الوطنية لبرنامج «نوفي»، بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، والفريق كامل الوزير نائب رئيس الوزراء وبعض السادة الوزراء.

و وجه الشكر إلى رئيس الوزراء على رعايته إطلاق تقرير المتابعة، كما وجه الشكر إلى الدكتور رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، لجهدها المتواصل مع المؤسسات الدولية من أجل الحصول على التمويلات التنموية الميسرة لدعم قطاع الزراعة تحت مظلة برنامج نوفي.

وأشاد فاروق كذلك بشركاء التنمية والجهات والمؤسسات التمويلية الدولية المشاركة في تنفيذ محوري الغذاء والمياه ببرنامج نوفي، وخاصة الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (IFAD)، مثمنا الدور الهام الذى تقوم به تلك المؤسسات من خلال العمل مع الفرق الفنية بوزارة الزراعة.

وقال: إن وزارة الزراعة تسعى إلى إعادة النظر في الأساليب التقليدية والتفكير خارج الصندوق، والتحول نحو التطبيقات التكنولوجية الحديثة والمبتكرة، وبرامج التحول الرقمي من أجل تعزيز قدرة قطاع الزراعة على الصمود أمام تحديات تغير المناخ، والعمل على زيادة الإنتاجية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي للشعب المصري، وتحقيق فائض للتصدير، وتعزيز القيمة المضافة للمنتج الزراعي المصري وتعزيز القدرة التنافسية وزيادة إنفاذ الصادرات الزراعية المصرية إلى الأسواق الخارجية.

كما أشاد بحرص منصة برنامج نوفي على الإهتمام بقطاع الزراعة من خلال محور الارتباط بين قطاعات المياه، والغذاء والطاقة، حيث شمل برنامج نوفي خمس مشروعات زراعية وفقا لمنهجية وطنية محددة تهدف إلى تحسين التكيف والمرونة الزراعية ودعم المزارعين في تبني ممارسات زراعية جديدة مع التركيز على المناطق الهشة والأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية.

وقال «فاروق» إن وزارة الزراعة قامت بالتعاون مع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في المشاركة بفرقها الفنية مختلفة التخصصات، وحضور ممثلي الوزارات والجهات المعنية والقطاع الخاص والبنوك الوطنية للبحث عن الآليات الملائمة لتنفيذ المشروعات المقترح تمويلها ضمن برنامج «نوفي» وتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية داخل مصر ولصالح المصريين.

وأشار وزير الزراعة الجهود والزيارات الميدانية الاستشارية والاجتماعات الفنية والتؤ انبثق عنها مؤخراً توقيع الاتفاق التمويلي وموافقة لجنة الدين على مشروع إدارة المياه الزراعية في وادى النيل والمعروف بمشروع «كروان CROWN»، والذى يموله الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (IFAD) بقيمة 58 مليون دولار، بهدف تحديث البنية التحتية للري الحقلي وتحسين قدرة الإنتاج الزراعي في محافظتي المنيا وبني سويف، والذى من المقترح أن يغطي مساحة تبلغ نحو 30 ألف فدان ويستفيد منه نحو 378 ألف منتفع.

وفي ختام كلمته أشار فاروق إلى أن قطاع الزراعة المصرى قد شهد نهضة غير مسبوقة خلال العشر سنوات الماضية، وذلك بفضل الخطط التنفيذية للحكومة المصرية وتنفيذ عدد كبير من المشروعات التنموية العملاقة لإضافة 4 مليون فدان إلى الرقعة الزراعية، وتنفيذ الاستراتيجيات التي تستهدف زيادة ملموسة في نمو قطاع الزراعة وتحقيق الأمن الغذائي وتوفير حياة كريمة للشعب المصري، مؤكدا على توحيد الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والعمل بروح وطنية، وبمكن تحقيق قفزة اقتصادية كبيرة وتعزيز الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى في مصر.

اقرأ أيضاًوزيرا الاستثمار والزراعة يترأسان لأول مرة اجتماع لجنة تنظيم تصدير البطاطس

الزراعة تبحث التعاون مع السنغال في مجال الميكنة الزراعية والأسمدة

وزير الزراعة ومحافظ الوادي الجديد يبحثان مع وفد صيني تعزيز الاستثمار الزراعي

مقالات مشابهة

  • انهيار صناعة السفن الأمريكية وصعود العملاق البحري الصيني.. ماذا يعني هذا للعالم؟
  • أيام قليلة وينتهي الشتاء| متى يبدأ فصل الربيع 2025 رسميا؟
  • أسماء مواليد مستوحاة من فصل الربيع
  • حصاد الزراعة.. تعزيز الاستثمار الزراعي الصيني في مصر
  • الصين تبني شريحة جديدة خالية من السيليكون تتفوق على الشرائح التقليدية
  • أحمد علي سليمان من إندونيسيا: الأزهر هدية الله للعالم ومنهجه حصانة للمسلمين ضد التطرف
  • الطيور المهاجرة تعود لنهر أم الربيع بعد الأمطار الغزيرة (صور)
  • شراكة بين «مقطع للتكنولوجيا» و«نافذة باكستان»
  • وزير الزراعة: نسعى إلى إعادة النظر في الأساليب التقليدية والتفكير خارج الصندوق
  • موانئ أبوظبي و"نافذة باكستان" تتعاونان لتعزيز التحول الرقمي في التجارة