10 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة: أنهى البرلمان العراقي فصله التشريعي الثاني دون أن يتمكّن من تمرير أي من القوانين الخلافية العالقة، رغم تمديد جلساته شهراً إضافياً لمحاولة حلّ هذه الملفات التي تحمل طابعاً حسّاساً.

وعلى رأس تلك القوانين، العفو العام، والأحوال الشخصية، وعقارات الدولة، والتعديل الحيوي على قانون الموازنة العامة، والذي يُنظر إليه كمعضلة متجددة تؤثر على استئناف تصدير النفط من إقليم كردستان.

تعكس هذه القضايا الخلافات المتجذرة بين الأحزاب السياسية، حيث تبدو المصالح الفئوية والطائفية والقومية وكأنها حاجز صلب أمام أي تفاهم مشترك.

ووفقاً لمصدر سياسي مطّلع تحدث من بغداد، فإن “تعطّل إقرار القوانين لم يكن بسبب تعقيد النصوص بقدر ما كان نتيجة مباشرة للتوجيهات الحزبية التي دفعت بعض النواب للتغيّب عن الجلسات عمداً بهدف الإخلال بالنصاب القانوني”.

وأضاف المصدر أن هذه التوجيهات ترتبط بما أسماه “إعادة ترتيب التحالفات السياسية” التي تستبق أي تصويت مؤثر.

المواطن أحمد الساعدي، وهو ناشط من البصرة، علّق عبر تدوينة على فيسبوك قائلاً: “مجلس النواب يعيش في عالم موازٍ؛ يناقش أموراً تخص مصالحه بينما يعاني المواطن من أزمات الخدمات والاقتصاد. الموازنة متعثّرة، والنفط يتوقف عن التصدير، والملايين تضيع كل يوم”.

تغريدة مشابهة على منصة إكس وصفت الوضع بـ”الفوضى التشريعية التي تعكس انهيار مفهوم الدولة لصالح مفهوم الفئة والحزب”.

انتخاب  محمود المشهداني رئيساً جديداً للبرلمان أثار جدلاً كبيراً. أفادت تحليلات بأن هذا التغيير يعكس محاولة لترميم صورة المؤسسة التشريعية، لكن ذات التحليلات لم تستبعد أن تتحوّل المسألة إلى مجرد تغيير في الأسماء دون تحقيق تغيير جوهري في الأداء.

الباحث الاجتماعي علي الجبوري تحدث قائلاً: “هذا الانتخاب هو أشبه بمحاولة معالجة جرح عميق بضماد بسيط. المشكلة تكمن في بنية المحاصصة التي تحوّل المناصب إلى حصص ثابتة للأحزاب والطوائف”.

على صعيد آخر، فإن تعطيل التعديل المتعلق بقانون الموازنة يُحمّل الدولة خسائر فادحة.

وفق معلومات اقتصادية نشرتها مؤسسة مالية محلية، فإن وقف تصدير النفط من إقليم كردستان يكلف العراق يومياً ما يزيد عن 8 ملايين دولار، مما يعمّق الأزمة المالية للدولة الاتحادية والإقليم على حد سواء.

وتحدث المواطن الكردي سامان عبدالله من أربيل عبر مقطع مصور نشره على فيسبوك قائلاً: “الخلافات السياسية لا تُضر بغداد فقط، بل نحن في الإقليم ندفع الثمن بشكل مباشر. رواتب الموظفين متأخرة، والأسعار ترتفع بلا ضوابط”.

تحليل قدمه الخبير الاقتصادي فاضل الدليمي أوضح أن الأزمة قد تتجه نحو تعقيد أكبر إذا لم تُحل خلال الأشهر المقبلة.

وقال الدليمي: “من دون اتفاق حول قانون الموازنة وتصدير النفط، فإن الأوضاع الاقتصادية قد تنفجر، خاصة مع تزايد الديون وانخفاض الاحتياطيات النقدية”.

الأجواء داخل قبة البرلمان تُوصف بالكئيبة، وفق ما ذكرته مواطنة تدعى إيمان الطائي عبر حسابها على إكس، حيث قالت: “النواب يتبادلون الاتهامات عبر المنصات الإعلامية، بينما لم نشهد حتى الآن أي خطوات عملية. الجميع يلوم الجميع، ولكن الشعب هو من يدفع الثمن”.

هكذا، يظل مجلس النواب العراقي عالقاً في دائرة مفرغة من الخلافات، حيث تتحول جلساته إلى ساحة لتصفية الحسابات السياسية بدلاً من حل الأزمات. فيما يتوقع محللون أن هذا الوضع سيستمر طالما بقيت المحاصصة الطائفية والقومية هي الحاكمة لمشهد الدولة.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

الكشف عن أبرز البنود التي تحوي المشروع الوطني الذي قدمته القوى السياسية

كشفت الجزيرة السودان عن أبرز البنود التي تحوي المشروع الوطني الذي قدمته القوى السياسية الوطنية والمجتمعية لملامح الفترة القادمة.الجزيرة – السودان إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • تظاهرات الاقليم: الطبقة السياسية تعيش في عزلة عن معاناة الشارع
  • البرلمان العراقي يطالب بدليل تخرج رئيس مجلس نينوى.. وثيقة
  • خطة النواب: رفع الحد الأدنى للأجور يدعم الموازنة ويحقق التوازن الاقتصادي
  • الكشف عن أبرز البنود التي تحوي المشروع الوطني الذي قدمته القوى السياسية
  • البرلمان العراقي يرد على تقرير تلفزيوني: لا قيود على الصحفيين
  • كيف يعالج العراق أزمة مالية خانقة في حال تصاعد الضغوط الأمريكية؟
  • البرلمان يبدي استغرابه من غياب العلم العراقي في لقاء وزير الخارجية ونظيره المغربي
  • نائب إطاري:السوداني خان الأمانة بإجبار البرلمان على تمرير تعديل قانون الموازنة لصالح الإقليم
  • البرلمان العراقي: إيقاف تصدير نفط كوردستان كبد الخزينة 13 تريليون دينار
  • قوانين السلة الواحدة.. عندما تتحول العملية التشريعية إلى لعبة سياسية