وجه رئيس الوزراء التركي الأسبق، أحمد داود أوغلو، رسالة إلى الشعب السوري عقب سقوط نظام بشار الأسد، هنأ فيها السوريين على إنهاء عهد النظام البعثي الذي استمر لعقود، ودعا إلى التركيز على بناء نظام جديد قائم على العدالة والكرامة الإنسانية.

وقال داود أوغلو في رسالته التي نشرها عبر حسابه على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، "أحيّي ذكرى المظلومين الذين فقدوا أرواحهم بسبب الأسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة والتعذيب والقتل الجماعي.

وأهنّئ السوريين من جميع الأعراق والأديان والطوائف الذين أسهموا بنضالهم الكبير في إنهاء هذا النظام، وبدء عهد جديد مع تنصيب محمد بشير رئيسًا للوزراء".

وأضاف أن "الحرب لا تُكسب بهزيمة العدو عسكريا فقط، بل بإقامة نظام شامل ومبني على العدالة بعد النصر. لذا، الواجب الرئيسي اليوم على كل سوري، وكل جار وصديق لسوريا، وخصوصا تركيا، هو دعم الحكومة الجديدة التي تواجه تحديات جمّة".

وفي رسالته، استعرض داود أوغلو رؤية شاملة لإعادة بناء سوريا تقوم على سبعة محاور أساسية، مشيرا إلى أن الخطوة الأولى لإعادة الإعمار هي تحقيق النظام العام والأمن، من خلال دمج مجموعات المقاومة الوطنية التي شاركت في إسقاط النظام مع أفراد الجيش السابق الذين لم يتورطوا في جرائم حرب، وإعادة هيكلة الجيش السوري على أسس مهنية ومنظمة.


وشدد رئيس الوزراء التركي الأسبق على أهمية التنسيق بين هذه الأطراف لتأسيس جيش وطني يعكس التنوع السوري ويحمي وحدة البلاد.

وعلى صعيد المصالحة الوطنية، أكد داود أوغلو على ضرورة تشكيل هيئة مصالحة شاملة، تضم كافة الطوائف العرقية والدينية في سوريا، بما في ذلك الطائفة العلوية، مع التأكيد على رفض أي إجراءات انتقامية ضدها بسبب الجرائم التي ارتكبها النظام. واعتبر أن هذه المصالحة هي الخطوة الأساسية لبناء الثقة بين السوريين بعد سنوات من الانقسامات والصراعات.

أما في الجانب السياسي، فقد شدد داود أوغلو على أهمية الانتقال إلى نظام مدني يشمل كافة المدن السورية، وعلى ضرورة دمج الثوار ضمن هيكلية نظامية للشرطة والجيش.

كما دعا إلى تفعيل الإدارة العامة للدولة تحت قيادة مدنية، مع الحفاظ على البيروقراطية القائمة التي لم تتورط في الجرائم، والاستفادة منها لضمان استمرارية العمل الإداري خلال الفترة الانتقالية.
وفيما يتعلق بمؤسسات الدولة، أوضح أن العمل المنتظم لهذه المؤسسات يجب أن يكون أولوية، مع التركيز على إعادة هيكلتها وإصلاحها بشكل شامل.

وأشار إلى أن الوزارات، والقضاء، والمؤسسات الاقتصادية مثل البنك المركزي، بحاجة إلى إصلاح جذري لتكون قادرة على دعم المرحلة الانتقالية وتحقيق التنمية المستدامة.

ودعا داود أوغلو إلى الشروع في عملية صياغة دستور جديد للبلاد على أسس تشاركية، يضمن وحدة الأراضي السورية، ويعزز حقوق الإنسان والحريات الأساسية، مع تمثيل عادل لجميع الفئات الاجتماعية، مؤكدا أن صياغة الدستور يجب أن تتم تحت إشراف لجنة من خبراء القانون الدستوري وممثلين عن المجتمع السوري.

على الصعيد الاقتصادي، دعا إلى إطلاق إصلاح شامل لمواجهة الانهيار الاقتصادي والفقر الذي خلفه النظام، مشددا على أهمية استرداد الأموال التي تم تهريبها إلى الخارج من قبل عائلتي الأسد ومخلوف، وإنشاء صندوق دولي لإعادة الإعمار بمساهمة المؤسسات المالية العالمية، لإعادة بناء البنية التحتية، وتنشيط الزراعة والصناعة وإنتاج الطاقة.


وفي الجانب الخارجي، أوضح داود أوغلو أن سوريا بحاجة إلى سياسة خارجية منفتحة على المنطقة والعالم، تُبرز التزام الحكومة الجديدة بتحقيق السلام والاستقرار. ودعا إلى إجراء اتصالات فورية مع الدول المجاورة، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، لملء الفراغ السياسي ومنع استغلال الاحتلال الإسرائيلي للوضع الراهن.

وأعرب داود أوغلو عن التزام تركيا بدعم سوريا خلال هذه المرحلة الحاسمة، مشيرا إلى أن "تحقيق السلام والاستقرار ضمن وحدة الأراضي السورية كان دائما أولوية استراتيجية لتركيا".

وأكد أن تركيا مستعدة لتقديم كل أشكال الدعم السياسي والاقتصادي والإنساني لضمان نجاح المرحلة الانتقالية في أسرع وقت ممكن، لافتا إلى أن هذه المرحلة الجديدة تمثل فرصة تاريخية لبناء دولة عادلة ومستقرة تخدم تطلعات جميع السوريين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد تركي منوعات تركية تركيا سوريا سوريا تركيا داود اوغلو سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة داود أوغلو إلى أن

إقرأ أيضاً:

بعد سقوط نظام الأسد.. كيف تنعكس تطورات سوريا على الداخل اللبناني؟!

 
منذ اللحظة الأولى لإعلان سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا، وفراره خارج البلاد، كان واضحًا التفاعل اللبناني الواسع مع الحدث الاستثنائيّ والتاريخيّ، الذي كاد "يتفوّق" في بعض جوانبه على التفاعل السوري مع الحدث، حتى إنّ بعض الأوساط "زايدت" على السوريين أنفسهم، وهو ما عكس في مكانٍ ما الانقسام الداخلي الذي استمرّ طويلاً حول مقاربة الشأن السوري، منذ اندلاع الاحتجاجات ضدّ النظام في العام 2011.
 
وكما تجلّى الانقسام على مدى السنوات الماضية، منذ العام 2011، حتى الأيام الأخيرة، بين فريقٍ اعتبر الدفاع عن النظام دفاعًا عن لبنان في وجه مؤامرة كانت تُحاك ضدّ البلدين والشعبين، وآخر تبنّى المعركة ضدّه حتى الرمق الأخير، ورفض أيّ شكل من أشكال المساومة، فقد ظهر مجدّدًا بعد سقوط النظام، بين فريقٍ اعتبر الأمر بمثابة "انتصار" للبنان كما هو لسوريا، وآخر اختار النظر إلى التطورات بريبة، والتحذير من خطورة "اليوم التالي".
 
وبين الفريقين، ثمّة علامات استفهام بالجملة تُطرَح حول تبعات سقوط النظام، وما يمكن أن يترتّب عليه من أحداث لا تزال مبهَمة وغامضة، على الساحة الداخلية اللبنانية، انطلاقًا من المقولة الشهيرة بأنّ لبنان ليس جزيرة معزولة، وبالتالي فهو لا بدّ أن يتأثّر بما يجري في المحيط، فكيف بالحريّ إذا كان في الجوار الأقرب، فكيف يمكن أن تنعكس التطورات السورية على الساحة الداخلية، وهل تكون التداعيات المحتملة إيجابية أم سلبية؟!
 
ملفان "عالقان وشائكان"
 
لا شكّ أنّ خبر سقوط نظام بشار الأسد في سوريا شكّل "صدمة" لكثيرين في الداخل اللبناني، وإن تفاوت تقييمها بين "إيجابية" أو "سلبية"، ليس فقط باعتبار أنّ الحدث جاء مفاجئًا بسرعة تطوراته الدراماتيكية، التي خرجت عن دائرة التوقعات، ولكن أيضًا لكونه في مكانٍ ما، شكّل "تصفية حسابات" مع تاريخ متأرجح شهدته العلاقة اللبنانية السورية على مرّ السنوات، سواء قبل أو بعد خروج الجيش السوري من لبنان في أعقاب "ثورة الأرز" في العام 2005.
 
لكن، أبعد من الانفعالات التي كان من البديهي أن يحدثها خبر سقوط النظام، والتي تختلط بين ما هو وجداني وما هو عاطفي، فإنّ الحديث عن الانعكاسات على الداخل اللبناني، لا بدّ أن تمرّ أولاً من خلال ملفين شائكين وعالقين، أولهما "تاريخيّ" تمتدّ جذوره إلى عقود طويلة، وهو المتمثّل بملف المفقودين والمغيّبين قسرًا، الذين لطالما نفى النظام وجودهم في سجونه، وهو الملف الذي يأمل اللبنانيون أن يُحسَم نهائيًا الآن، تمهيدًا لإقفاله جذريًا.
 
وإذا كان حسم هذا الملف ينتظر انتهاء عملية الكشف على السجون ودهاليزها، ولا سيما "السرية" منها، فإنّ ملفًا آخر ينتظر اللبنانيون "تحريكه" بعد التطورات الأخيرة، وهو المرتبط بأزمة النزوح التي نشأت بعد اندلاع "الثورة" عام 2011، التي سرعان ما تحوّلت إلى "حرب دموية"، وهي أزمة تفاقمت على مرّ السنوات السابقة، لكن يفترض أن تسلك طريق المعالجات، ولو أنّ هناك من يتريّث في ذلك بانتظار اتضاح صورة المرحلة الانتقالية.
 
انعكاسات على السياسة الداخلية؟
 
إلى هذين الملفين العالقين، واللذين لا بدّ أن يستحوذا على أولوية المتابعات في الأيام المقبلة، وهو ما بدأ يتبلور بصورة أو بأخرى على أكثر من مستوى، ثمّة علامات استفهام تُطرَح حول الانعكاسات المحتملة لما جرى على السياسة الداخلية، خصوصًا أنّ هناك من وظّفه في خانة "الخصومة" مع "حزب الله"، الذي لم يصدر أيّ تعليق رسمي على الأمر، فيما اكتفى أحد نواب بالحديث عن "تحوّل خطير"، وإن أكّد أنّه "لن يضعف" المقاومة.
 
في هذا السياق، ثمّة من يخشى أن تكون تبعات ما جرى سلبية على الداخل اللبناني، بغضّ النظر عن السيناريو الذي ستشهده الأحداث، وذلك من زاوية توظيف ما جرى على مستوى "تعميق الشرخ" بين المعسكرين الأساسيّين، وهو ما كان قد بدأ بشكل أو بآخر بعيد الحرب الإسرائيلية على لبنان، التي خرج منها "حزب الله" بإعلان "انتصار"، وهو ما رفضه الفريق الآخر، الذي بدأ يتعامل مع الحزب، باعتباره في "أضعف" أوقاته على الإطلاق.
 
وإلى الخشية من التبعات السياسية، جاء الدخول الإسرائيلي "المريب" على خطّ الأحداث في سوريا، ليعزّز الهواجس والمخاوف من تبعات، خصوصًا بعدما أضافت إسرائيل سوريا إلى "جبهاتها" المفتوحة، بذريعة "حماية حدودها"، في وقت يخشى كثيرون أن تكون بوارد استغلال الفوضى التي يمكن أن ترافق مثل هذه المرحلة، من أجل فرض أمر واقع جديد، خصوصًا مع الاستيلاء على المنطقة العازلة، واحتلال المزيد من الأراضي.
 
لا تزال "الضبابية" تحيط بشكل وآليات المرحلة الانتقالية التي ستشهدها سوريا في القادم من الأيام، وسط سيناريوهات متباينة، وربما متناقضة، تقلّل من غموضها الإدارة المعتمدة حتى الآن، والتي تغلّب منطق "المواطنة" على كلّ مخاوف التقسيم والطائفية وغير ذلك. وإذا كان من الطبيعي أن يتأثّر لبنان بكلّ هذه السيناريوهات، فإنّ الأهمّ بحسب ما يقول العارفون، يبقى في "تحصين" الساحة، عبر تكريس "الندية" في العلاقات، وعدم تكرار تجارب الماضي! المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يوجه رسالة للشعب الإيراني
  • نتنياهو يوجه رسالة مهمة للشعب الإيراني
  • سوريا تتجه لتبني نظام اقتصاد السوق واستئناف قريب لعمل المطار
  • رسالة من رئيس الوزراء السوري الجديد للسوريين بالخارج
  • أوغلو: سقوط الأسد إعادة ترتيب للمحاور الإقليمية
  • إبراهيم عيسى يوجه رسالة لمثقفي سوريا: "احترموا نفسكم متلعبوش مع التماسيح"
  • مشعل يعلق على سقوط نظام الأسد ويوجه رسالة للشعب السوري (شاهد)
  • ياسر العظمة يوجه رسالة إلى الشعب السوري بعد سقوط الأسد.. حذر من سرقة الثورة
  • بعد سقوط نظام الأسد.. كيف تنعكس تطورات سوريا على الداخل اللبناني؟!