وزارة الخارجية الأميركية كرّمت القاضي كارل عيراني
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
في خطوة غير مسبوقة على الصعيد الدولي، كرّمت وزارة الخارجية الأميركية القاضي اللبناني كارل عيراني، ليكون أول قاضٍ يُمنح هذه الجائزة تقديراً لجهوده في محاربة الفساد.
هذا التكريم الفريد جاء بمناسبة اليوم الدولي لمكافحة الفساد، ضمن إطار التزام الولايات المتحدة بدعم الشخصيات البارزة التي تساهم في تعزيز الشفافية والنزاهة على الصعيد العالمي.
تحفيز للاستمرار
مصادر مقرّبة من القاضي عيراني أكّدت لجريدة "الخبر" أنّ هذا التكريم يمثل دافعاً كبيراً لعيراني لمواصلة جهوده في محاربة الفساد، وهو يعتبرها جائزة للشعب اللبناني بأكمله الذي ما يزال يعاني من تبعات الحروب والانهيارات الاقتصادية. واعتبرت أن "هذه الجائزة تعني الكثير للقاضي عيراني وتحفزه على الاستمرار في مكافحة الفساد. كما أنها يجب أن تكون محفّزة لكل قاضٍ آخر ليحقق العدالة ويتحرر من أي تبعية سياسية."
وأكدت المصدر أن القاضي عيراني يهدي هذه الجائزة للشعب اللبناني الذي يسعى دائماً للنهوض على الرغم من التحديات الهائلة التي تواجهه.
أهمية الجائزة ودلالاتها
تُعَدّ هذه الجائزة بمثابة اعتراف دولي بمكانة القاضي عيراني كرمز لمكافحة الفساد، في بلد يعاني من مشاكل هيكلية وسياسية معقدة. فهي تأتي في وقت تواجه فيه الدولة اللبنانية تحديات كبيرة تتعلق بالشفافية والمحاسبة، مما يجعل هذا التكريم إشارة قوية إلى أنّ الجهود القضائية المستقلة هي السبيل الوحيد لاستعادة ثقة الشعب والمؤسسات الدولية في النظام القانوني اللبناني.
تتمثل أهمية هذه الجائزة في كونها تعزز دور القضاء اللبناني في إطار مكافحة الفساد، وهو ما يحتاج إليه لبنان في ظل تفشي الفساد في مفاصل الدولة ووجود مقاومة قوية من قبل قوى سياسية تعرقل الإصلاحات. كذلك، تعكس الجائزة مدى التزام القاضي عيراني بترسيخ مبادئ العدالة والمساءلة بغض النظر عن الضغوط السياسية.
قرارات عيراني جسدت المحاسبة
عيراني، القاضي في مجلس شورى الدولة، كان له دور بارز في إصدار قرارات قضائية ترسّخ مبدأ المحاسبة. من أبرز هذه القرارات هو إلزام وزارة المالية بتسليم تقرير "Alvarez" الذي تم توقيف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة على أساسه، وهو التقرير الذي أُطلق عليه اسم "سرقة القرن" بعد كشفه عن تفاصيل هدر مليارات الدولارات من المال العام.
هذه القرارات تعكس شجاعة عيراني في مواجهة الجهات المتورطة في الفساد، وإصراره على تطبيق القوانين التي تعزز الشفافية والمساءلة في الدولة.
صياغة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد
إلى جانب عمله القضائي، كان لعيراني دور أساسي في صياغة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وهو جهد يعود لسنوات طويلة من العمل المتواصل. شارك في إعداد هذه الاستراتيجية من موقعه كقاضٍ في مجلس شورى الدولة، ما يؤكد التزامه ليس فقط بتطبيق القانون، بل أيضاً بإصلاح النظام من الداخل ووضع أطر قانونية تسهم في تحسين فعالية القضاء في مكافحة الفساد.
على الرغم من التكريم الدولي، يواجه القضاء اللبناني تحديات كبيرة تتعلق بالاستقلالية والضغط السياسي. فرغم الجهود الكبيرة التي يبذلها قضاة مثل عيراني، تبقى هناك ضغوط هائلة من قوى سياسية واقتصادية تهدف إلى التأثير على عمل القضاء ومحاولة حرف مسار العدالة عن هدفها الأساسي.
لكن القاضي عيراني، من خلال قراراته ومواقفه، يُثبت أن القضاء المستقل يمكنه أن يكون سلاحاً فعالاً في وجه الفساد، حتى في ظل الظروف الأكثر تعقيداً.
يأتي تكريم كارل عيراني في وقت دقيق بالنسبة للبنان، حيث يمر البلد بمنعطف مصيري يتطلب تعزيز دور القضاء في محاربة الفساد وترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة. إن جائزة مكافحة الفساد التي منحته إياها وزارة الخارجية الأميركية ليست مجرد تكريم شخصي، بل هي اعتراف عالمي بدور القضاء اللبناني في مكافحة الفساد وتثبيت العدالة.
في النهاية، يظل القاضي عيراني نموذجاً للقاضي المستقل الذي يضع العدالة فوق كل اعتبار، مقدماً بذلك رسالة أمل إلى الشعب اللبناني بأن هناك من يعمل من أجلهم، وأن العدالة، رغم الصعوبات، يمكن أن تسود في نهاية المطاف.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: وزارة الخارجیة الأمیرکیة القضاء اللبنانی لمکافحة الفساد مکافحة الفساد هذه الجائزة
إقرأ أيضاً:
وسط توترات متعددة الجبهات.. نتنياهو يُدلي بشهادته لأول مرة في محاكمته بتهم الفساد (تفاصيل)
أدلى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشهادته اليوم الثلاثاء، في محاكمته بتهم الفساد التي استمرت لسنوات، بينما يدير حربًا متعددة الجبهات، مما يُبرز التوترات والانقسامات المحيطة بقيادته.
وبحسب ما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال، وجهت إلى رئيس وزراء الاحتلال في عام 2019 تهم بالفساد، والاحتيال، وخيانة الأمانة، وهي التهم التي ينكرها، وعلى الرغم من طلبه المتكرر لتأجيل الجلسات بسبب الحرب على غزة ولبنان، قررت المحكمة إلزامه بالإدلاء بشهادته ثلاث مرات أسبوعيًا لمدة ست ساعات في كل جلسة، خلال الأسابيع المقبلة.
وتُبرز المحاكمة الانقسامات الحادة داخل المجتمع في دولة الاحتلال الإسرائيلي حول قيادة رئيس الوزراء، وأدت التهم الموجهة إليه إلى تخلي العديد من حلفائه السياسيين عنه، مما أدى إلى سلسلة من خمسة انتخابات وطنية خلال أربع سنوات، كما أُطلق الصراع بينه وبين السلطة القضائية منذ عودته إلى السلطة في عام 2022، عندما حاولت حكومته تنفيذ إصلاحات واسعة في النظام القضائي، ما أثار احتجاجات حاشدة استمرت لأشهر.
توقفت خطته لإصلاح القضاء بعد هجوم 7 أكتوبر الذي قادته حماس، لكنها عادت إلى الواجهة مؤخرًا، ويتهمه معارضوه بسوء إدارة الحرب على غزة، خاصة فيما يتعلق بعدم التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن.
ورفضت المحكمة طلبات رئيس وزراء الاحتلال لتأجيل أو تقصير مدة شهادته، مؤكدة على مبدأ المساواة أمام القانون وضرورة تحقيق العدالة بشكل سريع.
وفي مؤتمر صحفي عشية الإدلاء بشهادته، وصف رئيس وزراء الاحتلال القضية بأنها “حملة ملاحقة” واتهم القضاء والإعلام بالتآمر عليه، وقال: “بدأت التحقيقات بخطيئة، لم يكن هناك جريمة، فبحثوا عن جريمة، لم يجدوا جريمة، فاختلقوا جريمة”.
يعتقد أنصاره أن القضاء جزء من مؤامرة للإطاحة به بطرق غير ديمقراطية، بينما يرى معارضوه أنه سياسي فاسد يعتقد أنه فوق القانون.
ووفقًا لاستطلاع أجرته معهد الديمقراطية الإسرائيلي في ديسمبر، يرى 48% من الإسرائيليين أن رئيس وزراء الاحتلال غير قادر على إدارة البلاد في ظل الحرب بينما يواجه محاكمته، واحتج كل من أنصاره ومعارضيه، بمن فيهم عائلات الرهائن، خارج قاعة المحكمة في تل أبيب أثناء جلسة الاستماع.