#سواليف

#سوريا تستعيد أنفاسها… و #الأردن يتباطأ في مواكبة #الواقع_الجديد

بقلم: أ.د. #محمد_تركي_بني_سلامة

بعد سنوات طويلة من الألم والمعاناة تحت حكم الطاغية، تدخل سوريا اليوم مرحلة جديدة في تاريخها. المعارضة تتولى السلطة، الأمن والهدوء يعودان تدريجياً إلى شوارع المدن، واللاجئون يبدؤون رحلة العودة إلى وطنهم لإعادة بناء ما دمرته الحرب.

هذا التحول يمثل بارقة أمل كبيرة لشعب مزقته الصراعات، لكنه يطرح تساؤلات مُلحة حول المواقف الإقليمية، لا سيما موقف الأردن، الجار الأقرب جغرافياً وتاريخياً.

مقالات ذات صلة صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع في يومها الـ431 2024/12/10

المفارقة الصارخة هي أن الحكومة الأردنية لا تزال تناقش شؤون سوريا مع أطراف بعيدة جغرافياً وثقافياً، متجاهلة القيادة السورية الجديدة التي أصبحت واقعاً سياسياً لا يمكن تجاوزه. وكأن دمشق ليست إلا جزيرة نائية في المحيط الهادئ أو قرية مهجورة في أدغال أفريقيا! كيف يمكن تبرير هذا التجاهل؟ وهل يعقل أن يُترك الجار الأقرب بعيداً عن طاولة الحوار؟

بينما ينشغل السوريون بإعادة بناء وطنهم واستعادة حياتهم، يبدو أن الأردن ما زال يتلكأ في اتخاذ خطوة جريئة نحو القيادة السورية الجديدة. الاجتماعات تُعقد والنقاشات تدور مع أطراف بالكاد تعرف تفاصيل الملف السوري، في حين يُستبعد السوريون أنفسهم من النقاشات. المسافة بين عمان ودمشق لا تتجاوز بضع ساعات بالسيارة، لكنها تبدو في هذه الحالة وكأنها أطول من المسافة إلى عواصم أخرى لا تشاركنا لا الحدود ولا التاريخ.

هل هناك توجس من التعامل مع الواقع الجديد في سوريا؟ ربما. وربما يكون هذا التوجس مبرراً في بعض الأحيان، لكنه لا يمكن أن يظل حجة لتأخير الحوار المباشر مع القيادة السورية الجديدة. إن التردد في فتح قنوات اتصال واضحة مع سوريا لا يخدم سوى تعميق الفجوة وعرقلة جهود تحقيق الاستقرار الإقليمي، وهو ما يضر بمصالح الأردن نفسه.

الشعب السوري اليوم يستحق دعماً حقيقياً من جيرانه قبل أي طرف آخر. استبعاد القيادة السورية الجديدة من النقاشات حول مستقبل البلاد ليس فقط خطوة غير منطقية، بل إشارة إلى افتقارنا إلى الشجاعة اللازمة لمواكبة الحقائق الجديدة. الجغرافيا لا تكذب، والتاريخ لا ينسى، وعلاقات الأردن وسوريا ليست مجرد حدود جغرافية، بل روابط عميقة نسجتها عقود من التعايش المشترك.

إن الحديث عن العلاقات الأخوية يجب أن يتجاوز الكلمات الرنانة إلى أفعال ملموسة تعكس هذا الرابط الحقيقي بين الشعبين. الحوار مع القيادة السورية الجديدة ليس خياراً، بل ضرورة تمليها المصالح الوطنية الأردنية قبل أي شيء آخر. إن تعزيز العلاقات مع سوريا ليس مجرد واجب أخلاقي أو تاريخي، بل خطوة استراتيجية لتحقيق الاستقرار الإقليمي، وضمان مستقبل أفضل لكلا البلدين.

بدلاً من البكاء على أطلال الماضي أو التردد في مواجهة الحاضر، على الأردن أن يبادر بفتح صفحة جديدة مع سوريا. القيادة السورية الجديدة هي جزء من الواقع الإقليمي الآن، والتعامل معها بروح الشراكة والاحترام المتبادل هو السبيل الوحيد لتعزيز الأمن والاستقرار.

الشعب السوري استعاد وطنه، والأمن يعم أرجاء البلاد، وسوريا تستعيد أنفاسها من جديد. فهل ستظل الحكومة الأردنية تراقب من بعيد؟ أم ستتحرك أخيراً لتحقيق مصلحة وطنية مشتركة؟ المبادرة الآن ليست رفاهية، بل ضرورة لا تحتمل المزيد من التأخير. علينا أن ندرك أن التباطؤ في هذه المرحلة قد يُفقد الأردن فرصة ذهبية لتعزيز دوره الإقليمي وعلاقاته مع الجار الأقرب.

سوريا ليست جزيرة نائية، بل هي جارتنا الأقرب، وشعبها شقيقنا الذي طالما تقاسمنا معه التاريخ والمصير. فلنتجاوز هذا التردد، ولنفتح حواراً بناءً يليق بعلاقاتنا التاريخية، ويخدم مصالحنا المشتركة، ويؤسس لمستقبل أفضل للمنطقة بأسرها.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف الأردن الواقع الجديد محمد تركي بني سلامة

إقرأ أيضاً:

الإدارة السورية الجديدة تعين اللواء علي النعسان رئيسا للأركان

أكدت مصادر للجزيرة تعيين اللواء علي نور الدين النعسان رئيسا لهيئة الأركان السورية الجديدة.

وتولّى النّعسان العديد من المناصب العسكرية كما شارك وقاد العديد من المعارك ضد قوات النظام المخلوع في مدن شمال سوريا. وتم منحه رتبة لواء في نشرة الترفيعات الأولى التي صدرت عن القيادة السورية الجديدة الشهر الماضي.

ووفق ما أوردت منصات محلية سورية فإن النعسان كان قائدا عسكريا في "هيئة تحرير الشام"، وهو من مواليد بلدة طيبة الإمام في محافظة حماة وسط البلاد.

اللواء علي نور الدين النعسان رئيس الأركان في الجيش السوري الجديد pic.twitter.com/JzAK7hgcet

— عمر مدنيه (@Omar_Madaniah) January 8, 2025

ويأتي تعيين رئيس الأركان الجديد بعد أسابيع من تعيين اللواء مرهف أبو قصرة وزيرا للدفاع في الحكومة المؤقتة لتصريف الأعمال.

وتعمل الإدارة السورية الجديدة بعد توليها مقاليد الأمور في سوريا عقب الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي على بناء أسس لجيش وطني جديد.

مقالات مشابهة

  • بايدن بعد العقوبات الجديدة على روسيا: بوتين في وضع صعب
  • لماذا يتباطأ الغرب في رفع العقوبات عن سوريا؟
  • العربي للدراسات: التحركات الإسرائيلية داخل سوريا أقصتها من الصراع الإقليمي لسنوات
  • القيادة السورية الجديدة تعلن زيارة وفد دبلوماسي مغربي
  • قسد تعلن الاتفاق مع الإدارة السورية الجديدة على رفض أي تقسيم
  • تعيين اللواء علي النعسان رئيسا لهيئة الأركان السورية
  • الإدارة السورية الجديدة تعين اللواء علي النعسان رئيسا للأركان
  • سوريا والأردن يوافقان على النقل البري للركاب بين البلدين بشكل محدود
  • خطة إنقاذ الآثار في ظل الإدارة السورية الجديدة
  • الإجراءات الجديدة للسفارة السورية بمصر