أمريكا تخصص 26 مليون دولار للاجئين السودانيين في مصر
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
أعلنت السفيرة الأميركية في القاهرة هيرو مصطفي غارغ، عن تقديم بلادها 100 مليون دولار، لدعم اللاجئين بشكل عام، مع تخصيص 26 مليون دولار، بشكل خاص للاجئي السودان في مصر.
القاهرة _ التغيير
وأكدت أن القاهرة تحمّلت تلك المسؤولية بمفردها لمساعدة اللاجئين، وحمايتهم في ظل أوضاع صعبة، وفقاً لوسائل إعلام مصرية.
ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وقرابة 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.
وكان قد أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن عدد السودانيين الذين دخلوا مصر منذ اندلاع الحرب في السودان في 15 أبريل 2023 بلغ مليونًا و200 ألف شخص، وفقًا للتقارير الحكومية المصرية.
وأشارت إلى أن نحو 565 ألفًا من هؤلاء اللاجئين وطالبي اللجوء سجلوا رسميًا لدى المفوضية حتى الآن، فيما حصل الباقون على مواعيد لاستكمال إجراءات التسجيل.
وأوضح التقرير الصادر عن المفوضية أن النساء والأطفال يشكلون النسبة الأكبر من اللاجئين السودانيين المسجلين، معظمهم من أبناء العاصمة السودانية الخرطوم، التي تأثرت بشدة بالنزاع المستمر.
تتركز إقامة اللاجئين وطالبي اللجوء السودانيين في مصر بشكل رئيسي في محافظات القاهرة الكبرى (القاهرة، الجيزة، القليوبية)، تليها محافظة الإسكندرية.
كما أشار التقرير إلى أن تسجيل السودانيين لدى المفوضية شهد زيادة غير مسبوقة بنسبة تفوق 600% خلال العام الجاري.
الوسومالسفارة الأمريكية السودانيين اللاجئين مصرالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: السفارة الأمريكية السودانيين اللاجئين مصر
إقرأ أيضاً:
السودان بين أنياب القاهرة وطهران (2)
السودان بين أنياب القاهرة وطهران (2)
تأسيس… الجوهرة في قلب الشمس والتلال وحدائق المرجان
عن المشروع الذي يخشاه السلطويون، ويجهله الحلفاء… ومآلات الصمت عن جوهر التغيير
د. أحمد التيجاني سيد أحمد
لقد أثارني، بعمق وامتنان، ما كتبه الدكتور إبراهيم برسي في نقده الصادق والبصير لمداخلتي الأخيرة. لقد لمس في عباراته منابع الصراع الحقيقية التي يتعرض لها السودان اليوم، ليس بسبب ضعفه، بل بسبب ما يختزنه من عناصر قوة نادرة، تكاد تفوق ما تزخر به أراضي الكونغو.
نعم، هناك طمع ممنهج في خيرات هذا البلد، غُلّف بخلافات حدودية مصطنعة، زُرعت عمدًا شرقًا وشمالًا. في الأعماق، يربض حوض المياه الجوفية النوبي، الذي تستنزفه ليبيا بلا حساب، وتمده مصر بسخاء، كأنها مالكة له، إلى إسرائيل، وربما لاحقًا إلى جزيرة العرب، دون أن تمسّ أعماقه عصيّ موسى!
أما المعادن، فحدث ولا حرج. حين كنت شابًا غِرًّا في أوائل سبعينيات القرن الماضي، رأيت بأم عيني كيف كان الصينيون يتوغلون في جبال الإنقسا، يدرسون طبقاتها وسرّها. أرضنا تخبئ في باطنها ذهبًا، ونحاسًا، ورخامًا، وبترولًا، وسليكونًا، وبلاتينًا، ومعادن أخرى ترتفع قيمتها كلما تقدّم العلم. أما فوق الأرض، فهناك شمس وريح ومساحات لا تحدّها إلا تخوم الأفق.
وهنا، تحديدًا، يصدق قول الدكتور برسي: "لا يهدد الحدود فحسب، بل يفكك منطق السيطرة." ذلك أن الخطر الأكبر على الأنظمة السلطوية ليس فوضى السودان، بل نهوضه.
غير أن المسألة لا تقف عند الجغرافيا والموارد، بل تغور في عمق التنوع الثقافي والإثني الفريد الذي يشكل نسيج السودان. ذلك التنوع – الممتد من دارفور وكردفان إلى أرض الفونج، ومن النوبة في الشمال إلى البجا في الشرق – ليس صدفة، بل هو جوهر القوة وسرّ البقاء. وأي مشروع نهضة يتجاهله، أو يحاول الالتفاف عليه باسم "النقاء العرقي" أو "الهوية الواحدة"، هو مشروع محكوم عليه بالفشل.
لن تنهض بلادنا و هي تتماوج على لحنٍ واحد، أو فوق منصة واحدة. النهضة التي تُبنى على احتقار التعدد، وتقديس اللون الواحد، واللسان الواحد، لا تختلف كثيرًا عن استبداد اللحى وهيمنة سدنة دولة ١٩٥٦. أولئك الذين التفوا حول عباءة رفاعة الطهطاوي، وأدب المحجوب، وتقعّر عبدالله الطيب، زاعمين أن لسان الضاد يمنحهم صكّ امتياز عرقي على ابن سينا والخوارزمي!
تأسيس المشروع الحضاري الذي لم تقدر قيمته بعد
وفي هذا السياق، أجد من الواجب أن أستدعي "تأسيس" — هذا المشروع الحضاري الذي لم تُقدّر قيمته بعد كما ينبغي.
-*تأسيس ليست مجرد تحالف، بل وعيٌ جمعي، ونواة لفكرة الدولة الجديدة في السودان.
-*تاسيس هي الجوهرة التي عجز ملتقطوها عن حملها تحت الشمس، وفوق التلال، وفي حدائق المرجان تحت البحار.
-*تاسيس هو مشروعٌ أقمناه على أسس متينة: ميثاق، ودستور، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا من بواطنه ولا من ظواهره.
غير أنني أصبت، في الأسبوع الماضي، بالقنوط والهلع، وأنا أشرح لزملائي من قادة البحث الزراعي في العالم CGIAR ماهية هذا المشروع الحضاري. هالني قصورنا في إيصال الرسالة. وفجّر في داخلي مرارة الاعتراف بأن "تأسيس" كثيرًا ما تتدثر — بلا قصد — برداءٍ شبيهٍ بقيادة الحزب الشيوعي السوفييتي في أيامه الأخيرة؛ قيادة أذابت النظام كما يذوب مكعب السكر في الماء، لا لأن الفكرة فاسدة، بل لأن الوعي اختُطف.
وها أنا، أحفظ في عضلات أمعائي المُلتهبة، غضبي على من أكّد لي — بثقة وطيبة قاتلة — أن الطريق لا بد أن يمر عبر محاصصات التحالف!
لكنني أعود، وأسترجع كلمات **قائدنا**، الذي أشار بذكائه المعهود إلى **غربال الذهب**: أن نعترف حين نخطئ، وأن نعتز حين نصيب، وأن لا نخجل من إعلان التصحيح.
**فجوهرتنا ليست للكنز في الخزائن، بل للعرض في الضوء.**
ولا نهوض بلا وضوح. ولا وضوح بلا شجاعة.
**أيها الأصدقاء و الصديقات**
**إن من يخشون السودان ليسوا فقط في القاهرة وطهران، بل بيننا أيضًا. يخافونه حين يفكّر، حين يرفض، حين يُبدع، حين يقول: كفى**. **ويخافون "تأسيس" لأن فيها روحًا لا تُختزل، ولا تُبتلع.
فلنحمل جوهرتنا في الضوء، لا في الظل.
ولنرفعها فوق الرؤوس، لا خلف الكواليس**.
نواصل
د. احمد التيجاني سيد احمد
١٢ أبريل ٢٠٢٥ روما /نيروبي
ahmedsidahmed.contacts@gmail.com