الغارديان: أي الهويتين سيستخدم زعيم سوريا الجديد الشرع أم الجولاني؟
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
أشار تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية إلى أن قائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا أحمد الشرع الذي وصفه بـ"زعيم سوريا الجديد" يحمل هويتين، متسائلا عن أي واحدة ستدفع البلد للأمام؟
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه "سواء استخدم أحمد الشرع أم اسمه الحركي أبو محمد الجولاني، فهذا علامة مهمة على المسار الذي ستتخذه سوريا في المستقبل.
وعلى خلفية الزخارف البراقة للمسجد، وصف أحمد الشرع سقوط حكم عائلة الأسد بأنه "انتصار للأمة الإسلامية" ودعا إلى التفكير والصلاة.
وقال في خطابه: "تركت هذه الأرض منذ أكثر من 20 عاما، وكان قلبي يتوق إلى هذه اللحظة". أضاف: "اجلسوا بهدوء يا إخواني واذكروا الله تعالى".
وقال معد التقرير جيسون بيرك، إن الحاكم الفعلي لسوريا اليوم، لم يستخدم وعلى مدى عقدين من الزمان اسمه الحقيقي، أحمد الشرع، الرجل الذي نشأ في عائلة دمشقية منفتحة وبحي مزدهر في العاصمة ودرس الطب. فقد اختفى ذلك الاسم وحل محله لقب أبو محمد الجولاني، متبعا طريقة الجهاديين الذين يحاولون تقديم هويات تذكر بالأمجاد الإسلامية وتكون درعا لإخفاء الهوية الحقيقية.
ولهذا فقد كان الجولاني هو الذي سافر إلى العراق وشارك ما بين 2003- 2006 في المعارك ضد الأمريكيين الذين احتلوا العراق وسجن لخمس سنوات في السجون الأمريكية هناك. وكان الجولاني نفسه هو الذي عاد إلى سوريا عام 2011 مع اندلاع الثورة السورية، وأخذ يلعب أدوارا مهما في تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة.
وكان الجولاني هو من قاد "هيئة تحرير الشام" وأدار منذ عام 2017 محافظة إدلب التي عاش فيها أكثر من مليوني نسمة معظمهم من الفارين من مناطق سوريا الأخرى.
وفي الشهر الماضي، كان الجولاني هو من أعلن عن تحالف من المقاتلين الذين تهيمن عليهم "هيئة تحرير الشام" وقاد المعركة التي استمرت 12 يوما وانتهت صباح الأحد في العاصمة دمشق.
وتساءل الكاتب عن هوية الشخص التي ستحكم سوريا، هل الجولاني، الذي صنفته الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى بالإرهابي ووضعت مكافأة من 10 ملايين دولارا لمن يأتي برأسه، أم الشرع، الذي بذل قصارى جهده على مدى السنوات الأخيرة للإشارة إلى أن منظمته لن تهاجم الغرب؟
ويرى الكاتب أن "الإجماع ليس واسعا بين المحللين، إلا أن قراره الدخول إلى دمشق باسمه الحقيق والتخلي عن اسمه الحركي هو واحد من المؤشرات عن التحول من التطرف الجهادي إلى مسار أكثر اعتدالا وحقيقي".
وأشار الكاتب إلى أن هيئة تحرير الشام عرضت على الجنود السابقين في النظام العفو العام في مدينة حلب، وهي أولى المدن التي سيطرت الهيئة عليها مع تحالف من المعارضين الشهر الماضي. ويقول إن المقاتلين ذهبوا من بيت إلى بيت لطمأنة السكان المسيحيين وأرسلوا رسالة إلى الأكراد بأن "التنوع هو عنصر قوة نفخر به".
ويقال إن الشرع قاد جهودا لكسب زعماء الإسماعيلية وبالتالي تأمين دخول المقاتلين إلى المدن الرئيسية بدون قتال. ونقل الكاتب عن شيراز مهر، الخبير في الجماعات الجهادية بكينغز كوليج، "ما نراه هو أنه شخص تغير حقا، فهو في رحلة وقام في إدلب بتطوير عقيدة براغماتية".
ويرى الكاتب أن التحول في أفكار الشرع ليس مفاجئا، فقد انقلب ضد كل من القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، وحارب مقاتلي الجماعتيته وقام بعملية تطهير وحشية ضد أي شخص يشتبه بولائه المزدوج. وعلى الرغم من أنه قال مؤخرا إنه لا يندم على الاحتفال بهجوم القاعدة عام 2001 على الولايات المتحدة، إلا أن قلة من الناس يشكون في أن الزعيم السوري الجديد قد رفض حقا رؤية المتشددين لحملة عالمية، لا تقتصر على الوقت ولا المكان، ضد القوى الغربية أو غيرها من أعضاء ما يسمى التحالف الصليبي الصهيوني.
ويشير بعض الخبراء، حسب التقرير، إلى أن استخدام الجولاني كاسم حركي لم يكن يشير فقط إلى أن زعيم هيئة تحرير الشام، أو على الأقل عائلته، من مرتفعات الجولان، بل كان يعني أيضا التزاما شخصيا قويا بإنهاء احتلال إسرائيل لها. ويقولون إن التخلي عن الاسم يبعث برسالة، فهو مهتم الآن بالأمور المحلية والوطنية، إلى جانب تحقيق رفاه سوريا التي عانت وضربت وتعيش صدمة سنوات الحرب الأهلية.
وكانت الطريقة المثلى لتحقيق من خلال التحول المدروس في شخصيته وتخليه عن عمامه وملابس الجهاديين واستبدالها بزي عسكري بسيط خال من الرتب والميداليات الذهبية التي تزين صدور القادة بالمنطقة.
ويقول مهر إن النظام الذي سينشأ في سوريا لن يكون على شكل طالبان ولكن أقل وبالتأكيد لن يكون علمانيا، مشيرا للتحديات التي ستواجه النظام الجديد، وهي ضخمة.
ويعتقد محللون آخرون أن بعض كبار قادة "هيئة تحرير الشام" وأكثر مقاتلي الجماعة فعالية، ومن بينهم متطرفون قدامى من آسيا الوسطى، ما زالوا ملتزمين "بإيديولوجية جهادية أساسية"، على حد قول الصحيفة.
وأشارت الصحيفة أيضا إلى أن بعض المعلقين "يعتقدون أن أي اعتدال جديد هو مجرد تغيير في المظهر يخفي طموحات متطرفة، سواء محلية أو عالمية، على المدى الطويل، ويحذرون من أنه لا ينبغي للغرب ولا القوى الإقليمية أن تتخلى عن حذرها".
وسواء كان الشرع أم الجولاني، فقد كانت رسالته بمقابلة "سي أن أن": "لا تحكموا على الأقوال بل على الأفعال".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية سوريا الجولاني دمشق سوريا دمشق الجولاني المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هیئة تحریر الشام أحمد الشرع إلى أن
إقرأ أيضاً:
ليس الخطأ في الجولاني بل في القوى التي دعمته
آخر تحديث: 8 يناير 2025 - 9:58 ص بقلم: فاروق يوسف هل كانت الولايات المتحدة جادة في حربها على الإرهاب؟ بدأ الأمر اضطرارا وبطريقة مربكة لكل الأجهزة الأمنية والاستخبارية الأميركية. فالتنظيمات والجماعات الإسلامية المتطرفة التي تم استحداثها أو بث الروح فيها من خلال التمويل والإعداد والتدريب والحماية والرعاية والإمداد من أجل محاربة السوفييت الذين احتلوا أفغانستان قلبت المعادلات الجاهزة وشقت سماء العالم بغزو نيويورك. كان ذلك الحدث الذي ينتمي إلى عالم الخيال وسينما الرعب عبارة عن جرح عميق انطوى على الكثير من الفشل والخيبة والمرارة والشعور بخسارة ثمار نهاية الحرب الباردة. لقد تمت إزاحة الاتحاد السوفييتي ومنظومة دول حلف وارسو غير أن ذلك الانتصار بدا عام 2001 كما لو أنه معبّأ بالألغام التي نسيت الولايات المتحدة أن تفككها وتتخلص من أخطارها. كان من الغباء السياسي أن تلجأ الولايات المتحدة إلى الثأر من خلال التعبئة لاستعادة دور المستعمر الجديد الذي لا هدف له سوى التدمير. فكان أن نتج عن خلط الأوراق احتلال أفغانستان ومن ثم العراق ليكون ذلك فاتحة لحرب مجانية على الإرهاب. حتى بعد هزيمتها في أفغانستان عام 2021 لم تراجع الولايات المتحدة سجل حساباتها وهي كقوة عظمى غير معنية بالنظر إلى الوراء. ذلك لأنها قادرة على أن تفعل ما تشاء ومتى تشاء من غير مساءلة. غير أن فلسفتها في التعامل مع الإرهاب كانت قد ضربت في العمق قبل أن تعود طالبان إلى الحكم من خلال تسليمها بوجود الميليشيات الإيرانية في العراق ولبنان وسوريا. كان هناك سلوك مجاني اتبعته الإدارة الأميركية في تصنيف المنظمات الإرهابية بحيث أن قواتها كانت تقاتل في الموصل جنبا إلى جنب مع ميليشيات إيرانية ضد تنظيم داعش. ذلك ما يعيدنا إلى نظرية الكيل بمكيالين. هناك إرهاب طيب يقابله إرهاب شرير. تلك هي النظرية الأميركية التي يستند إليها الميزان الذي يحدد درجة الإرهاب ومستوى ما ينطوي عليه من خطر. وما نسمع عنه بين حين وآخر من أن جماعة أو منظمة مسلحة قد تم إدراجها في قائمة الإرهاب أو على العكس تمت إزالة اسمها من تلك القائمة إنما هو تعبير عن مزاج أميركي في إدارة العالم لا تحكمه الأخلاق ولا القيم ولا المبادئ الثابتة. ومن هذا المنطلق يمكننا الحكم على الرؤية الأميركية في ما يتعلق بما شهدته سوريا من تحولات. كانت جبهة النصرة مدرجة في قائمة التنظيمات الإرهابية غير أن ذلك لم يمنع من دعمها وقد تحولت إلى هيئة تحرير الشام في دولتها في إدلب ولا في تدريب كوادرها لسنتين من أجل حكم سوريا. أما حين تمت بروزة زعيمها أبومحمد الجولاني باعتباره قائدا للمرحلة الانتقالية فلم يعد النظر إلى القائمة ضروريا. كان الجولاني مطلوبا لقاء مكافأة معلنة لمَن يدلي بمعلومات تساعد على القبض عليه. أما اليوم فإنه الزعيم الذي يقابله سياسيون رفيعو المستوى مجبرين من أجل إضفاء شرعية على النظام الذي يقوده. وهو ما يعني أن الإدارة الأميركية ليست مهتمة بوجود تناقض فاضح ما بين رؤيتها للإرهاب وبين ما تفعله على أرض الواقع والذي يعد دعما علنيا لشخص لا يزال اسمه مدرجا على قائمة الإرهاب. ألا يكفي ذلك السلوك لتعزيز الفكرة التي تقول إن الولايات المتحدة هي التي أشرفت بشكل مباشر على كل الصفقات المبيتة التي تمت من خلالها عملية إزاحة نظام بشار الأسد ووضع سوريا في قبضة تنظيم ظلامي متشدد، كل أعضائه إرهابيون؟ ولم يكلف الجولاني نفسه عناء إخفاء حقيقة تنظيمه وقد صار واجهة قانونية لسوريا. بالنسبة له المجاهدون أولا بغض النظر عن جنسياتهم وانتماءاتهم العرقية. ومثلما حكم التنظيم إدلب فإنه سيحكم سوريا بالطريقة نفسها وبالشريعة نفسها وبالأسلوب نفسه. أما الجمل التي يتداولها سوريون في مواقع الاتصال الاجتماعي والتي تدور حول سوريا التي عادت لشعبها وسوريا التعددية والديمقراطية والشعب الذي سيكون حرا في اختيار نوع وطبيعة النظام الذي سيحكمه فكلها جمل غير ملزمة للجولاني ولن تحرفه عن مشروعه.فالرجل الذي سُلمت له دمشق يعرف أنه مدعوم من قبل قوى عالمية وإقليمية تعرف من هو وكيف يفكر وما هي أهدافه وتعرف جيدا أن تمرده لا علاقة له بما يحلم به السوريون من إقامة دولة مدنية أساسها المواطنة التي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال العدالة الاجتماعية.