بمناسبة اقتراب يوم اللغة العربية الموافق 18 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أكد خبراء وباحثون على ضرورة تكثيف الجهود لاستثمار التكنولوجيا الحديثة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي لتعزيز حضور اللغة العربية على الساحة الرقمية العالمية، وتمكينها رقمياً لتضاهي اللغات العالمية الأخرى، موضحين أن نسبة المحتوى العربي على الإنترنت لا تتجاوز 3%.

وعن التأثير الإيجابي للذكاء الاصطناعي في تعليم اللغة العربية، قالوا لـ24: "يتجلى تأثير الذكاء الاصطناعي في توفير الأدوات المعرفية ومصادر التعليم الغنية، وإنشاء حالة تعليمية مميزة وتوسيع دائرة الاستهداف وتهيئة الظروف لتنفيذ استراتيجيات التعلم الذاتي.
وحول إمكانية مساهمة تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تعزيز وتطوير اللغة العربية، قال رئيس قسم تطوير المحتوى الثقافي بدائرة الثقافة والسياحة أبوظبي، الدكتور موسى الهواري: "تُعد اللغة العربية من أكثر اللغات انتشاراً في العالم، إذ يتجاوز عدد الناطقين بها 400 مليون شخص، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بلغات وثقافات أخرى، ولعبت العربية دوراً محورياً عبر التاريخ في نقل الثقافة والمعرفة، حيث أسهمت في تعزيز التواصل الحضاري والحوار الثقافي بين الحضارات عبر العصور المختلفة".
وأضاف: "رغم ثراء اللغة العربية بالمحتوى والمعرفة، إلا أن وجودها الرقمي يظل محدوداً، حيث لا يتجاوز المحتوى العربي على الإنترنت نسبة 3%، إذ يفرض هذا الواقع على الحكومات والمؤسسات الثقافية والأكاديمية، إلى جانب الخبراء العرب، تكثيف الجهود لاستثمار التكنولوجيا الحديثة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي لتعزيز حضور اللغة العربية على الساحة الرقمية العالمية، وتمكينها رقمياً لتضاهي اللغات العالمية الأخرى".
وأوضح: "تُمثّل اللغة العربية تحدياً فريداً لأنظمة الذكاء الاصطناعي نظراً لتعقيدها وغناها بالأساليب والتعابير اللغوية، ومع ذلك، أحرزت تطبيقات الذكاء الاصطناعي تقدماً ملحوظاً في التعامل مع هذه الخصوصية باستخدام خوارزميات التعلُّم العميق والشبكات العصبية التي تفهم السياق والنوايا بشكل يقارب الفهم البشري، يمكن لهذه التطبيقات تحسين أنظمة الترجمة الآلية، وتطوير تقنيات التعرّف على الصوت العربي وتحويله إلى نصوص دقيقة، بما يساهم في التغلب على تحديات التنوع في اللهجات وطريقة النطق، إضافة إلى ذلك، تلعب أنظمة التصحيح اللغوي والتدقيق الإملائي المدعومة بالذكاء الاصطناعي دوراً مهماً في اكتشاف الأخطاء اللغوية والنحوية وإصلاحها، مما يثري المحتوى العربي الرقمي ويعزز جودته".

وفي حديثه عن التحديات التي تواجه اللغة العربية في أنظمة الذكاء الاصطناعي، أكد الدكتور الهواري: "على الرغم من المكانة المتميّزة للغة العربية، والتي تحتل المرتبة السابعة عالمياً من حيث الاستخدام، إلا أنها تواجه تحديات عديدة في مجال الذكاء الاصطناعي، من أبرزها: ضآلة المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت، ونقص الموارد الرقمية المفتوحة عالية الجودة والمتاحة للباحثين والمطورين، والتنوع المحدود في الموضوعات والمجالات المتوفرة باللغة العربية، وضعف الترجمة الدقيقة من وإلى العربية، مما يعيق التفاعل مع المحتوى العالمي، وغياب الإمكانات الكافية لدى المؤسسات البحثية والأكاديمية لدعم تطوير اللغة العربية تقنياً، وقصور محركات البحث الموجهة للغة العربية في تقديم نتائج دقيقة وفعالة، وانتهاك حقوق الملكية الفكرية، نتيجة إعادة نشر المحتوى دون إذن أو نسبه لمصادر أخرى،" موضحاً أن مواجهة هذه التحديات تتطلب وضع استراتيجيات شاملة تتبنى التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي لتعزيز اللغة العربية وحمايتها في العصر الرقمي".
بدورها أكدت الباحثة الأكاديمية الدكتورة موزة بن خادم المنصوري: "اللغة العربية من أهم اللغات في العالم، وهي عنوان هويتنا العربية، ورمز كياننا القومي، وهي جامعة شملنا وموحدة كلمتنا وحافظة تراثنا، قال تعالى :" إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" سورة يوسف/ 2 وهي أفصح لغات التخاطب بين الناس وأبينها وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم في النفوس لذا فمن المهم إتقان اللغة العربية الفصحى، إيمانا منا بأهميتها ومكانتها في ترسيخ الهوية القومية والإبداع والانتماء، كما أن اللغة العربية تمتاز بخصائص فريدة تساعد على برمجتها آليا وبشكل يندر وجوده في لغات أخرى، مثل الانتظام الصوتي، والعلاقة بين طريقة كتابتها ونطقها، مما يظهر قابلية اللغة العربية للمعالجة الآلية".

وأضافت: "احتل الذكاء الاصطناعي أهمية كبيرة بما يخدم شتى ميادين الحياة الإنسانية المعاصرة، وإن التأثير الإيجابي للذكاء الاصطناعي في تعليم اللغة العربية يتجلى في توفير الأدوات المعرفية ومصادر التعليم الغنية، وإنشاء حالة تعليمية مميزة وتوسيع دائرة الاستهداف وتهيئة الظروف لتنفيذ استراتيجيات التعلم الذاتي".
وقالت: "إن دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم يعطي القدرة على مواجهة تحديات التعليم اليوم وابتكار ممارسات التعليم والتعلم ومن ثم تسريع التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة، ولا شك أن تعليم اللغة العربية قد استفاد من الذكاء الاصطناعي من خلال ظهور برامج ومنصات تعليمية للغة العربية استفاد منها كثير من المتعلمين في العالم بما يتناسب مع وقتهم، كما استفاد المعلمون في إبداع برامج تعليمية وتوفير مصادره القيمة واستغلال أوقاتهم مما يسهل العملية التعليمية، على سبيل المثال برنامج أديب وهو قاموس محوسب وترجمان يهتم بالترجمة الآلية والقارئ للتعرف على النصوص العربية المطبوعة وتطبيق الرديف للتحليل الصرفي وتحويل النص المكتوب إلى صوت مسموع، يؤدي الاعتماد على الذكاء الاصطناعي  إلى تيسير تعليم اللغة العربية على نطاق أوسع".
وتساءل الباحث والأكاديمي الدكتور أحمد عبد المنعم عقيلي: "هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الإنسان في تعليم اللغة العربية وتعلّمها؟ وهل لدخول الذكاء الاصطناعي ميدان اللغات وتعليمها دور إيجابي أم سلبي؟ موضحاً أن التكنولوجيا والتعامل معها، تحتاج إلى خبرة ودراية وتمكن من وسائلها، وخصوصاً حين يتعلق الأمر باللغات وتعليمها، وخصوصاً اللغة العربية التي تتسم بالغنى المعرفي والعمق الدلالي".
وأشار إلى الدور المهم الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في أتمتة قواعد اللغة النحوية والصرفية، وتقديم البرامج الداعمة والمناسبة لتعليمها، مثل: برامج الإعراب والنحو الآلي، وبرامج الصرف والعروض الآلية، وبرامج التشكيل والضبط الآلي وغيرها، وقد أكدت هذه البرامج مجتمعة على أهمية وفاعلية وقدرة هذه البرامج، على تسهيل قواعد العربية وإضفاء طابع السرعة والغنى المعرفي عليه، ولكن هذه الفوائد لا تعني أن توظيف الذكاء الاصطناعي في تعليم اللغة العربية، لا يعاني من نقاط سلبية تحتاج منا الحذر في التعامل معها، لعل من أهمها القدرة على ترشيد الذكاء الاصطناعي وتوجيهه، ليكون توظيفه في تعليم اللغة العربية متوازناً ودقيقاً، بعيداً عن المبالغة والتكلف، بحيث لا يطغى دوره على دور معلم اللغة العربية، لأن المعلم، هو المحور وأساس العملية التعليمية".

وبيَن أن الذكاء الاصطناعي ليس سوى وسيلة مساعدة في تعليم اللغة العربية، من خلال البرامج التطبيقية المرتبطة بمخرجات تعليم اللغة العربية، والتعامل معها، نذكر منها: المدقق اللغوي الإلكتروني، الذي يتناول النص اللغوي، ويشير إلى الأخطاء الواردة فيها، لينبه الكاتب إلى مواضعها ليقوم بتصحيحها، إضافة إلى المعاجم الرقمية، وبرامج الترجمة الفورية، التي تقوم بتناول النصوص اللغوية، ومن ثم إخراجها صوتياً، مما يسهل التعامل معها، والوصول إليها، بسهولة وسرعة، وكذلك برامج تحليل النصوص اللغوية والأدبية، مما يمكنها من إحصاء تردد الكلمات، وعدد مرات تكرارها، علاوة على برامج كشف الانتحال والسرقات، وبرامج استخراج النصوص من الصور أو إضافتها إليها، وبرامج الإعراب والصرف، وغيرها كثير من البرامج.
وختم الدكتور عقيلي: "لا شك أن هذه البرامج المرتبطة بالذكاء الاصطناعي برامج مهمة، ذات أثر محوري في تعلم اللغة العربية وتعليمها، لكنها على أهميتها، لم تثبت وبدقة أنها قادرة على تجاوز الإمكانات الإنسانية، لتحل محلها، فهي مهمة وذات دور كبير ولكنها بحاجة لمعلم خبير قادر على توظيفها في تعليم اللغة العربية بشكل دقيق وصحيح، ومن دونه لا يمكنها أن تقدم الفائدة المنشودة".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية اللغة العربية الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی لتعزیز فی تعلیم اللغة العربیة الذکاء الاصطناعی فی العربیة على

إقرأ أيضاً:

اللغة العربية ذاكرة الحضارات في أبوظبي الدولي للكتاب

عزز معرض أبوظبي الدولي للكتاب، مكانة اللغة العربية كمنصة رائدة لإنتاج المعرفة وتعزيز التبادل الثقافي، من خلال تسليط الضوء على مبادرات نوعية تبرز دورها في حفظ ذاكرة الحضارات وتقدير الإبداع الثقافي والفكري.

ويعد مشروع "كلمة" التابع لمركز أبوظبي للغة العربية، أحد أبرز المبادرات التي أسهمت في تعزيز حركة الترجمة في العالم العربي، ودعمت حضور اللغة العربية وتأثيرها في المشهد الثقافي العالمي.

ومنذ انطلاقه، نجح مشروع "كلمة" في ترجمة أكثر من 1300 عنوان من 24 لغة، في أكثر من 10 تصنيفات معرفية، بالتعاون مع أكثر من 800 مترجم ونخبة من دور النشر العالمية.

وأكد سعيد حمدان الطنيجي، المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية، مدير معرض أبوظبي الدولي للكتاب، في تصريح لوكالة أنباء الإمارات "وام"، أن مشروع "كلمة" يجسد دور الترجمة كركيزة أساسية للتبادل الثقافي والفكري بين الحضارات، مشيرًا إلى إستراتيجية المركز في دعم الترجمة، وتوثيق التجارب الثقافية، وتعزيز حضور المؤلفين العرب والعالميين.

 

ولفت إلى حرص المركز على دعم حركة النشر العالمية والاحتفاء بالمبدعين من مختلف أنحاء العالم، مؤكدًا أن معرض أبوظبي الدولي للكتاب نجح على مدار مسيرته في ترسيخ مكانته كمنصة معرفية وثقافية عالمية رائدة.

 

وتم إطلاق مشروع "كلمة" في عام 2007 بهدف إحياء حركة الترجمة في العالم العربي، ودعم الحراك الثقافي الفاعل الذي تشهده أبوظبي، بما يساهم في تعزيز موقعها على خارطة المشهد الثقافي الإقليمي والدولي، من أجل تأسيس نهضة علمية وثقافية عربية تشمل مختلف فروع المعرفة البشرية.

وتتم عمليات الاختيار والترجمة في مشروع "كلمة" على أيدي خبراء محترفين، حرصًا على جودة اللغة العربية المستخدمة في نقل نتاج ثقافات العالم، والاستفادة من جمالياتها ومعارفها.

أخبار ذات صلة «أبوظبي للإعلام».. مشاركة فاعلة ومتميزة في «أبوظبي للكتاب» جناح «تريندز» في «أبوظبي للكتاب» يناقش الثقافة والذكاء الاصطناعي ويطلق كتابين

كما حرص المشروع على ترجمة نخبة من الأعمال الأدبية للكتاب العالميين، وصدرت عنه عدة كتب تسلط الضوء على سيرة عدد من الفائزين بجائزة نوبل ومنجزاتهم، بالإضافة إلى أعمال أخرى حرص المركز من خلالها على إثراء المكتبة العربية وإطلاع القارئ على هذه الكنوز المعرفية.

ويطرح مركز أبوظبي للغة العربية خلال معرض أبوظبي الدولي للكتاب، مجموعة متميزة من أهم وأحدث إصداراته، التي تشمل نتاج عدد من مشاريعه الرائدة، وفي مقدمتها مشروعات "كلمة"، و"إصدارات"، و"برنامج المنح البحثية".

ومن بين كتب مشروع "كلمة" التي تعرض في معرض أبوظبي الدولي للكتاب: "فكرة محددة عن فرنسا: سيرة شارل ديغول"، و"الفتى القادم من بغداد"، و"صورة جِني"، و"رحلات الاكتشاف"، و"اللغة العالمية: الترجمة والهيمنة"، و"الشركة الناشئة الخضراء".

كما كرم مركز أبوظبي للغة العربية خلال المعرض، ستة دور نشر عربية عريقة، قضت ما مجموعه 520 عاماً في خدمة صناعة النشر، ضمن المرحلة الأولى من مبادرة "تكريم رواد صناعة النشر في العالم العربي".

ويُنظم المركز أكثر من 2000 فعالية ثقافية ضمن أجندة مشاركته في معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الـ 34 ، من بينها 1700 نشاط إبداعي في إطار المرحلة الأولى للحملة المجتمعية لدعم القراءة المستدامة التي تم إطلاقها مؤخرًا.

وتغطي الفعاليات 14 مجالًا، وتشمل أندية قرائية، وجلسات حوارية، وورش كتابة إبداعية، ومحاضرات فكرية، وندوات فنية، وبرامج تعليمية ترفيهية، ودورات متخصصة، وقراءات شعرية، وقراءات قصصية، وبرامج إذاعية، ومسابقات ثقافية، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وإطلاق كتب جديدة.

ونجح معرض أبوظبي الدولي للكتاب في ترسيخ مكانته نموذجا مميزا لمعارض الكتاب العربية، وأصبح يقود مسيرة تحول شملت ليس فقط العناوين المعروضة من الكتب، وإنما أيضًا المحتوى الفكري والثقافي والترفيهي، ليعيد صياغة مفهوم معارض الكتاب العربية نحو مزيد من القرب من المجتمع، لتصبح أحد أبرز أدوات التنمية.

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • رؤى أكاديمية تناقش تأثير الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الثقافي والفني
  • رؤى أكاديمية وفنية تناقش تأثير الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الثقافي والفني
  • اللغة العربية ذاكرة الحضارات في أبوظبي الدولي للكتاب
  • تطبيقات الذكاء الاصطناعي تتصدر ورش عمل مؤتمر الاتصال الرقمي
  • جوجل تتيح إنشاء البودكاست باللغة العربية اعتمادا على الذكاء الاصطناعي
  • خبراء يحذِّرون: الذكاء الاصطناعي يجعل البشر أغبياء
  • اللغة الصينية في الإمارات.. تعليم ذكي وشراكات ثقافية تعبر نحو المستقبل
  • برنامج المدن الطبية بوزارة الداخلية وكلية التمريض بجامعة الملك سعود يوقّعان مذكرة لتعزيز التعاون في المجالات الأكاديمية والتدريبية والبحثية
  • ختام فعاليات دورة أساسيات تعليم اللغة العربيه للناطقين بغيرها بكلية دار العلوم بالفيوم
  • رابط تحميل النماذج الاسترشادية للثانوية العامة 2025 لمادة اللغة العربية