غزة للصحة النفسية: حياة الناس في القطاع تدهورت بشكل كبير آخر 5 أشهر
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
أصدر برنامج غزة للصحة النفسية، اليوم الثلاثاء، تقريراً جديداً يكشف من خلاله سياقاً مليئاً بالتحديات فيما يتعلق بعمل مهنيي ومهنيات الصحة النفسية العاملين في البرنامج مع افراد مجتمعهم الغزّي.
وفيما يلي نص البيان كما وصل وكالة سوا:
#بيان_صحفي
#تقرير_جديد
يصدر برنامج غزة للصحة النفسية تقريراً جديداً (أضغط هنـــــا) يكشف من خلاله سياقاً مليئاً بالتحديات فيما يتعلق بعمل مهنيي ومهنيات الصحة النفسية العاملين في البرنامج مع افراد مجتمعهم الغزّي، الذي لا يزال يتعرض للقصف المستمر والتهجير القسري المتكرر ويعاني حالات الفقدان والحزن والجوع والدمار لمدراسهم ومستشفياتهم وجامعاتهم ودور عبادتهم.
لقد تدهورت حياة الناس في قطاع غزة بشكل كبير بعد مرور خمسة أشهر على صدور التقرير الأول لبرنامج غزة للصحة النفسية في شهر يوليو من هذا العام، وهو ما يعكسه تقريرنا الجديد والذي يتم عرضه على شكل تحليل نوعي معمق استند على النتائج الرئيسية لمسح عبر الانترنت حمل ثلاثة أسئلة مفتوحة حول احتياجات الأطفال والنساء والرجال وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة؛ ومشاكلهم النفسية والاجتماعية؛ وأساليب التكيف الإيجابية والسلبية على حد سواء، حيث طُبّق المسح مع 18 من مهنيي ومهنيات الصحة النفسية العاملين في البرنامج والذين قدموا ولا يزالوا يقدمون خدمات الإسعاف النفسي الأولي على الرغم من مخاطر التنقل، وأوضاعهم الخاصة التي لا تقل صعوبة عن أوضاع العائلات النازحة المتضررة، حيث وصلت هذه الخدمات الطارئة الى 26,134 فردًا من أفراد العائلات في الفترة ما بين 1 يناير 2024 و25 أكتوبر 2024.
فيما يتعلق باحتياجات الناس الذين فقدوا كل شيء حرفياً، تصدر الغذاء والماء والملابس الشتوية والمأوى وخدمات الدعم النفسي قائمة احتياجاتهم ومتطلباتهم. كما لوحظ تأثر الناس من جميع الفئات بالأمراض المعدية وسوء التغذية، واحتياج كبار السن وذوي الإعاقة إلى الكراسي المتحركة وأجهزة المساعدة الأخرى والمساعدات المالية. أما عن أهم الاعراض والمشاكل النفسية التي تم ملاحظتها، فقد تضمنت الكوابيس ومشاكل النوم والخوف الشديد والحزن المستمر والسلوك العدواني وإنكار الحدث الصادم والخدر الانفعالي، والشعور بالعجز، واليأس، والاحباط. كما لوحظ وجود أفكار انتحارية لدى البعض وتدني احترام الذات.
من جهةٍ أخرى، يعرض التقرير بعض القصص والتجارب الإنسانية التي أظهرت أهمية الخدمات النفسية التي يقدمها البرنامج في ظل الواقع الحالي والصدمات المستمرة. إضافة الى بعض الرسومات التي تم رسمها من قبل الأطفال الذين تعرضوا لتجارب صادمة، والتي أظهرت مدى القسوة واللاإنسانية التي يعيشونها وعائلاتهم منذ أشهر طويلة من العدوان.
كل هؤلاء الأطفال وعائلاتهم، مثلهم مثل جميع العاملين في القطاع الصحي والإنساني الذين يقضون أيامهم وأسابيعهم وشهورهم في تقديم خدماتهم للناس، يفكرون في شيء واحد: متى سيكون هناك وقف لإطلاق النار؟ كل يوم نسمع الأسئلة ذاتها. تقول الأم تلو الأخرى” ماذا فعل طفلي ليستحق هذه الحياة التي لا تطاق“. ” لماذا لا تنتهي؟”، ولماذا اختار العالم أن ينسانا“.
برنامج غزة للصحة النفسية
التاسع من كانون الاول 2024
المصدر: وكالة سوا الإخبارية
كلمات دلالية: غزة للصحة النفسیة العاملین فی
إقرأ أيضاً:
الشبكة الفرنسية للصحة النفسية: مفاهيم علم النفس لا يمكنها تفسير الواقع بغزة
الثورة /وكالات
قال إيمانويل كوسادينوس، عضو الشبكة الناطقة بالفرنسية للصحة النفسية في فلسطين، إن تجربة الصدمة التي يعيشها الفلسطينيون تتشكل من خلال العنف المستمر الذي يتعرضون له، مشيرا إلى أن مفاهيم مثل اضطراب ما بعد الصدمة لا تستطيع تفسير هذا الواقع، “لأنه لا يوجد ما بعد الصدمة حيث لا توجد لحظة راحة أو عودة إلى البيئة، بل هي صدمة متواصلة”.
وأوضح الكاتب في مدونته على موقع ميديا بارت، أن الإذلال المستمر يكمن في قلب هذه التجربة، وهو شكل من أشكال الصدمة نادرا ما يتم التعرف عليه في الخطاب السريري السائد لأن هذا الإذلال إلى جانب أعمال العنف الأخرى، يضرب الهوية الجماعية للفلسطينيين، ولا يؤثر بشكل عميق على الأفراد فحسب، بل أيضا على نسيج مجتمعهم ذاته.
ويشير الكاتب، في المقالة التي ترجمتها الجزيرة نت، انطلاقا من مداخلة الطبيبة النفسية الفلسطينية سماح جبر في مؤتمر عقد في إسطنبول، إلى أن الطب النفسي المهيمن غالبا ما يكون متواطئا في التجريد من الإنسانية، مؤكدا أن الطب النفسي الاستعماري تاريخيا، كان بمثابة أداة للسيطرة كما هو الحال في الجزائر، حيث تم استخدام نظريات علمية زائفة لتجريد السكان الأصليين من إنسانيتهم.
ويقول: “اليوم يتم استخدام تكتيكات مماثلة في فلسطين، حيث يُوصف المقاومون في كثير من الأحيان بأنهم غير مستقرين عقليا، وبالتالي يجب على العاملين في مجال الصحة العقلية رفض هذه الممارسات والتركيز على الاعتراف والتمكين، والامتناع عن تحويل الصدمة إلى مرض أو فرض السيطرة على الضحايا”.
مكافحة السرديات السائدة
ونبه الكاتب إلى أن القدرة على الصمود في السياق الفلسطيني تتجاوز مجرد البقاء، إذ يجسد مفهوم الصمود الاستجابة النشطة والمتطلعة للمستقبل، ويتضمن ذلك أعمالا فردية وجماعية متنوعة، بدءا من المبادرات الإبداعية وحتى تنظيم المجتمع، علما أن توثيق قصص المعاناة والمقاومة له دور حاسم في مكافحة السرديات السائدة، وبالتالي يجب على الفلسطينيين “الكشف” عن حقائقهم المخفية وتضخيمها لتحدي اللامبالاة والإنكار العالمي.
ولهذا الصراع آثار أوسع -حسب الكاتب- وتطبيع العنف ضد الشعب الفلسطيني وتآكل القانون الدولي يعكسان انحدارا أخلاقيا عالميا، ولذلك يتردد صدى هذه المظالم خارج غزة، مما يسلط الضوء على أوجه التشابه مع سياقات استعمارية أخرى تم فيها الحرمان من الإنسانية وإضفاء الطابع المرضي على المقاومة.
محو التاريخ والهوية
وأشار الكاتب إلى أن أعمال الإبادة الجماعية غالبا ما يسبقها خطاب مثل كون المرأة الفلسطينية “تهديد ديمغرافي”، وأفعال مثل بناء مواقف السيارات على المقابر الجماعية، تكشف عن جهد مستمر لمحو التاريخ والهوية الفلسطينية.
وفي هذا السياق، تصبح الصحة النفسية مجالا للنضال وشكلا من أشكال المقاومة، ومع انهيار نظام الصحة النفسية في الأسبوعين الأولين من تصاعد العنف، وترك عشرات الآلاف من الأشخاص في طابور المرضى دون رعاية في غزة، يواصل الفلسطينيون الاعتماد على الممارسات ذات الجذور الثقافية، مثل تلاوة الآيات القرآنية لتعزيز مثابرتهم، وعلى المبادرات الجماعية التي تعطي الأولوية للشفاء اعتمادا على الموارد المتاحة في المجتمع.
ويعاني الفلسطينيون الذين يعيشون في الخارج أيضا من الصدمة -حسب الكاتب- ويتعرضون للشعور بذنب النجاة والعجز والانفصال عن وطنهم، ويتطلب دعم هؤلاء الأفراد الاعتراف بنضالاتهم ومساعدتهم على تحويل غضبهم ويأسهم إلى عمل ذي معنى.
ويختم الكاتب بأن مداخلة سماح جبر تقدم تحليلا عميقا لصدمة الشعب الفلسطيني وصموده ومقاومته، ويدعو إلى رفض الروايات اللاإنسانية واعتماد أساليب جماعية تراعي الثقافة للشفاء، مشيرا إلى أن هذه ليست ضرورة أخلاقية فحسب، بل هي ضرورة عالمية، لأن تآكل الإنسانية في فلسطين يتردد صداه خارج حدودها.