صراع النفوذ الروسي – الأمريكي … ماذا عن الخلفيات والتداعيات والنتائج !؟”
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
صراع #النفوذ_الروسي – #الأمريكي … ماذا عن #الخلفيات والتداعيات والنتائج !؟”
#هشام_الهبيشان
تزامناً ،مع قرار أمريكا بفرض مزيد من العقوبات الأمريكية على روسيا على خلفية التطورات العسكرية مؤخراً في أوكرانيا ،والدفع بمزيد من الدعم العسكري لأوكرانيا ،يبدو أن الواقع المؤكد بهذه المرحلة أن كلا الدولتين الروسية والامريكية تعيشان الآن بحالة حرب عسكرية ساخنة جداً قد تتطور مستقبلاً لصدام عسكري مباشر ، وعلى الاغلب سيكون مسرح هذا الصدام العسكري هو الاراضي الأوكرانية أو ما يحاذيها من الأراضي الأوروبية المنخرطة في حلف الناتو ، وهنا نقرأ أن جميع المؤشرات المتولدة من قرار بوتين بتصعييد الحرب في أوكرانيا ، تؤكد بأن الروس بهذه المرحلة تحديداً ، وأكثر من أي وقت مضى اصبحوا بشكل اكثر واقعية تحت مرمى وتهديد مشروع امريكا وحلفائها ، فهم اليوم باتوا بين مطرقة حلف الناتو الذي بات بحكم الواقع يهدد أمن الحدود الروسية ، ويشكل خطراً محدقاً بأمن المنظومة العسكرية الروسية ، وخطر خسارة اوكرانيا لصالح الغرب ، واحتمال فقدها لكثير من مناطق نفوذها بالشرق الاقصى والشرق الاوروبي وبالشرق العربي ، وسندان تقويض جهودها التوسعيه والوصول إلى مناطق ومراكز نفوذ جديدة والاستغناء عن مراكز نفوذها القديمة لصالح القطب الاوحد الأمريكي والانكفاء على نفسها ، وليس بعيداً عن كل ذلك الملف السوري وغيره من الملفات وخصوصاً الثروات الطبيعية وملفات حقول الطاقة بالدول التي تتحالف مع الروس “الثروات الطبيعية الايرانية – كمثال” ، ومن جهة اخرى يدرك الروس حجم المؤامرة الأمريكية ، والتي أفرزت ما يسمى “بحرب النفط” ، والتي تستهدف اركاع القوة الروسية .
البعض يعتقد ان الروس كسبوا عندما انفصلت شبه جزيرة القرم عن اوكرانيا او ان الروس سيكسبون ايضاً عندما أعلنت بعض مناطق الشرق الاوكراني انفصالها عن أوكرانيا ، وهذا الموضوع بالذات هو خسارة كبيره لروسيا والروس انفسهم يدركون ذلك فهم خسروا ماكان بالأمس يحسب بالمطلق عليهم وربحوا اليوم جزء من ما كان بالأمس يحسب عليهم ، فهم خسروا تقريباً الكل واستطاعوا ان يعيدوا جزء من الكل لهم وهذا بتحليل وقراءة الجغرافيا السياسية وبعلم السياسة الدولية هو خساره سياسية وامنية فادحة بالنسبة للروس ، فاليوم هم اصبحوا شبه محاصرين فمن الشرق والشمال نصبت الدرع الصاروخية الامريكية والجنوب والغرب بدأ تدريجياً يخرج عن نفوذهم ، وبوتين نفسه يدرك حقيقة هذه الاخطار.
والسؤال هل ستسمح روسيا لأمريكا بأن تملي عليها وتفرض عليها واقعاً جديداً؟؟. وخصوصاً بعد تعهد أمريكا باستمرار الدعم العسكري لأوكرانيا ، فاليوم الروس يواجهون مشروع غربي الهدف منه تقويض الجهود الروسية في الوصول إلى مراكز قوى جديده ومناطق نفوذ أوسع تحقق لهم قوه دراماتيكية على الصعد السياسية وحينها ستكون روسيا واحدة من القوى الأكبر دولياً المؤثرة اكثر من أي وقت مضى بصناعة القرار الدولي ، فمنذ انهيار الاتحاد السوفيتي في مطلع التسعينات من القرن الماضي وانقسام جمهوريات الاتحاد إلى كانتونات متفرقة ومع تعدد انتمائاتها وولائاتها ، اصبح الغرب يتطلع اكثر وأكثر إلى كسب هذه الجمهوريات إلى صفه لتكون ورقة ضغط على الروس في أي تسويات دولية مقبلة لتقاسم مراكز القوه والنفوذ والثروات في العالم ، وحينما ادرك الروس ان الغرب تمادى اكثر واكثر بهذه الممارسات الاستفزازية ، وبدأ الحديث عن نظام الدرع الصاروخي المنصوب شرقاً وعلى مقربه من الدولة الروسية في بعض الجمهوريات التي كانت تحسب عليهم في حلفهم واتحادهم السابق وهو الاتحاد السوفيتي في بعض جمهوريات الشرق الاوروبي وبعض دول الشرق الاسيوي ، بالاضافه إلى تركيا وبعض دول جوارها الاوروبي ، حينها ايقن الروس وأخذو القرار بأنهم عليهم التكشير عن انيابهم امام هذه الغزوه الكبرى والتهديد المحدق بهم.
بمطلع شهر أب من عام 2008 قامت القوات الجورجية بهجوم عسكري من جورجيا على مقاطعتي أبخازيا وجنوب أوسيتيا المواليتين للروس ، وبعدها قامت القوات الروسية بهجوم مضاد سريع وعنيف على جورجيا لتحسم المعركة بوقت قصير جداً ، ويعلم جميع المتابعين لخفايا ماوراء الكواليس ان الروس لم يقرروا الولوج بمعركة جورجيا الا لايصال رسائلهم للغرب وامريكا ، وحينها وصلت الرسالة وبدأت هذه الدول وخصوصاً امريكا باعادة دراسة لسياستها الخارجية اتجاه روسيا بعد حرب جورجيا ، بعدما وصلتهم الرسالة الروسية شديدة اللهجة والانذار الاخير لهذه الدول بأن روسيا سترد على كل من يهدد امنها ومراكز نفوذها ، فمنذ تلك الواقعة نرى الموقف الغربي في تشدد احياناً اتجاه روسيا ببعض قضايا دولية وبتوافق باحيان اخرى وبخلاف سياسي ببعض حالات ، مع العلم أن هناك مجموعة من الخلافات حصلت بعد حرب جورجيا خلافات دبلوماسية احياناً واقتصادية احياناً اخرى وامنية ببعض احيان وتشابك وتعقيدات ببعض الملفات مثل ملف ايران النووي وكوريا الشمالية وافغانستان وغيرها من الملفات.
في مطلع عام 2011 ، أنطلق ما يسمى “الربيع العربي” وبدأت هنا مرحلة جديده فمراكز النفوذ بدأت بالتحول ومراكز القوى تغيرت، وهنا قرر الغرب انه يجب اعادة تقسيم الكعكة العربية ، ومن هنا أنطلقت أولى هذه الخلافات حول الربيع العربي وتوزيع مراكز القوى فيه ، بين الغرب وروسيا ، وأولى هذه الخلافات كانت في ليبيا وعندها طعنت دول الغرب روسيا بالظهر في ملف ليبيا وحينها خسر الدب الروسي مركز نفوذ في المغرب العربي وشمال افريقيا كان يشكل عامل أمان للروس وقوة في هذه القاره ومعبر أمان للدولة الروسية للاتساع والولوج اكثر بعلاقاتها مع باقي دول المغرب العربي وشمال افريقيا وشرقها فبعد ان ادرك الروس انهم طعنوا من دول الغرب وادركوا ان هناك مؤامرة كبرى تستهدف مراكز نفوذهم بالمنطقة العربية .
وعندما أتسع نطاق هذا الربيع العربي ووصل الى سورية برزت إلى الاحداث “الورقة السورية” وهنا استمات الروس بالدفاع السياسي والامداد اللوجستي العسكري والاقتصادي للدولة العربية السورية وجيشها العربي ، ومن مبدأ انها اذا خسرت سورية فأنها ستخسر نفوذها وقاعدتها الاخيره وحلفها الاخير مع دول المشرق العربي ، فهي بسورية تسير بخط ونهج مستقيم غير قابل للتشكيك لانها تدافع عن نفسها اليوم من سورية فاذا سقطت سورية فالروس يدركون ان الهدف القادم للغرب ولو تدريجياً سيكون روسيا ولذلك هم اليوم يستميتون بسورية، فساسة وجنرالات موسكو يؤكدون بمواقفهم أنهم يسيرون بسورية بخط ونهج مستقيم غير قابل للتشكيك ، ومن مبدأ أن موسكو تدافع عن نفسها اليوم من دمشق فاذا سقطت دمشق فالروس يدركون ان الهدف القادم للغرب ولو تدريجياً سيكون موسكو ولذلك هم اليوم يستميتون بسورية ، فهم ادركوا حقيقة المؤامرة الكبرى عليهم اولاً وثانياً على الدولة السورية.
ختاماً ،يبدو واضحاً أن روسيا لن ترضخ امام كل هذه الضغوط ، التي تفرضها عليها واشنطن وحلفائها عسكرياً واقتصادياً وامنياً وسياسياً ، والواضح أن الدب الروسي كشر عن انيابه من جديد ليعيد الكرة الى الملعب الاول عن طريق الولوج بمعركة مفتوحة سياسية وعسكرية غير مباشرة مع قوى الناتو والهدف من هذا العمل العسكري في أوكرانيا ،هو ايصال رسائل موسكو مجدداً للغرب وحلفائه بأن الروس موجودين ولن يتنازلوا وسيستمروا بالتوسع بكل الاتجاهات ، والمرحلة المقبلة من المؤكد انها ستعطينا صورة أوضح لملامح وشكل موازين القوى بالعالم الجديد التي يتم صنع موازين القوى ومراكز النفوذ فيه من جديد.
*كاتب وناشط سياسي – الأردن.
hesham.habeshan@yahoo.com
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: النفوذ الروسي الأمريكي الخلفيات
إقرأ أيضاً:
اقتربت على النهاية.. تطورات الحرب الروسية الأوكرانية| ماذا يحدث؟
دعا اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع، روسيا إلى الموافقة على وقف إطلاق النار على خلفية استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، بشروط متساوية وتنفيذ الاتفاق بالكامل.
تطورات الحرب الروسية الأوكرانيةوجاء في مسودة البيان التي تمت نشر مقتطفات منها: "دعت أعضاء مجموعة السبع روسيا إلى المقابلة بالموافقة على وقف إطلاق النار بشروط متساوية وتنفيذه بالكامل"، وفقًا لموقع «روسيا اليوم» الإخباري.
وأضافت: "أكد الأعضاء أن أي وقف لإطلاق النار يجب أن يتم احترامه، وشددوا على الحاجة إلى ترتيبات أمنية قوية وموثوقة لضمان أن تتمكن أوكرانيا من ردع أي أعمال عدوانية جديدة والدفاع ضدها".
ووفقًا لثلاثة مسؤولين من مجموعة دول السبع فإن الدبلوماسيين توصلوا إلى اتفاق على بيان مشترك يهدف إلى إظهار الوحدة، بعد أسابيع من التوتر بين حلفاء الولايات المتحدة والرئيس الأمريكي، دونالد ترامب بشأن تغييره للسياسات الغربية في التجارة والأمن والملف الأوكراني.
وأوضح الدبلوماسيون أن البيان، وهو وثيقة شاملة تتناول قضايا جيوسياسية من جميع أنحاء العالم، لا يزال بحاجة إلى موافقة الوزراء قبل اختتام المحادثات صباح الجمعة.
واجتمع وزراء خارجية مجموعة السبع (بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة، إلى جانب الاتحاد الأوروبي)، في بلدة لا مالباي السياحية النائية، الواقعة على تلال كيبيك، يومي الخميس والجمعة، في اجتماعات كانت تحظى في السابق بإجماع واسع.
ولكن في الفترة التي سبقت أول اجتماع لمجموعة السبع برئاسة كندا، واجه صياغة بيان ختامي متفق عليه صعوبة بسبب الخلافات حول الصياغة المتعلقة بأوكرانيا والشرق الأوسط، ورغبة واشنطن في صياغة أكثر صرامة تجاه الصين.
وأمس، أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن موسكو توافق على المقترحات بشأن إنهاء الأعمال القتالية، مبينا أن هذا الموافقة تنطلق من مبدأ أن ذلك ينبغي أن يؤدي إلى سلام طويل الأمد، ويزيل أسباب الأزمة.
وفي في 11 مارس الحالي، جرت مفاوضات بين وفدين أمريكي وأوكراني في مدينة جدة السعودية، وأعربت أوكرانيا في بيان مشترك صدر من قبل الأطراف، عن استعدادها لقبول الاقتراح الأمريكي بوقف إطلاق النار لمدة 30 يوما، وأن واشنطن سترفع على الفور التوقف عن تقديم المعلومات الاستخباراتية وتستأنف تقديم المساعدة إلى كييف.
الحرب الروسية الأوكرانية نحو اتفاق سلام محتملفي هذا الصدد قال أحمد التايب الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، إن الحرب الروسية الأوكرانية نحو اتفاق سلام محتمل في ظل ضغط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خاصة أنه تبنى إنهاء هذه الحرب قبل أن يفوز بالانتخابات الرئاسية، وذلك لعلاقاته مع الرئيس الروسى بوتين، لكن الأهم في اعتقادى أن روسيا أيضا رغم تحقيقها انتصارات في أرض الميدان وتتفاوض من واقع القوة إلا أنها ترغب في إنهاء هذه الحرب، بما يحقق شروطها، والولايات المتحدة في ظل حكم ترامب تريد أن تنهى الحرب لكن بمقابل، والمقابل هو صفقة المعادن النادرة التي يحص الرئيس ترامب على عقدها مع أوكرانيا، لكن في الوقت ذاته، هناك اعتبارات سياسية للولايات المتحدة أخرى خاصة أنها ترى ضرورة مواجهة التحالف الاستراتيجيى الكبير الذى عظم بعد هذه الحرب بين الصين وروسيا.
وأضاف خلال تصريحات لــ"صدى البلد": لكن الصراع الفلسطيني الإسرائيلى له خصوصية خاصة في ظل دعم الولايات المتحدة اللامحدود لإسرائيل وارتباطه باللوبى الصهيونية وبمعتقدات دينية واستعمارية تتجلى منذ بدء هذا الصراع، لكن تسوية في أوكرونيا ستكون بمثابة بادرة لأمل على الأقل لإنهاء الحرب على غزة، من خلال تنفيذ وقف إطلاق النار من خلال الضغط على إسرائيل لتنفيذ المرحلة الثانية.
مصر وموقفها من الحرب الروسية الأوكرانيةوأكدت مصر في بيان لوزارة الخارجية، أهمية الحلول السياسية للأزمات الدولية، تعليقا على المشاورات التي استضافتها السعودية خلال الأيام الماضية في محاولة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ فبراير 2022.
وقالت وزارة الخارجية: "تابعت مصر باهتمام المشاورات التي جرت في المملكة العربية السعودية لمحاولة التوصل لتفاهمات تفضي إلى إنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية".
وأضافت الخارجية في بيانها: "لطالما ظلت مصر على مدار عقود طويلة تؤكد على ضرورة حل النزاعات بالطرق السلمية والاستناد إلى ميثاق الأمم المتحدة ومختلف مبادئ القانون الدولي، باعتبارها المرجعيات الرئيسية التي يرتكز عليها النظام الدولي والمبادئ الأساسية الراسخة التي تحكم العلاقات الدولية، وإيمانا منها بأن تسوية النزاعات بالطرق السلمية ومعالجة جذورها هو السبيل الوحيد لاستعادة الأمن والاستقرار والسلام".
وتابعت: "من هذا المنطلق شاركت جمهورية مصر العربية في المبادرات العربية والأفريقية ومبادرة "أصدقاء السلام"، وتعرب عن دعمها لكل مبادرة وجهد يهدف إلى إنهاء الأزمة، وتؤكد في هذا الصدد على ضرورة ترسيخ الحلول السياسية كقاعدة رئيسية لتسوية الأزمات الدولية، وهو ما انعكس في الانخراط المصري في عدد من المبادرات التي كانت تهدف إلى تسوية الأزمة، ودعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي في نوفمبر ۲۰۲۲ لأهمية إيجاد تسوية سلمية لهذه الأزمة في ظل تداعياتها الإنسانية والاقتصادية والأمنية".
وأوضحت أنه من هنا، فإن التوجهات الحالية، بما في ذلك توجهات الإدارة الأمريكية، الداعية لإنهاء الحروب والصراعات في أنحاء العالم، وبالأخص في الشرق الأوسط، من شأنها أن تعطي قوة دفع وبارقة أمل في إنهاء المواجهات العسكرية المختلفة التي تستشري في مناطق عدة في أنحاء العالم، عبر تسويات سياسية عادلة تحظى بالتوافق الدولي تأخذ في الاعتبار مصالح أطرافها، بما في ذلك اتصالا بالقضية الفلسطينية والصراع في الشرق الأوسط.
واختتمت الخارجية بيانها بالقول: "لقد عانت الإنسانية طويلا من ويلات الحروب والصراعات، وقد آن الأوان للبرهنة لشعوب العالم بأننا نعيش بالفعل في عالم تسوده قيم التحضر والتسامح والتفاهم والعدالة، من خلال التغلب على التوجهات الأحادية التي تشعل الخصومات المدمرة، والسمو إلى المبادئ الإنسانية المشتركة بما يعطي الأمل في غد أفضل للبشرية".