صراع #النفوذ_الروسي – #الأمريكي … ماذا عن #الخلفيات والتداعيات والنتائج !؟”

#هشام_الهبيشان

تزامناً ،مع قرار أمريكا بفرض مزيد من العقوبات الأمريكية على روسيا على خلفية التطورات العسكرية مؤخراً في أوكرانيا ،والدفع بمزيد من الدعم العسكري لأوكرانيا ،يبدو أن الواقع المؤكد بهذه المرحلة أن كلا الدولتين الروسية والامريكية تعيشان الآن بحالة حرب عسكرية ساخنة جداً قد تتطور مستقبلاً لصدام عسكري  مباشر ، وعلى الاغلب سيكون مسرح هذا الصدام العسكري هو الاراضي الأوكرانية أو ما يحاذيها من الأراضي الأوروبية المنخرطة في حلف الناتو ، وهنا نقرأ أن جميع المؤشرات المتولدة من قرار بوتين بتصعييد الحرب في أوكرانيا ، تؤكد بأن الروس بهذه المرحلة تحديداً ، وأكثر من أي وقت مضى اصبحوا بشكل اكثر واقعية تحت مرمى وتهديد مشروع امريكا وحلفائها ، فهم اليوم باتوا بين مطرقة حلف الناتو الذي بات بحكم الواقع يهدد أمن الحدود الروسية ، ويشكل خطراً محدقاً بأمن المنظومة العسكرية الروسية ، وخطر خسارة اوكرانيا لصالح الغرب ، واحتمال فقدها لكثير من مناطق نفوذها بالشرق الاقصى والشرق الاوروبي وبالشرق العربي ، وسندان تقويض جهودها التوسعيه والوصول إلى مناطق ومراكز نفوذ جديدة والاستغناء عن مراكز نفوذها القديمة لصالح القطب الاوحد الأمريكي والانكفاء على نفسها ، وليس بعيداً عن كل ذلك الملف السوري وغيره من الملفات وخصوصاً الثروات الطبيعية وملفات حقول الطاقة بالدول التي تتحالف مع الروس “الثروات الطبيعية الايرانية – كمثال” ، ومن جهة اخرى يدرك الروس حجم المؤامرة الأمريكية ، والتي أفرزت ما يسمى “بحرب النفط” ، والتي تستهدف اركاع القوة الروسية .

مقالات ذات صلة رفقا بالاعــــــــــــلام 2023/08/17

البعض يعتقد ان الروس كسبوا عندما انفصلت شبه جزيرة القرم عن اوكرانيا او ان الروس سيكسبون ايضاً عندما أعلنت بعض مناطق الشرق الاوكراني انفصالها عن أوكرانيا ، وهذا الموضوع بالذات هو خسارة كبيره لروسيا والروس انفسهم يدركون ذلك فهم خسروا ماكان بالأمس يحسب بالمطلق عليهم وربحوا اليوم جزء من ما كان بالأمس يحسب عليهم ، فهم خسروا تقريباً الكل واستطاعوا ان يعيدوا جزء من الكل لهم وهذا بتحليل وقراءة الجغرافيا السياسية وبعلم السياسة الدولية هو خساره سياسية وامنية فادحة بالنسبة للروس ، فاليوم هم اصبحوا شبه محاصرين فمن الشرق والشمال نصبت الدرع الصاروخية الامريكية والجنوب والغرب بدأ تدريجياً يخرج عن نفوذهم ، وبوتين نفسه يدرك حقيقة هذه الاخطار.

والسؤال هل ستسمح روسيا لأمريكا بأن تملي عليها وتفرض عليها واقعاً جديداً؟؟. وخصوصاً بعد تعهد أمريكا باستمرار الدعم العسكري لأوكرانيا ، فاليوم الروس يواجهون مشروع غربي الهدف منه تقويض الجهود الروسية في الوصول إلى مراكز قوى جديده ومناطق نفوذ أوسع تحقق لهم قوه دراماتيكية على الصعد السياسية وحينها ستكون روسيا واحدة من القوى الأكبر دولياً المؤثرة اكثر من أي وقت مضى بصناعة القرار الدولي ، فمنذ انهيار الاتحاد السوفيتي في مطلع التسعينات من القرن الماضي وانقسام جمهوريات الاتحاد إلى كانتونات متفرقة ومع تعدد انتمائاتها وولائاتها ، اصبح الغرب يتطلع اكثر وأكثر إلى كسب هذه الجمهوريات إلى صفه لتكون ورقة ضغط على الروس في أي تسويات دولية مقبلة لتقاسم مراكز القوه والنفوذ والثروات في العالم ، وحينما ادرك الروس ان الغرب تمادى اكثر واكثر بهذه الممارسات الاستفزازية ، وبدأ الحديث عن نظام الدرع الصاروخي المنصوب شرقاً وعلى مقربه من الدولة الروسية في بعض الجمهوريات التي كانت تحسب عليهم في حلفهم واتحادهم السابق وهو الاتحاد السوفيتي في بعض جمهوريات الشرق الاوروبي وبعض دول الشرق الاسيوي ، بالاضافه إلى تركيا وبعض دول جوارها الاوروبي ، حينها ايقن الروس وأخذو القرار بأنهم عليهم التكشير عن انيابهم امام هذه الغزوه الكبرى والتهديد المحدق بهم.

بمطلع شهر أب من عام 2008 قامت القوات الجورجية بهجوم عسكري من جورجيا على مقاطعتي أبخازيا وجنوب أوسيتيا المواليتين للروس ، وبعدها قامت القوات الروسية بهجوم مضاد سريع وعنيف على جورجيا لتحسم المعركة بوقت قصير جداً ، ويعلم جميع المتابعين لخفايا ماوراء الكواليس ان الروس لم يقرروا الولوج بمعركة جورجيا الا لايصال رسائلهم للغرب وامريكا ، وحينها وصلت الرسالة وبدأت هذه الدول وخصوصاً امريكا باعادة دراسة لسياستها الخارجية اتجاه روسيا بعد حرب جورجيا ، بعدما وصلتهم الرسالة الروسية شديدة اللهجة والانذار الاخير لهذه الدول بأن روسيا سترد على كل من يهدد امنها ومراكز نفوذها ، فمنذ تلك الواقعة نرى الموقف الغربي في تشدد احياناً اتجاه روسيا ببعض قضايا دولية وبتوافق باحيان اخرى وبخلاف سياسي ببعض حالات ، مع العلم أن هناك مجموعة من الخلافات حصلت بعد حرب جورجيا خلافات دبلوماسية احياناً واقتصادية احياناً اخرى وامنية ببعض احيان وتشابك وتعقيدات ببعض الملفات مثل ملف ايران النووي وكوريا الشمالية وافغانستان وغيرها من الملفات.

في مطلع عام 2011 ، أنطلق ما يسمى “الربيع العربي” وبدأت هنا مرحلة جديده فمراكز النفوذ بدأت بالتحول ومراكز القوى تغيرت، وهنا قرر الغرب انه يجب اعادة تقسيم الكعكة العربية ، ومن هنا أنطلقت أولى هذه الخلافات حول الربيع العربي وتوزيع مراكز القوى فيه ، بين الغرب وروسيا ، وأولى هذه الخلافات كانت في ليبيا وعندها طعنت دول الغرب روسيا بالظهر في ملف ليبيا وحينها خسر الدب الروسي مركز نفوذ في المغرب العربي وشمال افريقيا كان يشكل عامل أمان للروس وقوة في هذه القاره ومعبر أمان للدولة الروسية للاتساع والولوج اكثر بعلاقاتها مع باقي دول المغرب العربي وشمال افريقيا وشرقها فبعد ان ادرك الروس انهم طعنوا من دول الغرب وادركوا ان هناك مؤامرة كبرى تستهدف مراكز نفوذهم بالمنطقة العربية .

وعندما أتسع نطاق هذا الربيع العربي ووصل الى سورية برزت إلى الاحداث “الورقة السورية” وهنا استمات الروس بالدفاع السياسي والامداد اللوجستي العسكري والاقتصادي للدولة العربية السورية وجيشها العربي ، ومن مبدأ انها اذا خسرت سورية فأنها ستخسر نفوذها وقاعدتها الاخيره وحلفها الاخير مع دول المشرق العربي ، فهي بسورية تسير بخط ونهج مستقيم غير قابل للتشكيك لانها تدافع عن نفسها اليوم من سورية فاذا سقطت سورية فالروس يدركون ان الهدف القادم للغرب ولو تدريجياً سيكون روسيا ولذلك هم اليوم يستميتون بسورية، فساسة وجنرالات موسكو يؤكدون بمواقفهم أنهم يسيرون بسورية بخط ونهج مستقيم غير قابل للتشكيك ، ومن مبدأ أن موسكو تدافع عن نفسها اليوم من دمشق فاذا سقطت دمشق فالروس يدركون ان الهدف القادم للغرب ولو تدريجياً سيكون موسكو ولذلك هم اليوم يستميتون بسورية ، فهم ادركوا حقيقة المؤامرة الكبرى عليهم اولاً وثانياً على الدولة السورية.

ختاماً ،يبدو واضحاً أن روسيا لن ترضخ امام كل هذه الضغوط ، التي تفرضها عليها واشنطن وحلفائها عسكرياً واقتصادياً وامنياً وسياسياً ، والواضح أن الدب الروسي كشر عن انيابه من جديد ليعيد الكرة الى الملعب الاول عن طريق الولوج بمعركة مفتوحة سياسية وعسكرية غير مباشرة مع قوى الناتو والهدف من هذا العمل العسكري في أوكرانيا ،هو ايصال رسائل موسكو مجدداً للغرب وحلفائه بأن الروس موجودين ولن يتنازلوا وسيستمروا بالتوسع بكل الاتجاهات ، والمرحلة المقبلة من المؤكد انها ستعطينا صورة أوضح لملامح وشكل موازين القوى بالعالم الجديد التي يتم صنع موازين القوى ومراكز النفوذ فيه من جديد.

*كاتب وناشط سياسي – الأردن.

hesham.habeshan@yahoo.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: النفوذ الروسي الأمريكي الخلفيات

إقرأ أيضاً:

هل ينجح ترامب في وقف الحرب في أوكرانيا؟.. موسكو تخشى توسع الناتو المتسارع وتضع شروطها.. وترقب للقاء الرئيس الأمريكي مع نظيره الروسي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى وقف الحرب في أوكرانيا مع روسيا، مع دخول الحرب في عامها الرابع، وذلك من خلال ضمان موافقة الطرفين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حيث استطاع "ترامب" كسب دعم أوكرانيا الأسبوع الماضي بعد لقاءه مع زيلينسكي في واشنطن، وينتظر العالم محادثات ترامب مع الرئيس الروسي بوتين غدًا الثلاثاء لمناقشة الأوضاع، لإعلان كيفية وقف الحرب في أوكرانيا، وبسط شروط الأطراف ومناقشتها.

محاولات "ترامب" حقيقة أم سخرية

موقف ترامب تجاه وقف الحرب في أوكرانيا واضح قبل توليه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أعلنه في لقاء تليفزيوني عام 2023، حيث طالب كلا الطرفين الروس والأوكرانيين بالتوقف عن الحرب والتي يجنى منها سوى الموت، وصرح حينذاك بقدرته على وقف الحرب خلال 24 ساعة.

الرئيس الأمريكي مع الرئيس الروسي

محاولات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب في أوكرانيا تشوبها شكوك كثيرة، خاصة بعد استمرار الدولتين إطلاق الضربات الجوية المكثفة خلال عطلة الأسبوع الماضي.

من جانبه قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه كان "ساخرا بعض الشيء" عندما تفاخر مرارا عن قدرته في إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال جولاته الانتخابية عام 2024، وعلى الرغم من ذلك ذكرت وسائل الإعلام الأمريكية تصريحاته المثيرة للجدل خلال مناظرته مع "هاريس" حول قدرته على انهاء الحرب من خلال محادثة الطرفين.

شروط روسيا

وكان ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للولايات المتحدة الأمريكية قد زار روسيا الأسبوع الجاري؛ لإجراء محادثات بشأن وقف إطلاق النار المؤقت الذي اقترحه "ترامب"، والذي قبلته أوكرانيا.

وجاءت تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر جروشكو في الصحف الروسية بعد لقاءات مبعوث أمريكا توضح اتجاه روسيا حول اقتراح أمريكا بوقف إطلاق النار بانها يجب أن تلبي متطلبات روسيا لكي يوافق "بوتين" على أي معاهدة سلام طويلة الأمد بشأن الحرب في أوكرانيا من ضمنها رفض دول الناتو انضمام أوكرانيا لها، وضمانات أمنية صارمة بشأن قوات الاتحاد الأوروبي وعدم نشر قواته في أوكرانيا.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتن

مخاوف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تتعلق بشروط روسيا، حيث يخشى توسع الناتو المتسارع في أوكرانيا والذي يهدد أمن روسيا، كما أن محاولات أوكرانيا للانضمام إلى الناتو تهدد الأمن الروسي وفرض سيطرتها على الأراضي الأوكرانية التي استولت عليها، لذلك يطالب بتقليص حجم الجيش الأوكراني.

 

مقالات مشابهة

  • في اتصال بولي العهد.. ستارمر يشيد بدور المملكة في استضافة الحوار الأمريكي الروسي
  • في اتصال بولي العهد.. رئيس وزراء بريطانيا يشيد بدور المملكة في استضافة الحوار الأمريكي الروسي
  • خبير دولي: روسيا استطاعت أن تقنع العالم بأن أمنها القومي هو خط أحمر
  • الدفاع الروسية تعلن عودة 175 جنديا روسيا من الأسر في أوكرانيا
  • ترامب × بوتين| صفقة تثير العاصفة الأوروبية.. التقارب الأمريكي الروسي يقلق أوروبا وتدرس تأثيره المحتمل على أمن القارة العجوز
  • وسط تحسن العلاقات والتواصل بين ترامب وبوتين.. الضمانات الأمنية حجر الزاوية لإنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية
  • بعد صراع مع المرض.. وفاة الشيخ المصري أبو إسحاق الحويني اليوم
  • هل ينجح ترامب في وقف الحرب في أوكرانيا؟.. موسكو تخشى توسع الناتو المتسارع وتضع شروطها.. وترقب للقاء الرئيس الأمريكي مع نظيره الروسي
  • جمعية الصداقة المصرية الروسية تنظم ورشة فنية لصناعة فانوس رمضان
  • أعاصير تجتاح الغرب الأوسط الأمريكي وتُخلف 37 قتيلا وأضرارا جسيمة (شاهد)