الوجود العسكري في سوريا.. الأطراف والأهداف وأماكن التمركز
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
أدت الأزمة التي تصاعدت بين نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في سوريا وقوى المعارضة، مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، إلى فتح الباب على مصراعيه أمام عدد من القوى الأجنبية لحشد قواتها في الأراضي السورية، والانخراط في دعم الصراع.
وحرصت بعض الدول الأجنبية على الاحتفاظ بوجود عسكري ثابت لها في سوريا، لفرض حضورها وضمان تحقيق مصالحها في المنطقة، واستخدام قواتها المتمركزة في البلاد وسيلة ردع، تحرزا من تجاوز القوى الدولية الأخرى دورها ونفوذها.
وقد أسهمت تلك القوى في تأجيج الوضع، وإشعال حرب شاملة في سوريا، حين دعمت كل من روسيا وإيران نظام الأسد، في حين ساندت الولايات المتحدة وحلفاؤها، وهي فرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا، إضافة إلى تركيا، الجماعات المناهضة له.
وتبرز 4 دول أجنبية في وجودها العسكري على الأراضي السورية، وهي: الولايات المتحدة وتركيا وإيران وروسيا، وتتباين كل منها في الأهداف، وتتفاوت في حجم الحضور العسكري وتأثيره والمهام المنوطة به، وتملك تلك الدول مجتمعة أكثر من 800 قاعدة ونقطة عسكرية، بحسب بيانات مركز جسور للدراسات عام 2024.
الولايات المتحدةدخلت القوات الأميركية سوريا عام 2015 بموجب تفويضات استخدام القوة العسكرية لعامي 2001 و2002، والتي أُصدرت لشن حرب ضد تنظيم القاعدة في أفغانستان، وغزو العراق للإطاحة بنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وقد رأى الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما أنه بإمكانه استخدام تلك التفويضات لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية أيضا.
إعلانومع توسع تنظيم الدولة، وبسط سيطرته على مناطق سورية عام 2013، وتبنيه هجمات عسكرية في أوروبا عام 2015، نفّذت الولايات المتحدة وحلفاؤها آلاف الضربات الجوية على مواقع للتنظيم في سوريا، ودعمت عمليات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ضد التنظيم.
وبدأت الولايات المتحدة عام 2018 سحب معظم قواتها من سوريا، وأبقت على قوة طوارئ، بلغ تعدادها نحو 400 جندي، وازداد العدد لاحقا، حتى وصل في صيف عام 2024، وفق بيانات معهد بحوث الكونغرس، إلى نحو 800 جندي، بتمويل مقداره 156 مليون دولار، خُصصت لصندوق التدريب والتجهيز ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.
وتبقي الولايات المتحدة قوات لها في سوريا، لتحقيق مجموعة من الأهداف، حددها معهد أبحاث الكونغرس، في تقريره "سوريا وسياسة الولايات المتحدة" بالنقاط التالية:
الحيلولة دون قيام تنظيم الدولة الإسلامية من جديد، ومعالجة التهديدات التي تشكلها بقاياه. مكافحة تنظيم القاعدة. تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى سوريا. معالجة تحديات روسيا وتركيا وإيران للعمليات الأميركية في سوريا.وتُنظَّم العمليات العسكرية الأميركية في سوريا في إطار عملية العزم الصلب التي أطلقتها الولايات المتحدة عام 2014، للقضاء على تنظيم الدولة في العراق وسوريا.
وإلى جانب العمليات الموجهة ضد تنظيم الدولة، تنفذ القوات الأميركية منذ عام 2015، ضربات عسكرية في سوريا على أهداف تزعم أنها لتنظيم القاعدة والمجموعات المسلحة المدعومة من إيران، ومواقع الأسلحة الكيميائية للحكومة السورية.
وتتمركز القوات الأميركية في سوريا في 17 قاعدة و13 نقطة عسكرية، وفق دراسة صادرة عن مركز جسور للدراسات، نُشرت في يوليو/تموز 2024، سُجلت فيها نقاط الوجود العسكري الأجنبي في سوريا، وتم الاقتصار على إحصاء القواعد والنقاط الثابتة، التي تمارس فيها تلك القوات قيادة وصلاحيات كاملة، دون حواجز التفتيش والنقاط المتحركة والمؤقتة.
وتنتشر معظم تلك القواعد والنقاط، بحسب الدراسة، في المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا، وتعتبر تلك المواقع قواعد ارتكازية، مهمتها دعم قوات سوريا الديمقراطية في عملياتها العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
إعلانويقع 17 موقعا منها في محافظة الحسكة، و9 في محافظة دير الزور، و3 في محافظة الرقة وتضم كل من محافظات حمص وحلب وريف دمشق واحدة لكل منها.
ومن أبرز القواعد الأميركية في سوريا:
قاعدة كوباني أو عين العرب بريف حلب الشمالي. قاعدة تل أبيض على الحدود السورية مع تركيا. قاعدة رميلان شرق القامشلي. قاعدة تل بيدر شمال محافظة الحسكة. قاعدة الشدادي قرب مدينة الشدادي النفطية. قاعدة عين عيسى شمال سوريا. إيرانتدخلت إيران في الصراع الدائر في سوريا لدعم نظام الأسد منذ وقت مبكر، فقد أرسلت قواتها منذ عام 2012، للقتال في صفوف قوات الأسد، وشاركت تلك القوات في العمليات الموجهة ضد المعارضة وتنظيم الدولة.
واعتبرت إيران نظام الأسد حليفا أساسيا لها في المنطقة، وجزءا من "محور المقاومة"، قائلة إنه من أجل التصدي للاحتلال الإسرائيلي والنفوذ الأميركي في منطقة الشرق الأوسط.
وتلك العلاقة الوطيدة ساعدت إيران على تحقيق أهدافها ونشر نفوذها في المنطقة، والحفاظ على مصالحها، وتأمين ممر بري يربط بين إيران ولبنان، تستخدمه لتصدير الغاز والنفط إلى أوروبا.
وقد اعتمدت إيران في بداية الأمر على قوات إيرانية نظامية، مؤلفة من مشاة المدفعية والمظليين للعمل على الجبهة السورية، وفيما بعد حل محلهم عناصر من حرس الثورة الإيراني، لا سيما فيلق القدس.
وشاركت القوات الإيرانية في إعادة تشكيل قطاع الأمن السوري، فقد نظمت قوات وتشكيلات شعبية موالية لها، بلغ تعدادها في أكتوبر/تشرين الأول 2015، 100 ألف مقاتل، حسب تصريحات قيادة الحرس الثوري، كما نشرت مقاتلين من مليشيات شيعية من بلدان متعددة، منها لبنان والعراق وأفغانستان وباكستان.
وتعتبر القوات الإيرانية الأكثر انتشارا في سوريا مقارنة بالقوات الأجنبية الأخرى، إذ تملك 529 موقعا عسكريا، تتوزع على 14 محافظة سورية، ومع ذلك، فهي تفتقر للقوة الجوية ومنظومات الدفاع الجوي والبنية التحتية العسكرية واللوجستية، مما اضطرها للاعتماد على البنى التحتية لقوات النظام آنذاك، وجعلها غير قادرة على القيام بعمليات عسكرية واسعة.
إعلانوتسيطر القوات الإيرانية على الطريق الدولي من معبر البوكمال الحدودي مع العراق، مرورا بالصحراء السورية ومحافظتي حمص ودمشق وصولا إلى الحدود اللبنانية. وامتلكت وجودا مستقرا على طول خطوط المواجهة مع مناطق سيطرة قوات المعارضة سابقا، وفي الجنوب وعلى طرق تهريب المخدرات في سوريا.
ووفق بيانات مركز جسور للدراسات، تتمركز القوات الإيرانية في سوريا في 52 قاعدة و477 نقطة عسكرية، وتضم محافظة حلب منها 117 موقعا، وريف دمشق 109، ودير الزور 77، وحمص 67، وحماة 28، وإدلب 27، والقنيطرة 20، واللاذقية 17، ودرعا 16، والرقة 14، والسويداء 13، وطرطوس 9، والحسكة 8، ودمشق 7.
وتنقسم تلك المواقع إلى نوعين رئيسيين:
مواقع الجماعات المدعومة من إيران، وتتبع مباشرة لفيلق القدس، وتشمل مقاتلين من دول مختلفة: سوريين وإيرانيين وعراقيين وأفغانًا وباكستانيين. مواقع قوات حزب الله اللبناني والقوات المحلية التابعة له، وهي تحظى كذلك بدعم وإشراف الحرس الثوري الإيراني. تركياتسعى تركيا عبر وجودها العسكري في سوريا إلى حماية أمنها القومي من تهديد حزب العمال الكردستاني المحظور، الذي يمتد نفوذه ليشمل القوات الكردية في مناطق واسعة من شمال وشمال شرق سوريا، لذلك تشتبك مع المجموعة الكردية الرئيسية داخل "قسد" بسبب ارتباطها بحزب العمال الكردستاني، كما تعارض بشدة قيام حكم ذاتي كردي في سوريا، تخوفا من حالة مماثلة يظفر بها أكراد تركيا.
وقد وافق البرلمان التركي في أكتوبر/تشرين الأول 2014 على دخول الجيش الأراضي السورية، والسماح للقوات الأجنبية باستخدام أراضيها لقتال مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية، مدة عام واحد قابل للتجديد.
وفي أغسطس/آب 2016، بدأ التدخل التركي العسكري المباشر في سوريا، حين أطلقت تركيا عملية درع الفرات، بهدف تأمين الحدود التركية مع سوريا، وطرد تنظيم الدولة الإسلامية من المناطق الحدودية، والتصدي لتهديدات "قسد".
إعلانواستمرت العملية 7 أشهر، تمكنت في أثنائها تركيا بالتعاون مع الجيش السوري الحر من السيطرة على مدينتي جرابلس والباب، وطرد تنظيم الدولة منهما، والفصل بين مناطق سيطرة الأكراد شرقي نهر الفرات وغربه، وإنشاء منطقة عازلة بين الأراضي التركية والمناطق التي تسيطر عليها الفصائل الكردية.
وعلى إثر اتفاق روسي إيراني أُبرم عام 2017، نشرت تركيا قواتها في 12 موقعا بمنطقة إدلب شمالي غرب البلاد التي تقع ضمن مناطق سيطرة المعارضة المسلحة، وفي العام الذي يليه، تمكنت القوات التركية بالتعاون مع المعارضة من السيطرة على عفرين، شمالي غرب سوريا، في إطار عملية غصن الزيتون.
وسيطرت تركيا والفصائل السورية المتحالفة معها عام 2019، على مناطق واسعة من شمال شرق سوريا، واستهدفت مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية، ضمن عملية نبع السلام، الرامية إلى إنشاء "منطقة آمنة" لمنع إقامة كيان كردي مستقل على حدود تركيا، وتأمين عودة نحو 3 ملايين لاجئ سوري، يقيمون في تركيا إلى بلادهم.
وتحتفظ القوات التركية كذلك بوجود كبير في محافظة إدلب، وتدير نقاط مراقبة أنشئت بموجب اتفاقيات مع روسيا وإيران، بهدف مراقبة وقف إطلاق النار في المنطقة، لا سيما بعد شن قوات الأسد، بدعم جوي روسي، هجوما كبيرا على إدلب مطلع عام 2020.
وتمتلك القوات التركية 126 موقعا عسكريا في سوريا، معظمها في الشمال الغربي من البلاد، وتشمل 12 قاعدة و114 نقطة عسكرية، منها 58 موقعا في محافظة حلب، و51 في إدلب، و10 في الرقة، و4 في الحسكة، واثنتين في اللاذقية، وواحدة في حماة.
وتشكل المواقع العسكرية التركية خطوط دفاع، يرتبط بعضها ببعض، مما يتيح تقديم الدعم اللوجستي للقوات التركية، ويسهل تنفيذ عملياتها، التي تتنوع بين العمليات الهجومية على مواقع النظام وقوات سوريا الديمقراطية، ومهام الاستطلاع البري والجوي باستخدام طائرات دون طيار، وإجراء دوريات روسية تركية مشتركة شرق الفرات.
إعلانوتضم القواعد وحدات متخصصة منها وحدات الهندسة والقوات الخاصة والمدفعية والصواريخ والاتصالات والإشارات، وهي مزودة بعتاد متطور من المدافع والدبابات والمركبات المدرعة والمدافع المضادة للطائرات وكاسحات الألغام، فضلا عن أنظمة الاتصالات العسكرية.
روسيابدأ التدخل الروسي في سوريا مع اندلاع الثورة السورية، وكان في بداياته دعما لوجستيا لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، إضافة إلى رفع مستوى منظومته العسكرية، غير أن تقدم المعارضة في العمليات الحربية، وسيطرتها على معظم أجزاء البلاد، دفعت بالنظام السوري آنذاك إلى طلب المساعدة العسكرية من روسيا.
واستجابت روسيا لطلب المساعدة، ونشرت في سبتمبر/أيلول 2015، أسلحة متقدمة ودعما جويا، وبدأت بشن ضربات جوية على أهداف للمعارضة وتنظيم الدولة.
وأصبحت قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية مركز العمليات الروسية، واستقرت فيها طائرات مقاتلة وقاذفات وأنظمة صاروخية، ووسعت روسيا من وجودها العسكري، وأنشأت قواعد ونشرت قوات لفرض وقف إطلاق النار.
وفي الفترة الواقعة بين 2015 و2018 انضم أكثر من 63 ألف عسكري روسي إلى العمليات العسكرية في سوريا، وشنّت القوات الجوية الروسية 39 ألف غارة على ما يزيد عن 121 ألف هدف، تصفه روسيا بأنه "إرهابي"، وقتلت أكثر من 86 ألف شخص من المقاتلين والمدنيين.
وفي محاولة للضغط على النظام السوري السابق لقبول الحلول السياسية، سحبت روسيا بعض قواتها من سوريا في مارس/آذار 2016، ولكنها عادت واستأنفت عمليتها العسكرية، وانتشارها في الأراضي السورية.
واضطرت روسيا إلى تخفيض وجودها العسكري في سوريا عام 2022، بسبب حربها في أوكرانيا، فنقلت بعض قواتها المتمركزة في سوريا إلى جبهات القتال الأوكرانية، لكنها أعادت نشر قواتها في مواقع جديدة بمحافظة القنيطرة مطلع عام 2024، بعد انسحاب المليشيات الإيرانية التي كانت المتمركزة فيها.
إعلانوأرادت روسيا من مساندة النظام السابق تحقيق مصالح إستراتيجية وتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط، والوصول إلى ميناء بحري في المياه الدافئة على البحر المتوسط.
هذا إضافة إلى أن سوريا تمثل شريكا تجاريا إستراتيجيا لروسيا، إذ تشكل حصتها نحو 20% من إجمالي التجارة العربية الروسية، وفي عام 2010 بلغت مساهمتها نحو 7% من إجمالي التجارة العسكرية الروسية.
وتحتفظ روسيا بمواقع عسكرية في مناطق إستراتيجية في سوريا، فهي تمتلك مواقع مهمة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، حيث المراكز الحضرية، ومواقع في شمال شرق البلاد، بالقرب من موارد النفط والغاز.
وبلغ عدد المنشآت العسكرية الروسية في سوريا 114 منشأة، منها 21 قاعدة و93 موقعا عسكريا، مزودة بأسلحة وعتاد حربي متفوق، وتضم أصولا جوية ومعدات استطلاع ذات تقنيات عالية، ومع ذلك، تنتهج روسيا سياسة تنفيذ عمليات برية مشتركة مع قوات النظام والمليشيات الإيرانية ومرتزقة فاغنر، للتقليل من الخسائر البشرية في صفوف قواتها.
وتنتشر تلك المواقع العسكرية في أنحاء سوريا، وتضم حماة 17 موقعا، واللاذقية 15، والحسكة 14، والقنيطرة 13، وحلب 12، وفي كل من محافظة ريف دمشق والرقة ودير الزور 8 مواقع، و6 مواقع في إدلب، و4 في حمص، و3 في درعا، كما تضم موقعين في كل من دمشق الكبرى ومحافظتي السويداء وطرطوس.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قوات سوریا الدیمقراطیة تنظیم الدولة الإسلامیة الأمیرکیة فی سوریا الولایات المتحدة القوات الإیرانیة الأراضی السوریة وجودها العسکری فی المنطقة عسکریة فی فی محافظة سوریا فی ضد تنظیم
إقرأ أيضاً:
ما مصير الوجود العسكري الروسي بسوريا بعد سيطرة المعارضة؟ خبراء يجيبون
موسكو – تساؤلات كثيرة باتت تطرحها التغيرات المتسارعة في سوريا عن مستقبل الوجود العسكري الروسي هناك بعد تولّي المعارضة السورية زمام الأمور في البلاد، وكيف ستتعامل موسكو مع مرحلة ما بعد سقوط بشار الأسد.
ومن غير الواضح حتى اللحظة إذا كانت عملية انتقال السلطة في سوريا قد شملت تفاهمات بين المعارضة السورية وروسيا، رغم تأكيد بيان للخارجية الروسية أن موسكو لم تشارك في أي تفاهمات بشأن رحيل الأسد، الموجود في روسيا حاليا، وفق بيان صدر لاحقا عن الكرملين.
وفي الوقت نفسه، فإن السؤال الأكبر يتمحور حول مصير القواعد العسكرية الروسية في سوريا، فضلا عن نحو 100 موقع عسكري روسي منتشر في البلاد في ظل التطورات الجديدة هناك.
بهذا الخصوص، قالت وزارة الخارجية الروسية إن القواعد العسكرية التابعة للقوات المسلحة الروسية بسوريا في حالة تأهب قصوى، ونفت وجود أي تهديد لها.
وضع مبهموبحسب الباحث في الشؤون الدولية دميتري كيم، فإن موسكو -على الأرجح- ستنطلق في سياساتها اللاحقة من كون سوريا السابقة لم تعد موجودة، ولا يزال من الصعب بمكان تحديد ما الذي سيخرج من أنقاض الدولة السابقة، وإن كانت ستبقى بالأساس دولة واحدة.
ويقول للجزيرة نت إن هذه المعطيات هي جملة من المسائل التي سيتوقف عليها مصير الاتفاقيات التي وقعت مع الحكومة السابقة، ومنها ما يتعلق بالقواعد العسكرية الروسية.
إعلانوبشأن تصريحات رئيس الوزراء السوري محمد غازي الجلالي بأن مسألة الوجود العسكري الروسي في سوريا ستحسمها السلطات الجديدة، يرى كيم أنها تشير إلى بوادر تغيرات مستقبلية في الاتجاه السياسي لسوريا، وستترك آثارها على مستقبل القواعد الروسية وربما على مجمل العلاقات بين دمشق وموسكو.
ووفق تقديره، فإن روسيا ستتصرف ببراغماتية وستركز فقط على أولوياتها الخاصة، وستبقى مستعدة لتقديم المساعدة والدعم لشركائها وحلفائها، ولكن على أساس المنفعة المتبادلة.
ولفت إلى أن الوجود العسكري الروسي في سوريا، رغم من شكله المحدود، فإنه قدم تجربة عسكرية فريدة لا تقدر بثمن للقوات المسلحة الروسية. ويوضح في هذه النقطة بأن المساعدة الروسية لسوريا عام 2015 قضت على خطط الغرب في استخدام الأراضي السورية بمغامرات مناهضة لروسيا، ولا سيما في قطاع الطاقة.
وختم كيم بأن السؤال الرئيسي الآن يتعلق بكيفية سحب الخبراء العسكريين الروس من مدينتي طرطوس وحميميم من دون أي خسائر. واستبعد تمديد أي اتفاقات بشأن استمرار وجود القواعد العسكرية الروسية في البلاد في ظل القيادة الجديدة لسوريا.
مسألة وقتمن جانبه، يعتبر الكاتب في شؤون الدفاع قسطنطين إيغناتوف أن التغيرات في سوريا حدثت بسرعة مذهلة لم يتوقعها حتى المحللون المتعمقون في الوضع هناك. وبشأن تغيير السلطة في دمشق، رجح إيغناتوف أن تكون هناك محاولات للتخلص من الوجود الروسي في سوريا.
ويوضح -في حديث للجزيرة نت- أن وجود القواعد العسكرية الروسية بسوريا يتعارض مع مصالح الغرب وإسرائيل وتركيا على حد سواء.
ومع ذلك، يرى الكاتب أن روسيا ستحتفظ في المستقبل القريب بقواعد عسكرية بسوريا، لأنه "رغم وجود معارضة متطرفة، فإن هناك من يؤكد ضرورة إبقاء خطوط التواصل مفتوحة مع موسكو".
ولأن عودة القوات الروسية من سوريا تصب في مصلحة تعزيز المعارك بأوكرانيا، حسب إيغناتوف، إلا أن المهمة الإستراتيجية لروسيا يجب أن تكون في الحفاظ على القواعد العسكرية التي تتحكم في الوصول إلى أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، كما يضيف.
إعلانويقر إيغناتوف بأن هذه العملية ستواجهها عقبات أبرزها أن القوى "الجديدة" بسوريا ستعطي الأولية للدول التي قدمت لها مساعدات عسكرية ولوجستية وفي مقدمتها تركيا التي يؤكد أنه سيكون لها التأثير الأكبر على دمشق، سواء في الملفات الجيوسياسية أو الاقتصادية.