هيثم المالح لـعربي21: أولويتنا تأمين بناء دولة قانون لجميع أبنائها
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
أكدالناشط الحقوقي والسياسي السوري المحامي هيثم المالح، أن الخطوات التي اتخذها الثوار في سوريا منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد فجر أول أمس الأحد، معقولة، لكنها تحتاج إلى مزيد من الترشيد من أجل تأسيس دولة سوريا المعاصرة.
وأوضح المالح في حديث مع "عربي21"، أنه بعث برسالة مكتوبة إلى قيادة العمليات العسكرية التي تدير الشأن العام في سوريا اليوم، دعاهم فيها إلى ضرورة البدء بتأسيس نواة الدولة السورية الجديدة من خلال البدء بإنشاء نواة قوات للشرطة والجيش والقضاء.
وأضاف: "لقد نصحت بإطلاق سراح كافة المعتقلين، وتم ذلك، فهناك نساء معتقلات بعضهن متن وبعضهن خرجن مع أبنائهن الذين ولدوا سفاحا.. وطالبت باعتقال كافة الضباط المسؤولين عن تلك الجرائم.. فأنا لم أكن أستطيع النوم وآلاف البنات يتم اغتصابهن وإحياء الليالي الملاح بعرضهن وهن تحت الاعتقال".
وأكد المالح أنه دعا إلى "البدء بإجراءات الذهاب إلى انتخابات للمجالس المحلية، بعد إصدار قرارات بمحو اسم الأسد من كل البلديات، ينبثق عن الانتخابات البلدية هيئة عليا ومنها يتم انتخاب القيادة.. كما طالبت باعتماد دستور 1950 وتشكيل حكومة انتقالية تكنوقراط لإدارة المرحلة الانتقالية التي تنتهي بانتخابات شفافة يختار فيها السوريون نوع الحكم والقيادة التي ستحكمهم".
وأدان المالح بشدة عدوان الاحتلال الأسرائيلي على سوريا، واعتبر أنه استمرار في ارتكاب جرائم الحرب والإبادة التي وثقتها محكمتا العدل والجنائية الدولية ضد قيادة الاحتلال.
وقال: "ما تقوم به إسرائيل ضد سوريا منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد هو عدوان على دولة مستقلة.. نتنياهو يرتكب جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة، ولا يأبه للقوانين الدولية ولا لحقوق الإنسان.. وانتهز فرصة التغيير ودخل إلى الأراضي السورية في مخالفة لكل القوانين الدولية".
وحول موقف إيران من الثورة السورية قال المالح: "إيران ليست دولة، هي فاشية دينية لها مشروع للسيطرة على المنطقة العربية، وهي معتمدة عند الغرب، ومن سلم المنطقة لإيران هو باراك أوباما.. إيران لها مطامع تاريخية فارسية ولها مطامع عقدية.. واستعملوا القوة والمال لتحويل الناس إلى التشيع.. ولما أتوا إلى سوريا نشروا الدعارة كما نشروا المخدرات، لتدمير العقل السوري وهذا عمل إجرامي بالتأكيد بحق سوريا".
وأشار المالح إلى أن "السوريين اليوم سينكبون على بناء دولتهم الجديدة وتخليصها من كل شوائب الاستبداد، وأنهم ليسوا مصدرين للثورة ولا يشكلون تهديدا لأحد، بل هم يأملون في أن يكونوا نموذجا لدولة حديثة تؤمن الحياة الحرة الكريمة لجميع أبنائها من دون تمييز".
واقترح المالح أن "يتم السعي بعد نجاح السوريين في تحقيق استقرارهم، لتشكيل اتحاد بين سوريا وتركيا والعراق، يكون نموذجا لتعاون إقليمي يرسخ الأمن والاستقرار في المنطقة ويحقق الرفاه لأبناء هذه الدول".
واختتم المالح حديثه لـ "عربي21" بالقول، إنه يحزم حقائبه من أجل العودة إلى دمشق، التي قال إنه لم يغادرها على مدى ثمانية عقود من حياته، وكان يعارض الأسد الأب والابن في العلن لا في السر، وأنه اليوم وبعد أن أسس في ألمانيا مؤسسة حقوقية دولية تحمل اسمه يطمح في أن يكون شريكا في دعم خطوات التأسيس للدولة السورية الحديثة، كما قال.
وهيثم المالح هو محامٍ وناشط حقوقي سوري بارز، يُعتبر من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان والديمقراطية في سوريا. وُلد عام 1931 في دمشق، وعمل محاميًا وقاضيًا لفترة قبل أن يتم عزله من القضاء عام 1966 بسبب انتقاده الصريح للفساد في النظام القضائي السوري.
دافع المالح عن الحريات المدنية وحقوق الإنسان في سوريا. وعمل على توثيق الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري، وخاصة ضد المعارضين السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان.
تعرّض المالح للاعتقال عدة مرات بسبب آرائه المعارضة للنظام السوري. في عام 2009، اعتُقل مرة أخرى على خلفية تصريحاته الإعلامية، وحُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، ما أثار استنكارًا واسعًا من قبل المنظمات الحقوقية الدولية.
مع بداية الثورة السورية عام 2011، انضم المالح إلى المعارضة السورية وأصبح من الأصوات البارزة المطالبة بإسقاط نظام بشار الأسد. وكان له دور محوري في المجلس الوطني السوري، الذي شكّل منصة للمعارضة في الخارج.
وفجر أول أمس الأحد، دخلت فصائل المعارضة السورية العاصمة دمشق وسيطرت عليها مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث الدموي و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
اقرأ أيضا: الجولاني يتوعد بمحاسبة المتورطين بجرائم حرب في عهد الأسد.. "سنعلن قائمة أسماء قريبا"
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية سوريا تصريحاته سوريا تصريحات سياسة تحولات المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی سوریا
إقرأ أيضاً:
حكايات المندسين والفلول في سوريا
آخر تحديث: 13 مارس 2025 - 11:02 صبقلم : فاروق يوسف كنت في مطار دمشق حين سمعت إحدى موظفات السوق الحرة وهي تخبر زميلها أنها رأت عددا من المندسين أمس قرب بيتها. حدث ذلك في مارس 2011، بعد أسبوعين على قيام الحراك الاحتجاجي الشعبي وكان الخطاب الرسمي يركز على وجود مندسين خبثاء بين المحتجين الأبرياء في محاولة لتفسير لجوء السلطات إلى قمع التظاهرات بعنف مبالغ فيه. حتى بالنسبة للحكومة السورية فإن وجود أولئك المندسين كان شبحيا بحيث لم تتمكن وسائل الإعلام من عرض صورة لأحدهم. غير أن ذلك لم يمنع موظفة المطار من القول إنها رأت عددا منهم. وفي ذلك ما يؤكد استعداد الكثيرين لكي يكونوا مادة طيعة لنشر الأكاذيب. ذهب نظام بشار الأسد واختفى المندسون قبله بعد أن تبين أن الجزء الأكبر من الشعب كان مندسا. وكما يبدو فإن مرحلة ما بعد الأسد لم يتم الإعداد لها جيدا لينأى النظام الجديد بنفسه بعيدا عن الحاجة إلى الكذب. فحين وقعت مجازر في مدن الساحل التي تسكنها غالبية علوية صارت وسائل الإعلام الموالية للتغيير في سوريا تتحدث عن معارك تجري ما بين قوات النظام وبين فلول النظام السابق. على الطرفين هناك شيء غامض. فقوات النظام لا يُقصد بها جيش الدولة بالتأكيد، بل هي الفصائل والجماعات المسلحة التي غزت دمشق بعد أن تم ترحيل بشار الأسد من قصر الحكم. أما فلول النظام السابق فقد كشفت الصور عن آلاف العوائل وهي في حالة هلع وذعر وانهيار بعد أن رأت الموت وهو ينقض على حياة المئات من النساء والأطفال والشيوخ. ومثلما حدث مع حكاية المندسين شكك السوريون بحكاية الفلول. لقد انتشرت عشرات الأفلام المصورة بالهواتف لمقاتلي النظام الجديد وهم يرددون شعارات طائفية ويسخرون من ذعر الأطفال وهلع النساء وخوف الشيوخ. غير أن تأكيد أحمد الشرع على أن ما يجري في مدن الساحل كان متوقعا إنما يؤكد على أن كل شيء كان قد جرى التخطيط له وأن ما يجري لم يكن مجرد رد فعل وأن المسلحين الذين قيل إنهم قاوموا في مدن الساحل لم يقوموا إذا كان ذلك صحيحا إلا بالدفاع عن أنفسهم وعوائلهم ومدنهم. وليس صحيحا ما تم تداوله في وسائل الإعلام من أن هناك تمردا يتم إخماده. باعتباري عراقيا يمكنني أن أقول إنه الفيلم نفسه. لقد جرى تصوير النسخة الأولى منه في العراق وها هي النسخة الثانية يتم تصويرها في سوريا. كانت الميليشيات الشيعية الموالية لإيران تقوم بالتطهير الطائفي في المدن ذات الغالبية السنية تحت شعار القضاء على فلول النظام السابق. وكانت الفلوجة ضحية مزدوجة لقوات الاحتلال والميليشيات الإيرانية. كل قتيل إما أن يكون بعثيا أو قاعديا بغض النظر عما إذا كان طفلا أو شيخا أو امرأة. لقد جرى القتل في العراق علنا في ظل صمت عالمي. وهو الصمت نفسه الذي يواجه به العالم عمليات القتل في سوريا. كلمة السر في ذلك هي أميركا. فما دام مشروع التغيير في سوريا قد تم تبنيه أميركيا فإن كل شيء يحدث هناك لن يجرؤ أحد على الاعتراض عليه أو حتى الإشارة إليه من طرف خفي. كان نظام الأسد يكذب في حديثه عن المندسين بطريقة ساذجة. أما الحديث عن الفلول فهو كذبة فيها الكثير من الابتذال القاسي. ذلك لأنها شعار ينطوي على محاولة تمرير ما تم ارتكابه من مجازر سُميت في سياق الكذبة نفسها معارك. أما الطرف الأضعف الذي حاول أن يدافع عن نفسه فسيوضع في قائمة أعداء التغيير المطالبين بعودة الأسد. غطاء أبله لجريمة كانت متوقعة حسب الرئيس الشرع. أما كان في إمكان الدولة السورية الجديدة أن تمنع وقوع تلك الجريمة؟ ولكن العلويين هم الفئة السورية الثانية التي يتم استهدافها بعد الدروز. فهل بدأت الحرب المتوقعة على الأقليات من غير الالتفات إلى أن سوريا هي بلد أقليات أصلا؟ تبسيط المسألة السورية ليس في صالح السوريين. سوريا بلد معقد. روحه متشظية بين جهات متباعدة ومختلفة. تاريخها يقوم على التعدد الديني والعرقي والطائفي. وليس من المستبعد أن تقود النظرة الأحادية المتشددة إلى تمزيق سوريا بدءا من تدمير روحها القائمة على التعدد. فإذا كان العلويون غير مسؤولين عما فعله نظام الأسدين فإن الانتقام منهم سيكون بمثابة إشارة إلى الطوائف والأعراق الأخرى لكي تنتظر مناسبة القصاص منها. في حالة من ذلك النوع ستكون سوريا دولة التطهير العنصري رقم واحد في عصرنا.