رحلة المادة المضادة عبر أوروبا.. العلم يقترب من حل لغز الكون
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
يستعد العلماء لخوض مغامرة علمية فريدة من نوعها بنقل حاوية من المادة المضادة، التي تُعتبر أغلى وأندر مادة في العالم، عبر أوروبا.
يُسلط هذا المشروع الضوء على تحديات التعامل مع هذه المادة الخطيرة، التي قد تُفسر لغزًا أساسيًا حول نشأة الكون وتفوق المادة على المادة المضادة.
نشرت صحيفة "الغارديان" تقرير لمحرر الشؤون العلمية روبن ماكي قال فيه إن الباحثين يستعدون للقيام بواحدة من أكثر رحلات العلم غرابة.
المادة المضادة هي أغلى مادة على وجه الأرض - وتشير التقديرات إلى أنها تكلف عدة تريليونات من الدولارات لصنع غرام واحد - ولا يمكن تصنيعها إلا في مختبرات فيزياء الجسيمات مثل مركز أبحاث سيرن بالقرب من جنيف.
كما أنها صعبة للغاية في التعامل معها. إذا اتصلت المادة المضادة بالمادة العادية، فإن كليهما يبادان، مما يؤدي إلى إطلاق دفعة قوية من الإشعاع الكهرومغناطيسي. فقط من خلال الجمع بعناية بين مجموعات من المجالات الكهربائية والمغناطيسية القوية في أجهزة خاصة يمكن تخزين المادة المضادة بأمان.
يقول البروفيسور ستيفان أولمر، وهو عالم في سيرن: "وهذا يجعل تحريكها صعبا للغاية، رغم أننا الآن على وشك القيام برحلتنا الأولى . المادة المضادة لديها الكثير لتخبرنا به. ولهذا السبب نقوم بهذا".
إن تحريك المادة المضادة سيكون الأول من نوعه على المستوى العلمي، رغم أن له سابقة خيالية. ففي فيلم الإثارة "ملائكة وشياطين" لدان براون ـ الذي تم تحويله إلى فيلم بطولة توم هانكس في عام 2009 ـ سرق إرهابيون علبة من المادة المضادة من سيرن وحاولوا محو الفاتيكان بها.
ويصر العلماء على أن احتمال حدوث انفجار مماثل في الحياة الحقيقية بعيد ـ فالكميات المحمولة من المادة المضادة لن تكون كافية لإحداث انفجار ذي طبيعة يمكن التعرف عليها.
ويريد العلماء دراسة الجسيمات لأنهم يعتقدون أنها قد تحمل الحل للغز أساسي. ويقول أولمر: "نعتقد أن الانفجار الكبير أنتج نفس الكميات من المادة والمادة المضادة. وكان من المفترض أن تدمر هذه الجسيمات بعضها البعض، تاركة كونا مكونا من الإشعاع الكهرومغناطيسي وليس أكثر من ذلك".
إن حقيقة أن الكون يبدو وكأنه مليء بالمجرات والنجوم والكواكب والكائنات الحية المصنوعة من المادة يظهر أن هذه الفكرة لابد وأن تكون خاطئة. فهناك عدم تناسق أساسي فضل المادة ومنع الكون من أن يصبح فراغا فارغا يغلي.
ولهذا السبب، يريد علماء الفيزياء دراسة الاختلافات بين الجسيمات التي تشكل المادة والمادة المضادة. وقد توفر هذه الاختلافات أدلة حول سبب سيطرة المادة على الكون.
كما قالت عالمة سيرن باربرا ماريا لاتاكز لمجلة نيتشر: "نحن نحاول أن نفهم لماذا نحن موجودون".
تتكون المادة من جسيمات دون ذرية مثل البروتونات والإلكترونات، في حين تتكون المادة المضادة من جسيمات تشمل البروتونات المضادة والبوزيترونات (كما تُعرف الإلكترونات المضادة أيضا).
ويوجد مصدر رئيسي للنوع الأخير من الجسيمات في سيرن في جهاز يُعرف باسم مُبطئ البروتون المضاد، حيث يتم توليد البروتونات المضادة وجمعها ودراستها.
والهدف هو قياس خصائص البروتونات المضادة بدقة ومقارنتها بالبروتونات. تُعرف هذه التجربة باسم "التجربة الأساسية"، ويمكنها الكشف عن فروق خفية صغيرة قد تفسر سبب ازدهار المادة على حساب المادة المضادة.
إن المجالات المغناطيسية الخلفية بالقرب من الجهاز تحد من هذا العمل، ويريد العلماء نقل العينات إلى مختبرات أخرى. قال أولمر: "من خلال نقلها إلى موقع جديد، يمكننا إجراء قياسات أكثر دقة بمقدار 100 مرة والحصول على فهم أعمق للبروتونات المضادة".
لتحقيق هذا الهدف، قام علماء سيرن ببناء أجهزة قابلة للنقل تحتوي على مغناطيسات فائقة التوصيل وأنظمة تبريد عميق وغرف فراغ حيث يمكن حبس البروتونات المضادة، وتجنب ملامسة المادة العادية، ونقلها على شاحنات تزن سبعة أطنان.
في البداية، سيتم نقل البروتونات المضادة داخل سيرن. على مدار العام المقبل، سيتم نقل الحاويات إلى أبعد من ذلك إلى مختبر دقيق مخصص في جامعة هاينرش هاينه دوسلدورف.
قال كريستيان سمورا، قائد مشروع النقل: "على المدى الطويل، نريد نقلها إلى أي مختبر في أوروبا". بهذه الطريقة، يأمل العلماء في معرفة سبب اختفاء المادة المضادة من الكون. وقال أولمر "قد يشكل هذا تغييرا كبيرا".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا المادة المضادة رحلة المادة المضادة سر الكون المزيد في تكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا سياسة سياسة تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
14 عاما على اندلاع ثورة فبراير اليمنية التي أسقطت علي صالح.. ماذا تبقى منها؟
حلت الذكرى السنوية الرابعة عشرة لاندلاع ثورة 11 شباط/فبراير عام 2011 ضد نظام الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، وسط تساؤلات عدة عن ماذا تبقى من هذه الثورة بعدما تنكرت لها قوى سياسية كانت حاضرة في أحداثها بقوة.
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، تراجع زخم المظاهر الاحتفالية بذكرى ثورة فبراير في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها، بعدما كانت مظاهر الاحتفال تسجل حضورا رسمي واجتماعي كبيرين.
"ثورة مضادة"
وفي السياق، يرى رئيس مركز الجزيرة للدراسات والبحوث، أنو الخضري إنه في ظل العداء المحلي والإقليمي لثورة ١١ فبراير ونتيجة للثورة المضادة التي قادتها دولتا التحالف (السعودية والإمارات) ضد ١١ فبراير٬ حد تسليم صنعاء لجماعة الحوثي في ٢١ أيلول/سبتمبر ٢٠١٤، وخلق مليشيات انفصالية ومتمردة على الدولة "سعت القوى الثورية والمناصرة للثورة للتخفف من حمولة الثورة في سبيل تسكين ثائرة دول الإقليم، واستعادة ما تعتبره الصف الجمهوري ضد جماعة الحوثي وما تمثله من انبعاث لنظام الإمامة الكهنوتي".
وقال الخضري في حديث خاص لـ"عربي21": إن تلك الأحزاب والقوى استطاعت من إيقاف الاحتفالات والاحتفاء بهذه المناسبة وإخضاع منسوبيها لهذا التوجه، بالرغم أن هذا الأمر لن يغير من موقف الأطراف المحلية أو الإقليمية.
وأضاف "تدرك تلك القوى منها المحلية والإقليمية المعادية لثورة فبراير أن تراجع قوى الثورة عن الاحتفال بذكراها "لا يتجاوز أن يكون تكتيكا سياسيا، لهذا تحافظ على سقف خطابها الهجومي على الثورة ورموزها وتستمر في صنع المؤامرات لتعطيل أي مسار لاستعادة الدولة في صيغة جمهورية ديمقراطية".
وأشار الباحث اليمني "ثورة ١١ فبراير كانت جهدا بشريا شارك فيه الشعب اليمني تعبيرا عن احتجاجه لما آلت إليه أوضاع البلاد، خصوصا في الوضع الاقتصادي والتنموي والحقوق والحريات، متابعا القول: "وقد قدمت نموذجا للتعبير السلمي ضد استبداد الحاكم وفساده وظلمه".
وحسب رئيس مركز الجزيرة للدراسات فإنه لا شك أن هناك أخطاء وقعت من الثوار، ومن الذين تصدروا منصة الثورة، ومن القوى والأحزاب التي ناصرتها، كأي جهد بشري.
غير أن مواجهة النظام البائد لها وتآمر القوى الإمامية واليسارية عليها وتصدي دول الإقليم لها، وفقا للمتحدث ذاته، "أعاق تقدمها وأفشل استمرارها، خصوصا أن الثورة قبلت بأنصاف الحلول وألقت بطود النجاة لرأس النظام البائد وأركان حكمه٬ ما أتاح لهم التآمر على مسار المرحلة الانتقالية وقوى الثورة بتحالفهم مع قوى الإمامة".
وأوضح الخضري أنه ومع شراسة الثورة المضادة التي هدمت مشروع الدولة وعرضت اليمن للتمزق وصراع طويل الأمد وتهديد القوى الثورية والوطنية حتى تشتت أفرادها في مشارق الأرض ومغاربها خفت وهج الثورة وانصرف الناس لمواجهة التحديات المستجدة والمآسي اللاحقة.
لكنه دعا في ختام حديثه إلى "المحافظة على وهج الثورة واستعادة زخمها مهما كلف الأمر لأنها نضال مشروع".
"عطل المشروع السياسي للثورة"
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي أنه منذ ألفين وأربعة عشر دخلت الثورة المضادة المدعومة بسخاء من دول الإقليم، على خط الربيع العربي في اليمن، وهيأت أدوات عديدة لإجهاض ثورة 11 فبراير".
وأضاف التميمي في حديثه لـ"عربي21" أن تلك الثورة المضادة نجحت بالفعل في "تعطيل المشروع السياسي للثورة والتغيير والذي كان يتسلح بأول خارطة طريق وطنية مجمع عليها بشأن الإصلاح والتغيير، يتم إقرارها بواسطة مؤتمر وطني للحوار الشامل".
وأشار "من المؤكد أن عدم استكمال استحقاق التغيير بواسطة الثورة وحدها، والسماح بشراكة مع القوى الأخرى المعادية للمساهمة في قيادة عملية الانتقال السياسي، قد أديا إلى أن تتغول القوى المضادة كثيرا وتصادر القرار السياسي والسيادي، من خلال موقع الرئاسة والمناصب الرئيسية في الحكومة التي شغلها أناس في حالة تضاد مع الثورة أو غير مكترثين باستحقاقاتها".
إضافة إلى ذلك يقول التميمي، إن اندلاع الحرب عزز من "هيمنة القوى الإقليمية وثيقة الصلة بالثورة المضادة على القرار السيادي الوطني مما أفسح المجال لاستهداف ممنهج ومباشر لثورة 11 فبراير ومكتسباتها واستحقاقاتها، وأطلقت العنان للقوى المحلية المضادة للثورة لكي تتصرف بشكل عدائي ضد قوى الثورة والعمل المتواصل لتحييدها".
كل ذلك أنتج وفقا للتميمي "هذا الموقف السلبي والعدائي تجاه ثورة 11 فبراير"، وبالتالي بدت كما لو أن تأثيرها قد اضمحل واستحقاقاتها طُويت، ومظاهرها خبت.
لكنه استدرك قائلا: "إن ثورة 11 فبراير لا تزال موجودة وقواها حية وحاضرة وتقاتل في الميدان"، ومظاهر الاحتفاء بها لم تتوقف، في حين "تثبت قوى الثورة أنها رقم صعب وعامل حاسم في تقرير مصير اليمن".
وتأتي الذكرى الرابعة عشرة في ظل من يحملها ما آلت إليه الأوضاع في البلاد، وآخرين يعتبرونها ثورة لم يكتمل مساره بفعل الثورة المضادة التي برزت بانقلاب جماعة "أنصارالله" الحوثيين وصولا للحرب المدمرة التي جعلت البلد رهينة للهيمنة الخارجية.
"لم يبق سوى الذكرى"
من جانبه، قال الصحفي والناشط الحقوقي اليمني، محمد الأحمدي إن الذكرى السنوية لثورة 11 فبراير في نسختها الرابعة عشرة تحل "ولم يبق منها سوى الذكرى، في ظل نجاح الثورة المضادة التي قادها نظام صالح والحوثيون قبل أن يتخلص الحوثيون من صالح وينتهي المطاف باليمن شمالا في قبضة الإمامة بنسختها الحوثية التابعة لإيران، بينما يرزح جنوب البلاد تحت وطأة الفوضى والانقسامات والتدخلات الخارجية التي زادت الوضع تعقيدًا".
وتابع الأحمدي حديثه لـ"عربي21"أن الأحداث والتطورات التي شهدها اليمن خلال أربع عشرة سنة من الثورة الشبابية السلمية تجاوزت الثورة وفرضت واقعًا يتطلب البحث عن مراجعات حقيقية جادة وتقييم لهذه الثورة التي كانت الأجمل في تاريخ البلاد قبل أن تتخطفها أيادي العابثين والانتهازيين وينتهي بها المطاف إلى الوضع الراهن".
وأشار الناشط الحقوقي اليمني إلى أنه منذ سنوات، تم إلغاء الاحتفالات بذكرى ثورة فبراير في عدد من المحافظات ومن بعض القوى السياسية الثورية التي كانت تقيم مظاهر احتفائية كبيرة بذكرى الثورة، وذلك "بعد أن ارتهنت الكثير من هذا القوى للخارج وسلمت خطامها لقوى إقليمية ترى في ثورات الربيع تهديدًا لها".
فضلا عن ذلك وفقا للأحمدي "برز الحديث عن وحدة الصف الجمهوري في اليمن في مواجهة الإمامة (جماعة الحوثيين) وهو "ما يستدعي تجاوز خطاب الثورة والاتجاه نحو خطاب سياسي يساهم في لملمة شتات اليمنيين لمواجهة الخطر الداهم والأكبر المتمثل بمليشيا الحوثي".