في ضوء التطورات المتسارعة في سوريا ورحيل بشار الأسد، تتزايد التساؤلات حول المستقبل السياسي للمنطقة، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات بين القوى الإقليمية الكبرى مثل تركيا وروسيا وإيران. 

ومع تطور الأحداث، تبرز أسئلة عديدة حول كيفية تغير هذه العلاقات بعد رحيل الأسد، وكيف ستؤثر هذه التحولات في سوريا على الدور المستقبلي لتلك القوى في المنطقة.

 

وفي هذا السياق، طرح الدكتور أحمد العناني الباحث السياسي، رؤيته حول التغيرات المنتظرة في السياسة الإقليمية، وتأثيراتها على العلاقات بين تركيا وإيران، بالإضافة إلى التحولات المحتملة في نفوذ روسيا.

العلاقات التركية الإيرانية بعد سقوط النظام السوري

وأوضح الدكتور أحمد العناني، أن “العلاقات بين تركيا وإيران، على الرغم من بعض التوترات السابقة، لن تنقطع تمامًا، بل ستستمر في إطار تفاهمات كبيرة بين الطرفين في ملفات استراتيجية، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط”. 

ولفت العناني إلى أن تركيا في المرحلة الحالية تعيد صياغة سياستها الخارجية في المنطقة، بما يتماشى مع مصالحها الاستراتيجية، ما يجعلها تبحث عن التقارب مع جميع الدول الإقليمية، حتى تلك التي اختلفت معها في الماضي.

وأضاف العناني في تصريحات خاصة لـ “صدى البلد”، أن “تركيا ستكون المستفيد الأكبر من التطورات الراهنة في سوريا، خاصة بعد رحيل النظام السوري. فأحد أبرز المكاسب التي ستحققها تركيا هو عودة حوالي 3.5 مليون لاجئ سوري إلى أراضيها بعد استقرار الأوضاع في سوريا، وهو ما كان يشكل عبئًا على الحكومة التركية من حيث التكاليف السياسية، الأمنية والاقتصادية”.

وأشار العناني إلى أن تركيا سيكون لها نفوذ كبير في مرحلة ما بعد الأسد بفضل علاقتها القوية مع الفصائل السورية المعارضة المدعومة منها، مما سيمنحها دورًا محوريًا في تحديد مستقبل سوريا.

من جهة أخرى، شدد العناني على أن إيران ستجد نفسها في موقف صعب جدًا بعد رحيل بشار الأسد، الذي كان يشكل حجر الزاوية في استراتيجية طهران الإقليمية، قائلا: "إيران كانت تعتمد بشكل أساسي على دعم النظام السوري وحزب البعث، وبعد رحيل النظام، ستجد إيران صعوبة كبيرة في الحفاظ على نفوذها في سوريا."

وأشار العناني إلى أن القوى المحلية، مثل الجيش الوطني السوري والفصائل المدعومة من تركيا، ستستمر في رفض التواجد الإيراني في الأراضي السورية.

شددت على وحدتها وسلامتها.. بيان عاجل من الإمارات بشأن الأحداث في سوريابيان عاجل من مصرف سوريا المركزي حول العملة المعتمدة وودائع المواطنينالمؤتمر: بيان مصر بشأن سوريا يعبر عن ثوابت الدولة في الحفاظ على الأمن القومي العربي

وأوضح العناني أن إيران كانت قد استفادت في السابق من تواجدها العسكري في سوريا لممارسة ضغوط على إسرائيل والولايات المتحدة، بل وكانت سوريا بمثابة "منفذها الوحيد إلى البحر الأبيض المتوسط". لكن مع تغير الوضع العسكري والسياسي في سوريا، أصبحت إيران في وضع حرج، ولا سيما في ظل التصعيد الكبير بين طهران وأنقرة.

وأشار العناني إلى أن “إيران ربما ستضطر إلى إعادة ترتيب أوراقها في سوريا، حيث من المتوقع أن تنضم بعض الجماعات الموالية لها إلى الجيش السوري الوطني الجديد الذي من المتوقع أن يتم تشكيله من مزيج من الفصائل المعارضة والجيش السوري”.

أما فيما يتعلق بالدور الروسي، فقد أشار العناني إلى أن روسيا، رغم كونها لاعبًا رئيسيًا في سوريا، ستكون في حاجة لإعادة تقييم استراتيجيتها في المنطقة بعد سقوط

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: سوريا تركيا النظام السوري إيران سقوط النظام السوري المزيد المزيد العلاقات بین فی سوریا بعد رحیل

إقرأ أيضاً:

كيف أصبحت إيران أقرب صديق لطالبان؟

كابل- جاءت زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى كابل، أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، لتعبّر عن نقطة تحول في العلاقات الثنائية بين طهران وحكومة طالبان. وكان عراقجي أبرز مسؤول إيراني يزور أفغانستان، معلنا أن "فصلا جديدا في العلاقات" معها قد فُتح.

واعتبر مراقبون الزيارة بمثابة اعتراف إيراني غير مباشر بحكومة طالبان. وبعد عودته إلى إيران، انتقد عراقجي ما أسماه "رُهاب طالبان" في بلاده، وأكد أنه لا ينبغي النظر إلى الحركة كعدو.

وحسب مصادر في الخارجية الأفغانية، فإن الجانب الإيراني قال إن الملف الأفغاني في طهران نُقل من قنوات أمنية واستخباراتية إلى الدبلوماسية.

وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي (يسار) يستقبل نظيره الإيراني عباس عراقجي في الخارجية الأفغانية في كابل (الخارجية الأفغانية) مؤشرات مختلفة

في السنوات الماضية، ومع تزايد التقارب بين حكومة طالبان وإيران، كان التصور السائد هو أن العلاقات بين الطرفين ستكون تكتيكية ومؤقتة، وبعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان ستتبنى طهران نهجا مختلفا تجاه حركة طالبان في أفغانستان.

وبعد 3 سنوات من حكم طالبان، توسعت العلاقات بين الجانبين بشكل كبير، مع مؤشرات على أن علاقات إستراتيجية يتم تشكيلها بين البلدين.

كانت إيران رغم إدراكها لحساسية الأمر لدى طالبان، تدعو باستمرار إلى تشكيل حكومة شاملة في أفغانستان، لكن حكومة مسعود بزشكيان أزالت هذا الاشتراط من جدول أعمال محادثاتها مع طالبان. ثم، وعلى عكس التوقعات، اتخذت الحكومة الإيرانية الجديدة خطوات جادة في العلاقات مع حركة طالبان تمثلت بزيارة وزير خارجيتها إلى كابل.

إعلان

وفي هذا السياق، يقول رئيس دائرة الشؤون السياسية بالخارجية الأفغانية ذاكر جلالي، إن الهدف من زيارة عراقجي هو إيصال رسالة واضحة أن العلاقات ستكون طبيعية بين البلدين، وستُدار من قبل القنوات الدبلوماسية.

وأوضح جلالي، للجزيرة نت، أن الوفد الإيراني ناقش كافة المواضيع المهمة مع الجانب الافغاني مثل التجارة، والمياه، وقضية اللاجئين؛ حيث طالبت الحكومة الأفغانية من الإيرانيين التريث في إعادتهم، لأن الأمر يحتاج إلى وقت لترتيب استقبالهم في أفغانستان.

علاقات جوهرية

شهدت العلاقة بين إيران وحركة طالبان توترا شديدا في الماضي، حتى أن إيران عزمت شن غزو عام 1998على أفغانستان بسبب مقتل دبلوماسيين إيرانيين في مدينة مزار شريف شمال أفغانستان.

ورغم مشكلة طالبان الأساسية مع إيران بشأن أهدافها الإستراتيجية في المنطقة، تشير التطورات الأخيرة إلى تحول جوهري في العلاقات بين كابل وطهران، حيث وصلت العلاقات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية والأمنية بين الجانبين إلى مرحلة يمكن أن نسميها "إستراتيجية"، وفق محللين.

ونشأت العلاقة بين طالبان وإيران أثناء الوجود الأميركي في أفغانستان، وقدمت لطالبان الأسلحة والدعم الاستخباراتي، وأقامت علاقات قوية مع بعض القادة. والآن، رغم التباين الأيديولوجي مع إيران، فإن الحركة تحتاج إلى طهران بسبب عزلتها الدولية وطرق التجارة المحدودة.

يقول الباحث السياسي نجيب كريمي للجزيرة نت "نظرا للعلاقات المتوترة بين طالبان وباكستان، فإن إيران أصبحت تتمتع بأكبر قدر من النفوذ على حكومة طالبان، ولديها علاقات قوية مع دائرة قيادة طالبان والقادة العسكريين البارزين، ويحتاج كل واحد الآخر، والقاسم المشترك بينهما هو شكل علاقتهما بالولايات المتحدة".

الشراكة الاقتصادية

وصل حجم التجارة الرسمية لطالبان مع إيران إلى أكثر من 4 مليارات دولار أميركي في العام الأخير. ولم تتجاوز هذه العلاقة خلال عقدين ماضيين بين طهران وكابل ملياري دولار، بسبب تأثّر العلاقات الاقتصادية بين أفغانستان وإيران بالعقوبات الأميركية، وبما أن إيران كانت تخضع لعقوبات اقتصادية دولية شديدة، فقد كانت أفغانستان حذرة في علاقاتها مع طهران.

إعلان

وقال المتحدث باسم وزارة التجارة الأفغانية عبد السلام جواد للجزيرة نت، إن صادرات إيران غير النفطية إلى أفغانستان وصلت العام الماضي إلى أكثر من 3 مليارات دولار، وهو ما يمثل نموا بنسبة 80% عن العام السابق. وتشير المحادثات الجارية بين الجانبين إلى أن توسيع العلاقات التجارية سيستمر.

على العكس من ذلك، يقول جواد إن العلاقات التجارية بين طالبان وباكستان تراجعت إلى ما دون 700 مليون دولار، بعد أن بلغت بين أفغانستان وباكستان خلال الحكومة السابقة أكثر من 2.2 مليار دولار بين 2017 و2018.

ويرى خبراء الشأن الأفغاني أن إيران لعبت دورا مهما في تقليل اعتماد طالبان على الموانئ الباكستانية عبر خط السكك الحديدية وميناء تشابهار الإيراني، لأن علاقات طالبان مع باكستان تدهورت، وتحاول كابل توسيع علاقتها التجارية مع الهند، لذا تهتم بميناء تشابهار.

جنود أفغان في مدينة هرات القريبة من الحدود مع إيران قبيل سيطرة طالبان على الحكم في أفغانستان صيف 2021 (الأوروبية) العلاقات الاستخباراتية

إلى جانب التعاون الوثيق مؤخرا بين المستشارين العسكريين للحرس الثوري الإيراني وكبار شخصيات طالبان، تم تعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الجانبين.

ويركز هذا التعاون بشكل أساسي على مكافحة تنظيم الدولة والمخدرات وعصابات التهريب. وأكد وزير الدفاع الأفغاني الملا يعقوب مجاهد، في تصريح صحفي، أهمية العلاقات الاستخباراتية وتبادل المعلومات خلال لقاء مع وزير الخارجية الإيراني.

بينما يقول مصدر -فضّل عدم ذكر اسمه- في الداخلية الأفغانية للجزيرة نت، "إن طالبان وإيران تواجهان بشكل مشترك النفوذ والتدخل الغربي".

ويقول الباحث السياسي رحيم اندر للجزيرة نت "تشعر إيران بالقلق إزاء التهديد الذي تشكله الجماعات المسلحة في سيستان وبلوشستان؛ وتعتقد أنها تحظى بدعم طالبان، ويبدو أن الحركة تحاول ضبطها إلى حد ما".

إعلان اختلافات صعبة

رغم توسع العلاقات بين طالبان وإيران، فإن هناك تحديات في العلاقة بين الجانبين، أهمها مشكلتا المياه واللاجئين، وحق إيران في نهر هلمند.

وتتهم السلطات الإيرانية طالبان بعرقلة تدفق المياه إلى إيران، وتعتقد أنها بموجب اتفاق 1972 لها الحق في 820 مليون متر مكعب سنويا من نهر هلمند، إلا أن بناء أفغانستان للعديد من السدود أدى إلى خفض تدفق المياه إلى إيران. وأدى إلى تفاقم أزمة نقص المياه في سيستان وبلوشستان.

وانتقلت العلاقات بين طالبان وإيران من المرحلة التكتيكية إلى المرحلة الإستراتيجية. وتُعد زيادة التبادل الاقتصادي والتعاون الاستخباراتي وانخفاض التوترات السياسية علامات على هذا التحول.

ورغم ذلك، لا تزال التحديات مثل قضية المياه واللاجئين وبناء الجدار مع أفغانستان أيضا قائمة ويمكن أن تؤثر مستقبلا على العلاقات بين البلدين.

مقالات مشابهة

  • الخارجية الروسية: مستمرون في دعم سوريا ونتوقع تطور العلاقات في المستقبل
  • سيطرة “إسرائيل” على سوريا.. مقدّمة لحرب ضدّ إيران
  • مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية مازن علوش لـ سانا: خلال شهرين من تحرير سوريا من النظام البائد، استقبلت المنافذ الحدودية مع تركيا 100,905 مواطنين من أهلنا السوريين العائدين للاستقرار النهائي في وطنهم
  • الشرع: آلاف المتطوعين ينضمون إلى الجيش السوري الجديد بعد الإطاحة بـ"نظام الأسد"
  • كيف أصبحت إيران أقرب صديق لطالبان؟
  • كيف تبدو أسعار العقارات في سوريا بعد سقوط نظام الأسد؟
  • الزراعة النيابية:نتابع الملف المائي مع إيران وتركيا لضمان حق العراق
  • مباحثات استخبارية بين تركيا وإيران في طهران
  • خبير سياسي روسي يكشف لـ"البوابة نيوز"صراع المصالح والتحديات في سوريا بعد الحرب
  • زيارة مرتقبة للرئيسين السوري واللبناني إلى الكويت قريبًا