العشاء الأخير في دمشق.. كيف تخلت إيران وروسيا عن الأسد؟
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
بغداد اليوم - متابعة
قبل أن يسقط الرئيس السوري السابق، بشار الأسد، البالغ من العمر 59 عاماً، ويصبح لاجئاً مع عائلته في موسكو، سلمته إيران عبر وزير خارجيتها عباس عراقجي الذي زار دمشق وتناول العشاء الأخير في أحد شوارعها، قبل نحو أسبوع، رسالة بالغة الأهمية.
فقد أوضح عراقجي للرئيس السوري السابق أن بلاده "لم تعد في وضع يسمح لها بإرسال قوات لدعمه"، وفق ما كشف مصدر إيراني مطلع.
وقال المصدر المقرب من الحكومة الإيرانية: "لقد أصبح الأسد يشكل عبئا أكثر منه حليفا"، واعتبر أن "الاستمرار في دعم الأسد كان من شأنه أن يؤدي إلى تكاليف باهظة على إيران"، كما أضاف أن طهران كانت محبطة من الأسد منذ نحو عام، حسب ما نقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز".
كذلك أشار إلى أنه حين زار عراقجي دمشق الأسبوع الماضي، أخبره الأسد أن الانسحاب من حلب كان تكتيكيا، وأنه لا يزال مسيطراً ولا يحتاج لدعم.
مغادرة الحرس الثوري
لكن الفصائل المسلحة سرعان ما سيطرت لاحقا على حماة بعد حمص وحلب، وبدأت فصائل محلية بالتقدم من الجنوب نحو دمشق.
وعلى الرغم من تأكيد إيران علناً أنها تدعم الحكومة والجيش السوريين، إلا أنها بدأت بالتخلي عن الأسد.
فقد أكد المصدر أنه خلف الكواليس، بدأ الإيرانيون بالتخلي عن الرئيس السوري، إذ غادر كافة أفراد النخبة في الحرس الثوري، إلى جانب الدبلوماسيين وعائلاتهم، بأعداد كبيرة، متجهين إلى العراق.
دور تركي
من جهتها لعبت تركيا دوراً مهماً أيضا على الصعيد العسكري، في دعم الفصائل التي أسقطت الرئيس السابق، واستولت على العاصمة دمشق.
فقد أوضح شخص مطلع على الأحداث أن الاستخبارات التركية، التي دعمت فصائل مسلحة عدة وساعدتها في السيطرة على مساحة واسعة من الأراضي جنوب الحدود التركية السورية منذ عام 2016، قدمت دعمًا للهجوم المباغت الذي انطلق قبل أيام.
وأضاف أن الطائرات التركية المسيرة كانت التقطت صورا ورسمت مسبقًا خرائط للمنشآت العسكرية على الطريق نحو دمشق لأسباب عملياتية خاصة بها، لذا تمكنت لاحقا من تقديم جردة مفصلة للفاصائل حول هذه المواقع.
كما أشار إلى أن أنقرة دعمت بعض الفصائل التي تعمل تحت راية الجيش الوطني السوري والتي نسقت خلال الفترة الماضية مع "هيئة تحرير الشام"، بالسلاح، على الرغم من نفيها التورط بهذا الهجوم رسمياً.
في المقابل، حصلت تركيا على ضمانات بأن المسلحين لن ينضموا إلى القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة (قسد)، والتي تسيطر على مناطق واسعة من الأراضي السورية.
ضمانات لروسيا
أما روسيا التي لم تنخرط قواتها بشكل كبير في المواجهات ضد الفصائل المسلحة، فيبدو أنها بدروها عقدت صفقة ما.
ففيما قدمت تعهدات علنية بدعم النظام السابق، كشف مسؤول سابق في الكرملين أن روسيا كانت عاجزة عن مساعدة الأسد، فقد أدى غزوها لأوكرانيا إلى استنزاف القوات الروسية.
في حين، أوضح مصدر في الكرملين أن الفصائل المسلحة ضمنت سلامة القواعد الروسية والمرافق الدبلوماسية في سوريا، حسب ما أفادت سابقا وكالة "تاس".
وفي السياق، رأى جون فورمان، الملحق الدفاعي البريطاني السابق في موسكو، أن سقوط قاعدة روسيا الجوية في حميميم وقاعدتها البحرية في طرطوس، كان مسألة وقت مع تقدم الفصائل.
وأضاف: "لو لم يتمكن الروس من ضمان أمن هاتين القاعدتين، فسيتعين عليهم المغادرة".
إذ بدون هاتين القاعدتين سيكون من الصعب على روسيا تحدي البحرية التابعة للناتو أو التصدي لقواتها الجوية في البحر المتوسط والبحر الأحمر، ودعم وجودها في شمال وشبه الصحراء الإفريقية، حسبما أوضح فورمان.
إذا لم يكن من مفر أمام موسكو المشغولة بحربها في أوكرانيا سوى التخلي عن الأسد.
هكذا لم يعد الرئيس السوري السابق "ذي فائدة" سواء بالنسبة إلى إيران أو روسيا، فسقط ليواجه حالياً مستقبلاً غامضاً.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
السنوار الذي أسقط الأسد.. كيف نفهم ما حدث؟
دعونا نتوقف لحظة.. لنترك الأفكار القديمة، والتصورات المسبقة، والتحيزات جانبًا، فلقد دخلنا مرحلة تتغير فيها الجيوسياسة في الشرق الأوسط والعالم.
وإذا لم نفهم هذا التغيير، فسنكون على الجانب الخطأ من التاريخ، وسنفوت فرصة التكيف مع هذه التغيرات.
دعوني أشرح لكم هذه الجيوسياسة المتغيرة.
الزخْم الذهبي
حدثت ثورة في سوريا، وفي 11 يومًا فقط سقط نظام البعث الذي دام 61 عامًا، وفي تلك الفترة، بدأ ما كان يُعتبر سابقًا “منظمة إرهابية” يظهر قدرة غير متوقعة على إدارة الأمور في دمشق، مما فاجأ الجميع.
كيف يمكن أن يحدث هذا؟
بعد زياراتي المتكررة إلى سوريا، كان هذا من أكثر الأسئلة التي طُرحت عليَّ بدهشة.
سبب هذه الدهشة يكمن في عدم الفهم الكامل للتغيرات الجيوسياسية التي حدثت، فلقد تغيرت الجيوسياسة.
لكن كيف حدث هذا التغيير بسرعة كبيرة؟
أسمي هذا التغيير “الزخْم الذهبي”، وهو يعني تقاطع عدة عوامل في وقت واحد محدثة دُوامة سريعة تغير كل شيء حولها.
بعبارة أكثر وضوحًا: تزامن تراجع قوة كل من روسيا، وإيران، وحزب الله، ونظام الأسد في الميدان، مع التغيرات السياسية في الولايات المتحدة، وزيادة العدوانية الإسرائيلية، مما أدى إلى حدوث تحول جيوسياسي مفاجئ.
واستفادت المعارضة السورية من هذا الفراغ الذي نتج عن الزخم الذهبي، وملأت الفراغ بسرعة، مما غيّر مجرى التاريخ في 11 يومًا فقط.
غزة كمحفز للتغيير
لو قيل ليحيى السنوار أن عمليته ستؤدي إلى إسقاط نظام الأسد بدلًا من إسقاط حكومة نتنياهو، لما صدق ذلك على الأرجح. وليس السنوار فقط، بل لا أعتقد أنّ أحدًا كان سيصدق ذلك.
غير أن العملية الشهيرة التي وقعت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول قد أظهرت طاقة كامنة في المنطقة بطريقة قوية للغاية، وكان تأثير الزلزال الذي أعقبها سببًا في سقوط النظام في سوريا، وتغير التحالفات في المنطقة فجأة، مما أدى إلى ظهور مشهد جديد كليًا.
وكأنما حدث انفجار في لحظة ما، تراجعت الدول التي دعمت إيران، وروسيا، وحزب الله، ونظام الأسد بشكل سريع وغير متوقع، ليحدث تغير جذري في الوضع.
تركيا، التي كانت تواجه تحديات مع حكومة دمشق لمدة 50 عامًا، أبرمت تحالفًا قويًا مع الإدارة الجديدة. كما اقتربت السعودية، والإمارات، من تركيا، وبدأتا في بناء علاقات قوية مع حكومة دمشق.
اقرأ أيضاتحذيرات من زلزال مدمر يضرب تركيا في أي لحظة: “لن يترك…
السبت 11 يناير 2025وفجأة، جاء وفد من الحكومة اللبنانية إلى أنقرة، وأعلن عن بداية مرحلة جديدة، كما بدأ الاتحاد الأوروبي بإرسال وفود إلى دمشق بشكل متتابع، وبدأت الاتصالات مع الحكومة السورية الجديدة. وحتى دونالد ترامب قال إن تركيا هي الدولة الرئيسية في المرحلة الجديدة في سوريا.