عربي21:
2025-03-14@12:09:49 GMT

صدمة سقوط الأسد

تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT

سوريا بدون الأسد، هذه حقائق التاريخ وثمن التضحيات التي دفعها الشعب السوري طوال 14 عاما، ونتيجة طبيعية لمسار حكم العائلة طوال 54 سنة.

قبل ساعات قليلة من فرار بشار الأسد وانهيار منظومته العسكرية والأمنية، وأمام زحف قوات المعارضة السورية باتجاه دمشق، كانت بعض الأصوات المحسوبة على تيار دعم النظام في الداخل السوري ومن بعض الدوائر العربية تحاول تبديد هذه الحقائق، لكن سرعة الحدث وفرض السيطرة، بدلت كل الخطاب الإعلامي الذي حاول حصر المشهد السوري، واختزاله بـ"هيئة تحرير الشام" كتنظيم مدرج على قائمة "الإرهاب"، وإسباغ كل فصائل المعارضة بثوب التزوير مجددا من بوابة الإرهاب، واستحضار "داعش" فزاعة للداخل والإقليم والمجتمع الدولي.



انهيار كل ما علق بصورة الثورة السورية من تزوير، يؤكده مشهد التعامل مع المناطق التي أصبحت تحت سيطرة فصائل المعارضة من الشمال السوري حتى الجنوب بشهية طمأنة مجتمعها وبتطبيق تجربة الضبط الذاتي، ويقول إن هناك شمعة صغيرة بدأت تضيء في سماء وأرض بلدٍ غارق في الظلمة والدمار والموت والقهر لأكثر من خمسة عقود.

صدمة نهاية نظام بشار الأسد، لن تكون محصورة في الحيّز الجغرافي السوري، فحلقة وظيفة النظام كانت مرتبطة بسلسلة عربية إقليمية ودولية لفترة طويلة من حكم الأسدين الأب والابن
وهذا يحتاج لجهود جبارة وعمل كثير يعرفه السوريون تماما، فالتخلص من نظام الأسد وإعادة كشف الندوب الكثيرة التي تركها خلفه، تفتح المجال لبداية طريق جديد بعد التخلص من الاستبداد، وتجعل البحث عن أي حل سياسي غير خاضع لمنطق ومفهوم الأمن والسيطرة، لتجنب الانتكاسة المعهودة في الثورات العربية، كما حدث في مصر وتونس وليبيا واليمن، مع أنها جُربت في سوريا بسلوك النظام السابق وارتباطه الوثيق مع محور الثورات المضادة الذي ظل حتى الثانية الأخيرة من وقت الإعلان عن فراره يدافع عن جرائمه وتبريرها.

من المؤكد أن صدمة نهاية نظام بشار الأسد، لن تكون محصورة في الحيّز الجغرافي السوري، فحلقة وظيفة النظام كانت مرتبطة بسلسلة عربية إقليمية ودولية لفترة طويلة من حكم الأسدين الأب والابن، وسرعة امتصاص هذه الصدمة بدأ بتغيير اللهجة والاستعداد للتواصل مع القوى على الأرض لمحاولة استعادة هذه الحلقة. فما حصل مرعب ومخيف لكل القوى التي كانت ترى في نظام الأسد ضمانة وحائط صد في منع التغيير في المنطقة العربية، وخصوصا في بلدان الثورات المضادة والحلف الداعم لها. ومن هنا تبقى المخاطر قائمة ومحيطة تتربص انتهاز فرصة استنساخ الفشل المطبق في ثورات عربية مغدورة، وهذا ما يستدعي الوعي والانتباه الذي نعتقد أن السوريين بلغوه منذ زمن ارتكاب المجتمع الدولي جريمة منع سقوط النظام.

الفوضى بعد سقوط نظام الأسد حذر منها الطاغية نفسه، وأخاف بها السوريين والعالم، بأن بديل وجوده إرهاب سيعم المنطقة، وكذلك التحذير العربي والدولي من فقدان سوريا لوحدتها وسيادة أرضها، وكأن الفراغ قدر لا رد له لعدم امتلاك السوريين حلا لمعضلة التخلص من قاتلهم.

وكل هذه المحاذير أكذوبة كبرى مستمرة بدون الاعتراف بأن الشعب السوري يمتلك القدرة على تقرير مصيره وبناء دولته على أسس المواطنة والحرية والقانون والدستور. فالمأزق المستحيل انتهى بنهاية عهد الطاغية، وكل الصعوبات والمستحيلات التي حاول فرضها أعداء التغيير في سوريا فشلت، وكل صعوبة ستكون أسهل من رؤية الماضي بتحويل سوريا كلها لمعتقلات وزنازين لم ينته السوريين من فتحها لفتح طاقة أملٍ نحو المستقبل. مهام كثيرة تنتظر السوريين، وآمال أكثر ينتظرها الشعب السوري من النظام العربي؛ أولا التخلص من حالة الذهول والصدمة مما حصل في سوريا، والاعتراف بشرعية مطالب السوريين ببناء وطن موحد يقوم على المواطنة والحرية والتعددية السياسية، والتخلي عن وظيفة الأمن غير المرتبط بالأمن العربي وعمقهفمن كان يخاف على وحدة التراب السوري في النظام العربي الرسمي ليتفضل بالتحرك لمواجهة تمدد الاحتلال بإعادة احتلال أراضٍ جديدة في سوريا، ويصرخ بوجه نتنياهو لتمزيقه اتفاق فض الاشتباك، ويندد ويدين مواصلة المحتل غاراته وعدوانه على سيادة سوريا.

مهام كثيرة تنتظر السوريين، وآمال أكثر ينتظرها الشعب السوري من النظام العربي؛ أولا التخلص من حالة الذهول والصدمة مما حصل في سوريا، والاعتراف بشرعية مطالب السوريين ببناء وطن موحد يقوم على المواطنة والحرية والتعددية السياسية، والتخلي عن وظيفة الأمن غير المرتبط بالأمن العربي وعمقه. فالمخاطر ليست كامنة برغبات ومطالب الشعب السوري، وما أكده السلوك الصهيوني بإعادة احتلال مواقع جديدة في سوريا وضرب مخازن السلاح على الأرض، هو الشيء الأكيد غير الوارد في القلق العربي من أن المخاطر تكمن خارج حدود سوريا وفي الاحتلال نفسه بعد هروب رأس النظام حارس الحدود.

الطريق طويل والمخاطر عديدة في مسيرة بدأت في اليوم التالي لسقوط النظام السوري، لكن المستحيلات المتخيلة والأوهام سقطت، ويمتلك الشعب السوري من المواعظ والتجارب كمّا هائلا يجنبه السقوط في أفخاخ عدة تنصب له. فأنهار الحقد والدم والصواريخ التي بناها النظام ستجف، وملايين الضحايا كلفة النفاق والتخاذل العربي والدولي للسوريين كان لها وقع الصدمة.. انحسار كل ذلك وتخفيفه بحصر المعركة الآن بكيفية إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا والانتقال السلس والسلمي للسلطة بدون الغرق بمشاعر القلق هو تعافٍ من صدمة لن تُخلف إعاقة مستحيلة على الشعب السوري، وبكيفية نهوضه مجددا في وطن يسترد حضوره ودوره على الخارطة العربية والدولية.

x.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا الأسد الثورة صدمة سوريا الأسد حرية الثورة صدمة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب السوری التخلص من فی سوریا

إقرأ أيضاً:

أردوغان يكرم عميد المعتقلين السوريين وخطيب الأقصى في حفل جائزة دولية

كرّم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عميد المعتقلين السوريين الطيار رغيد الططري، الذي قضى 43 سنة من حياته في سجون نظام الأسد المخلوع، وخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري.

جاء ذلك خلال حفل أقيم، الخميس، في العاصمة التركية أنقرة، لتوزيع جوائز الخير الدولية التي يقدمها وقف الديانة التركي التابعة لرئاسة الشؤون الدينية.

وخلال الحفل، كرّم أردوغان، الطيار الططري، الذي رفض تنفيذ أوامر قصف مدينة حماة خلال مجزرة الرئيس السوري السابق حافظ الأسد عام 1982، ما أدى إلى سجنه لـ43 سنة في سجن صيدنايا.



كما قدم أردوغان، جائزة الوفاء لخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، الذي عمل قضى حياته في مواجهة مخططات الاحتلال في المسجد الأقصى والدفاع عن الحرم القدسي.

ومن الحاصلين على جائزة الخير، الطالب عمر عساف كار، الذي قاد طلاب مدرسة عمرانية "محمد علي يلماز الابتدائية"، في احتجاج ضد دخول شاحنة تابعة لشركة تدعم الاحتلال إلى المدرسة.

ومنحت جائزة الوفاء أيضا بشكل رمزي إلى الخطاط التركي حسن جلبي، المعروف بلقب "رئيس الخطاطين"، والذي توفي في فبراير/شباط الماضي، وتسلم الجائزة نيابة عنه ابنه مصطفى.

أنقرة.. أردوغان يكرّم، اليوم الخميس، خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري والطيار السوري رغيد الططري الذي قضى 43 عاما في سجون نظام الأسد المخلوع بسبب رفضه قصف المدنيين خلال مجزرة حماة. pic.twitter.com/QPfzpJ4ExT — وكالة أنباء تركيا (@tragency1) March 13, 2025

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يُكرم الطيار السوري المحرَّر رغيد الططري الذي قضى 43 عاماً في سجون الأسد لأنه رفض قصف حماة عام 1982 pic.twitter.com/EFIuBLUiXH — Abdulrahman Al Hariri (@abdulrahmanpho) March 13, 2025

مقالات مشابهة

  • الأم التي أبكت السوريين تطل ثانية .. (كلكم ولادي)
  • "الشرع يكرر سيناريو الأسد".. الإدارة الذاتية الكردية تعلق على الإعلان الدستوري في سوريا
  • أردوغان يكرم عميد المعتقلين السوريين وخطيب الأقصى في حفل جائزة دولية
  • حسام موافي يحذر من أي خلل في النظام الكهربائي للقلب.. اعرف ليه؟
  • مجلس سوريا الديمقراطية: الشرع يكرر ما كان يفعله الأسد
  • «الفقه الإسلامي» هو المصدر الأساسي للتشريع.. الرئيس السوري يوقّع على مسودة «الإعلان الدستوري»
  • رغم سقوط الأسد.. مصانع الكبتاغون تتجذر في الشرق الأوسط
  • سوريا.. وزارة الدفاع تعلن إحباط هجوم لفلول الأسد في اللاذقية
  • حكايات المندسين والفلول في سوريا
  • من يتحمل مسؤولية ما يحدث في سوريا؟