غزيون يبحثون عن الأمان تحت سقوف متداعية
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
غزة- في مبنى تهاوت قواعده ولم يتبقّ منه سوى الطابق العلوي الأخير، فتحت الحاجة زكية ثغرة جانبية بالكاد تكفي لمرور شخص نحيف لتدخل منها إلى مأواها. بصعوبة بالغة عبرنا إلى المكان وخلال الدقائق القليلة التي أجرينا فيها المقابلة شعرنا بدوار شديد بسبب الأرضية المائلة التي نقف عليها.
سألناها "كيف تحتملون العيش هنا ونحن لم نستطع المكوث فيه وقتا قصيرا؟"، لتجيب باقتضاب "مجبرة لا مخيرة"، لم تكن الأرضية المائلة المعضلة الوحيدة، فزكية تنام مع عائلتها على أرضٍ رملية باردة يفرشونها بغطاء استخرجه زوجها من مكب القمامة، غسلته بصبر ودموع وينامون عليه بلا وسائد ولا أغطية.
تعيش زكية في رعب مستمر وتقول "أرتعد من أصوات القصف والانفجارات وأتخيل انهيار السقف علينا"، وعند هطل الأمطار يتسرب الماء من الأسقف والجدران المتهالكة ومن الفتحات الجانبية فيصير المكان مستنقعا من الطين ويلجؤون إلى الزوايا المرتفعة من الأرض المنحدرة ليقضوا ليلتهم في صراع مع البرد والرطوبة.
الحاجة زكية لم تجد ملجأ سوى الطابق العلوي من عمارة منسوفة (الجزيرة) حلم العودةوتشير زكية، النازحة من بيت لاهيا شمال قطاع غزة، إلى زاوية مستترة بستائر بالية، صنعت منها حماما بدائيا لعائلتها لقضاء الحاجة. ولا تتمنى سوى الاجتماع مع أبنائها الذين فرقتهم عنها الحرب والعودة ولو في "خم دجاج على أرض بيتها"، كما تقول.
في مبنى متهاوٍ لم يبق منه سوى فناء أرضي بسقف مهترئ وجدران متصدعة، تحتمي عائلة أبو الحسنى المكونة من أكثر من 40 فردا، جمعهم النزوح بعدما فقدوا كل ما كانوا يملكونه. ويتبين من بقايا تصاميمه أنه كان في يوم ما مقهى فاخرا.
تكابد هذه الأسرة ظروفا بالغة القسوة، فالجدران بالكاد تصمد أمام الرياح، والأسقف لا تقوى على منع تسرب مياه الأمطار. يقول إسماعيل أبو الحسنى "قضينا الشتاء الماضي ونحن نحتمي بقطع من البلاستيك، لكن الماء تسرب إلينا من كل مكان، اضطررنا للانتقال إلى مخزن مؤقت، ثم عدنا هنا بعد انتهاء المطر، لا خيار لدينا".
عائلة أبو الحسنى تحتمي ببقايا مقهى متهالك في ظل اكتظاظ مراكز الإيواء بالنازحين (الجزيرة)مع انعدام خدمات المياه بسبب تدمير شبكات الإمداد، يعتمد إسماعيل وبقية العائلات على صهاريج تعبئة المياه العذبة لتلبية احتياجاتهم اليومية، من الشرب إلى الغسيل والطهو. ويتساءل بحزن "كيف سنعيش إذا استمر هذا الوضع؟ حتى أبسط الأمور أصبحت رفاهية ونعاني حتى نحصل عليها".
إعلانكانوا يعيشون حياة مترفة، ويذكر إسماعيل للجزيرة نت "كنا تجارا نملك عشرات المشاريع الكبيرة، لكن الحرب حولتنا إلى لاجئين بلا مأوى، كل ما بنيناه خلال سنوات العمر انتهى في لحظة". كما فقدوا 3 من أبنائهم في غارات جوية، ويعيش أطفال هؤلاء الشهداء الآن في المقهى المهجور ذاته في خوف دائم وصور محفورة في الأذهان عن حياة كانت أفضل.
ورغم المعاناة، يحمل إسماعيل حلم العودة إلى أرض منزله حتى ولو لم يستطع أن يبني إلا خيمة، ويقول "أن تشعر أنك على أرضك إحساس يعطيك نوعا من الاستقرار وإن كنت بلا سقف. فما الفائدة من قصر تحت مرمى الصواريخ؟ نريد فقط أن تنتهي الحرب بعدها سنعيد بناء حياتنا من جديد، حتى لو بدأنا من الصفر".
عائلة أم ربيع النازحة من مخيم جباليا لم تجد مأوى سوى غرفة في محطة وقود مدمرة (الجزيرة) نزوح قسريعلى مفترق طرق صاخب وسط مدينة غزة حيث محطة وقود مدمرة، تتعجب من وجود أحبال غسيل تتدلى على حافة المبنى المنهار، وأغطية قماشية تسد ثغرات واسعة أحدثتها قذائف الحرب، تقترب أكثر فتكتشف مأوى غير اعتيادي حيث غرفة بلا باب، تضم أكثر من 10 عائلات نزحت قسرا من مخيم جباليا، هربا من الموت الذي يلاحقهم.
التقت الجزيرة نت أم ربيع، التي حاولت النزوح إلى مخيمات الشمال في ملاعب كرة القدم، لكن الاكتظاظ هناك وانعدام الخيارات أمامها أجبرها وعائلتها على اختيار هذا المكان الآيل للسقوط، وتقول "آخر ما كنت أتوقعه في حياتي أن يجبرني أحدهم على ترك بيتي الواسع والعيش في محطة وقود تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة".
ليلها وأطفالها أقسى من النهار، فظلام المحطة يجذب عشرات الكلاب الضالة التي تتجمهر حول الغرفة، تنبح بلا توقف، بينما يرتجف الأطفال من الخوف والبرد رغم محاولاتها سد مدخل الغرفة بحصيرة بالية، لكن الأصوات المزعجة تظل تنخر أمانهم المفقود، وتجعل النوم حلما بعيد المنال.
استغرق تنظيف المكان أكثر من أسبوع في محاولة لجعله صالحا للسكن، وتضيف أم ربيع "لا توجد مياه كافية ولا كهرباء، ولا حتى ملابس شتوية تقي أطفالنا البرد، طلبت المساعدة، لكنهم أخبروني أنني غير مسجلة ضمن نازحي الخيام".
إعلانوبعدما كانت تسكن بيتا رحبا وجميلا في جباليا تجد نفسها اليوم في مكان لا يصلح لعيش الآدميين، كما تقول. ورغم أنها تحمل قلبا مثقلا بفقدان ابنها البكر فإنها ما تزال تتشبث بأمل عودتها إلى جباليا رغم الصور التي كشفت عن دمار منزلها. وتؤكد "ربما لن أجد البيت لكنني سأجد الأرض التي احتضنت ذكرياتي، سأجد شيئا أتشبث به حتى لو كان حجرا واحدا".
عائلة أم ديب نازحة في مدخل عمارة متهاوية (الجزيرة) وجع واختباروفي مربع مجمع مستشفى الشفاء الطبي الذي لطخته بصمات الحرب وآثار التدمير، تقبع عائلة أم ديب التي نزحت قبل شهر فقط، ولكنها عاشت خلاله عمرا من الوجع والاختبار، حين وصلت السيدة وأطفالها إلى المنطقة ليلا وكانت المدارس مكتظة بالنازحين، والخيام القماشية المنصوبة لم تكن أكثر من استعراض هش أمام قسوة الريح والمطر، ليجدوا أنفسهم في مدخل عمارة سكنية منهارة فنظفوا ما استطاعوا منها ليصير مأوى مؤقتا.
مع كل يوم يمر، تتعقد الحياة أكثر للحصول على ماء الشرب، تنتظر الأسرة بصبر مرور سيارات توزيع المياه في الشوارع، أما الطعام فتُعد أم ديب أبناءها لمهمتهم اليومية، التوجه إلى التكايا حيث توزَّع وجبات بسيطة. وتقول "نأكل العدس أو المعكرونة أو الأرز كل يوم، الصغار يرفضون أحيانا، لكن لا خيار لنا".
حتى النوم بين الركام وتحت سقف آيل للسقوط أصبح امتيازا نادرا، ففي بداية نزوحهم حصلوا على سجادة قديمة استخرجوها من تحت الأنقاض. وتقول أم ديب "نمت وأطفالي عليها مدة أسبوعين دون أغطية أو وسائد ثم استلفنا بعضها من أهل الخير".
عائلة أم ديب النازحة تعاني للحصول على المياه الصالحة للشرب والغذاء (الجزيرة)وتضيف حاملة طفلتها الصغيرة البالغة من العمر عامين طوال الوقت خوفا عليها من الركام المحيط "هناك أسياخ حديدية وزجاج مكسور في كل زاوية لا أستطيع المخاطرة، عندما يحل الليل، أظل مستيقظة، أخشى دخول القوارض أو الكلاب الضالة على أطفالي. وعندما تشرق الشمس، أسمح لنفسي بالنوم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات عائلة أم أکثر من
إقرأ أيضاً:
وزير العمل: نستهدف إصدار قانون عمل الأمان الوظيفي للعامل ويشجع على الاستثمار
كتب- محمد أبو بكر:
التقى محمد جبران، وزير العمل، بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة مع محمود نجيب مشعل، وأمين مسعود، أعضاء مجلس النواب، في إطار حرص الوزير على التواصل مع نواب الشعب للنقاش في العديد من الملفات المشتركة التي تخص قطاع العمل.
وأكد "جبران"، بحسب بيان وزارة العمل، الجمعة، حرصه على الاستماع إلى وجهات نظر نواب مجلسي النواب والشيوخ؛ نظرًا لدورهم في مناقشة وإصدار تشريعات تخص جميع المجالات ومن بينها العمل.
واستعرض وزير العمل، جبران جهود الوزارة خلال العام 2024 وتطلعاتها خلال العام الجديد 2025 خاصة الاستمرار في تطوير منظومة التدريب المهني بالتعاون مع القطاع الخاص وشركاء العمل والتنمية وتنمية مهارات الشباب بحسب احتياجات سوق العمل في الداخل والخارج وتوفير فرص عمل لائقة وتقديم الدعم والحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا.
وتطرق الوزير إلى الجهود التي تبذلها الوزارة من أجل صدور قانون عمل جديد يحقق المزيد من الأمان الوظيفي للعامل ويشجع على الاستثمار داخل بيئة عمل لائقة.
من جانبهما، أشاد النائبان بالجهود التي تبذلها الوزارة من أجل تشريعات متوازنة لصالح طرفي الإنتاج وبيئة عمل لائقة مشجعة على الاستثمار وتوفير فرص العمل ودمج ذوي الهمم في سوق العمل، وتنفيذ خطة استشراف وظائف المستقبل والتعامل مع تحديات ومتغيرات سوق العمل في الداخل والخارج.
اقرأ أيضًا:
أمطار رعدية ورياح وشبورة.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الـ6 أيام المقبلة
الليلة بـ638 جنيه.. 17 صورة ترصد أرخص فندق في شرم الشيخ
تصل لـ100 ألف جنيه.. أسعار عمرة النصف الثاني من رجب 2025 الاقتصادية والـ5 نجوم
وزير العمل محمد جبران الاستثمارتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الخبر التالى: الليلة بـ300 جنيه.. 15 صورة ترصد أرخص فندق في مرسى مطروح الأخبار المتعلقة وزيرا العمل والتضامن يبحثان مسودة قانون العمالة المنزلية أخبار وزير العمل يلتقي وزير المالية لتفعيل سُبل التعاون في الملفات المُشتركة أخبار رسميًا.. الثلاثاء المُقبل إجازة مدفوعة الأجر للعاملين في القطاع الخاص أخبار وزير العمل يُحذر المواطنين من التعامل مع الشركات والصفحات ورسائل الهواتف أخبار أخبار مصر الليلة بـ300 جنيه.. 15 صورة ترصد أرخص فندق في مرسى مطروح منذ 10 دقائق قراءة المزيد أخبار مصر وزير العمل: نستهدف إصدار قانون عمل الأمان الوظيفي للعامل ويشجع على الاستثمار منذ 19 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر يعبر النيل ويربط القاهرة بالجيزة.. أبرز المعلومات عن محور شمال طرة (صور) منذ 21 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر التطبيق في هذا الموعد.. منع غير الملتزمين بـالتطعيمات من أداء العمرة منذ 50 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر توجيهات عاجلة من وزيرة التضامن بشأن حريق منشية ناصر منذ 1 ساعة قراءة المزيد أخبار مصر "الأرصاد": أمطار متفاوتة الشدة خلال ساعات بهذه المناطق منذ 1 ساعة قراءة المزيدإعلان
إعلان
أخباروزير العمل: نستهدف إصدار قانون عمل الأمان الوظيفي للعامل ويشجع على الاستثمار
أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك 21القاهرة - مصر
21 13 الرطوبة: 50% الرياح: غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك