ولاء جاد الكريم يكتب: ملف حقوق الإنسان ومهمة صياغة المستقبل
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
على مدار عقدين من الزمان، قدمت التقارير السنوية للمجلس القومى لحقوق الإنسان تشخيصاً أميناً لحالة حقوق الإنسان فى مصر، وأوردت توصيات موضوعية تنطلق من أرضية وطنية تهدف لتعزيز الالتزام بمعايير حقوق الإنسان، ولم يكن التقرير السابع عشر للمجلس الذى صدر منذ أيام قليلة استثناءً من هذا السياق التاريخى للمؤسسة الوطنية التى تتمتع بتقدير وطنى ودولى كبير، وتضم خبرات حقوقية تحظى بالمهنية والاحترام والتجرد.
كشف التقرير الأخير للمجلس القومى لحقوق الإنسان عن بدء تبلور مخرجات آلية الحوار الوطنى التى وفَّرت منصة وطنية لمناقشة الإصلاحات المطلوبة فى مجال الحقوق المدنية والسياسية، وحركت المياه الراكدة ودفعت بحزمة من الإجراءات إلى صدارة الاهتمام الوطنى وأولويات العمل البرلمانى، وقد استفاد الحوار الوطنى كثيراً من خطوات سابقة اتخذتها القيادة السياسية، لعل أبرزها إطلاق أول استراتيجية شاملة لحقوق الإنسان فى مصر فى سبتمبر 2021 ووقف العمل بحالة الطوارئ فى أكتوبر 2021 وإحياء آلية العفو الرئاسى، وقد ركز المجلس فى توصياته على أهميته إصدار القانون الجديد للإجراءات الجنائية وضرورة الانفتاح على كافة الآراء التى اشتبكت مع مسودة القانون، خاصة نقابات الصحفيين والمحامين ونادى القضاة وخبراء حقوق الإنسان، كما طالب المجلس فى تقريره بأهمية استكمال السياق التشريعى للعدالة الجنائية من خلال إصدار قانون لحماية المبلغين والشهود وإجراء التعديلات الواجبة على بعض مواد قانون العقوبات، خاصة ما يتعلق منها بتعريف جريمة التعذيب، فضلاً عن مراجعة قوانين مكافحة الإرهاب والتجمع السلمى فى ضوء نجاح الدولة المصرية بتضحيات أبنائها من الجيش والشرطة فى الانتصار على الإرهاب وتحقيق الاستقرار الأمنى.
وقد أبرز تقرير المجلس الأحكام التى أصدرتها المحكمة الدستورية العليا وأكد من خلالها انحياز القضاء الدستورى المصرى العريق لتعزيز ضمانات الحرية والعدالة وحقوق الإنسان، كما أورد التقرير التطورات التشريعية الإيجابية ذات الصلة بحقوق الفئات الأولى بالرعاية والتمكين، خاصة المرأة وكبار السن والأطفال والأشخاص ذوى الإعاقة، إلا أن المجلس ما زال يؤكد أهمية تبنى تشريع شامل لتعريف ومناهضة كافة أشكال العنف ضد النساء.
فيما يتعلق بالحق فى المشاركة السياسية، أشار التقرير إلى ضرورة التعاطى الإيجابى مع توصيات الحوار الوطنى التى أكدت أهمية استكمال البنية المؤسساتية لممارسة الحقوق السياسية من خلال سرعة إصدار القانون المنظم للمجالس الشعبية المحلية وإجراء انتخاباتها وسد الفراغ القائم منذ أبريل 2011، كما علق التقرير على ضعف الفعالية السياسية لغالبية الأحزاب السياسية وأهمية المبادرة بتبنى نظام انتخابى أكثر دعماً للأحزاب السياسية والاسترشاد بالتوصيات الهامة لآلية الحوار الوطنى فى هذا الصدد.
أما على مستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فقد كشف التقرير السابع عشر للمجلس القومى لحقوق الإنسان عن أن استمرار حالة الارتباك الإقليمى والعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة دفعت الحكومة المصرية لاتخاذ إجراءات مالية متشددة كان لها تأثيراتها السلبية على القوة الشرائية والأوضاع المعيشية للمواطنين المصريين، خاصة بعد إعادة هيكلة منظومة الدعم ورفع أسعار المحروقات، ورغم استمرار الدولة فى تنفيذ مشروعاتها الطموحة لتطوير الريف المصرى «حياة كريمة» ومد مظلة التأمين الصحى الشامل والارتقاء بالبنية الأساسية والاتصالية الجغرافية وتوفير السكن الملائم لشرائح مختلفة، وتوسيع قاعدة المستفيدين من برامج الدعم النقدى، فإن معالجة الآثار السلبية للسياسات المالية المتشددة تتطلب سرعة تطبيق سياسات اجتماعية واقتصادية أكثر شمولاً وأكثر قدرة على توليد فرص العمل المستدامة بأجور عادلة وأوضاع قانونية مستقرة.
التقرير الأخير للمجلس القومى لحقوق الإنسان يؤكد أن «مهمة» صياغة المستقبل أثقل من أن يحملها طرف واحد، وتتطلب مساهمة واسعة ومؤسسية من كافة أصحاب المصلحة، وهو ما يتطلب بدوره مجالاً عاماً منفتحاً، وحواراً وطنياً مستمراً، ومساحات لتقبل الآراء والأفكار المختلفة، وضمانات فعالة لاحترام حقوق الإنسان والحريات العامة يطمئن لها الجميع ويثقون فى قدرتها على حمايتهم، كما يثقون -بنفس القدر- فى قدرة هذه الضمانات على حفظ التماسك الوطنى والوعى الجمعى والثقة المتبادلة التى ساعدت مصر فى اجتياز مرحلة بالغة الخطورة خلال العقد الماضى ومكّنتها من الانتصار فى معركة الإرهاب والصمود وسط إقليم مرتبك والنجاح فى تشييد مقومات البنية الأساسية لنهضة ممكنة وقريبة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: اليوم العالمي لحقوق الإنسان يوم حقوق الإنسان الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان الحوار الوطنى حقوق الإنسان
إقرأ أيضاً:
جمعية الاتحاد لحقوق الإنسان تناقش مشاريعها للعام 2025
أبوظبي – الوطن:
ناقش مجلس إدارة جمعية الاتحاد لحقوق الإنسان، في جلسة عصف ذهني عُقدت بأبوظبي،برئاسة سعادة الدكتورة فاطمة الكعبي رئيس مجلس الإدارة، مسيرة الجمعية وانجازاتها للعام 2024، كما استعرضت كافة الخطط والبرامج المستقبلية، إضافة الى مناقشة استراتيجية وخطة الجمعية وأبرز المشاريع والأُطر المستهدفة من قِبل الجمعية للعام 2025، بغية ترسيخ مكانتها وريادتها كإحدى مؤسسات المجتمع المدني الإماراتي.
وتناولت الجلسة التي شارك فيها أعضاء مجلس الادارة، تقييم أداء الجمعية منذ انطلاق مسيرتها “حصاد العام 2024″، وما حققته من منجزات ريادية متميزة، كما استعرضت مشاركة الجمعية بكافة الأحداث والفعاليات على مختلف الصعد المحلية والإقليمية والدولية، والمحافظة على زخم مشاريعها، والنهوض بمستوى برامجها الحقوقية الهادفة لخدمة الوطن والإنسان.
واستشرفت الجلسة، فرص تحقيق أهداف وغايات الجمعية، والمتطلبات اللازمة لإنجازها، والارتقاء بمكانة الجمعية وآفاق عملها بما يحقق لها النجاح والتمييز في مسيرتها التي سيتم التركيز خلالها على العمل الحقوقي المستدام.
وأكد مجلس إدارة الجمعية، الالتزام الفاعل بتعزيز المسيرة الحقوقية لدولة الإمارات، والدفع بأُطر التعاون بين الجمعية وجميع الشركاء من القطاعين العام والخاص، وتوسيع شبكة العلاقات الدولية.