العلماء يحلون أخيرا لغز “الوعي الخفي” لدى مرضى إصابات الدماغ وهم في غيبوبة
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
الولايات المتحدة – تمكن باحثون أخيرا من حل لغز “الوعي الخفي”، تلك الظاهرة المحيرة التي يظهر فيها مرضى إصابات الدماغ في غيبوبة رغم وجود بعض الوعي لديهم.
وحدد باحثو جامعة كولومبيا إصابات الدماغ التي قد تكمن وراء “الوعي الخفي” (حيث لا يستطيع المصابون بإصابات الدماغ الاستجابة لأوامر بسيطة، ما يجعلهم يبدون فاقدين للوعي على الرغم من وجود مستوى معين من الوعي)، ما يساعد الأطباء على التنبؤ بالمرضى الذين من المرجح أن يتعافوا بمساعدة إعادة التأهيل.
وتعتمد الدراسة على عمل سابق كشف أن الموجات الدماغية الدقيقة التي يمكن اكتشافها في فحوصات مخطط كهربية الدماغ (EEG) ممكن استخدامها للتنبؤ بالوعي الخفي واحتمال الشفاء بين المرضى المصابين بإصابات الدماغ غير المستجيبة.
ومع ذلك، لم يكن واضحًا حتى الآن أي مسارات محددة في الدماغ تتعطل في حالات “الوعي الخفي”.
ويُقدر أن “الوعي الخفي”، الذي يُعرف أيضا باسم التفكك الحركي المعرفي (CMD)، يحدث في نحو 15 إلى 25 % من حالات إصابات الدماغ الناتجة عن صدمة الرأس أو السكتة القلبية أو نزيف الدماغ.
قاد الدراسة طبيب الأعصاب البروفيسور جان كلاسين من جامعة كولومبيا بنيويورك وزملاؤه.
وقال كلاسين: “دراستنا تشير إلى أن المرضى الذين يعانون من وعي خفي يمكنهم سماع وفهم الأوامر الشفهية. لكنهم لا يستطيعون تنفيذ هذه الأوامر بسبب إصابات في دوائر الدماغ التي تنقل التعليمات من الدماغ إلى هذه العضلات”.
وحلل الفريق في أثناء الدراسة فحوصات الدماغ المأخوذة عن طريق مخطط كهربية الدماغ لـ107 مرضى يعانون من إصابات في الدماغ.
وأوضح الباحثون أن قراءات مخطط كهربية الدماغ يمكن أن تحدد متى يحاول المرضى – على الرغم من عدم قدرتهم – الاستجابة لتعليمات مثل “استمر في فتح وإغلاق يدك اليمنى”.
وبهذه الطريقة، تمكن الفريق من تحديد أن 21 مريضا لديهم “وعي خفي”. ثم حلل الفريق فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي الهيكلية لجميع المرضى، ومقارنة أولئك الذين يعانون من تفكك حركي معرفي بأولئك الذين ليس لديهم.
وقال الدكتور شي شان، المؤلف المشارك للورقة البحثية، وخبير معالجة الإشارات في جامعة كولومبيا: “باستخدام تقنية طورناها تسمى تحليل المجموعات الثنائية، تمكنا من تحديد أنماط إصابات الدماغ المشتركة بين مرضى التفكك الحركي المعرفي وأولئك الذين ليست لديهم هذه الحالة”.
وقرر الباحثون أن الهياكل المتعلقة بالإثارة وفهم الأوامر كانت سليمة في أدمغة جميع مرضى “الوعي الخفي”. وهذا يدعم فكرة أن هؤلاء المرضى يمكنهم سماع وفهم الأوامر، لكنهم ببساطة غير قادرين على الاستجابة.
وفي المقابل، لاحظ البروفيسور كلاسين: “لقد رأينا جميع مرضى التفكك الحركي المعرفي يعانون من عجز في مناطق الدماغ المسؤولة عن دمج الأوامر الحركية المفهومة بإنتاج الحركة”.
وأوضح أن هذا هو ما “يمنع مرضى التفكك الحركي المعرفي من التصرف بناء على الأوامر اللفظية”.
وقال الفريق إن النتائج التي توصلوا إليها قد تساعدنا في تحديد أي من مرضى إصابات الدماغ لديهم تفكك حركي معرفي، وهي حقيقة يمكن أن تدعم التجارب السريرية في استعادة الوعي.
وتابع البروفيسور كلاسين: “تُظهر دراستنا أنه قد يكون من الممكن فحص الوعي الخفي باستخدام التصوير الهيكلي للدماغ المتاح على نطاق واسع، ما يجعل اكتشاف التفكك الحركي المعرفي أقرب إلى الاستخدام السريري العام. وقد لا تمتلك كل وحدة رعاية طبية موارد وموظفين مدربين على استخدام مخطط كهربية الدماغ لاكتشاف الوعي الخفي، لذلك قد يوفر التصوير بالرنين المغناطيسي طريقة بسيطة لتحديد المرضى الذين يحتاجون إلى مزيد من الفحص والتشخيص”.
نُشرت النتائج الكاملة للدراسة في مجلة Brain.
المصدر: إكسبريس
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: یعانون من
إقرأ أيضاً:
هكذا تودع القلق.. اكتشف الجانب الخفي لتأثير الاسترخاء
يشير تقرير صادر عن الجمعية الأميركية لعلم النفس إلى أن واحدا من كل 3 أشخاص يعاني من التوتر الشديد يوميا، بينما يرى 3 من كل 4 أن هذا التوتر يؤثر سلبا على صحتهم الجسدية والعقلية. ويعاني نصفهم تقريبا من اضطرابات النوم، مما ينعكس بشكل سلبي على حياتهم الشخصية والمهنية. وهذه النتائج تتماشى مع ما يحدث بالجسم أثناء حالات التوتر والغضب، حيث تتولد تفاعلات عنيفة ومؤذية تؤثر على الصحة. ولكن، ماذا يحدث عندما تقرر أن تهدأ وتسترخي وتتحرر من مخاوفك؟ المفاجأة تكمن في أن الجسم والعقل يستجيبان فورا بمجموعة من التأثيرات الإيجابية، وذلك بفضل تطبيق تقنيات الاسترخاء.
كيف يسترخي الجسد؟في كتابه "فن الاسترخاء" يروي طبيب القلب الشهير هربرت بنسون تجربة ملهمة لامرأة كانت تعاني من فرط التوتر، ولديها تاريخ عائلي حافل بارتفاع ضغط الدم. واستمرت المريضة بممارسة تقنيات الاسترخاء بانتظام لمدة 14 شهرا، وجاءت النتائج مذهلة. وتنقل عن تجربتها قولها "لقد أحدثت استجابة الاسترخاء تغييرات جذرية في حياتي. لم أكن فقط أكثر استرخاءً جسديًا وعقليًا، بل تغيّرت شخصيتي وأسلوب حياتي بشكل ملحوظ. أصبحت أكثر هدوءا وانفتاحا وتقبّلا للأفكار التي كانت غريبة أو غير مألوفة بالنسبة لي سابقا. أحب شخصيتي الجديدة وأسلوب حياتي المختلف".
إعلانوبحسب الخبراء، يبدأ الجسم بالاسترخاء عندما يشعر بالأمان، في تلك اللحظة التي يتلاشى فيها الإحساس بالخطر والتوتر، ويتوقف نشاط وضعية "الكر والفر". وعندها يقل إفراز الهرمونات المسؤولة عن تسريع ضربات القلب وتضييق حدقة العين وتعطيل عملية الهضم.
الجلوس في هدوء والاستماع إلى الموسيقى يمكن أن يمنح الجسم حالة استرخاء مشابهة لممارسة التأمل (شترستوك)ويتولى الجهاز العصبي الباراسمبثاوي، المسؤول عن تنظيم وظائف الجسم أثناء الراحة، السيطرة على العمليات الحيوية. وفي تلك اللحظة، تتسع حدقة العين، وتتباطأ ضربات القلب، وينخفض ضغط الدم، وتنتظم العمليات الحيوية التي تأثرت بالتوتر، مثل الهضم. كما تسترخي عضلات الجسم، مما يقلل الإحساس بالألم، حيث إن العضلات المشدودة تكون أكثر عرضة للتألم. وهذه الحالة من الراحة والهدوء تسهم غالبًا في تحسين جودة النوم وتعزيز الشعور بالراحة العميقة.
وتظهر الدراسات أن الاسترخاء يحفّز الدماغ على إفراز الإندورفين، وهي مواد كيميائية طبيعية تعمل مسكنات للألم. وهذا التأثير يساعد في تخفيف الآلام المرتبطة بحالات عديدة، مثل الألم العضلي الليفي والصداع النصفي وآلام الحوض المزمنة ومتلازمة القولون العصبي، إلى جانب العديد من الحالات الصحية الأخرى المسببة للألم.
الاسترخاء يرتبط بالشعور بالأمان حيث يتلاشى فيها الإحساس بالخطر والتوتر (شترستوك) أبرز تقنيات الاسترخاءتشير الأبحاث إلى أن هناك العديد من أشكال التدريب على الاسترخاء التي يمكن أن تساهم بشكل كبير في تقليل التوتر وتعزيز الشعور بالرفاهية العامة. وتوضح سوزان بلاكمور في كتابها "الوعي: مقدمة قصيرة جدًا" أن الجلوس في هدوء والاستماع إلى الموسيقى يمكن أن يمنح الجسم حالة استرخاء مشابهة لتلك الناتجة عن ممارسة التأمل. وهذه الحالة قد يختبرها كثيرون أيضًا أثناء القيام بأنشطة يومية بسيطة، مثل غسل الأواني والطهي والصلاة أو العناية بالنباتات. ومع ذلك، توجد تقنيات منظمة وفعالة تسهّل الدخول في حالة من الاسترخاء العميق، منها:
تقنية بنسون إعلانطورها بنسون في سبعينيات القرن الماضي بكلية الطب جامعة هارفارد بهدف تقليل الإجهاد. وتعتمد هذه التقنية على الجلوس بوضعية مريحة وإغماض العينين وإرخاء العضلات تدريجيا من القدمين حتى الرأس، والتنفس عبر الأنف مع التركيز على الأنفاس، والاستمرار لمدة 20 دقيقة، ويعقبها الجلوس بهدوء لبضع دقائق إضافية.
التصور العقلي (التخيل)هذه التقنية تتيح للأفراد تكوين تصورات ذهنية لبيئات هادئة أو مشاعر إيجابية. ويمكن تخيل أماكن طبيعية وروائح مريحة أو مواقف سارة بهدف تعزيز التفكير الإيجابي وبناء الثقة بالنفس والتحكم في الانفعالات، والتغلب على المظاهر النفسية السلبية.
استرخاء العضلات التدريجيتساعد هذه التقنية على التعرف على الفرق بين حالات التوتر والاسترخاء، وزيادة الوعي بالجسم. وتتطلب التركيز على شد كل مجموعة عضلية بشكل منفصل، وعلى إرخائها تدريجيا.
تقنية التخيل تتيح للأفراد تكوين تصورات ذهنية لبيئات هادئة أو مشاعر إيجابية (بيكسلز) التدليك العلاجييقدمه متخصصون محترفون لتخفيف توتر العضلات وتخفيف الألم، وتقليل الشعور بالتعب والإجهاد.
تمارين التنفس العميقتشمل أساليب متنوعة مثل التنفس المعدود والتنفس الحجابي، والتي تساعد على تهدئة العقل والجسم من خلال تنظيم التنفس.
الاسترخاء باستخدام الواقع الافتراضييتم عبر مشاهدة مشاهد طبيعية كالغابات أو البحيرات، مصحوبة بمقاطع صوتية مريحة. وقد أثبتت الدراسات أن هذه الطريقة فعالة في تقليل التوتر خاصة لدى الذين يعانون من القلق أو مشكلات الصحة العقلية.
التفكير فيما وراء المعرفة (ميتاكوجنيشن)مفهوم يشير إلى مراقبة العمليات العقلية مثل التذكر والتخزين والاسترجاع، والتحكم بها ذاتيا. وتظهر الدراسات أن وعي الشخص بتلك العمليات يعزز من حل المشكلات، واتخاذ القرارات، والحفاظ على التوازن النفسي، والصمود أمام التحديات.
وتظهر هذه التقنيات المتنوعة أهمية الاسترخاء ليس فقط في تحسين الصحة النفسية، بل أيضا تعزيز وظائف الجسم بشكل عام.
إعلان