محمد الأمين عبد النبي

"الثورة منتصرة وبالغة أمرها ولو بعد حيـن، وأن الإستبداد حتماً الي زوال لا محالة، ولا عذر لمن يمسك عن مواكب خلاص وطنه المحتضر" مقولة ملهمة أطلقها الامام الصادق المهدي عليه الرضوان حينها وهو ينظر بعيون زرقاء اليمامة، مدركاً لحال ومآل ثورات الربيع العربي، ومبشراً بالعهد الديمقراطي الجديد، وكثيراً ما كان يردد: أعـاذلتي مهلا إذا ما تأخرت قوافلنـا حتماً فسوف تعود .

. ولا بد من ورد لظمأى تطاولت ليالي سراها واحتواها البيد.

اخيراً وليس أخراً إنتصرت إرادة الشعب السوري وسقط نظام الأسد الدكتاتوري الذي ظل جاثماً على صدر السوريين عقودا طويلة وارتكب مجازر وانتهاكات وحشية طالت ملايين السوريين.

إنتصـرت الثورة السورية بعد ان ظنت الأنظمة الاستبدادية بعد أكثر من عقدٍ من الربيع العربي أنها قد أعادت سيطرتها، وأنه لن يحدث أي تغيير وستستمر الأنظمة القائمة، وتعزيزاً لهذه الفرضية فتحت جامعة الدول العربية ابوابها لعودة نظام الأسد ومشاركته في اجتماعاتها، ولسان حال الجامعة والانظمة العربية يقول: "ما دمت تحتفظ بالسلطة إذاً انت شرعي ومعترف بك ومرحب بك ولا عزاء للشعب المكلوم".

صحيح أن الدور الاكبر والحاسم في سقوط الأسد يرجع بالأساس للمعارضة السورية الباسلة، ولكن مما لا شك فيه ان الدور الامريكي والتركي والاسرائيلي كان حاضراً بقوة في مشهد التغيير والتخلص من نظام الأسد نتيجة لتحالفه مع روسيا وإيران كمحور في صراع النفوذ مع الغرب تحديداً في منطقة الشرق الاوسط وافريقيا، وبالتالي فإن إستراتيجية تقليل نفوذ روسيا بإسقاط حلفائها ومحاصرتها تسير في اتجاه احداث تحولات كبيرة في المنطقة.

مثل نظام الأسد قدوة ونموذجاً لأنظمة الربيع العربي في التمسك بالسلطة أو استعادتها من جديد بوسائل قمعية وانقلابية وحروب كما حدث في السودان من مقاومةً للتغيير ورفضاً للتحول الديمقراطي، كما ان سقوط نظام الأسد بالتأكيد سيكون له تأثير على مجمل الأوضاع في المنطقة والسودان ليس بعيداً عن التاثير، فقد تبنى المخلوع البشير ونظامه البائد وصفة بشار الأسد في قمع المعارضة، وفي ذات الإتجاه سار خلفه للإستمرار في السلطة بالعنف والحرب والتسويق الي مؤامرة خارجية، مما يشير إلي تشابه الحالة وإمكانية تكرار النتيجة والصيرورة.

ذهب البعض الي أن لا مخرج من الأزمة السودانية إلا بتبني سيناريو إتفاق نيفاشا بكل أبعاده من حل ثنائي بين المتحاربين ووقف العدائيات وإعادة تموضع الجيوش ووجود نظامين في دولة واحدة دون النظر إلي نتيجته بإنفصال جنوب السودان كحالة ذهنية قابلة للتكرار، فيما تمترس آخرون في ترجيح نصر عسكري لطرف على الآخر، دون النظر إلى خطورة الحل العسكري الذي يطول أمد الحرب، خاصة ان مقاربة الحالة السورية تشير الي ان النضال السلمي تراجع لصالح خيار العمل العسكري الذي استمر لاكثر من ثلاثة عشر عام نتيجة لتدخلات أطراف إقليمية ودولية سيما روسيا التي مهدت الطريق للتدخل الامريكي، وعليه فإن الدرس المستفاد والقراءة الصحيحة لإنتصار الثورة السورية هو ان مستقبل المنطقة لا يزال في يد قوى التغيير والتحول الديمقراطي، وان الواجب يقتضي إعادة ترتيب الصف المدني وتوحيد أدوات النضال السلمي لإنطلاق موجة جديدة من الثورة أكثر نضجاً وحكمة وإصراراً على إنهاء الحروب والاستبداد، واستخلاص العبر مما حدث للأسد الذي قتل شعبه واستقوى بالسلطة والعنف واستعان بالقوى الأجنبية، فانتهى به المطاف هارباً، مخلفاً وراءه ملايين الضحايا، هذا هو الطريق الأسلم الذي ينبغي ان تسلكه القوى المدنية السودانية لإنتاج مقاربة اكثر واقعية وموضوعية لإنهاء الحرب واستعادة التحول المدني الديمقراطي دون الانحياز لأي من طرفي الحـرب أو الاستقواء بأي بندقية.

مازال أمام الثورة السورية تحديات جمة في بقاء سوريا موحدة، وتجسيد أهداف الثورة، وتأسيس سلطة ديمقراطية، والحفاظ على مؤسسات الدولة، وتفويت الفرصة على التدخلات الخارجية الخبيثة، وتفكيك الدولة العميقة، وبناء جيش مهني واحد، ومحاربة الإرهاب. ومازال أمامنا في السودان فرصة إنجاز حل سياسي سلمي عبر مائدة مستديرة تضع حداً لمعاناة وعذابات الشعب السوداني، فالعاقل من إتعظ بغيره.

wdalamin_2000@hotmail.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: نظام الأسد

إقرأ أيضاً:

لماذا تتردد واشنطن في رفع العقوبات عن سوريا بعد سقوط الأسد؟

 

وقال كبير مسؤولي مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأميركية تيم ليندركينغ إن "هناك عقوبات فرضناها على سوريا وقيادتها، وهذه العقوبات لن ترفع بين عشية وضحاها، لن نتعجل كما فعلت بعض البلدان".

وفي حديثه لحلقة (2025/5/1) من برنامج "من واشنطن"، أضاف ليندركينغ "نرى لدى بعض شركائنا تعطشا لإعادة فتح السفارات ورفع الأعلام، لكننا ببساطة لم نصل بعد إلى تلك المرحلة، ونتبع نهجا حذرا في التعامل".

وعلى النقيض من الموقف الأميركي، أعلنت بريطانيا مؤخرا إزالة 12 كيانا سوريا إضافيا من قائمة العقوبات، شملت مؤسسات سيادية مهمة، مثل وزارتي الداخلية والدفاع، وعدة أجهزة أمنية واستخباراتية كانت تعتبر سيئة السمعة خلال حكم عائلة الأسد.

ولم يكن هذا الإجراء البريطاني الأول من نوعه، إذ سبقه إعلان في مارس/آذار الماضي برفع العقوبات عن 24 كيانا سوريا آخر، تمثل قطاعات حيوية كالنقل والطاقة والتعامل المالي، وعلى رأسها المصرف المركزي السوري.

تباين مواقف

وبشأن هذا التباين في المواقف، أوضح مراسل الجزيرة في لندن محمد المدهون، أن وزراء الحكومة البريطانية عبروا بوضوح عن قناعتهم بأن استقرار سوريا يمثل مصلحة بريطانية مباشرة، وأن رفع الكيانات السورية من قائمة العقوبات يستهدف تحقيق هذا الاستقرار الإقليمي وتعزيز الأمن القومي البريطاني.

إعلان

وفي تحليلها للموقف الأميركي، كشفت مساعدة وزير الخارجية الأميركية السابقة لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، وجود انقسام حاد في الرؤى داخل الإدارة الحالية بشأن التعامل مع سوريا.

وأكدت ليف -في حديثها لـ"من واشنطن"- أن "لأميركا مصلحة في استقرار سوريا"، موضحة أن الخلاف داخل الإدارة الأميركية يدور بين تيارين:

التيار الأول يرى الرئيس أحمد الشرع "إرهابيا" جاء مع "مجموعة إرهابيين"، وأنه لم ولن يتغير. التيار الثاني يدعو إلى اختبار هذه الفرضية والانفتاح على التعامل مع الوضع الجديد.

رؤية الجالية السورية

بدوره، قدم رئيس الشؤون السياسية في المجلس السوري الأميركي، محمد غانم، رؤية من داخل الجالية السورية الأميركية، مشيرا إلى أن الحكومة السورية حققت تقدما ملموسا في تلبية الشروط الأميركية.

وأقر غانم بأن الجانب الأميركي لا يزال ينظر بريبة وشك كبيرين تجاه بعض الشخصيات في النظام الجديد، "لا بسبب سلوكه، لكن بسبب الماضي".

وكشف عن تطور إيجابي في المفاوضات، إذ أشار إلى أن المسؤولين الأميركيين الذي يتولون الملف السوري يدركون أهمية دمشق الإقليمية، وأن المقترح الحالي على طاولة المفاوضات يتمحور حول "تعليق للعقوبات لفترة طويلة" بدلا من النهج السابق القائم على "مقاربة الخطوة بخطوة".

وتصدر مطلب الكشف عن مصير مواطنين أميركيين اختفوا في سوريا قائمة الأولويات في الشروط الأميركية لرفع العقوبات، خصوصا الصحفي أوستن تايس الذي اختفى عام 2012 في أثناء تغطيته للأحداث هناك.

وفي هذا السياق، استضافت الحلقة ديبرا (والدة تايس) التي عبرت عن ثقتها "الكاملة والقوية" بإدارة الرئيس دونالد ترامب، مشيرة إلى أنها تعتقد أن الرئيس ترامب يشعر بأن إعادة أوستن إلى الوطن أمر مهم.

الصادق البديري1/5/2025

مقالات مشابهة

  • انفجار ضخم قرب مدينة السويداء جنوبي سوريا
  • عقد دولي لإدارة ميناء اللاذقية.. أول اتفاق استثماري في سوريا بعد سقوط الأسد
  • لماذا تتردد واشنطن في رفع العقوبات عن سوريا بعد سقوط الأسد؟
  • وثائق تكشف الحلم الإيراني في سوريا: خططٌ سقطت مع رحيل الأسد
  • نيويورك تايمز: إرث نظام الأسد المميت… ألغام أرضية وذخائر غير منفجرة
  • الإمارات تعتقل قياديا بارزا في وزارة الدفاع السورية.. قائد جيش الإسلام
  • اعترافات ضابط في نظام الأسد عذّب جثثاً: “أنا مريض نفسي” ..فيديو
  • ورطة السائق الذي يؤشر للانحراف في كل الاتجاهات في وقت واحد
  • آفاق جديدة في التقانات الحيوية.. ندوة علمية على مدرج كلية الهندسة التقنية في جامعة حلب بالتعاون مع المؤسسة الألمانية السورية ومبادرة سوريا المستقبل
  • من هدوء المدينة إلى نار الاشتباكات والطائفية... ما الذي حدث في جرمانا السورية؟