جدران الخوف تهدمت.. فايننشال تايمز: يمكن للسوريين أن يحلموا بمستقبل جديد
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
لم يستطع الباحث في كلية الجغرافيا والبيئة في جامعة أكسفورد عمار عزوز النوم سوى ساعة ونصف يوم الأحد، ورابط حاله كحال الكثيرين، أمام شاشة هاتفه، وفور انتشار خبر سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، أحس بأن فجر سوريا قد حان.
هكذا بدأ عزوز مقال رأي كتبه لصحيفة فايننشال تايمز، وصف فيه مشاعره وأفكاره حول آخر التطورات "المبشرة" في سوريا، واسترجع آلام النزوح التي قضّت مضجعه منذ أن فارق داره في حمص، حيث نشأ وترعرع.
وأكد الكاتب أن "جدران الخوف الخانقة تهدمت"، وأن ثمة أملا جديدا في قلبه وقلوب السوريين كان من الصعب حتى التجرؤ على تخيله قبل هذه اللحظة.
وذكر أنه ظل ذلك اليوم يستمع للأناشيد المألوفة للثورة السورية منذ أن انطلقت شرارتها الأولى، لتعود به الذكريات إلى مدينته "المدمرة والمحطمة والمحاصرة والمنهارة"، وإلى "الناس الذين بقوا في حمص، بينما كنا نعيش في المنفى".
وكان أول مقطع شاهده عن تحرير مسقط رأسه مصورا من شرفة عالية، وقد ظهر فيه أهل المدينة بسياراتهم محتفلين بعودتهم أخيرا، وانسابت المشاهد على لحن أنشودة "جنة جنة جنة.. والله يا وطنا"، وعلق عزوز على ذلك بالقول: "بكيت وبكيت، واختلط نحيبي بزغاريد نساء حمص. فكم طال كتم صوت حمص.. وكم طال إسكاتها.. ولكن ليس اليوم".
إعلانولم يقف حنين عزوز لوطنه عند ذلك الحد، بل مضى عزوز يصف بلده بأنه "الجنة التي أجبرنا على مغادرتها"، وتغنى بجمالها وثقافتها وفنها وتاريخها "العريق"، وأشاد بتنوع شعبها المكون من طوائف وأديان مختلفة، ليختم بالتحسر على فراقها بسبب الحرب.
قصة كتبت بالدم
واعتبر الكاتب أن الـ13 سنة الماضية من تاريخ البلاد إنما "كتبت بالدم"، فقد قتل مئات الآلاف، وهجر أكثر من 6.5 ملايين شخص إلى دول مجاورة مثل تركيا ولبنان والأردن، وأبعد من ذلك إلى أوروبا، كما أن هناك عددا مماثلا من النازحين داخل البلاد، بعضهم نزح عدة مرات مع تغير خطوط المواجهة في الحرب.
ووصف عزوز الحزن العميق الذي يعيشه السوريون وسط هذه السعادة، على أحبائهم الذين قتلوا دون أن يعيشوا هذه اللحظة، وخص بالنعي صديقه طاهر السباعي، طالب الهندسة المعمارية، الذي قتله النظام السوري المخلوع عام 2011 أثناء مظاهرة سلمية.
"إمبراطورية الرعب انهارت"
ووصف عزوز المنفى بأنه "كالخنجر في القلب"، يركد ألمه ويبرد أحيانا، ويهاجم "بطعنات من الحزن والأسى" أحيانا أخرى، ولكنه استطرد مستبشرا أن "أيام العذاب والمهانة انتهت" مع انهيار "إمبراطورية الرعب" التي أشرف عليها حزب البعث طيلة العقود الماضية.
وضمّن عزوز في مقاله قائمة بأحلامه الحالية، فهو يحلم بمستقبل عادل وديمقراطي، يعيش فيه السوريون بكرامة وعزة، ويحلم بإعادة بناء مدن البلاد وقراها، ويحلم بالعودة إلى حمص والجلوس في منزله مع عائلته.
واختتم الكاتب بذكر نيته السفر مع أصدقائه السوريين المهجرين للاحتفال في ميدان ترافالغار (الطرف الأغر) بلندن، فمنهم من هو من حمص وهضبة الجولان المحتلة ودمشق وحلب والسويداء ودرعا، وكلهم يحلم بيوم "العودة إلى الوطن"، فالأسبوع الماضي كانت العودة من المنفى بعيدة المنال، لكن ذلك تغير الآن إلى غير رجعة"، وفقا لعزوز.
إعلانالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
وصية نجيب محفوظ بعد فوزه بجائزة نوبل.. كيف تنبأ بمستقبل فلسطين والشرق الأوسط؟
يزين اسمه قائمة أبرز الكُتاب في العالم، هو أول عربي يحصل على جائزة نوبل في الأدب، إذ كان مشروعه الأدبي محاكاة للواقع، وانعكاسًا لمحطات حياته، أنه الأديب والكاتب الكبير نجيب محفوظ، الذي كتب الرواية الاجتماعية والسياسية والفلسفية، وعبر بقلمه عن هموم وأحلام الطبقة المتوسطة، وجسد الحياة من الحارة المصرية الشعبية، وترجمت أعماله إلى لغات عدة، لتصل إلى قراء العالم، حتى في يوم تسلمه جائزة نوبل اختار أن يتخذ المنبر العالمي، وأنظار العالم كله متجهة إليه، منبرا يطالب من خلاله بوطن للشعب الفلسطيني، فكان شمس لا تغيب في سماء الأدب العربي والعالمي وفي الإنسانية.
محطات الأديب نجيب محفوظوُلد نجيب محفوظ في القاهرة يوم 11 ديسمبر عام 1911، المدينة التي شهدت مراحلة المختلفة، إذ تلقى تعليمه الأكاديمي في جامعة القاهرة، وحصل على منها ليسانس الفلسفة، وكتب في بداية حياته 6 روايات اجتماعية، هي: «زقاق المدق»، «السراب»، «الثلاثية»، «القاهرة الجديدة»، «خان الخليلي»، و«بداية ونهاية»، ثم تقلد كثير من المناصب الحكومية، حتى التحق بوزارة الثقافة، وأصبح مديرًا للرقابة على المصنفات الفنية، ومدير عام مؤسسة دعم السينما، ومستشار للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتليفزيون، ثم أصبح رئيسًا لمجلس إدارتها قبل أن يتقاعد ويتفرغ للكتابة في مؤسسة الأهرام، وكان حصول محفوظ على جائزة نوبل نقطة تحول في تاريخ الأدب المصري.
فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبليوم 13 أكتوبر عام 1988، جاء قرار من الأكاديمية السويدية للعلوم، بمُنح نجيب محفوظ جائزة نوبل في الأدب، وكانت أول يفوز فيها كاتب مصري بالجائزة من بين كتَّاب اللغة العربية، إذ أعطى إنتاجه دفعة كبرى للقصة كمذهب يتخذ من الحياة اليومية مادة له، كما أنه أسهم في تطوير اللغة العربية، وكانت أعماله تخاطب البشرية جميها، وفقًا لكتاب «نجيب محفوظ من الجمالية إلى نوبل»، تأليف الكاتب غالي شكري، وقالت اللجنة القائمة على الجائزة، إنه أثرى المكتبة العربية بإنتاجه الغزير.
وصية نجيب محفوظ بعد فوزه بنوبلووفقًا للكاتب كامل زهيري نقيب الصحفيين السابق في عام 2006، فإنه خلال عام 1942 تزاحمت قمم عالمية في الأدب والرواية على جائزة نوبل، وبعد أن توقفت بسبب الحرب العالمية الثانية، تحددت ترشيحات للقمم في عالم الرواية منها همنوای، وشتابنك من أمريكا، وباسم ذاك من روستا بإيران، لتأتي سنة 1988، وكان الوحيد المصري بين قمم الروائيين نجيب محفوظ، وفي حفل تسلمه لجائزة نوبل في الأدب عام 1988، ألقى بوصيته لأرض فلسطين وشعبها بواجب الحفاظ عليهم، فكانت رؤيته صائبة منذ قديم الزمن.
وجاء نص الوصية: «أرجو أن تتقبلوا بسعة صدر حديثى إليكم بلغة غير معروفة لدى الكثيرين منكم، لكن في الضفة وغزة أقوام ضائعون، رغم أنهم يعيشون فوق أرضهم وأرض آبائهم وأجدادهم وأجداد أجدادهم، هبوا يطالبون بأول مطلب حققه الإنسان البدائي، وهو أن يكون لهم موضع مناسب يعترف لهم به، فكان جزاء هبتهم الباسلة النبيلة رجالًا ونساءً وشبابًا وأطفالًا، تكسيرًا للعظام وقتلًا بالرصاص وهدمًا للمنازل وتعذيبًا في السجون والمعتقلات، ومن حولهم مائة وخمسون مليونًا من العرب يتابعون ما يحدث بغضب وأسى، ما يهدد المنطقة بكارثة إن لم تتداركها حكمة الراغبين في السلام الشامل العادل».
وفاة الكاتب نجيب محفوظواستكمل «بأنه كما ينشط العلماء لتطهير البيئة من التلوث الصناعى، فعلى المثقفين أن ينشطوا لتطهير البشرية من التلوث الأخلاقي»، فصدق الأديب الروائي نجيب محفوظ في مطالبه وكتاباته، وجسد معنى خلود الحكايات بقلمه، حتى رحل في مدينة القاهرة عام 2006، عن عمر يناهز 94 عامًا، بعد مسيرة حافلة من الإبداع الأدبي، تاركًا إرثًا وزخمًا من الكتابات لا يقدر بثمن في العالم العربي والعالمي.