سودانايل:
2025-01-11@07:51:29 GMT

الإشارات والرموز الثقافية في السياسة

تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT

تعتبر استخدامات الرموز و الإشارات الثقافية في العملية السياسة قمة في درجات الوعي السياسي، و ليس كل سياسي قادر على توظيفها في خطابه السياسي، أو في استخدامها لكي يقدم رسائل عميقة المعنى و الدلالة، إلا إذا كان واسع الإطلاع و المعرفة بالتاريخ و ثقافة الذين يريد أن يرسل لهم رسائل، و هي رسائل دائما تكون موجهة و محصورة في دائرة فئة تستطيع أن تحل شفراتها، و لكن مثل هذه التعابير لا تستخدم عندما يكون موجه الخطاب للعامة خاصة في دول تنتشر فيها الأمية.

.
و الإمثلة كثيرة على كيفية استخدام هذه الرموز و الإشارات.. و أقرب مثل الرمزية التي استخدمها أبو محمد الجولاني " أحمد الشرع" قائد قوات المعارضة التي اسقطت نظام البعث في سوريا.. رغم أن البعث حزب علماني لكن ظروف الصراع في سوريا جعلته يقع تحت سيطرة النفوذ الشيعي في المنطقة " تحالف إيران و العراق و حزب الله في لبنان و الحوثيين في اليمن" لذلك جاءت إشارة الجولاني " أن يتخذ المسجد الأموي" رمزية ثقافية تاريخية و سياسية أن سوريا رجعت إلي " سنيتها" دون أن يقول ذلك مباشرة في الخطاب، لكن الركزية الثقافية ذات دلالة قوية أكثر من الخوض فيها بالحديث المباشر الذي يقود إلي صدام طائفي داخل سوريا.. لكن كان الركزية مفهومة..
الركزية الأخرى الثقافية التي جاءت من القوات المتحالفة، بالقول " أنهم لا يفرضون لباسا معينا على النساء" و هي رمزية أيضا ثقافية لآن لباس الحجاب هو رمزية إسلامية أصولية، اعتقادا منه أن الخوض فيها سوف يثير مواجهة تعقد عملية التغيير السياسي.. لكن الرسالة نفسها كانت موجهة إلي الغرب أكثر من إنها موجهة إلي المجتمع السوري.. و أيضا الرمزية تشير بالقول " أننا استفدنا من التجارب السابقة التي أدت إلي انتكاسة الثورات في العديد من البلاد العربية التي شهدت ثورات الربيع العربي" و لا نريد فرض رؤيتنا السياسية على الآخرين.. فالغرب فيهم الرسالة.. ورد بالقول أننا ننتظر عملية التطبيق، أي الانتقال من الأقوال إلي الفعل، لكن استخدام أبو محمد الجولاني للرموز و الإشارات الثقافية تبين درجة الوعي السياسي التي تحكم خطابه السياسي..
عندما تم تأسيس نادي الخريجين الذي نقسم فيه القوم إلي جناحين الأول يسنده السيد على الميرغني و الأخر يسنده السيد عبد الرحمن المهدي " الشقوقيين و الفيليين" و قرأة سورة " الفيل عندما هزم الفيليين" هي كان أعمق إشارة و رمزية لتلك المجموعة المهزومة.. و عندما اشتد الصراع بين المستعمر و المؤتمر بدأ المؤتمر يؤسس الرموز الثقافية مثل " معهد القرش و السينمات في العاصة، و التي أطلق عليها " سنما الوطنية أم درمان و الوطنية بحري و الوطنية الخرطوم" و هي دلالة رمزية قوية لتجسيد مفهوم الوطنية التي يتشكل عليها الوعي السياسي الذي قاد مستقبلا إلي الاستقلال..
و الإشارات و الرمزية الثقافية في العمل السياسي في السودان، أيضا استخدمت كثيرا بدأت بقوة في الحوارات الثقافية السياسية في مجلتي " الفجر و النهضة" في عقد الثلاثينيات في حوار الهوية السودانية، و طرح العديد من الأسئلة التي لم تستطيع أن تجاوب عليها النخب السياسية حتى الآن.. و أيضا عندما انتقل الحوار في الساحة الأدبية في ستينيات القرن الماضي، لتطرح ذات أسئلة الثلاثينيات من خلال المدارس الأدبية الفكرية " مدرسة الغابة و الصحراء و أبادماك و غيرها" إذا كان في الشعر أو حتى في الفن التشكيلي و الدراما و الغناء و هي معاقل الرمزية.. الملاحظ: كان عندما تضعف الأحزاب السياسية كانت تنشط مجموعات المثقفين في ساحات أخرى، تحاول أن تطرح العديد من التساؤلات لكي تخلق واقعا جديدا يحاول النهوض بالعملية السياسية، و كانت تمثل درجة عالية من الوعي وسط الطبقة الوسطى في المجتمع. .
أن الأسباب التي تؤدي إلي انتشار الرمزية و الإشارات الثقافية عندما تحاصر السلطة الفكر، و تطارد المثقفين، و تقيد حركتهم و نشاطهم، و أيضا عندما تتقلص مساحات الحرية من خلال القوانين التي تفرضها السلطة، تميل القوى المثقفة في استخدام الرمزية و الإشارات الثقافية لكي تطرح من خلالها العديد من التساؤلات.. لكن الغريب في الأمر أن نشاط المثقفين قد ضعف بعد ثورة ديسمبر، و فشلوا أن يطرحوا أراء و أفكار تهدف إلي قيادة حوار عقلاني يسهم في تخفيف حدة الصراع الصفري، و السبب لأنهم أصبحوا هم أنفسهم جزء من الأزمة، و جزء من حالة الاستقطاب الحاد في المجتمع، و مالوا إلي الشعارات لكي يؤكدوا عمق أزمتهم، فالحرية تقلصت في النشاط العام الذي تفرض عليه قيود من قبل السلطة، و أيضا تقلصت داخل الأحزاب نفسها التي كان من المفترض تصبح ساحات للحوارات الفكرية و تدفع عضويتها للإبداع الفكري و الثقافي لكي تستطيع أن تحدث أختراقا في جدار الأزمة، أن أزمة القيادة في المؤسسات الحزبية سبب رئيس في الأزمة السياسية التي قادت إلي الحرب و جعلت الحرب تستمر حتى الآن.. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: العدید من

إقرأ أيضاً:

هل سيكون العراق جزءًا من جحيم السياسة الأمريكية الجديدة؟ - عاجل

بغداد اليوم- بغداد

أكد الباحث في الشؤون الاستراتيجية محمد التميمي، اليوم الخميس، (9 كانون الثاني 2025)،  وجود مخاوف من أن يكون العراق مشمولًا بالجحيم الذي وعد به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط بعد توليه رئاسة البيت الأبيض.

وقال التميمي، لـ"بغداد اليوم"، إن: "تهديد ترامب بوجود جحيم في الشرق الأوسط بعد فترة توليه رئاسة الولايات المتحدة يثير القلق، وهناك خشية من أن العراق قد يكون جزءًا من هذا الجحيم بسبب مواقف بعض القوى السياسية والفصائل المسلحة الداعمة لإيران وأذرعها في المنطقة تحت مسمى محور المقاومة".

وأضاف التميمي، أن "ترامب في بداية توليه السلطة سيتعامل مع تشديد العقوبات الاقتصادية والمالية على إيران وكل من يتعامل معها، والعراق مهدد بتلك العقوبات بسبب الفصائل المسلحة المنتشرة في البلاد.

وأضاف كما، أن "طلب حل هذه الفصائل أصبح أمرًا حقيقيًا وواقعيًا، وترامب سيلتزم بتنفيذ وعوده في حال لم يلتزم العراق بالسيطرة على سلاح هذه الفصائل".

وأشار التميمي إلى، أن "العراق والمنطقة بشكل عام مقبلة على أحداث كبيرة، بعد تهديد ترامب بفتح الجحيم على المنطقة".

فيما أكد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الثلاثاء، (7 كانون الثاني 2025)،  أنه يتطلع إلى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة قبل موعد تنصيبه المقرر الشهر الجاري.

وقال: "إذا لم يتم إطلاق الرهائن بحلول موعد تنصيبي فإن أبواب الجحيم ستفتح على مصراعيها".

وكان ترامب أصدر في 2 ديسمبر كانون الثاني تحذيرا شديد اللهجة، مؤكدا أنه إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى قبل تنصيبه في 20 يناير كانون الثاني 2025، فستكون هناك "مشكلة خطيرة في الشرق الأوسط".

وبالتزامن مع موقف ترامب اليوم، قال مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف إنه "يأمل في تحقيق نتائج طيبة في ما يتعلق بمحادثات الرهائن في غزة بحلول موعد تنصيب ترامب في 20 يناير كانون الثاني".

مقالات مشابهة

  • صدمة في السياسة الأمريكية.. ترامب يبدأ ولايته بـ100 أمر تنفيذي
  • بايدن يعتزم إلقاء خطاب ختامي حول إرثه في السياسة الخارجية
  • هل سيكون العراق جزءًا من جحيم السياسة الأمريكية الجديدة؟
  • هل سيكون العراق جزءًا من جحيم السياسة الأمريكية الجديدة؟ - عاجل
  • الشكري: انتقدوا السياسة وممارسيها ولكن لا تقسو على النساء
  • غش وفضيحة.. السياسة الإسبانية تدخل على خط تسجيل أولمو
  • كيف يتم شراء الفاعلين في سوق السياسة السوداني
  • كأس رئيس الدولة للصيد بالصقور.. سباق الناموس والرموز
  • ما هو مستقبل السياسة الخارجية لإيران بعد سقوط الأسد؟
  • المصطلح في الثقافة السياسية السودانية