أسعار زيت الزيتون تشعل أزمة في تونس.. فرحة للمواطنين ونقمة على الفلاحين
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
كعادته يقود الفلاح (المزارع) حسن البعلي سيارته المحملة بصناديق ممتلئة بحبات الزيتون لبيع محصوله إلى معصرة قريبة من منطقته في برج الطويل بمحافظة أريانة (شمال البلاد). في وجهه، تظهر ملامح هموم أزمة خانقة تهدد قطاع الزيتون، حيث انهارت الأسعار بشكل كبير.
دون خيار آخر، باع حسن منتوجه بمقابل دينار واحد للكيلوغرام، في حين كان يبيعه في الموسم الماضي بمعدل 3 دنانير (دولار واحد) للكيلوغرام.
ويفسر المحللون الهبوط المفاجئ لأسعار زيت الزيتون بوفرة الإنتاج المحلي والعالمي، فضلا عن انخفاض الأسعار في الأسواق العالمية مقارنة بالعام الماضي.
وبحسب تقديرات وزارة الفلاحة، يُتوقع أن يبلغ إنتاج زيت الزيتون هذا الموسم 340 ألف طن، بزيادة تفوق 50% مقارنة بالموسم الماضي.
في العام الماضي، وصل سعر لتر الزيت في تونس إلى 26 دينارا (9 دولارات)، بينما يتراوح هذا العام بين 12 و18 دينارا، مما خلق إقبالا مكثفا من التونسيين على شراء الزيت وتخزينه في منازلهم، مستفيدين من انخفاض الأسعار.
وتسبب هذا الانهيار الحاد في الأسعار في أزمة خانقة للفلاحين، مما جعل السلطات تتخذ إجراءات عاجلة لاحتواء الوضع.
إعلانيقول حسن البعلي في تصريح للجزيرة نت "لقد خذلتنا الأسعار، ولن نتمكن من تغطية تكاليف الإنتاج، وأصبحنا عاجزين عن التخطيط للمستقبل"، مشيرا إلى اعتماده الكامل على عائدات محصول الزيتون لسداد ديونه وتغطية نفقات عائلته.
بالنسبة لهذا الفلاح الصغير، بات الوضع أقرب إلى الكارثة "فتكاليف الإنتاج تتصاعد بينما تهبط الأسعار إلى مستويات لا تغطي التكاليف والجهد المبذول".
في ظل هذه الظروف، "تبدو الإجراءات الحكومية بطيئة وغير كافية". يقول حسن بصوت مثقل بالمرارة "نحتاج إلى دعم عاجل لضمان استقرار الأسعار، فزيتنا ليس مجرد محصول، بل شريان حياة لعائلاتنا".
حال حسن لا يختلف عن عماد الجلاصي، الذي يضطر لبيع محصوله للمعصرة بمنطقة بجاوة بسيدي ثابت (محافظة أريانة) بمقابل دينار ونصف للكيلوغرام (نصف دولار)، وهو مبلغ بالكاد يغطي جزءا بسيطا من تكاليف الإنتاج بحسب تصريحه للجزيرة نت.
يشكو عماد من كثرة النفقات، مثل أجور العمال وأسعار المحروقات المرتفعة، مما جعل انهيار الأسعار بمنزلة صاعقة تقضي على آماله.
إلا إنه يدرك أن انخفاض الأسعار سيعود بالنفع على المواطنين الذين يعانون من تدني قدرتهم الشرائية. ومع ذلك، فإن تفهمه لهذا الانخفاض ممزوج بقلق على زملائه في القطاع.
نعمة للمواطنينوفي المعاصر، يظهر مشهد غير مسبوق من الطوابير الطويلة للمواطنين الذين توافدوا منذ الصباح الباكر لشراء الزيت.
يقول فتحي بوناصري، الذي جاء مع أسرته إلى معصرة سيدي بن عمار في سيدي ثابت "هذا الموسم نعمة من الله، وأسعار الزيت أصبحت في متناولنا بعد ارتفاعها الكبير العام الماضي"، مشيرا إلى أنه لن يضطر لتقليص استهلاكه كما فعل في الموسم السابق.
ويضيف للجزيرة نت بنبرة من الارتياح "زيت الزيتون ليس مجرد منتج فلاحي، بل هو جزء من عاداتنا وتقاليدنا، وانخفاض الأسعار هذا العام أعاد الطمأنينة لبيوتنا".
إعلانوحول رأيه في وضع القطاع، يقول الضاوي الميداني، رئيس نقابة الفلاحين التونسيين للجزيرة نت إن المواطنين هم المستفيد الأكبر من هذا الهبوط في الأسعار، مشيرا إلى أن الأسعار في السوق المحلية أصبحت مغرية ومناسبة بعد الارتفاع الكبير العام الماضي.
لكنه يوضح أن هذا الانخفاض جاء نتيجة وفرة الإنتاج المحلي وتراجع الأسعار في الأسواق العالمية، مما أوقع الفلاحين في أزمة خانقة، حيث لا تغطي عائدات محاصيلهم كلفة الإنتاج.
إجراءات للفلاحينوأشار الميداني إلى أن المزارعين والدولة هما الخاسر الأكبر، إذ ستنخفض عائدات الدولة من العملة الصعبة بسبب هذا الانخفاض في الأسعار، بينما ستحصل الدول المستوردة على زيت الزيتون التونسي بأسعار أقل.
وشدد على ضرورة أن تتحول الإجراءات الحكومية إلى تدابير فعالة تخفف من معاناة الفلاحين، وأعلنت وزارة الفلاحة مؤخرًا عن عدة إجراءات لدعم الفلاحين، تشمل شراء كميات من زيت الزيتون بأسعار تراعي السوق العالمية، وتمويل تخزين الزيت في حال استمرت الأسعار في الهبوط.
وقد اتخذت وزارة الفلاحة مؤخرا عدة إجراءات لضمان جني صابة الزيتون بما يحفظ حقوق الفلاحين ودعمهم ماليا إضافة إلى انطلاق ديوان الزيت التابع للوزارة في عملية شراء كميات من زيت الزيتون في كامل التراب الوطني وذلك باعتماد أسعار تأخذ بعين الاعتبار الأسعار المتداولة بالسوق العالمية والداخلية.
كما قررت وزارة الفلاحة تمويل تخزين كمية من زيت الزيتون لدى المنتجين في حالة تواصل تسجيل تراجع في الأسعار المتداولة في السوق الداخلية، فضلا عن مواصلة العمل بالإجراء المتعلق بتمديد خلاص القروض الموسمية بـ3 أشهر للفلاحين وأصحاب المعاصر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات وزارة الفلاحة العام الماضی زیت الزیتون فی الأسعار الأسعار فی للجزیرة نت أزمة خانقة
إقرأ أيضاً:
شعبة الأجهزة الكهربائية: ندرس تأثيرات رفع أسعار المحروقات
قال المهندس حسن مبروك، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية باتحاد الصناعات، إن رفع أسعار المحروقات سيكون له تأثير مباشر وغير مباشر على أسعار الأجهزة الكهربائية.
وأوضح مبروك خلال مداخلة هاتفية في برنامج "كلمة أخيرة" الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي على شاشة ON، أن الزيادات في أسعار الوقود لا تؤثر فقط على عملية نقل السلع، بل تشمل أيضًا نقل العاملين من وإلى المصانع، وهو ما يزيد من التكلفة العامة، إضافة إلى الحاجة لرفع الأجور لمواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة.
وقال:"كل هذه عوامل تؤثر، إلى جانب سعر الصرف الذي شهد زيادة مؤخرًا. لا نرغب في رفع الأسعار، لكننا الآن في مرحلة دراسة لتقييم حجم التأثير على تكلفة المنتج النهائي."
وأضاف:"النسب المتداولة حاليًا حول حجم الزيادات في أسعار الأجهزة الكهربائية غير دقيقة، لأنها لا تزال تحت الدراسة. قرار رفع أسعار المحروقات صدر مساء الجمعة فقط، ولذلك لم تتضح الصورة الكاملة بعد."
وأكد مبروك أن أي زيادات ستكون في أضيق نطاق ممكن، قائلاً:"رغم أن الأمر ما زال قيد الدراسة، لكن نؤكد أن الزيادة لن تكون كبيرة. السوق يعاني من ركود ملحوظ، ولا يصب في مصلحتنا إطلاقًا أن ترتفع الأسعار أكثر مما يحتمله المستهلك."
وردًا على سؤال الحديدي حول مدى الركود في السوق، قال مبروك:"نعم، السوق يشهد ركودًا ملحوظًا، وهناك انخفاض واضح في القوة الشرائية. التقديرات تشير إلى أن الركود الحالي يبلغ حوالي 30% مقارنة بالفترات العادية."
وتابع:"نحاول قدر الإمكان امتصاص الزيادات في التكلفة ضمن هامش الأسعار حتى لا نثقل على المستهلك، لكن في بعض الأحيان تصبح الزيادة خارج إرادتنا."
واختتم بالتأكيد على أن القطاع سيبذل أقصى ما يمكن لاحتواء أثر الزيادة في أسعار الوقود دون تحميل المستهلك أعباء كبيرة ليتكون الزيادات في أضيق الحدود "