التقرير السنوي لـ«القومي لحقوق الإنسان».. رؤية شاملة حول تحقيق العدالة
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
قدم المجلس القومى لحقوق الإنسان، فى تقريره السنوى السابع عشر رؤية متكاملة تعكس الجهود المبذولة لتعزيز حقوق الإنسان فى مصر، حيث يُعد هذا التقرير خطوة فارقة فى مسار الإصلاح الوطنى، ويُبرز الخطوات الملموسة التى تحققت على أرض الواقع، ويطرح التحديات المتبقية، إلى جانب تقديم توصيات تهدف إلى تحقيق العدالة والمساواة بين جميع المواطنين، ودعم الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية.
التقرير لم يقتصر على التوثيق، بل طرح رؤى واقعية تواكب السياقين المحلى والدولى، وتؤسس لمرحلة جديدة من الإصلاح، وكان من بين المحاور الأساسية التى ركز عليها التقرير تحديث الإطار القانونى عبر إصدار القانون المحدث للإجراءات الجنائية، مشدداً على ضرورة اتباع النهج التشاركى خلال جميع مراحله، مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات التكنولوجية والمؤسسية ذات الصلة، فضلاً عن الإشارة إلى أهمية دمج الاستراتيجيات الوطنية لحقوق الإنسان مع قضايا تغير المناخ والسكان، لتعزيز التكامل بين الأبعاد الحقوقية والبيئية والاجتماعية.
أهمية اتخاذ إجراءات جادة لمنع عمالة الأطفال وتبنى برامج مستوحاة من أفضل الممارسات العالميةوتطرق التقرير إلى مراجعة القوانين المنظمة لعمل المنصات الإلكترونية الصحفية، وإيجاد آليات تُسهل توفيق أوضاعها، مع تقليل اللجوء إلى آلية الحجب، كما شدد على ضرورة الإسراع فى إصدار قانون حرية تداول المعلومات، كخطوة أساسية لتعزيز الشفافية، كما تناول التقرير أهمية قانون العمل الجديد، حيث دعا إلى توسيع دائرة التشاور مع أصحاب المصلحة، خاصة أنه معنى به ملايين عمال القطاع الخاص، وكذلك تقديم حلول فعالة تتضمن تغطية العمالة غير المنتظمة والعمالة فى القطاع غير الرسمى بالغطاء التأمينى، كما أكد أهمية اتخاذ إجراءات جادة لمنع عمالة الأطفال، وتبنى برامج مستوحاة من أفضل الممارسات العالمية لدعم المستفيدين من برامج الدعم النقدى، مثل «تكافل وكرامة»، ما يسهم فى تخفيف حدة الفقر وتعزيز العدالة الاجتماعية.
وتعد الدعوة إلى إنشاء مفوضية مكافحة التمييز، أحد المحاور المهمة التى سلط التقرير الضوء عليها باعتبارها التزاماً دستورياً يعكس حرص الدولة على مكافحة كل أشكال التمييز، وأوصى التقرير بتبنى تشريعات شاملة لتعريف ومناهضة العنف ضد المرأة، وتطوير دور الرعاية للبنين والبنات والمؤسسات العقابية وفقاً للمعايير الدولية.
مراجعة القوانين المنظمة لعمل المنصات الإلكترونية الصحفية وإيجاد آليات تُسهل توفيق أوضاعهاوفيما يتعلق بالمبادرات التنموية، شدد التقرير على أهمية الاستمرار فى تنفيذ برنامج «حياة كريمة»، داعياً إلى معالجة التحديات التى واجهتها المرحلة الأولى من المشروع، والاستفادة من الدروس المستخلصة لتنفيذ المرحلتين الثانية والثالثة بفعالية أكبر، منوهاً بأهمية تضييق نطاق اللجوء لإجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة، ورفع قيمة التعويضات بما يضمن الإنصاف، وتطبيق خطط تتماشى مع المعايير الدولية لإعادة التوطين.
ومن أبرز النقاط التى وردت فى التقرير الدعوة إلى تحديث الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان لتعزيز القدرة على تتبع نتائجها من خلال استحداث مؤشرات كمية وكيفية، بما يتماشى مع طبيعة الاستراتيجية وسياقها، كما أوصى التقرير بتوسيع دائرة الحوار الوطنى لتشمل القوى المجتمعية الفاعلة على المستويين الوطنى والمحلى، مع الإسراع فى تبنى توصيات الحوار الوطنى، لا سيما تلك المتعلقة بسرعة إصدار قانون المجالس الشعبية المحلية وتنظيم انتخاباتها، وتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية لتعزيز استخدام التكنولوجيا الحديثة فى الانتخابات وضمان تمثيل أكبر للأحزاب السياسية.
وسلط التقرير الضوء على أهمية تحسين آليات التنسيق بين المجلس ووزارة الداخلية والنيابة العامة لضمان سرعة التدخل فى معالجة الشكاوى والتحقيق فى الادعاءات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، داعياً إلى تعزيز البرامج التدريبية للمسئولين فى مراكز التأهيل، بما يسهم فى تحسين الظروف الحقوقية داخل هذه المنشآت.
وأوصى بأهمية رفع مخصصات الصحة والتعليم والبحث العلمى فى الموازنة العامة للدولة لتتوافق مع النسب الدستورية، بما يضمن تحقيق تقدم ملموس فى هذه القطاعات، إذ جاءت هذه التوصيات كخارطة طريق تسعى لتقديم حلول شاملة ومتكاملة تعزز من مكانة حقوق الإنسان فى مصر، وترتقى بها إلى مستوى الطموحات الوطنية والدولية.
وفى السياق ذاته، أكد دكتور محمد ممدوح، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أهمية التقرير فى توثيق نشاط المجلس ومشاركته على المستويات المحلية والدولية، إذ يلزم قانون إنشاء المجلس القومى لحقوق الإنسان رقم 94 لسنة 2003، المعدل بالقانون 197 لسنة 2017، فى مادته 15، المجلس بإصدار تقرير سنوى عن حالة حقوق الإنسان فى مصر، مشيراً إلى إحداث تقدم ملحوظ رغم التحديات.
«ممدوح»: نتعاون مع جميع المؤسسات التنفيذية والتشريعية والمجتمع المدنىوأكد «ممدوح» لـ«الوطن» أن التقرير السنوى يعتبر تعبيراً دقيقاً ومستقلاً عن نشاط المجلس ومشاركته على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، حيث يجرى إعداده من خلال لجنة تم اختيارها بعناية من أعضاء المجلس، وبمشاركة جميع اللجان الأخرى، إلى جانب عدد من الباحثين فى الأمانة العامة، حيث قام الفريق بتجميع كافة أنشطة المجلس خلال فترة التقرير، ثم تصنيفها وتبويبها وفق منهجية حقوقية تشمل حقوقاً اقتصادية واجتماعية وثقافية، ومدنية وسياسية، بالإضافة إلى الحقوق البيئية.
وتابع: «استغرقت مجموعة العمل لإعداد التقرير عدة أسابيع، حيث جرى جمع البيانات وتحليلها لاستخلاص النتائج والتوصيات، ومن أبرز التحديات التى واجهت إعداد التقرير، عامل الوقت، وضرورة الانتهاء منه فى موعد محدد لعرضه على المجلس»، منوهاً بأن إعداد التقرير كان من خلال أعضاء المجلس وأمانته الفنية، ما يعكس اعتماد المجلس على خبراته الداخلية.
ونوه إلى أن «المجلس يسعى للتعاون مع كافة المؤسسات التنفيذية والتشريعية والمجتمع المدنى، حيث يعمل المجلس جاهداً لنشر وتعزيز وحماية حقوق الإنسان، لأن مصر تستحق منا جميعاً بذل الجهود الحثيثة لتبوؤ المكانة اللائقة بها بين الأمم»، مشيراً إلى أن المجلس القومى لحقوق الإنسان، من خلال رئيسته السفيرة مشيرة خطاب وعدد كبير من أعضائه، شارك فى العديد من جلسات الحوار الوطنى، حيث تمت مناقشة مواضيع تمس حقوق الإنسان بشكل مباشر، مثل قضايا الحبس الاحتياطى وآليات تعزيز الاستثمار وملفات الحماية الاجتماعية وحرية العمل الأكاديمى.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: اليوم العالمي لحقوق الإنسان يوم حقوق الإنسان الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان المجلس القومى لحقوق الإنسان حقوق الإنسان من خلال
إقرأ أيضاً:
الاورومتوسطي : المرحلة الانتقالية في سوريا تتطلب تحقيق العدالة الاجتماعية وسيادة القانون وآليات المصالحة المجتمعية
#سواليف
دعا المرصد #الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى ضرورة تحقيق #العدالة_الانتقالية في #سوريا واحترام حقوق كافّة الجماعات والأفراد الذين عانوا الكثير من الانتهاكات الجسيمة لحقوقهم على مدى عقود، لا سيّما منذ العام 2011 وخلال فترة الحرب التي استمرت لأكثر من 13 عامًا.
وأبرز المرصد الأورومتوسطي أن سوريا شهدت خلال الحرب الداخلية عقب الثورة الشعبية انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وللقانون الدّولي الإنساني، و #جرائم_حرب وجرائم ضد الإنسانيّة من #تعذيب وقتل واضطهاد وإخفاء قسري، سواء داخل السّجون السوريّة أو خارجها، فضلًا عن أزمة إنسانيّة غير مسبوقة لملايين اللّاجئين السّوريين حول العالم.
وأكد الأورومتوسطي أنّ أهميّة العدالة الانتقاليّة تكمن في الابتعاد عن الانتقام، والاعتراف بالضّحايا وتعزيز ثقة الأفراد في مؤسّسات الدّولة، وتدعيم احترام حقوق الإنسان وتعزيز سيادة القانون، كخطوة نحو المصالحة ومنع وقوع انتهاكات جديدة.
مقالات ذات صلة مقتل 104 صحفيين حول العالم في 2024 نصفهم في غزة 2024/12/10وفي هذا الصدد، شدد الأورومتوسطي على أهميّة توثيق انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم وكشف الحقيقة، كخطوة أساسيّة لتحقيق المساءلة وتعزيز المصالحة المجتمعيّة، يليها مساءلة قانونيّة عبر محاكمة المسؤولين عن الجرائم الدّوليّة في المحاكم الوطنيّة والدوليّة صاحبة الاختصاص، ومن خلال مبدأ الولاية القضائيّة العالميّة الذي يتيح للدّول اتخاذ إجراءات قانونيّة ضد المتهمين بارتكاب جرائم بغض النظر عن مكان وقوع الجريمة أو جنسيّة الجاني أو الضحية، بما يضمن عدم إفلات الجّناة من العقاب.
ونبه إلى أنه من الضروري جبر ضرر الضّحايا عن طريق توفير التعويضات المادية والمعنوية، بما في ذلك الخدمات الطبيّة والنفسيّة للمتضرّرين، واستعادة الممتلكات المنهوبة، وضرورة إجراء إصلاحات مؤسّساتيّة شاملة، بما في ذلك إصلاح الأجهزة الأمنيّة والقضائيّة، لضمان بناء دولة قانون تلتزم بمعايير حقوق الإنسان.
بالإضافة إلى ذلك، قال المرصد الأورومتوسطي إنه يجب أن تركّز العدالة الانتقاليّة على المصالحة الوطنيّة، وذلك من خلال تنظيم حوارات مجتمعيّة تشمل جميع أطياف الشّعب السّوري، والاعتذار الرّسمي من الجّهات المسؤولة عن الانتهاكات، والتركيز على التّثقيف ونشر الوعي بحقوق الإنسان لضمان عدم تكرار الانتهاكات، وتعزيز ثقافة احترام القانون وسيادة العدالة في سوريا المستقبل.
وحث المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان على ضرورة إشراك المجتمع المحلي في صياغة استراتيجيّات العدالة الانتقاليّة، وتطوير آليّات مستدامة لتحقيق المساءلة الجنائيّة من جهة والمصالحة الوطنيّة من جهة أخرى، لمنع تكرار تلك الانتهاكات.
وأكد أن إعادة بناء الدّولة السوريّة يتطلّب استراتيجيّات شاملة على كافّة الأصعدة، بما في ذلك السّياسيّة والاقتصاديّة، إلى جانب الاجتماعيّة، وأنَّ هنالك ضرورة للبدء بعمليّة حوار سياسي يشمل جميع الأطراف السوريّة من كافة الاتّجاهات السياسيّة والطائفيّة والعرقيّة، برعاية دوليّة، على أن يشمل هذا الحوار اللّاجئين والمجتمعات المهمّشة، ويهدف إلى التّوصّل إلى اتّفاق يتيح تشكيل حكومة انتقاليّة تمثل جميع الأطراف السوريّة.
كما شدد المرصد الأورومتوسطي على ضرورة وأهميّة وضع دستور للدّولة السوريّة كخطوة أساسيّة نحو بناء دولة ديمقراطيّة ومدنيّة تحترم حقوق الإنسان، وتعديل المواد القانونيّة التي قد تكون قد استخدمت لتعزيز هيمنة النّظام الحاكم على حساب حقوق الأفراد والحريّات الأساسيّة، على أن يشمل الإصلاح الدستوري ضمان فصل السلطات، بحيث تكون كل من السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية مستقلة وتعمل في إطار من التوازن والمساءلة، وأن يتضمّن ضمانات صريحة لحقوق الإنسان، بما يضمن حماية حقوق الأقليّات والنّساء والأطفال، ويضمن المساواة أمام القانون.
ودعا الأورومتوسطي إلى ضرورة أن يتضمن الدستور الجديد الانتقال نحو سيادة القانون وخلق بيئة أكثر عدالة وقائمة على التعدّدية المجتمعيَّة، ويسهم في معالجة الأثار التي خلّفتها الحرب، مؤكدًا أنه لتحقيق ذلك، لا بد من تمكين الشّعب السّوري من حقّه بتقرير مصيره واختيار ممثّليه بحريّة ودون تدخّلات من قبل أطراف خارجيّة، عبر تنظيم انتخابات حرّة ونزيهة تحت إشراف هيئة مستقلّة، مع ضمان إشراك جميع فئات المجتمع السّوري، لاستعادة الشّرعيّة السياسيّة للسّلطة الجديدة، وتعزيز الثّقة بين مختلف الأطياف السّورية، بما يحفظ حقوق السوريين السياسيّة والمدنيّة.
وأكد الأورومتوسطي أنه يتوجب التركيز على إعادة بناء البنى التحتيّة الأساسية في كافة مناطق سوريا مثل الطّرق والمدارس والمستشفيات، ودعم الاقتصاد المحلي والمشاريع الصغيرة لضمان نمو مستدام، فضلاً عن تأسيس برامج للتّعافي النّفسي والاجتماعي للنّاجين، ودمج اللاجئين والنازحين في المجتمع عبر فرص العمل والتعليم، ممّا يحفظ حقوق المواطنين السّوريين الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة.
وختم المرصد الأورومتوسّطي لحقوق الإنسان بدعوة المجتمع الدولي إلى تبني دور نشط في دعم سوريا نحو العدالة الانتقاليّة والإصلاحات المؤسسيّة، وذلك من خلال توفير الدّعم المالي والإنساني، والمساهمة في محاسبة الجّناة، وتعزيز المصالحة الوطنيّة.