يمن مونيتور/ وكالات

قال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، الخميس، إن المملكة تتطلع إلى زيارة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، للمملكة تلبية لدعوة من العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز.

وأضاف في مؤتمر صحفي مع نظيره الإيراني، أن سفيري البلدين سيتوليان منصبيهما في السفارتين بعد إعادة فتحهما بفضل إنهاء الخلاف الدبلوماسي بين البلدين في مارس واستئناف العلاقات.

وقال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان،  إن المحادثات مع نظيره السعودي في الرياض كانت ناجحة.

وكشف الوزير الإيراني في المؤتمر الصحفي، عن اتفاق في وجهات النظر بين الجانبين على تفعيل الاتفاقيات الأساسية، كاشفاً في الوقت ذاته عن زيارة “قريبة” سيقوم بها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى المملكة.

وضح أنه أجرى مباحثات مثمرة في الرياض، مثمناً دور المملكة في المنطقة، مضيفاً: “بإمكاننا العمل مع السعودية لحل الموضوعات العالقة بالمنطقة بشكل فوري،”.

وأشار إلى أن طهران تدعم تحقيق الأمن والسلام في المنطقة دون تجزئة، لافتاً إلى أن العلاقات مع السعودية “تسير في الاتجاه الصحيح وتشهد تقدماً، وأن طهران عازمة على تطوير وتعزيز العلاقات مع المملكة”.

ووصل الوزير الإيراني إلى الرياض في أول زيارة له إلى السعودية منذ استئناف العلاقات بين القوتين الإقليميتين في مارس.

وقطعت المملكة، علاقاتها مع إيران، عام 2016 بعد هجوم شنه متظاهرون إيرانيون على كل من سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد، احتجاجا على إعدام الرياض رجل الدين الشيعي البارز، نمر النمر.

لكن البلدين اتفقا على استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح سفارتيهما بعد قطيعة أنهاها اتفاق مفاجئ تم التوصل إليه بوساطة صينية في العاشر من مارس الماضي.

ويرافق عبد اللهيان في زيارته إلى الرياض السفير الإيراني الجديد لدى السعودية، علي رضا عنايتي.

ومنتصف يونيو الماضي زار بن فرحان إيران كانت الأولى لوزير خارجية سعودي لطهران منذ 17 عاما، حيث عقد مباحثات تناولت قضايا الأمن والاقتصاد والسياحة والنقل.

وأعقبت المصالحة الإيرانية-السعودية سلسلة من التغييرات في المشهد الدبلوماسي في الشرق الأوسط، فقد أعادت المملكة علاقاتها مع سوريا التي استأنفت نشاطها الكامل في جامعة الدول العربية.

كما كثفت الرياض جهود السلام في اليمن حيث تقود تحالفا عسكريا يدعم الحكومة اليمنية ضد المتمردين الحوثيين القريبين من إيران.

وكثفت إيران من جهتها في الأشهر الأخيرة نشاطاتها الدبلوماسية وعملت على تعزيز علاقاتها مع دول عربية أخرى بهدف الحد من عزلتها وتقوية اقتصادها.

 

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: إيران استئناف العلاقات السعودية اليمن طهران

إقرأ أيضاً:

كيف خسرت إيران سوريا

بعد 13 عاماً من بدء الانتفاضة السورية، أدى السقوط السريع والمفاجئ لبشار الأسد إلى نسف التصور السائد بأن الوضع القائم، على رغم أنه مصحوب بأساليب قمعية، يتسم بالاستقرار. فعلى مدى جزء كبير من العقد الماضي، عمل نظام الأسد، بدعم ثابت من إيران وروسيا، على قمع المعارضة بوحشية. وما بدأ كانتفاضة عام 2011 تطور إلى حرب أهلية مدمرة انتهت بحال من الجمود المربك. وعلى رغم التحديات المستمرة، بدا أن قبضة الأسد على السلطة آمنة. ومع ذلك، انهار نظامه في غضون أيام من بدء هجوم منسق شنه المتمردون.  

وكان من بين الخسائر الأخرى، النفوذ الإيراني في سوريا الذي بُني بشق الأنفس من خلال أعوام من التدخل المكلف والدعم الثابت. كانت طهران الحليف الأكثر ثباتاً للأسد طوال الصراع. وعلى مر السنين، استثمرت إيران موارد هائلة ومساعدات عسكرية لضمان بقائه. لكن ومع تفكك الجيش السوري بسرعة، كانت إيران غائبة بصورة ملحوظة. في أعقاب ذلك، دان المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي سقوط الأسد ووصفه بأنه مؤامرة مدبرة من الخارج، وهو تصوير يُظهر جهود طهران للحفاظ على صورتها كقوة إقليمية صامدة. ولكن داخل إيران، يبدو المسؤولون والمراقبون منقسمين. فالوتيرة السريعة للأحداث واستنزاف الموارد العسكرية والسياسية الإيرانية خلال العام الماضي، وسط تصاعد المواجهات العسكرية المباشرة وغير المباشرة مع إسرائيل، تركت القيادة الإيرانية تكافح من أجل صياغة استجابة متماسكة.
تشكل الانتكاسة الاستراتيجية لإيران فرصة فريدة للولايات المتحدة للحد من احتمالات اندلاع صراع جديد وإرساء الأساس للاستقرار الدائم في سوريا. ومن خلال مواصلة دعم القوات الكردية السورية وتعزيز الحوار بين الأطراف السورية الرئيسة وتشجيع إسرائيل على ضبط نفسها في سوريا، يمكن لواشنطن أن تساعد في تشكيل واقع ما بعد الأسد بما يحقق السلام والأمن على المدى الطويل. لكن استقرار المنطقة قد يتطلب أيضاً مشاركة إيران في المحادثات حول مستقبل سوريا. وإذا فشلت واشنطن وطهران في التعاون مع بعضهما بعضاً، فستستمر معاناة سوريا.


إرهاق مكشوف وواضح

لقد كان التدخل الإيراني الواسع النطاق في الحرب الأهلية السورية ضرورياً لبقاء نظام الأسد. فمنذ عام 2011، أنفقت طهران ما بين 30 و50 مليار دولار على المساعدات العسكرية والنفطية والدعم اللوجستي لسوريا. ونسق فيلق القدس، الجناح النخبوي للحرس الثوري الإيراني، العمليات في وقت مبكر من خلال تدريب الميليشيات المحلية لدعم الجيش السوري وتعبئة مجموعة واسعة من المقاتلين الشيعة الأجانب، بمن في ذلك عناصر من "حزب الله" اللبناني والميليشيات العراقية والجماعات الأفغانية والباكستانية.
وبعد أن هدأ القتال الواسع النطاق عام 2018، بدأت طهران بالتركيز على تعزيز نفوذها في جنوب سوريا وجنوب شرقها، وتأمين السيطرة على الأراضي ودمج الميليشيات في القوات المسلحة السورية. لكن تبين أن هذه الجهود لم تكُن كافية لمنع انهيار الأسد السريع في أوائل ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ويبدو أن إيران خُدعت بمظهر زائف بدت فيه الحكومة قادرة ومستقرة في دمشق، على رغم أن طهران نفسها ساعدت الأسد في بناء هذا الوهم. لكن الحكومة الإيرانية ظلت غير مستعدة لانهيار الجيش السوري السريع، مع سقوط الخطوط الدفاعية وإثبات الجنود عدم جاهزيتهم أو عدم قدرتهم على القتال. وفي غضون أيام قليلة، استولى المتمردون على ثاني أكبر مدن سوريا، حلب، وتقدموا جنوباً، من دون أن يتركوا لإيران الوقت الكافي للرد بفاعلية. وكما اعترف قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، فإن إيران "لم تكُن قادرة على القتال نيابة عن الجيش السوري... بينما كان الأخير يجلس متفرجاً ومكتوف الأيدي".
أدى إضعاف حزب الله إلى تفاقم التحديات التي تواجه إيران. كان حزب الله محور استراتيجية إيران في سوريا، مع نشر الآلاف من مقاتليه لدعم نظام الأسد على مدى العقد الماضي. بعد مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني عام 2020، أصبح حزب الله المنسق الرئيس للميليشيات المدعومة من إيران في سوريا. لكن الضربات الإسرائيلية ضد الحزب وبنيته التحتية على مدى العام الماضي قضت على قياداته ومنعته من تقديم أي دعم عسكري أو لوجستي إضافي للأسد.
إضافة إلى ذلك، كثفت إسرائيل استهدافها للأصول الإيرانية في سوريا. في البداية، كانت هذه الاستراتيجية تهدف إلى كبح نقل الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله عبر سوريا، لتصبح جزءاً من المواجهة الأوسع لإسرائيل مع حزب الله، و"محور المقاومة" المدعوم من إيران. وبحلول أواخر عام 2023 تصاعدت إلى حصار بري وجوي بحكم الأمر الواقع، مما أدى فعلياً إلى قطع تحركات القوات الإيرانية والإمدادات اللوجستية إلى سوريا، خاصة عبر العراق. حتى أن خامنئي اعترف في خطاب ألقاه في أوائل ديسمبر(كانون الأول) الجاري بأن إيران لم تتمكن من تقديم الدعم للأسد لأن جميع نقاط الوصول كانت مغلقة فعلياً.
وفي غضون ذلك، بحلول وقت بدء هجوم المتمردين في سوريا في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أصبحت الميليشيات الشيعية العراقية التي قامت بدور كبير في المراحل الأولى من الحرب الأهلية السورية، غير راغبة في العودة للصراع، مشغولة بالأولويات الداخلية ومتوجسة من كلف التدخل الخارجي المتصاعدة. وأدى هذا النقص في الدعم الموثوق من الحلفاء إلى تقييد قدرة إيران على الرد بصورة فاعلة.
واستطراداً، أثرت العوامل الداخلية في قرارات طهران بعدم التدخل. فكشفت جولتان من الهجمات المتبادلة مع إسرائيل، بخاصة سلسلة من الضربات الإسرائيلية على المواقع العسكرية والدفاعات الجوية الإيرانية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عن نقاط ضعف الجمهورية الإسلامية. وفي الحقيقة، أصبح الاقتصاد الإيراني اليوم أقل قوة بكثير مما كان عليه عندما تدخلت طهران للمرة الأولى في سوريا عام 2011، مما حد من قدرتها على تحمل القيام بتدخل خارجي مكلف آخر. وفي مواجهة احتمال تزايد التصعيد، أعطت طهران الأولوية لتعزيز دفاعاتها، لا إلى تحويل الموارد إلى صراعات أجنبية.


محور متصدع

إن سقوط الأسد لا يسلط الضوء على نقاط ضعف إيران فحسب، بل يفرض أيضاً تحديات جديدة كبيرة على طهران، ما يهدد نفوذها الإقليمي واستقرار النظام. وأبرز هذه التحديات هو الصعوبة في إعادة إحياء القدرات العملياتية لحزب الله. فقد كانت سوريا لفترة طويلة تمثل مركزاً لوجستياً حيوياً في "الممر البري" الذي يربط إيران بالبحر الأبيض المتوسط ويسمح بنقل الأسلحة المتطورة والدعم اللوجستي إلى حزب الله. ومع انهيار نظام الأسد، انقطع خط الإمداد هذا، مما أدى إلى عزل حزب الله وقطع الترابط الجغرافي الذي يتمتع به محور المقاومة. وبعد أن أضعفته الحرب التي استمرت 14 شهراً مع إسرائيل، سيواجه حزب الله الآن مهمة شاقة تتمثل في التعافي مع دعم لوجستي أقل بكثير من إيران.
علاوة على ذلك، كشف سقوط الأسد عن انقسامات أيديولوجية وطائفية بين حلفاء إيران ربما تزيد من تصدع تماسك المحور. فقد اعتبرت إيران وحزب الله والميليشيات العراقية والحوثيون هذا الحدث انتكاسة كبرى. لكن حماس و"الجهاد الإسلامي" الفلسطيني، وهما مجموعتان سنيتان تدعمهما إيران، هنأتا المتمردين السوريين من هيئة تحرير الشام، وهي جماعة إسلامية سنية، على انتصارها على الأسد.
في ما يتعلق بالمحور، قد يؤدي فقدان سوريا أيضاً إلى تقويض مصداقية إيران مع شركائها الإقليميين في العراق واليمن. فإخفاق إيران في التدخل بصورة حاسمة من أجل حماية الأسد من المرجح أن يثير الشكوك حول التزامها وقدرتها. وأعرب رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي الذي حافظ على علاقات وثيقة مع إيران، عن دهشته إزاء تقاعس طهران في سوريا خلال مقابلة تلفزيونية بعد سقوط الأسد مباشرة. وقال المالكي: "لقد فوجئت. . . بموقف الدول التي كانت تقف إلى جانب سوريا. .  روسيا وإيران. كيف غيرتا موقفهما؟ وما هي عواقب هذا التغيير؟". وفي المستقبل، فإن الجماعات التي اعتمدت على دعم طهران ربما تشكك في مدى موثوقية هذا الدعم.
يُذكر أن فقدان الحليف السوري سيضعف إيران أيضاً في تنافسها مع تركيا. فالدعم القوي الذي قدمته أنقرة إلى المتمردين السوريين عطّل توازن القوى الإقليمي. في ظل حكم الأسد، سمح الوجود الإيراني الواسع في سوريا لطهران بموازنة طموحات تركيا الإقليمية. ولكن منذ سقوط الأسد، تحولت أنقرة التي باتت الراعي الرئيس الآن للمتمردين السوريين خاصة هيئة تحرير الشام، إلى القوة الخارجية المهيمنة في سوريا وحلت مكان طهران وموسكو، ما أدى إلى توسيع نطاق نفوذ تركيا في حين حدّ من نفوذ إيران. وهناك مخاوف متزايدة في إيران من أن تركيا التي استفادت من ضعف طهران، قد تسعى الآن إلى زيادة نفوذها على حساب إيران في العراق ولبنان والقوقاز الجنوبي.
ففي العراق ولبنان، من المحتمل أن تعزز تركيا دعمها للفصائل السنية ضد الجماعات الشيعية الموالية لإيران. وفي القوقاز الجنوبي، فإن سعي تركيا إلى إنشاء ما يسمى "ممر زنغزور"، وهو طريق عبور استراتيجي يربط تركيا بأذربيجان عبر الأراضي الأرمينية، يمثل تهديداً بقطع الوصول البري الإيراني إلى أرمينيا، الشريك الاستراتيجي المهم للحفاظ على نفوذ طهران الإقليمي ومساراتها التجارية في القوقاز، ما يعزلها اقتصادياً وجيوسياسياً.
أخيراً، أدى سقوط الأسد إلى تأجيج السخط الداخلي بين الموالين للنظام في طهران، إذ وصف بعضهم هذه الخسارة بخطأ استراتيجي ووجهوا انتقادات علنية للحكومة على شاشات التلفزيون الرسمي. وبالنسبة إلى نظام يعتمد بصورة كبيرة على المؤيدين المتحمسين، فإن مثل هذا الاستياء يشكل تحدياً خطراً. علاوة على ذلك، هناك مخاوف من أن الجماعات السنية المتطرفة في المناطق الجنوبية المضطربة في إيران، مثل المناطق التي يقطنها العرب والبلوش، قد تتشجع بانتصار الجماعات ذات التفكير المماثل في سوريا، ما يزيد من خطر الاضطرابات في وقت أصبحت الحكومة في طهران أضعف.


نحو المرحلة التالية

رغم التحديات المتعددة التي تواجه طهران، فإن إيران تعمل على تعديل استراتيجيتها للحفاظ على نفوذها في سوريا وبلاد الشام من خلال إجراء تغييرات تكتيكية. وأظهرت إيران اهتماماً بالتواصل مع الجماعات الكردية السورية التي على رغم عدم تحديها المباشر للأسد، كانت من الأطراف الرئيسة خلال الحرب، خصوصاً في المعركة ضد الجماعات السنية المتطرفة التي لا تزال تسيطر على أجزاء كبيرة من شمال شرقي سوريا. وفي الفترة التي سبقت الإطاحة بالأسد، انسحبت القوات المدعومة من إيران من مواقع رئيسة في شرق سوريا، خاصة في محافظة دير الزور قرب الحدود العراقية، ونقلت السيطرة إلى قوات سوريا الديمقراطية التي يتألف عناصرها وهيكلها القيادي بصورة أساسية من الأكراد. وأشارت هذه الخطوة إلى جهود إيران لوضع نفسها شريكاً محتملاً للأكراد السوريين، خاصة في ظل قلق الأكراد من أن الدعم الأمريكي لـقوات سوريا الديمقراطية قد يتراجع بمجرد عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض. يتوقع كثيرون أن يقلل ترمب من التدخل الأمريكي في سوريا وأن يسعى إلى إقامة علاقات أقوى مع تركيا التي تعتبر قوات سوريا الديمقراطية" جماعة إرهابية.






ومن المحتمل أن تدرس إيران أيضاً إمكان التواصل مع هيئة تحرير الشام، مستغلة المشاعر المعادية لإسرائيل والمؤيدة للفلسطينيين بين صفوف المتمردين. وعلى رغم أن قيادة "هيئة تحرير الشام" أعربت عن عدم رغبتها في بدء صراع مع إسرائيل، فإن الضربات الإسرائيلية المستمرة والتقدمات الإقليمية لاكتساب مزيد من الأراضي في سوريا قد تشجعها على تغيير موقفها. وربما تعرض طهران تقديم دعمها لهيئة تحرير الشام مقابل تنازلات استراتيجية، مثل استعادة الوصول إلى قوات حزب الله في لبنان.
في منحى مقابل، يمكن أن تتجه إيران إلى إقامة علاقات جديدة مع الأقليات الشيعية والعلوية في غرب سوريا التي تخشى التعرض للتمييز والقمع على يد المتطرفين السنة. ومن خلال التحالف مع هذه المجموعات، قد تتمكن إيران من بناء شبكة من القوات الموالية والوكلاء للحفاظ على نفوذها في سوريا حتى في غياب نظام حاكم متعاون. ومن الممكن أن تسعى إيران أيضاً إلى إعادة تنظيم مئات الجنود من نظام الأسد الذين فروا إلى العراق، لتشكيل قوة مضادة للثورة، مما يمكنها ربما من استعادة موطئ قدم لها في سوريا.


ملء الفراغ

إن سقوط الأسد وتآكل نفوذ إيران في سوريا يمثلان فرصة نادرة للتجديد، ولكنه يفرض في الوقت نفسه تحديات هائلة، سيتطلب حلها مشاركة فاعلة من الولايات المتحدة. أولاً، يُعدّ الدعم الأمريكي المستمر للأكراد السوريين أمراً بالغ الأهمية. وكانت قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد حليفاً رئيساً في الحرب ضد تنظيم داعش، وقوة لتحقيق الاستقرار في شمال شرقي سوريا. لكن الاشتباكات الأخيرة مع الجماعات المتمردة المدعومة من تركيا أجبرت قوات سوريا الديمقراطية على تعليق عملياتها ضد داعش. واستمرار الدعم الأمريكي، بما في ذلك المساعدات المالية والسياسية والدبلوماسية، سيعزز موقف الأكراد ضد مثل هذه التهديدات مع ردع إيران عن استغلال الفراغات الناشئة في السلطة.
وفي الوقت ذاته، يجب على واشنطن أن تشجع إسرائيل على ضبط النفس وتخفيض حدة تصعيد عملياتها في جنوب غربي سوريا. ففي أعقاب سقوط الأسد، وسعت إسرائيل وجودها إلى ما هو أبعد من مرتفعات الجولان، حيث احتلت مناطق أعمق داخل سوريا مبررة ذلك بمخاوف أمنية. ولكن أي احتلال إسرائيلي طويل الأمد يخاطر بتنفير السوريين ومنح إيران ذريعة لإعادة تفعيل أجندتها المعادية لإسرائيل في سوريا.
ويتعين على الولايات المتحدة أيضاً أن تتعاون مع حلفائها في الشرق الأوسط وأوروبا لتعزيز حوار سياسي شامل بين جميع الفصائل السورية. فالفراغ في السلطة الذي خلفه رحيل الأسد يهدد بتكثيف المنافسة بين الفصائل المختلفة وبين الأقليات العرقية، والدينية المتعددة في البلاد. ودعم الحوار الشامل قد يساعد في إنشاء حكومة تمثيلية تحافظ على وحدة أراضي سوريا وتحمي حقوق الأقليات، مع تقليل احتمالية استغلال إيران أو جهات خارجية أخرى للأقليات في سبيل تحقيق النفوذ.
ومع ذلك، فإن ضمان الأمن في سوريا يستلزم أيضاً اتخاذ خطوات دبلوماسية للحيلولة دون تفاقم الأوضاع في إيران، ذلك أن الشعور المتزايد بانعدام الأمن في طهران بعد سقوط الأسد قد يدفع قيادة البلاد إلى تصعيد الأنشطة التي تزعزع استقرار المنطقة، مثل الجهود الرامية إلى تعزيز الميليشيات الحليفة في العراق واليمن أو تأجيج التوترات الطائفية في سوريا. في الواقع، يتعين على الولايات المتحدة أن تعرض على إيران مقعداً على طاولة المحادثات الإقليمية في شأن مستقبل سوريا، ومعالجة المخاوف الأمنية لدى طهران، ودعوة قيادتها إلى خفض التصعيد على جبهات أخرى. ويمكن لهذه الاستراتيجية أن تحد من النفوذ التخريبي الإيراني في سوريا والشرق الأوسط الأوسع، وربما تفتح الباب أمام محادثات دبلوماسية أكثر شمولاً بين واشنطن وطهران.

مقالات مشابهة

  • «عبد العاطي» يبحث مع رئيس «الشئون الخارجية بالعموم الكندي» تعزيز العلاقات الثنائية
  • عبدالله بن زايد يبحث مع وزير خارجية إيران العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية
  • كيف خسرت إيران سوريا
  • الرئيس السيسي يتلقى اتصالاً هاتفيا من ماكرون تناول مجمل العلاقات الثنائية
  • الرئيس السيسي يتلقى اتصالاً من ماكرون تناول مجمل علاقات البلدين الثنائية
  • تناول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية.. الرئيس السيسي يتلقى اتصالا هاتفيا من نظيره الفرنسي
  • وفد حكومة الوحدة الليبية يلتقي الشرع لبحث العلاقات الثنائية
  • وزير الخارجية الإيراني: برنامجنا النووي سيواجه وضعا مختلفا بالعام الجديد
  • عقيلة يناقش مع مستشار رئيس جنوب أفريقيا تعزيز العلاقات الثنائية
  • لتوقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية.. الرئيس الإيراني يعتزم زيارة موسكو