من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. آل عمران
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
#آل_عمران
من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ .. 20 / 8 / 2024
من أيقظني من وجعي؟..
أنا عمران النائم على وسائد ضمائركم، أنا الشاهد المنسي من محاضركم، من أيقظني في مثل هذا الوقت المتأخر من التخاذل ليخبرني أن بيتي الجميل صار أنقاضا، ودمى القطن المسالمة نزفت بياضا؟
من أيقظني في مثل هذا الوقت المتأخر من التآمر ليخبرني أنني بخير، وأن أمي حتماً ستكون بخير فقط عندما ينجحون في تخليص جديلتها من قضبان السقف المهدّم، وأن أبي سيكون بخير وهو يحمل نصف واجهة البيت على صدره وصامت مثلي لا يتألم؟
من أيقظني في مثل هذا الوقت المتأخر حسب توقيت شجني ليخبرني أن البحث جارٍ عن وطني؟!
ما طعم الحياة بعد أن استحال بيتي إلى خيمة، ووطني إلى سيارة إسعاف؟
لا أقاوم من يحملني على كتفيه، لا أرتعش، لا أبكي، لا أتوجّع؛ فكل الحواس قدّ سُلّت من جسدي منذ غادرت شفتاي دفء المرضع، الموت بالنسبة لي جزء من الحياة، مثل نمو الأظافر، وتسوّس الأسنان؛ اعتدته واعتادني، كل ما عليّ أن أفرك أنفي عند عطاس الروح، ولا أفزع.
لحظة الانفجار لم أكن معنياً في تأخر فرق الإنقاذ، لم أكن معنياً بعمليات البحث عن حياة، فما طعم الحياة إن صارت تحت الأنقاض؟ ما طعم الحياة إن تحوّلت قصص أمي من “بياض الثلج” إلى حمرة الدم، ومن أغاني “الصفصاف” إلى دعاء وارتجاف؟ ما طعم الحياة بعد أن استحال بيتي إلى خيمة، ووطني إلى “سيارة إسعاف”؟
أنا عمران، على صدري رسمة لفاكهة كنت أشتهي أن أتذوقها وقت الحصار، كانت “تصبيرة” من قماش، كلما تضوّرت جوعاً نظرت إلى المرآة وتخيّلت طعمها السكري، وفي ليلة القصف تذوّقت الفاكهة فمي النازف، رضع التفاح من دمي فارتويت، على “بلوزتي” دم ويود ورمان وفراولة، وعلى “بلوزتي” تجري المفاوضات الثنائية وتنتصب الطاولة.
أنا عمران الذي أبكاكم وما بكى، أنا المحمول على الأكتاف من غير هتاف، أنا الذي صرّح بصمته للعالم كله.. فماذا بعد المُشتكى؟ أنا “هابيل السياسة”، أنا سوءة أخي، وأنا ألعوبة الغراب.. كل صامت على قتل طفولتي في فمه ماء، أما أنا ففي فمي تراب.
أنا عمران، أنا المسيح الذي أنطق المهدَ دمعه، وأجاب كل المريبين على ريبهم وأعاد للأصم سمعه، أنا ابن حلب العذراء التي نذرت ألا تكلم اليوم “سياسياً”، وكلما جاءها مخاض الحرية هزّت إليها جذع الليل فتساقط دماً زكياً، أنا عمران أصغر الأولاد وثالث السور، أنا الوجع المرتل في محراب زكريا.
أنا عمران نصف عين تكفيني لأرى قبحكم، ونصف عين تكفيني لفضحكم، أمسح دمي كما أمسح دمعي
في سيارة الإسعاف لا شجر لا سماء لا ألعاب، المطر “أكياس مغذ” والغيم كرات قطن تمتص النزف المصاب. لا شيء في سيارة الإسعاف سوى إعادة إنتاج العذاب، جرح الجبهة يعامل باهتمام، وجرح القلب يكسوه الغياب.
لا شيء في سيارة الإسعاف سوى مسميات أنيقة للألم، الإبرة صاروخ مهذّب ، والمشرط منشار بلا أنياب، و”التبخيرة” فسفور أبيض، و”اليود” دم بلون الخضاب، لا شيء في سيارة الإسعاف يؤنسني، السرير تابوت مجهّز و”الروب” كفن بجيوب.
أنا عمران نصف عين تكفيني لأرى قبحكم، ونصف عين تكفيني لفضحكم، أمسح دمي كما أمسح دمعي، وأراه أو لا أراه لا يهم هي بعض من حرارة الجسد، كل مخالب الغاب مزقت جسدي، لم يعد يعنيني أيها مخلب “الأسد”، أنا عمران كلما مسحت يدي الملطخة بالدم في الكرسي اهتّز الكرسي وارتعد.
قلت له: سأغرقك ما حييت في نزفي؛ الحرية، أو لا أحد.
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com
#162يوما
#الحرية_لاحمد_حسن_الزعبي
#أحمد_حسن_الزعبي
#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن
#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: آل عمران الحرية لاحمد حسن الزعبي فی سیارة الإسعاف أحمد حسن الزعبی أنا عمران
إقرأ أيضاً:
رسالة مؤلمة جدا من الكاتب السجين
#سواليف – خاص
كتب #احمد_حسن_الزعبي من سجن #أم_اللولو:
أخبر #العصافير يا صاحبي إذا كان الغيابُ عقيدة ، فإن الشوقَ رِدّة…
أحمد الرقيق الذي يرسم من #الغيم_المسافر لوحة .. ويشفق من الشوكِ إن هو لامس خدَّ وردة … تدمي السلاسل قدميه ومصنف خطير جدا…!!
مقالات ذات صلة ارتفاع أسعار الذهب محليا 2025/01/09