كيف يتعامل ترامب مع سوريا بعد سقوط الأسد؟
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
كان مرشح الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لمنصب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، كاش باتيل، هو مستشاره لمكافحة الإرهاب في البيت الأبيض، عندما أرسله في مهمة إلى دمشق صيف عام 2020، والتي حملت مخاطر كبيرة، ولكن مع احتمال أن تكون ذات مكافآت كبيرة.
قد يميل ترامب إلى إعادة 900 جندي موجودين في سوريا إلى الوطن
وكتب مراسل صحيفة التايمز البريطانية في واشنطن ديفيد تشارتر، أن باتيل سافر سراً عبر منطقة معادية إلى العاصمة السورية مع روجر كارستينز، مفاوض الرهائن الأمريكي، في محاولة للإفراج عن أوستن تايس، الصحافي الأمريكي المفقود في البلاد، منذ عام 2012.
How will Donald Trump deal with Syria? https://t.co/HC1plqyQQO via @thetimes
— Nino Brodin (@Orgetorix) December 10, 2024
وبينما فشلت الجهود الجريئة، مع رفض الرئيس السوري بشار الأسد التحدث، طالما استمر وجود القوات الأمريكية في شرق البلاد، أظهر الحادث النهج غير التقليدي لترامب حيال الأنظمة المعادية، بينما يستعد للعودة كقائد أعلى للقوات الأمريكية في ظل تحولات تشهدها سوريا.
وكانت سوريا واحدة من أكثر مسارح السياسة الخارجية إثارة للجدل خلال فترة ولاية ترامب الأولى، والتي أظهرت دوافعه المتناقضة للانخراط أو الانسحاب أو الهجوم - كل ذلك كان يحدث أحياناً في غضون أيام.
في أبريل (نيسان) 2017، أراد ترامب "التخلص" من الأسد، رداً على قيام الأخير بشن هجوم كيميائي على المدنيين، وفقاً لكتاب بوب وودوورد "الخوف". ونفى ترامب ذلك أول الأمر، لكنه اعترف بذلك عام 2020، في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز، بينما ألقى باللوم على وزير دفاعه آنذاك جيم ماتيس، في عرقلة رغبته في قصف الأسد.
في أبريل (نيسان) 2018، انضم ترامب إلى بريطانيا وفرنسا في إصدار أوامر بشن غارات جوية على أهداف سورية "مرتبطة بقدرات الأسلحة الكيميائية" بعد استخدام ذخائر محظورة في إحدى ضواحي دمشق. وقال ترامب: "نحن مستعدون لمواصلة هذا الرد حتى يتوقف النظام السوري عن استخدامه للمواد الكيميائية المحظورة"، مضيفاً أن الولايات المتحدة وحلفاءها "حشدوا قوتهم العادلة".
President-elect Trump on Saturday weighed in on the escalating crisis in Syria, saying that the U.S. should take a more hands-off approach. https://t.co/ZbgP5eptWc
— Newsweek (@Newsweek) December 7, 2024
ولم تكن هذه سياسة أمريكا أولاً، أو عقيدة ترامب المتمثلة في ترك الصراعات البعيدة وشأنها وسحب القوات الأمريكية بعيداً عن الأذى. وهو الموقف الذي أعاد التأكيد عليه، السبت، بينما كانت الفصائل المسلحة تتقدم نحو دمشق.
وقال الرئيس المنتخب في منشور على منصته سوشيال تروث: "سوريا في حالة من الفوضى، لكنها ليست صديقتنا، ولا ينبغي للولايات المتحدة أن تفعل شيئاً حيال ذلك. هذه ليست معركتنا. يجب ألا نتورط".
لكن ترامب لم يذكر القوات الأمريكية المتبقية في شرق البلاد. ولا حقيقة أنه هو الذي قرر ترك كتيبة في سوريا على رغم الانسحاب من المنطقة الشمالية بناءً على طلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مما سمح للقوات التركية بملاحقة القوات الكردية في قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة.
وفي أواخر عام 2018، استقال ماتيس بسبب إعلان ترامب المفاجئ أنه سيسحب جميع القوات الأمريكية من سوريا. ومع ذلك، كانت هزيمة قوات سوريا الديمقراطية لخلافة داعش الإرهابي في سوريا في مارس 2019 واحدة من أكثر انجازات ترامب في السياسة الخارجية، وقد اقتنع في نهاية المطاف بأن الانسحاب الكامل من شأنه أن يعرض تلك الانجازات للخطر. وعندما احتفظ بوحدة من القوات الأمريكية على الأرض، برر ذلك بأنه دفاع عن حقول النفط الشرقية السورية، خدمة للمصالح الولايات المتحدة في مواجهة كل من داعش والأسد.
ويُعتقد أن نحو 900 جندي أمريكي موجودون في شرق سوريا اليوم، للتصدي لأنشطة إيران أو تنظيم داعش، وقد يميل ترامب مرة أخرى إلى إعادتهم إلى الوطن تماشياً مع تعهده بإنهاء "الحروب الأبدية".
With Donald Trump set to return to the White House, speculation has mounted about how he will deal with the complex situation in Syria, where U.S. troops have been deployed—occasionally coming under attack—since 2015. pic.twitter.com/tGQAC6Chc3
— The Epoch Times (@EpochTimes) November 19, 2024
لكن في الواقع، يعتمد هذا على ما إذا كانت داعش أو إيران أو روسيا تسعى إلى إعادة تجميع صفوفها تحت أي نظام سيظهر في دمشق. ومن غير المرجح أن يرغب ترامب في الاستيلاء على النفط أو إعادة بناء قواعد القوة التي تهدد طموحاته الكبرى - فهو يحلم بإعلان السلام في الشرق الأوسط.
أثبتت مقامرة تايس عام 2020، أن ترامب منفتح دائماً على التوصل إلى اتفاق ولم يشك أبداً في قدرته على التوصل إلى اتفاقات مع طهران حول إنهاء طموحاتها في مجال الأسلحة النووية وأنشطتها الأوسع في زعزعة الاستقرار في مقابل تخفيف حملة الضغط الاقتصادي، وكذلك التوصل إلى اتفاق مع موسكو بما يعيدها للاستثمار العالمي والنظام الديبلوماسي، ربما كجزء من صفقة كبرى في شأن أوكرانيا.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد القوات الأمریکیة
إقرأ أيضاً:
سوريا ولبنان.. من الجوار الصعب إلى التعاون
منذ استقلالهما عام 1943، شابت العلاقة بين سوريا ولبنان توترات دائمة لأسباب سياسية وأيديولوجية، حيث رأت النخب السورية أن لبنان امتداد طبيعي لسوريا، في حين تبنّى لبنان نظاما سياسيا واقتصاديا مختلفا.
وسلطت ورقة تحليلية نشرها مركز الجزيرة للدراسات بعنوان "سوريا ولبنان.. من الجوار الصعب إلى التعاون" للباحث زياد ماجد الضوء على تاريخ العلاقة بين سوريا ولبنان، ومستقبل هذه العلاقة والتحديات التي تواجهها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 23 انسحابات من المنظمة الفرنكفونية.. خطوة جديدة للقطيعة مع فرنساlist 2 of 2إسرائيل تُطوّق الفلسطينيين في الضفة الغربية بـ"السور الحديدي"end of listشهدت العلاقة محطات تاريخية فارقة انعكست على كل منهما، بدءًا من الانفصال الجمركي عام 1950، مرورا بمسلسل الانقلابات في سوريا، وصولا إلى قيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا وانقسام اللبنانيين تجاهها وتجاه حلف بغداد.
وبوصول حافظ الأسد إلى السلطة في سوريا عام 1970، استُخدم لبنان كأداة لتعزيز نفوذ النظام السوري خارجيا، خاصة بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973. كما لعب وجود منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت دورا في تدخل الأسد، الذي تفاقم مع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، والتي استغلها الأسد للتدخل عسكريا تحت غطاء عربي وأميركي. لاحقا، ساعد التحالف مع إيران في إنشاء "حزب الله" بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982.
إعلانبانضمام سوريا إلى التحالف ضد الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين عام 1990، مُنحت دمشق هيمنة سياسية وأمنية في لبنان، استمرت حتى 2005. أما عام 2004، فقد كان حافلا بالصراع السياسي بين معسكر مؤيد لسوريا وآخر معارض، ما أدى لاحقا إلى اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري عام 2005، وتفجّرت احتجاجات شعبية دفعت سوريا لسحب قواتها من لبنان.
في السنوات التالية، تغيرت التحالفات، وتحالف "التيار الوطني الحر" مع "حزب الله"، بينما تحالف معارضوه مع السعودية والغرب. وحصلت اشتباكات داخلية في 2008، تبعتها "اتفاق الدوحة"، الذي هدف إلى تهدئة الوضع السياسي.
سقوط النظام السوريعلى الجانب السوري، بدأت عام 2011 انتفاضة شعبية تحوّلت إلى ثورة، ثم حرب شاملة ضد نظام بشار الأسد. تدخّلت إيران وحزب الله لدعم الأسد، ثم روسيا في 2015، مما ساعد النظام على استعادة السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد. ولكن منذ 2019، ومع تصاعد العقوبات والفساد والانهيار الاقتصادي، بدأت مؤشرات ضعف النظام تظهر، خصوصا مع تراجع الدور الروسي بعد حرب أوكرانيا وتراجع الحضور الإيراني.
في أواخر عام 2024، ومع هجمات فصائل المعارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام"، انهارت دفاعات النظام وسقطت المدن تباعا وصولا إلى دمشق، وأُعلن في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 عن فرار بشار الأسد وسقوط النظام، ودخلت سوريا مرحلة انتقالية بقيادة زعيم الهيئة أحمد الشرع الذي صار رئيسا انتقاليا لسوريا، لكن بقي ربع الأراضي السورية تقريبا تحت سيطرة القوى الكردية في الشمال الشرقي والشرق، مع استمرار وجود القوات الأميركية هناك أيضا.
وقد رافق هذه التطورات مستجد خطير وهو القصف الإسرائيلي الجوي العنيف، كما وسعّت إسرائيل بعد ذلك احتلالها لجبل الشيخ وللمناطق السورية المتاخمة للحدود اللبنانية.
إعادة تشكيل السلطة في لبنان
بموازاة التطورات في سوريا، انطلق في لبنان مسار جديد، وذلك بعد الاتفاق على وقف إطلاق نار بين إسرائيل وحزب الله، وكان هذا الأخير قد أضعفته الحرب وقتلت أمينه العام، حسن نصر الله، والعديد من قياداته السياسية والعسكرية والأمنية.
إعلانوباتت الحاجة ملحة إلى ضبط الأوضاع في ظل الأزمة الاقتصادية والمصرفية المستمرة منذ عام 2020، والشلل السياسي منذ آخر عام 2022، وبعد هذه الحرب التي دمرت خلالها إسرائيل عشرات البلدات في الجنوب مع بناها التحتية، وأصابت أحياء في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي البقاع بأضرار جسيمة، وهجّرت مئات ألوف اللبنانيين.
أفضى التعامل مع مجمل هذه الظروف القاسية، والضغط الأميركي والسعودي، والمواكبة الفرنسية والقطرية والقبول الإيراني، ليدفع بالقوى السياسية اللبنانية الرئيسية أخيرا، نحو انتخاب قائد الجيش، جوزيف عون، رئيسا للجمهورية، ثم تكليف القاضي في محكمة العدل الدولية وسفير لبنان السابق في الأمم المتحدة، نواف سلام، بتشكيل حكومة إنقاذ وإصلاح.
من جانبها، واصلت إسرائيل خروقاتها واحتلت 5 نقاط جديدة داخل لبنان، رافضة الانسحاب، في ظل موقف أميركي قد يشترط تطبيع سوريا ولبنان مع إسرائيل وانضمامهما إلى اتفاقات أبراهام مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي الجديدة التي اجتاحتها.
التحديات في سوريا ولبنان
في سوريا:
ضبط الأمن ومنع الانتقام. توحيد الجيش ودمج الفصائل ضمن مؤسسة أمنية جديدة. تحقيق العدالة الانتقالية والكشف عن مصير المعتقلين. حل المسألة الكردية والاتفاق على انسحاب القوات الأجنبية. إعادة الإعمار ورفع العقوبات. العودة الطوعية للاجئين. وضع خطة إنقاذ اقتصادية. ضبط الحدود مع العراق وتركيا والأردن وترسيمها بشكل واضح مع لبنان. صياغة دستور وإجراء انتخابات. التصدي للعدوان الإسرائيلي واستعادة الأراضي المحتلة.في لبنان:
إنقاذ مالي وهيكلة القطاع المصرفي. جذب الاستثمارات العربية والدولية وإيجاد حلول لأزمات الكهرباء والاتصالات والمياه. إعادة إعمار الجنوب والضاحية. ترسيم الحدود مع سوريا وإسرائيل، ورفض التطبيع مع الأخيرة. إطلاق حوار وطني حول الإستراتيجية الدفاعية وسلاح حزب الله وسيادة الدولة على قرارات الحرب والسلم. تنظيم عودة اللاجئين السوريين. تحسين أوضاع المخيمات الفلسطينية. إصلاحات دستورية وقضائية وإدارية. إعلان مجالات التعاون بين سوريا ولبنان:وبخصوص مستقبل العلاقة بين سوريا ولبنان، فإن البلدين يحتاجان تنسيقا وثيقا في 5 مجالات مطروحة على الأقل:
عودة اللاجئين بتنسيق بين البلدين. إعادة الإعمار والتعاون في المساعدات التي يمكن استقدامها والتي سيستفيد منها البلدان. ترسيم الحدود البرية بما فيها منطقة مزارع شبعا المحتلة من قبل إسرائيل، وضبط أمنها ووقف التهريب وإقفال المعابر غير الشرعية. ترسيم الحدود البحرية والتعاون في عمليات التنقيب عن النفط والغاز المحتمل وجوده قبالة ساحل البلدين. التنسيق الدبلوماسي فيما يخص مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. أفق التعاونرغم الاختلاف في فلسفة الحكم ومشروعيته بين لبنان وسوريا، فإن التعاون بين البلدين ممكن، بل ضروري، خاصة اقتصاديا وأمنيا.
ويمكن للتقارب المنظم أن يعزز فرص الاستقرار ويُخرج البلدين من أزماتهما المتراكمة، خصوصا مع الدعم العربي والدولي.
[يمكنكم قراءة الورقة التحليلية كاملة عبر هذا الرابط]