بين انهيار الدولة الوطنية والمشروع الصهيوني
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
#سواليف
بين #انهيار_الدولة_الوطنية و #المشروع_الصهيوني
د. #حسن_براري_العجارمة
سيكتشف أي مراقب ذكي ولمّاح لطبيعة النقاش النخبوي الدائر في المنطقة العربية في حاضر العالم العربي حالة من الاختزال غير المسبوق لكل ما يجري بقضية فلسطين وبخاصة مع بداية عصر إسرائيل. وعليه، هناك القليل من النقاش الحقيقي لاحتمال انهيار النموذج الفيبري التقليدي للدولة، وهو ما يفتح الباب أمام إعادة ترتيب الهويات السياسية والإقليمية في المنطقة.
كان النموذج الفيبري للدولة في السياق العربي قد ترسخ مع تأسيس الدول الوطنية بعد انهيار الإمبراطوريات العثمانية وزوال الاستعمار الغربي. طبعا، كان من المفترض أن تكون هذه الدول مبنية على مبدأ السيادة الوطنية التي تمتلك فيها السلطة القادرة على فرض القانون وحماية الحدود. لكن مع مرور الزمن، تآكل هذا النموذج في عدة دول في المشرق العرقي لا سيما في سوريا والعراق ولبنان، نتيجة لتعددية الهويات الطائفية والإثنية، وتفاقم الصراعات الداخلية، والسيطرة الخارجية وتغييب الديمقراطية. وفي ظل غياب أو ضعف السيادة داخل هذه الدول، يتزايد احتمال انهيار النموذج الفيبري بعد أن أصبح الاحتكار المشروع للقوة مهددًا بوجود ميليشيات مسلحة ذات ولاءات خارجية، وحروب أهلية لا نهاية لها، فضلاً عن تدخلات القوى الإقليمية والدولية. هذا التفكك السياسي والاجتماعي، الذي يعصف بالقدرة على بناء دولة مركزية قادرة على فرض حكمها، يعزز من احتمال هدم فكرة الدولة القومية – أو للدقة نقول الوطنية – في المشرق.
اللافت أنه في الوقت الذي تركز فيه الطاقات الفكرية والسياسية على محاربة إسرائيل وفضح نموذجها العنصري والاستيطاني الإحلالي، يتم تجاهل المتطلب الأساسي الذي يجب أن يسبق أي مواجهة حقيقية، وهنا الحديث عن بناء الدولة، ذلك أن الفشل في بناء دولة ذات هوية وطنية متماسكة، ومؤسسات قادرة على فرض القانون، وشعب مستقر في إطار من العدالة الاجتماعية سيجعل كل محاولات المقاومة ضد الاحتلال مجرد مناوشات عقيمة، لا يمكنها إحداث تغيير حقيقي على الأرض.
متابعة ما يكتب إسرائيليا في المراكز البحثية من دراسات – وإن غلب عليها الطابع الاستشراقي إلا انها رصينة ومنهجية – يكشف لنا أن الإسرائيليين يعرفون ذلك ويستغلون كعب اخيل في المشرق لفرض هيمنة دولة الاحتلال. فالدراسات الإسرائيلية تشير إلى أن الدولة الوطنية في المشرق العربي لم تعد قادرة على تلبية احتياجات شعوب المنطقة، ولا على التعامل مع التحديات الجيوسياسية الكبرى التي تواجهها. فمع صعود التيارات الطائفية والتقسيمات الإثنية، فإن مفهوم الوطن الواحد يصبح في كثير من الحالات مجرد وهم.
فكما شهدنا في اليوم التالي لسقوط نظام بشار الأسد وسقوط النموذج الفيبري للدولة السورية، وجدت إسرائيل في ذلك فرصة نادرة للمشروع الصهيوني للامعان في تقويض إمكانية نشوء دولة قومية في المشرق العربي تكون قادرة على مواجهة المشروع الصهيوني. الآن أصبح من السهل على إسرائيل استثمار هذه الفوضى لصالحها، مستغلة تفكك المنطقة وتشرذمها لصالح إقامة هيمنة إسرائيلية في المشرق العربي.
دعونا نتذكر ونستوعب أن النكسة كانت هزيمة جيوش لكن المشكلة الآن أننا نتجه نحو هزيمة تاريخية للأسف الشديد إن لم ننتبه لشروط النصر. وعليه، ينبغي أن يتحول الوعي السياسي من مجرد محاربة الاحتلال فقط إلى بناء الدولة في بعدها الشامل، القادر على تأمين الحقوق المدنية والاجتماعية لكل مواطن، وتعزيز القدرة العسكرية لمجابهة أي عدوان. يجب أن نخرج من دوامة التخوين والإقصاء، وأن نعيد البناء على أساس العدالة الاجتماعية والتعددية السياسية. لقد أصبح الصراع مع إسرائيل في الوعي الجمعي العربي يختزل كل الصراعات الداخلية والخارجية، وكأن “المقاومة” هي الحل الوحيد مسقطين من حساباتنا أي تفكير جاد في بناء دولة حقيقية قادرة على حماية شعوبها وتعزيز قدرتها على مواجهة أي تهديد خارجي.
بكلمة، إذا استمر الانشغال واختزال الصراع العربي الإسرائيلي في المواجهة العسكرية دون الانتباه إلى بناء الدول، فإننا نكون بذلك قد قدمنا الأرضية المثالية لتمرير المشاريع الخارجية، وفي مقدمها المشروع الصهيوني. هنا يأتي دور المثقف الحقيقي والمسيس وليس الحزبي بدلا من المثقف المرتجف الساعي لمكاسب من أنظمة عاجزة في كل شيء.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف المشروع الصهيوني المشروع الصهیونی الدولة الوطنیة فی المشرق قادرة على
إقرأ أيضاً:
شركة تشاينا ريل وى 18 بيرو جروب اكتمال بناء أطول مبنى فندقي في العالم
حققت شركة تشاينا ريل وى 18 بيرو جروب (ش.ذ.م.م)إنجازًا كبيرًا من خلال اكتمال بناء سييل (Ciel Tower)، الذي يُعد أطول مبنى فندقي في العالم بارتفاع يبلغ 373.5 مترًا. يعكس هذا الإنجاز التزام الشركة الصينية بمبادرة”الحزام والطريق”، مما يجعله مشهدًا جديدًا ومذهلاً في أفق دبي.
يقع برج سييل في منطقة دبي مارينا النابضة بالحياة، حيث يمتد على مساحة أرض تبلغ 3,662 مترًا مربعًا، بمساحة بناء تقدر بحوالي 102,000 متر مربع. يتميز الفندق بتصميم خارجي مزدوج الانحناء، وبوابة قوسية شاهقة ومنصة مشاهدة في الأعلى..
عند تشغيله،سيوفر سييل 1,100 غرف فندقية، ومسبح مفتوحًا على ارتفاع 306 أمتار، ومطعم في الاعلي على ارتفاع 353 مترًا، بالإضافة إلى 12 مستوى من حدائق معلقة مفتوحة. سيمنح الزوار إطلالات خلابة على معالم دبي الأيقونية، مثل برج خليفة، ومرسى دبي، ونخلة جميرا.
منذ بدء البناء سيل في مايو 2020، اعتمد فريق المشروع نظام نمذجة معلومات البناء (BIM) لإدارة دورة حياة المشروع بالكامل. أتاح هذا النهج الاستباقي تحديد نقاط المخاطر والتحديات التقنية في مراحل مبكرة.
ونتيجة لذلك، تمكن الفريق من التغلب على أكثر من عشر تحديات رئيسية في البناء، بما في ذلك الأعمدة العملاقة على شكل “Y” بارتفاع 10 أمتار، وحدائق معلقة مفتوحة ذات الامتداد الكبير بطول 15 مترًا، وتركيب مصاعد مراقبة عالية السرعة تصل سرعتها إلى 10 أمتار/ثانية. وبفضل فريق إدارة دولي عالي الكفاءة والتعاون، عمل 12 موظف صيني بشكل وثيق مع زملائهم الأجانب، مما أدى إلى تعزيز الإنتاجية بشكل كبير. وقدأولوا الأولوية للسلامة والجودة ورضا العملاء، وحققوا عدة إنجازات رئيسية:
• في أغسطس 2020، تم صب 8,000 متر مكعب من الخرسانة بسماكة 7 أمتار في عملية متواصلة واحدة، مما أدى إلى إكمال أساس الحصيرة.
• في يوليو 2021، تقدم المشروع إلى مرحلة بناء الطوابق النموذجية.
• في نوفمبر 2021، سجل الفريق رقمًا قياسيًا لأسرع سرعة بناء للطوابق القياسية في دبي مع”سقف واحد كل ثلاثة أيام”، وحققوا إنجازًا بـ”سبعة أسقاف في شهر واحد”.
• في أغسطس 2022، اكتمل الهيكل الرئيسي لسيل عند 76 طابقًا، بارتفاع بلغ 306.5 مترًا.
• في يناير 2023، اكتمل بناء جميع الهياكل الرأسية، ليصل البرج إلى ارتفاع 373.5 مترًا.
• حتى الآن، تم الانتهاء بالكامل من أعمال الديكور الداخلي والخارجي للفندق، بالإضافة إلى تركيب جميع الأنظمة الميكانيكية والكهربائية، مما يضمن تلبية المعايير التشغيلية ومتطلبات الفندق.
كما تضمن المشروع مفاهيم وتقنيات صينية مبتكرة، مثل استخدام ألواح جدران خرسانية مسبقة الصنع خفيفة الوزن، وخرسانة ذاتية الدمك عالية القوة،وغيرها من المواد اجديدة الأخرى. علاوة على ذلك، تم تنفيذ نظام معالجة مياه الصرف الصحي لتحقيق إعادة تدوير المياه، مما يعكس التزامًا قويًا بالاستدامة البيئية.
كما تم استخدام معدات ومنتجات صينية في مختلف مراحل البناء، مما ساهم في تعزيز ودعم تطور الصناعة الصينية، بالإضافة إلى تحفيز التوظيف المحلي وتنمية الصناعات المرتبطة.
وحتى الآن، قامت شركة تشاينا ريل وى 18 بيرو جروب (ش.ذ.م.م) ببناء أكثر من 70 مشروعًا خلال 20 عامًا، بما في ذلك 13 مبنىً فائق الارتفاع يزيد ارتفاعها عن 100 متر. يُبرز هذا السجل سرعة البناء العالية، والإدارة الممتازة للمشاريع، وفريق إدارة محترف، مما أكسب الشركة دعمًا مستمرًا من العملاء والاستشاريين. ويُعتبر إتمام برج سييل بنجاح رمزًا هامًا ولحظة مجيدة تمثل علامة فارقة جديدة للمشروعات الصينية في قطاع المباني فائقة الارتفاع على المستوى العالمي، بالإضافة إلى تعزيز العلاقة التعاونية بين الصين والإمارات. كما يُسهم المشروع بشكل قوي واستباقي في مبادرة رؤية2030 .