سواليف:
2025-01-11@07:57:09 GMT

بين انهيار الدولة الوطنية والمشروع الصهيوني

تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT

#سواليف

بين #انهيار_الدولة_الوطنية و #المشروع_الصهيوني

د. #حسن_براري_العجارمة

سيكتشف أي مراقب ذكي ولمّاح لطبيعة النقاش النخبوي الدائر في المنطقة العربية في حاضر العالم العربي حالة من الاختزال غير المسبوق لكل ما يجري بقضية فلسطين وبخاصة مع بداية عصر إسرائيل. وعليه، هناك القليل من النقاش الحقيقي لاحتمال انهيار النموذج الفيبري التقليدي للدولة، وهو ما يفتح الباب أمام إعادة ترتيب الهويات السياسية والإقليمية في المنطقة.

هذا النموذج الذي وضعه ماكس فيبر، والذي يعرف الدولة بأنها الكيان الذي يمتلك الشرعية من خلال الاحتكار المشروع لاستخدام القوة داخل حدوده الجغرافية، يبدو اليوم مهددًا في منطقة المشرق، بل ومن الممكن أن يؤدي انهياره إلى إضعاف مفهوم الدولة الوطنية ما يساهم في تفتيت الهويات الوطنية ويضعف قدرة هذه الدول على مواجهة التحديات الكبرى، ويجعلها أكثر عرضة للنفوذ الخارجي، وفي مقدمته المشروع الصهيوني.

مقالات ذات صلة شهداء وجرحى في مجزرة جديدة ارتكبها الاحتلال شمال قطاع غزة 2024/12/10

كان النموذج الفيبري للدولة في السياق العربي قد ترسخ مع تأسيس الدول الوطنية بعد انهيار الإمبراطوريات العثمانية وزوال الاستعمار الغربي. طبعا، كان من المفترض أن تكون هذه الدول مبنية على مبدأ السيادة الوطنية التي تمتلك فيها السلطة القادرة على فرض القانون وحماية الحدود. لكن مع مرور الزمن، تآكل هذا النموذج في عدة دول في المشرق العرقي لا سيما في سوريا والعراق ولبنان، نتيجة لتعددية الهويات الطائفية والإثنية، وتفاقم الصراعات الداخلية، والسيطرة الخارجية وتغييب الديمقراطية. وفي ظل غياب أو ضعف السيادة داخل هذه الدول، يتزايد احتمال انهيار النموذج الفيبري بعد أن أصبح الاحتكار المشروع للقوة مهددًا بوجود ميليشيات مسلحة ذات ولاءات خارجية، وحروب أهلية لا نهاية لها، فضلاً عن تدخلات القوى الإقليمية والدولية. هذا التفكك السياسي والاجتماعي، الذي يعصف بالقدرة على بناء دولة مركزية قادرة على فرض حكمها، يعزز من احتمال هدم فكرة الدولة القومية – أو للدقة نقول الوطنية – في المشرق.

اللافت أنه في الوقت الذي تركز فيه الطاقات الفكرية والسياسية على محاربة إسرائيل وفضح نموذجها العنصري والاستيطاني الإحلالي، يتم تجاهل المتطلب الأساسي الذي يجب أن يسبق أي مواجهة حقيقية، وهنا الحديث عن بناء الدولة، ذلك أن الفشل في بناء دولة ذات هوية وطنية متماسكة، ومؤسسات قادرة على فرض القانون، وشعب مستقر في إطار من العدالة الاجتماعية سيجعل كل محاولات المقاومة ضد الاحتلال مجرد مناوشات عقيمة، لا يمكنها إحداث تغيير حقيقي على الأرض.

متابعة ما يكتب إسرائيليا في المراكز البحثية من دراسات – وإن غلب عليها الطابع الاستشراقي إلا انها رصينة ومنهجية – يكشف لنا أن الإسرائيليين يعرفون ذلك ويستغلون كعب اخيل في المشرق لفرض هيمنة دولة الاحتلال. فالدراسات الإسرائيلية تشير إلى أن الدولة الوطنية في المشرق العربي لم تعد قادرة على تلبية احتياجات شعوب المنطقة، ولا على التعامل مع التحديات الجيوسياسية الكبرى التي تواجهها. فمع صعود التيارات الطائفية والتقسيمات الإثنية، فإن مفهوم الوطن الواحد يصبح في كثير من الحالات مجرد وهم.

فكما شهدنا في اليوم التالي لسقوط نظام بشار الأسد وسقوط النموذج الفيبري للدولة السورية، وجدت إسرائيل في ذلك فرصة نادرة للمشروع الصهيوني للامعان في تقويض إمكانية نشوء دولة قومية في المشرق العربي تكون قادرة على مواجهة المشروع الصهيوني. الآن أصبح من السهل على إسرائيل استثمار هذه الفوضى لصالحها، مستغلة تفكك المنطقة وتشرذمها لصالح إقامة هيمنة إسرائيلية في المشرق العربي.

دعونا نتذكر ونستوعب أن النكسة كانت هزيمة جيوش لكن المشكلة الآن أننا نتجه نحو هزيمة تاريخية للأسف الشديد إن لم ننتبه لشروط النصر. وعليه، ينبغي أن يتحول الوعي السياسي من مجرد محاربة الاحتلال فقط إلى بناء الدولة في بعدها الشامل، القادر على تأمين الحقوق المدنية والاجتماعية لكل مواطن، وتعزيز القدرة العسكرية لمجابهة أي عدوان. يجب أن نخرج من دوامة التخوين والإقصاء، وأن نعيد البناء على أساس العدالة الاجتماعية والتعددية السياسية. لقد أصبح الصراع مع إسرائيل في الوعي الجمعي العربي يختزل كل الصراعات الداخلية والخارجية، وكأن “المقاومة” هي الحل الوحيد مسقطين من حساباتنا أي تفكير جاد في بناء دولة حقيقية قادرة على حماية شعوبها وتعزيز قدرتها على مواجهة أي تهديد خارجي.

بكلمة، إذا استمر الانشغال واختزال الصراع العربي الإسرائيلي في المواجهة العسكرية دون الانتباه إلى بناء الدول، فإننا نكون بذلك قد قدمنا الأرضية المثالية لتمرير المشاريع الخارجية، وفي مقدمها المشروع الصهيوني. هنا يأتي دور المثقف الحقيقي والمسيس وليس الحزبي بدلا من المثقف المرتجف الساعي لمكاسب من أنظمة عاجزة في كل شيء.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف المشروع الصهيوني المشروع الصهیونی الدولة الوطنیة فی المشرق قادرة على

إقرأ أيضاً:

صندوق النقد العربي يتوقع قوة الأوضاع المالية للدول العربية في 2025

نشر صندوق النقد العربي، في تقرير أصدره بعنوان آفاق الاقتصاد العربي 2024، أن الدول العربية المصدرة للنفط خاصة دول الخليج العربي تستمر في التركيز على خفض عجز الموازنة من خلال التنويع الاقتصادي وتعزيز الإيرادات غير النفطية، في حين تركز الدول العربية المصدرة للنفط على تنفيذ تدابير الضبط المالي التي تهدف إلى خفض الدين العام وتعزيز شفافية الميزانية.


وأضاف التقرير أن  عام 2024 يظهر أن التوجه العام للدول العربية سيكون نحو المزيد من التحسينات في إدارة المالية العامة مع تعافي الاقتصادات، مع زيادة التركيز على الإصلاحات المالية والتنويع بعيدًا عن الإيرادات المعتمدة على النفط، وتتبنى معظم الدول العربية خططا لتعزيز أطر المالية العامة وزيادة كفاءة القطاع العام، وفي حالات أخرى تسعى للتركيز على زيادة الاستثمار العام في البنية التحتية لتعزيز النمو الاقتصادي.

وأشار التقرير إلى أنه في عام 2025، من المتوقع أن تكون الأوضاع المالية أكثر قوة مع نمو الناتج المحلي الإجمالي في كل الدول العربية (باستثناء تلك التي تواجه ظروفا داخلية صعبة وإدارة أفضل للنفقات العامة، وبذل المزيد من الجهود لتحقيق استقرار المالية العامة من خلال قوانين مالية جديدة وإصلاحات اقتصادية، واستمرار الإصلاحات الهيكلية لتحسين الاستدامة المالية وجذب الاستثمارات الأجنبية.

مقالات مشابهة

  • انتخاب جوزيف عون| عمرو أديب: العالم العربي مستعد أن يعيد لبنان أفضل مما كان
  • "التخطيط" تُشارك في ندوة مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار حول «النموذج التنموي للدولة»
  • المشاط تُشارك في ندوة مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار حول «النموذج التنموي للدولة المصرية»
  • لبنان على مفترق طرق: هل يتحرر من قبضة النفوذ الإيراني؟
  • عضو الهيئة التأسيسية لـ حزب الجبهة الوطنية: نعيش في مرحلة بناء الحياة السياسية
  • الانصهار المذهبي في الهوية الوطنية
  • سارة الأميري تدعو لتعزيز التعاون العربي في التعليم ومواكبة التطورات التقنية
  • الاتحاد العربي للمعارض: مصر وجهة جاذبة للاستثمار وسياحة المعارض
  • المجلس الرئاسي يصدر بياناً حول مشروع قانون المصالحة الوطنية
  • صندوق النقد العربي يتوقع قوة الأوضاع المالية للدول العربية في 2025