تحليل لـCNN: من هو أبو محمد الجولاني الذي أطاح ببشار الأسد.. وماذا يريد؟
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
تحليل لبيتر بيرغن من شبكة CNN
(CNN)-- أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، منذ سنوات، عن مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على أبو محمد الجولاني، الذي يترأس هيئة تحرير الشام، وصنفته في البداية كإرهابي منذ أكثر من عقد، قائلة إن جماعته "نفذت هجمات إرهابية متعددة في جميع أنحاء سوريا".
ومع ذلك، فإن الجولاني هو أيضا زعيم الفصائل التي أطاحت للتو بالنظام الاستبدادي للديكتاتور السوري بشار الأسد في هجوم سريع الحركة فاجأ العالم.
ونتيجة لذلك، أصبح الجولاني الآن الزعيم الفعلي لأكثر من 23 مليون سوري وعدة ملايين من اللاجئين الذين يعيشون خارج بلادهم، والذين سيرغب الكثير منهم بالتأكيد في العودة إلى ديارهم الآن بعد رحيل الأسد.
إذن، من هو الجولاني وماذا يريد؟
وباعتباره "مقاتلا أجنبيا" سوريا في أوائل العشرينيات من عمره، عبر الجولاني إلى العراق لمحاربة الأمريكيين عندما غزوا البلاد في ربيع عام 2003.
وأدى ذلك في النهاية إلى وصوله إلى السجن العراقي بوكا سيئ السمعة الذي تديره الولايات المتحدة، والذي أصبح أرضا رئيسية لتجنيد الجماعات الإرهابية، بما في ذلك ما أصبح فيما بعد داعش.
بعد تحريره من معسكر بوكا، عبر الجولاني إلى سوريا وبدأ القتال ضد نظام الأسد البعثي، وفعل ذلك بدعم من أبوبكر البغدادي، الذي أصبح فيما بعد مؤسس داعش.
وفي سوريا، أسس الجولاني جماعة مسلحة تُعرف باسم جبهة النصرة، والتي تعهدت بالولاء لتنظيم القاعدة، ولكن في 2016، انفصل الجولاني عن الجماعة الإرهابية، وفقا لمعمل أبحاث البحرية الأمريكية.
ومنذ ذلك الحين ــ على النقيض من تنظيم القاعدة الذي روج لـ"حرب مقدسة عالمية خيالية"ــ تولت جماعة الجولاني، المعروفة الآن بهيئة تحرير الشام، مهمة أكثر بساطة تتمثل في محاولة حكم ملايين الناس في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، وتوفير الخدمات الأساسية، وفقا للباحث في شؤون الإرهاب آرون زالين الذي ألف كتابا عن هيئة تحرير الشام.
نفس الجهادي القديم في حلة جديدة؟
نادرا ما يجري الجولاني مقابلات مع وسائل الإعلام الغربية، ولكن يوم الخميس، تحدث مع جمانة كرادشة من CNN.
وفي تلك المقابلة، بذل الجولاني قصارى جهده لإبعاد نفسه عن الجماعات الإرهابية السنية مثل داعش والقاعدة، قائلا: "إن الناس الذين يخشون الحكم الإسلامي إما أنهم رأوا تطبيقات غير صحيحة له أو لا يفهمونه بشكل صحيح"، وحاول طمأنة الأقلية العلوية والمسيحية في سوريا قائلا: "لقد تعايشت هذه الطوائف في هذه المنطقة لمئات السنين، ولا يحق لأحد القضاء عليها".
كما أضاف الجولاني، الذي يبلغ من العمر الآن 42 عاما، لـ CNN أنه نضج منذ أن كان يقاتل الأمريكيين في العراق قبل عقدين، وقال: "الشخص في العشرينات من عمره سيكون له شخصية مختلفة عن شخص في الثلاثينيات أو الأربعينيات، وبالتأكيد شخص في الخمسينيات من عمره". من الصعب تقييم صدق تصريحات الجولاني المهدئة الأخيرة وما قد تعنيه على المدى الأبعد، على الرغم من أن رجاله لم يرتكبوا مذابح طائفية على غرار داعش عندما استولوا على المدن السورية.
ومن منظور الولايات المتحدة، سيكون المؤشر الإيجابي أيضًا هو إذا ساعد الجولاني في العثور على أوستن تايس، الصحفي الأمريكي الذي اختفى في سوريا قبل 12 عاما والذي قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأحد، إنه يعتقد أنه لا يزال على قيد الحياة.
إذن، هل الجولاني ببساطة نفس الجهادي القديم المعاد تعبئته في حلة "شاملة" جديدة؟ أم أنه أقرب إلى زعيم إسلامي مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي، على الرغم من أنه ليس ديمقراطيا ليبراليا، لن يطلق العنان للتطهير الطائفي على شعبه؟
من الجدير بالذكر أن طالبان وضعت نفسها في موقع النسخة الأحدث منها وهي الأكثر لطفا قبل أن تستولي على كل أفغانستان في صيف 2021، وتحكم الآن بقبضة من حديد ومعادية للنساء تماما كما كانت في السلطة قبل هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001.
وعندما استولى داعش على جزء كبير من العراق قبل عقد، قمع التنظيم الإرهابي بلا رحمة كل مجموعة عرقية ودينية تقريبًا بخلاف السنة.
لذا، فإن معاملة الجولاني للعلويين والمسيحيين الذين يحكمهم الآن ستكون مؤشرًا مهما على توجهاته الحقيقية.
من جانبها، لا تخاطر إدارة بايدن بشأن ما إذا كان الجولاني لديه القدرة على مواجهة تهديد من داعش.
وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، الأحد، أنها نفذت أكثر من 75 ضربة على معسكرات ومسلحي داعش في وسط سوريا.
والسبت، نشر الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عن سوريا بأحرف كبيرة: "هذه ليست معركتنا. لا تتورطوا" ولكن الولايات المتحدة متورطة بالفعل في سوريا مع نشر ما يقرب من 1000 جندي أمريكي هناك في مهمة ضد داعش.
وكانت القوات الأمريكية في سوريا منذ عقد، وخلال فترة ولايته الأولى، تردد ترامب بشأن سحب جميع القوات، وما يجب فعله بشأن تلك القوات هو قرار من المرجح أن يواجهه ترامب عندما يتولى منصبه.
دروس من التاريخ
في عام 2003، أطاح الأمريكيون بدكتاتور بعثي آخر، صدام حسين في العراق، ثم طردوا ما يصل إلى 30 ألف عضو من حزب البعث الذين كانوا يديرون البلاد كما قاموا بتسريح حوالي نصف مليون من عناصر القوات المسلحة العراقية.
وأدى هذا في الوقت نفسه إلى انهيار حكومة العراق وفي الوقت نفسه خلق عدد كبير من الرجال الغاضبين المسلحين المدربين، الذين انضم بعضهم إلى قتال القوات الأمريكية.
كان الجولاني يقاتل ضد الأمريكيين في العراق آنذاك، لذا فمن المفترض أنه على دراية بهذا التاريخ المفيد.
وفي ليبيا في 2011، ساهمت الحملة العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في سقوط دكتاتور علماني وحشي آخر، معمر القذافي، وبعد 13 عاما، لا تزال ليبيا تشهد حربا أهلية تدعم فيها عدة دول فصائل مختلفة.
ولعل الجولاني قادر على تنفيذ الحيلة الرائعة المتمثلة في إعادة النظام إلى سوريا مع الإبقاء على العديد من البيروقراطيين التابعين للأسد في مناصبهم، حتى تستمر البلاد في حكم نفسها وفي الوقت نفسه تسعى إلى تحقيق استراتيجية "الخيمة الكبيرة" لحماية جميع الأقليات الدينية في سوريا.
لقد فاز الجولاني بالحرب ضد أحد أكثر الدكتاتوريين شراسة في القرن الحادي والعشرين، والآن يبدأ الجزء الصعب.
أفغانستانأمريكاالعراقسورياليبياأبومحمد الجولانيالإدارة الأمريكيةالجيش العراقيالخارجية الأمريكيةبشار الأسدداعشصدام حسينمعمر القذافينشر الثلاثاء، 10 ديسمبر / كانون الأول 2024تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الإدارة الأمريكية الجيش العراقي الخارجية الأمريكية بشار الأسد داعش صدام حسين معمر القذافي الولایات المتحدة فی سوریا
إقرأ أيضاً:
بعد شهر من الحرية.. ماذا يريد السوريون أن يسألوا الأسد؟
في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بدأ السوريون فصلا جديدا من حياتهم بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد الذي زجّ سوريا في حرب مدمرة، قتل وهجر خلالها الشعب السوري ودمر مقدرات البلاد طوال 14 عاما.
وللمرة الأولى منذ سنوات، عاش السوريون شهرا من الأمل بمستقبل يليق بتطلعاتهم، دون أن يغيب عنهم ثقل ذكريات الخسارات التي تركت أثرها العميق على حياتهم.
لم يعرف معظم السوريين النوم لـ3 ليال سبقت صباح سقوط النظام، مع شعورهم أن اللحظة التي انتظروها ودفعوا ثمنها غاليا باتت قريبة في ظل تقدم فصائل المعارضة نحو العاصمة دمشق وتخلي جنود جيش النظام السوري عن حمايته.
تصف وفاء الديري (29 عاما)، مستشارة ضريبية لجأت إلى ألمانيا عام 2015، فرحة صباح سقوط النظام بـ"تحقق المستحيل"، فقد اضطرت مع عائلتها للهجرة 3 مرات لبلدان مختلفة مع تصاعد عنف النظام تجاه المتظاهرين منذ عام 2011، ما جعلها تفقد الأمان والاستقرار لتعلق بالإحباط والخوف من المجهول، كما تقول.
ورغم أن الشهر الأول من سقوط النظام كان فرصة لوفاء لتفكر في المساهمة ببناء بلد اعتقدت أنه صار بعيد المنال، فإنها تصف المشاعر التي انتابتها الشهر الماضي بـ"الفرح الممزوج بالحرقة"، قائلة إنه لا يمكن تعويض عشرات السنوات التي خسرها السوريون من عمرهم تحت حكم الأسد (الأب والابن).
إعلانفلا يزال الشعب السوري حتى اللحظة يكتشف المقابر الجماعية لآلاف المجهولين الذين قضوا تحت التعذيب، فيما تبحث آلاف العائلات عن مصير أحبائها الذين قد يكون بعضهم قضى بسجون كتب على جدرانها "الأسد للأبد".
وتتمنى وفاء بعد سقوط "أبد الأسد" لو تسأل الرئيس المخلوع كيف استطاع فعل كل ما فعله؟ وتقول "كيف تمكنت من العيش وأنت ترى شعبك يعاني كل هذه المآسي؟ كيف واجهت نفسك في لحظات الصمت بعيدا عن صخب السلطة؟".
السوريون تجمعوا في بلدان لجوئهم الأوروبية صباح 8 ديسمبر فرحا بسقوط الأسد (الفرنسية) تغيير حياة أجيالويتفق أحمد الأشقر (38 عاما)، ناشط سوري اضطر لمغادرة سوريا نحو لبنان ثم البرتغال، مع وفاء الديري بأن آثار خسارات الشعب السوري طوال السنوات الماضية نتيجة حكم الأسد لن تمحى بمجرد سقوطه، مشددا على ضرورة العمل لبناء الدولة التي حلم بها الشعب السوري وضحى لأجلها.
ويضيف أن الحرب غيّرت مسار حياته، شارحا "جميع خطواتنا للتقدم بالحياة -حتى البسيطة منها- كانت محفوفة بالصعوبات لأن النظام المخلوع أمسك بتفاصيل حياتنا. لقد غيّر الأسد نمط حياة أجيال كاملة لا سيما أن الكثيرين عاشوا لسنوات في المخيمات دون أن يحظوا بفرص لائقة. وهذا الأثر قد يستمر لسنوات مقبلة حتى نحصل على مسار حياة طبيعي".
ويتساءل الأشقر إذا ما كان الأسد الهارب استطاع أن يشعر بكم الآلام التي سببها للشعب السوري بعد فراره إلى موسكو، متابعا أنه حين سمع بخبر محاولة تسميم الرئيس تمنى لو يسأله "إذا ما شعر باختناق الأطفال بهجماته بالسلاح الكيماوي أو باختناق المعتقلين تحت التعذيب بسجونه الكثيرة".
الفلسطينيون خسروا أيضالكن يوسف شرقاوي (26 عاما)، كاتب فلسطيني سوري، يرى أنه لا يمكن توجيه أسئلة للرئيس المخلوع لأنه وفق وصفه "مريض مجرم"، متمنيا فقط أن ينال عقابه عبر المحاكمة.
فقد اضطر الشرقاوي وعائلته لمغادرة مخيم اليرموك في دمشق مع حصار النظام السوري له عام 2012، حيث عانى سكانه الفلسطينيون مع السوريين كل المآسي التي ذاقوها من جوع وقصف ودمار.
يقول شرقاوي -الذي بقي في دمشق- إن سنوات حكم الأسد الماضية اضطرته لدفن "أشلاء أصدقائه في مقابر جماعية بمخيم اليرموك"، مضيفا أن "الخوف كان سيد المرحلة" لا سيما أن الرئيس الهارب أدخل البلاد في دوامة العطالة وفقدان الجدوى والأمل، وفق تعبيره.
ويرى أن سقوط نظام الأسد نقل الشعب السوري من القهر والهدر الإنساني إلى الإنجاز وحرية التعبير ومعرفة الحقوق والواجبات، قائلا إن الأيام الماضية كان فرصة للسوريين ليكتشفوا أنفسهم.
إعلانأما محمد أبو شكر (31 عاما)، مصور فلسطيني سوري لجأ إلى ألمانيا، يؤكد أن سقوط نظام الأسد سيغير حياته، لأنه أتاح له فرصة لم الشمل مع عائلته بعد 14 عاما من الفراق.
كما صار لأبو شكر بلدا يمكن أن يستقر فيها ويبني مستقبلا جديدا يحقق ما ضحى السوريون لأجله، بحسب ما يقول.
ويسخر أبو شكر قائلا "أتمنى لو أسأل الأسد إذا كان يشرب المرطبات بمنفاه في موسكو؟"، بإشارة إلى رفض الأسد لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحجة أنه ليس هناك ما يناقشه الاثنان، إذ يعتقد البعض أن ذلك الموقف كان سببا أساسيا في سقوطه.
دون خوف وبانتظار العدالةكذلك تريد خديجة أمين (36 عاما)، صحفية سورية، أن تسخر من الرئيس المخلوع بعد أن عاشت ريعان شبابها بالخوف في سوريا نتيجة سياسة الاستبداد التي اعتمدها النظام طوال سنوات.
وتتمنى لو تسأله كيف يشعر وهو يشاهد على الشاشات تدمير تماثيله وتمزيق صوره ثم وضعها في القمامة، وتشدد "أود لو أعرف كيف يشعر وهو يرى احتفالاتنا بسقوطه".
وتؤكد أن حياتها بعد 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي ليست كما قبلها، شارحة أن "الطمأنينة تعلو ملامحها" لأنها استعادت وطنها ويمكن أن تعود إليه حين تريد بعد 5 سنوات من الغربة دون أن تضطر لتخفي آراءها خشية القتل والمهانة.
من جانبها، تؤكد مزنة الزهوري (31 عاما)، ناشطة سورية لجأت إلى لبنان، أن الشعب السوري يشعر بأنه استعاد كرامته بعد 14 عاما من التهجير والتعذيب، وتطالب بمحاكمة عادلة لمن ارتكب الجرائم بحق السوريين.
وتقول إن سنوات الحرب غيّرت حياتها بما لا يمكن تعويضه، لا سيما أنها فقدت أفرادا من عائلتها بجرائم النظام في حمص وسط سوريا، مشددة على أنها ستبقى بانتظار العدالة.
ورغم أن التحديات المقبلة ستكون كبيرة لبناء الدولة، فإن المستقبل يحمل للسوريين وعدا بحياة أفضل، وفق ما يقول الباحث السوري سوار العلي (29 عاما).
إعلانويضيف أنه يشعر بالمسؤولية للعودة إلى وطنه بعد سنوات من الهجرة في بلاد مختلفة للمساهمة ببناء سوريا الجديدة بالخبرات التي اكتسبها بغربته، مشددا على أن سقوط النظام فرصة "لحب سوريا وكل السوريين".
لكن سؤالا واحدا يدور بذهنه ويود لو يسأله للرئيس المخلوع، إذ يقول العلي مستحضرا قصيدة الكاتب السوري سامر رضوان: "ما السر في أن تستريح على الحرائق، أن تطل على الجماجم كل صبح بابتسام، أن تقشّر قهرنا ليصير في عينيك أحلى؟ كيف تحرق دمع أمي كي تدفئ جملة صنعتها، وهما بأنك خالد؟".