الجدل حول اللاجئين السوريين يعود إلى الواجهة في أوربا بُعيد سقوط الأسد
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
فور سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، عاد الجدل حول استقبال اللاجئين السوريين إلى الواجهة في أوربا، الاثنين، حيث أعلنت عدة دول منها ألمانيا، تجميد إجراءات طلب اللجوء للسوريين.
وفي ضوء التقدم الكبير الذي حققته أحزاب اليمين المتطرف في الانتخابات الأخيرة في أوربا، لم يستغرق الأمر 48 ساعة حتى قررت حكومات في كل من ألمانيا والنمسا والسويد والدنمارك والنروج وبلجيكا وبريطانيا وسويسرا تعليق طلبات اللجوء للسوريين، إضافة إلى بريطانيا.
ومساء الإثنين، أضيفت إلى القائمة إيطاليا التي تقودها حكومة جورجيا ميلوني اليمينية المتطرفة.
في فرنسا، قالت الوكالة المسؤولة عن دراسة طلبات اللجوء (أوفبرا) إنها « تتابع الوضع في سوريا عن كثب »، مؤكدة أن « ذلك قد يؤدي إلى تعليق اتخاذ القرار مؤقتا بشأن بعض طلبات اللجوء المقدمة من مواطنين سوريين، اعتمادا على أسباب تقديمها ».
وبررت برلين تعليق البت بطلبات اللجوء للسوريين بـ »عدم وضوح الوضع » في بلادهم، بحسب ما أعلنت وزيرة الداخلية نانسي فيزر، الإثنين.
وتستقبل ألمانيا ما يناهز مليون سوري، وهو العدد الأكبر من السوريين في إحدى دول الاتحاد الأوربي. ووصل معظمهم خلال العامين 2015 و2016 في عهد المستشارة السابقة أنغيلا ميركل.
وقالت فيزر، الإثنين، إن « نهاية الاستبداد الوحشي للدكتاتور السوري الأسد هي مصدر ارتياح لكثيرين تعرضوا للتعذيب والقتل والإرهاب ».
وأضافت في بيان « العديد من اللاجئين الذين وجدوا الحماية في ألمانيا، يحدوهم الأمل بالعودة إلى وطنهم الأم سوريا وإعادة بناء بلادهم »، لكنها حذرت من أن الوضع ما زال « غير واضح ».
وتابعت « لذلك، لا يمكن في الوقت الراهن التنبؤ بالإمكانات الملموسة للعودة، سيكون من غير المهني التكهن بشأنها في وضع مضطرب كهذا ».
وأعلنت وزارة الداخلية النمسوية في بيان أن المستشار المحافظ كارل نيهامر أصدر تعليماته الاثنين للوزارة « بتعليق كل طلبات اللجوء السورية المفتوحة ومراجعة » كل الحالات التي منحت حق اللجوء.
وقال وزير الداخلية غيرهارد كارنر إنه « أصدر تعليمات للوزارة بإعداد برنامج ترحيل منظم إلى سوريا ».
وأشارت الوزارة إلى أن « الوضع السياسي في سوريا تغير جذريا، مع تسارع مفاجئ للأحداث في الأيام الأخيرة »، مضيفة أنها « تتابع الوضع الجديد حاليا ».
ويعيش حوالى 100 ألف سوري في النمسا، في ما يشكل إحدى أكبر مجموعات اللاجئين في أوربا، وينتظر الآلاف الموافقة على طلبات اللجوء التي قدموها.
وسيتم أيضا تعليق طلبات لم شمل الأسرة الذي يسمح للسوريين في النمسا بإحضار أقاربهم إلى البلاد.
وحوالى 7300 سوري تقدموا بطلبات لجوء و »سيتأثرون » بالقرار الجديد.
دعت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، الاثنين، إلى إظهار « الصبر واليقظة » في شأن قضية عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بعد إسقاط نظام بشار الأسد.
لكن في ألمانيا، عاد الجدل إلى الحملة الانتخابية استعدادا للانتخابات التشريعية في 23 شباط/فبراير: اقترح النائب المحافظ (حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي) ينس سبان « استئجار طائرات » وتخصيص مبلغ قدره ألف يورو « لكل من يريد العودة إلى سوريا ».
وعلى الدول الرئيسية التي تستقبل السوريين أن تعقد « مؤتمرا لإعادة الإعمار والعودة » مطلع عام 2025، كما أعلن النائب عن الحزب فردريش ميرز الأوفر حظا لخلافة أولاف شولتس.
ويتقدم الاتحاد الديمقراطي المسيحي على حزب البديل من أجل ألمانيا من اليمين المتطرف في نوايا التصويت، والذي دخل البرلمان عام 2017 في أعقاب أزمة اللاجئين في 2015-2016.
وقالت أليس فايدل زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا « أي شخص يحتفل بـ +سوريا الحرة+ في ألمانيا لم يعد لديه سبب للبقاء » و »عليه العودة إلى سوريا فورا ».
وبعد فتح أبوابها للسوريين، شددت ألمانيا سياساتها المتعلقة بالهجرة، من دون وقف تقدم هذا الحزب المعادي للمهاجرين والذي فاز في انتخابات إقليمية لأول مرة في سبتمبر.
كما أعلنت وزارة الداخلية البريطانية أن لندن علقت « مؤقتا » درس طلبات اللجوء للسوريين « إلى أن يتسنى تقييم الوضع الحالي » بعد سقوط الرئيس السوري.
ورغم أن نوايا مقاتلي المعارضة الذين أطاحوا بشار الأسد لا تزال غير واضحة، كتبت صحيفة « شتوتغارتر تسايتونغ » أن على الاتحاد الأوربي « دعم الحكومة الجديدة في دمشق من خلال تمويل إعادة الإعمار وتنظيم العودة المنظمة للاجئين ».
ودعا رئيس مجتمعات البلديات الألمانية أخيم بروتل إلى تشديد الرقابة على الحدود لمنع أنصار النظام القديم من اللجوء إلى ألمانيا، وبالتالي التمكن من « لقاء عائلات ضحاياهم ».
وانتقدت منظمة العفو الدولية « الإشارة الخاطئة تماما » التي بعثت بها برلين بتجميد درس طلبات اللجوء وتتعلق بحسب المنظمة غير الحكومية « بحوالى 50 ألف شخص ».
وكتبت المنظمة أن إعادة تقييم الوضع في دمشق « لا ينبغي أن يدفع ثمنه أولئك الذين يحاولون منذ سنوات بناء حياة جديدة ».
وردا على سؤال لفرانس برس في محل الحلويات الذي يعمل فيه في برلين، قال محمود زمل إن « جميع السوريين يريدون العودة لإعادة بناء » البلاد.
وأضاف اللاجئ البالغ 25 عاما « لكن عليهم الانتظار قليلا » للتحقق من أن البلاد « آمنة 100% ».
عن (فرانس برس)
كلمات دلالية المغرب سوريا لاجئونالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: المغرب سوريا لاجئون اللجوء للسوریین طلبات اللجوء فی أوربا
إقرأ أيضاً:
حكايات المندسين والفلول في سوريا
آخر تحديث: 13 مارس 2025 - 11:02 صبقلم : فاروق يوسف كنت في مطار دمشق حين سمعت إحدى موظفات السوق الحرة وهي تخبر زميلها أنها رأت عددا من المندسين أمس قرب بيتها. حدث ذلك في مارس 2011، بعد أسبوعين على قيام الحراك الاحتجاجي الشعبي وكان الخطاب الرسمي يركز على وجود مندسين خبثاء بين المحتجين الأبرياء في محاولة لتفسير لجوء السلطات إلى قمع التظاهرات بعنف مبالغ فيه. حتى بالنسبة للحكومة السورية فإن وجود أولئك المندسين كان شبحيا بحيث لم تتمكن وسائل الإعلام من عرض صورة لأحدهم. غير أن ذلك لم يمنع موظفة المطار من القول إنها رأت عددا منهم. وفي ذلك ما يؤكد استعداد الكثيرين لكي يكونوا مادة طيعة لنشر الأكاذيب. ذهب نظام بشار الأسد واختفى المندسون قبله بعد أن تبين أن الجزء الأكبر من الشعب كان مندسا. وكما يبدو فإن مرحلة ما بعد الأسد لم يتم الإعداد لها جيدا لينأى النظام الجديد بنفسه بعيدا عن الحاجة إلى الكذب. فحين وقعت مجازر في مدن الساحل التي تسكنها غالبية علوية صارت وسائل الإعلام الموالية للتغيير في سوريا تتحدث عن معارك تجري ما بين قوات النظام وبين فلول النظام السابق. على الطرفين هناك شيء غامض. فقوات النظام لا يُقصد بها جيش الدولة بالتأكيد، بل هي الفصائل والجماعات المسلحة التي غزت دمشق بعد أن تم ترحيل بشار الأسد من قصر الحكم. أما فلول النظام السابق فقد كشفت الصور عن آلاف العوائل وهي في حالة هلع وذعر وانهيار بعد أن رأت الموت وهو ينقض على حياة المئات من النساء والأطفال والشيوخ. ومثلما حدث مع حكاية المندسين شكك السوريون بحكاية الفلول. لقد انتشرت عشرات الأفلام المصورة بالهواتف لمقاتلي النظام الجديد وهم يرددون شعارات طائفية ويسخرون من ذعر الأطفال وهلع النساء وخوف الشيوخ. غير أن تأكيد أحمد الشرع على أن ما يجري في مدن الساحل كان متوقعا إنما يؤكد على أن كل شيء كان قد جرى التخطيط له وأن ما يجري لم يكن مجرد رد فعل وأن المسلحين الذين قيل إنهم قاوموا في مدن الساحل لم يقوموا إذا كان ذلك صحيحا إلا بالدفاع عن أنفسهم وعوائلهم ومدنهم. وليس صحيحا ما تم تداوله في وسائل الإعلام من أن هناك تمردا يتم إخماده. باعتباري عراقيا يمكنني أن أقول إنه الفيلم نفسه. لقد جرى تصوير النسخة الأولى منه في العراق وها هي النسخة الثانية يتم تصويرها في سوريا. كانت الميليشيات الشيعية الموالية لإيران تقوم بالتطهير الطائفي في المدن ذات الغالبية السنية تحت شعار القضاء على فلول النظام السابق. وكانت الفلوجة ضحية مزدوجة لقوات الاحتلال والميليشيات الإيرانية. كل قتيل إما أن يكون بعثيا أو قاعديا بغض النظر عما إذا كان طفلا أو شيخا أو امرأة. لقد جرى القتل في العراق علنا في ظل صمت عالمي. وهو الصمت نفسه الذي يواجه به العالم عمليات القتل في سوريا. كلمة السر في ذلك هي أميركا. فما دام مشروع التغيير في سوريا قد تم تبنيه أميركيا فإن كل شيء يحدث هناك لن يجرؤ أحد على الاعتراض عليه أو حتى الإشارة إليه من طرف خفي. كان نظام الأسد يكذب في حديثه عن المندسين بطريقة ساذجة. أما الحديث عن الفلول فهو كذبة فيها الكثير من الابتذال القاسي. ذلك لأنها شعار ينطوي على محاولة تمرير ما تم ارتكابه من مجازر سُميت في سياق الكذبة نفسها معارك. أما الطرف الأضعف الذي حاول أن يدافع عن نفسه فسيوضع في قائمة أعداء التغيير المطالبين بعودة الأسد. غطاء أبله لجريمة كانت متوقعة حسب الرئيس الشرع. أما كان في إمكان الدولة السورية الجديدة أن تمنع وقوع تلك الجريمة؟ ولكن العلويين هم الفئة السورية الثانية التي يتم استهدافها بعد الدروز. فهل بدأت الحرب المتوقعة على الأقليات من غير الالتفات إلى أن سوريا هي بلد أقليات أصلا؟ تبسيط المسألة السورية ليس في صالح السوريين. سوريا بلد معقد. روحه متشظية بين جهات متباعدة ومختلفة. تاريخها يقوم على التعدد الديني والعرقي والطائفي. وليس من المستبعد أن تقود النظرة الأحادية المتشددة إلى تمزيق سوريا بدءا من تدمير روحها القائمة على التعدد. فإذا كان العلويون غير مسؤولين عما فعله نظام الأسدين فإن الانتقام منهم سيكون بمثابة إشارة إلى الطوائف والأعراق الأخرى لكي تنتظر مناسبة القصاص منها. في حالة من ذلك النوع ستكون سوريا دولة التطهير العنصري رقم واحد في عصرنا.