عمره 5300 عامًا.. الكشف عن المظهر الحقيقي لمومياء الرجل الثلجي أوتزي
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يُعد الرجل الثلجي "أوتزي" الذي عثر متسلقون على رفاته المتجمدة في وادٍ عالٍ، بجبال الألب، في منطقة تيرول النمساوية، عام 1991، ربما أكثر جثة درست عن كثب في العالم.
وأثار الغموض حول وفاته العنيفة، وهويته وكيف انتهى به الأمر على ممر جبلي، فضولًا يتجاوز بكثير ميدان علم الآثار.
وفي كل عام، يزور آلاف الأشخاص مومياءه المحفوظة في زنزانة باردة خاصة في متحف تيرول الجنوبي للآثار في بولزانو، بإيطاليا.
وتشير دراسة جديدة للحمض النووي القديم المستخرج من عظم حوض "أوتزي" إلى أنه لا يزال لديه بعض الأسرار ليكشفها.
وأظهر تحليل تركيبته الجينية أن المومياء التي تبلغ من العمر 5،300 عام كانت بشرة الرجل داكنة - وأنه كان على الأرجح كان أصلعًا، ويتناقض ذلك مع إعادة بناء "أوتزي "التي تصوره رجلاً ببشرة فاتحة مع رأس كاملة من الشعر ولحية.
وقال ألبرت زينك، رئيس معهد دراسات المومياوات بمركز بحوث يوراك الخاص في بولزانو: "كان يُعتقد سابقًا أن بشرته اسمرت خلال عملية التحنيط".
وأشار زينك، أحد مؤلفي البحث الذي نُشر في الدورية العلمية Cell Genomics، الأربعاء، إلى أنه "يبدو أن لون بشرة المومياء الداكنة قريبة من لون جلد رجل الجليد في حياته".
وأوضح زينك لـCNN، أنه ليس مستغربًا أن يتمتّع "أوتزي" ببشرة داكنة، مشيرًا إلى أن العديد من الأوروبيين في ذلك الوقت يحتمل أن يكون لديهم تصبّغ جلدي أغمق من العديد من الأوروبيين في الوقت الحاضر.
ربما تكون جثة أوتزي المحنطة هي أكثر الاكتشافات الأثرية التي تمت دراستها عن كثب في العالم.Credit: South Tyrol Museum of Archaeology/Eurac/Marco Samadelli-Gregor Staschitzوتابع: "لا يزال المزارعون الأوروبيون الأوائل يتمتعون ببشرة داكنة تغيّرت بمرور الوقت إلى بشرة أفتح، كتكيّف مع التغيرات في المناخ والنظام الغذائي للمزارعين".
ولفت إلى حقيقة استهلاك المزارعين كميات أقل بكثير من فيتامين "د" في نظامهم الغذائي مقارنة مع الصيادين.
وأضاف: "يبدو أن الرجل الثلجي استهلك الكثير من اللحوم، وهذا ما أكده أيضًا تحليلنا لمعدته الذي أظهر وجود لحوم الوعول والغزلان".
وقال المؤلف المشارك لزينك يوهانس كراوس، وهو مدير قسم علم الوراثة الأثرية بمعهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية في لايبزيغ بألمانيا، إن النتائج تشير إلى أن رجل الجليد في الحياة يشبه المومياء نفسها إلى حد كبير.
خبير يرطب مومياء أوتزي في متحف جنوب تيرول للآثارCredit: South Tyrol Museum of Archaeology/Marion Lafoglerوأفاد كراوس في بيان: "من اللافت للنظر كيف أن إعادة بناء الرفات تعد منحازة، لجهة تصوّرنا المسبق لإنسان العصر الحجري في أوروبا".
من جهته، قال عالم الآثار لارس هولغر بيلو، مدير مشارك لمشروع أسرار الجليد في النرويج، إنه في حين أن تحليل الحمض النووي القديم يشير إلى أن "أوتزي" يعاني من الصلع الذكوري، إلا أنه ليس من الممكن التأكد من مدى فقدان الشعر بالفعل في حياته.
وقال بيلو: "ربما كان أوتزي يعاني من الصلع لأسباب وراثية، لكن الصلع شبه الكامل الذي يعاني منه الآن هو في رأيي أكثر احتمالًا بسبب حدوثه بعد وفاته".
وتابع: "غالبًا ما يتساقط الشعر الموجود على الجلد أثناء بقاء (الجسم) في الجليد وخارجه (وأحيانًا في الماء) حيث تتحلل البشرة".
تحليل الجينوم المفصّل يعطي معلومات أكثر دقة هذا هو موقع اكتشاف أوتزي في جبال الألب الإيطالية.Credit: South Tyrol Museum of Archaeology/Dario Frassonوكان تسلسل الجينوم المأخوذ من عظم حوض "أوتزي" أكثر اكتمالاً من الجينوم السابق الذي تم تجميعه في عام 2012 عندما كان حقل الحمض النووي القديم لا يزال في مهده، وفقًا للدراسة. ولفت بيلو إلى أنّ البحث الأخير يساعد أيضًا على توضيح معضلة أصل أوتزي.
وأضاف بيلو: "إن تطبيق الأساليب الجديدة يجعل من أوتزي هدية علمية تستمر في العطاء".
وتظهر الدراسة الجديدة أن هذه النتيجة المبكرة ربما كانت بسبب التلوث بالحمض النووي البشري الحديث.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي الشامل.. الوحش الحقيقي!
مؤيد الزعبي
صحيحٌ أن أدوات الذكاء الاصطناعي باتت موجودة في كل المجالات تقريبًا فأحدها يكتب نصًا وآخر يرسم صورة أو يصمم تصميمًا أو يصنع فيديو أو حتى يؤلف موسيقى ويقلد فنانًا أو يحاورك ويسمعك كما لو كان طبيبًا أو صديقًا أو يدافع عن حقوقك كما لو كان محاميًا.
وهناك أدوات تتشكل على هيئة روبوتات وسيارات وثلاجات وهواتف وأجهزة مختلفة، كل هذا جميل ومذهل ولكن طالما أن كل هذه الأدوات لم تتجسد في نظام واحد شامل فالوحش الحقيقي لم يظهر بعد، فتخيل معي عزيزي القارئ كيف سيكون تأثير الذكاء الاصطناعي لو كان نظامًا متكاملًا يرسم ويكتب ويعزف ويحمل ويبني ويصنع ليس كل واحد على حدة إنما كيان واحد متكامل، وقتها سيكون الوحش قد خرج وظهر للعلن، وعندما أقول لك كلمة "وحش" لا أقصد أبدًا المعنى السلبي؛ بل أعني أن قدرات الذكاء الاصطناعي ستصبح كالوحش قادرة على القيام بكل شيء نجده اليوم صعبًا أو مستحيلًا.
كل ما نراه اليوم من تطورات في عالم الذكاء الاصطناعي مازالت متفرقة، فما يصنعه شات جي بي تي وشبيهاته من أنظمة التوليد اللغوي ما هي إلا كلمات وأفكار يولدها، لم يحرك بها ذراعًا آلية ليبتكر ويصنع، ولم يمسك ريشة فنان ويبدأ بالرسم، إنما يرسم إلكترونيًا ويكتب إلكترونيًا، وحتى لو سألته كيف بالإمكان أن تصنع طائرة مسيرة كمثال سيقدم لك الطريقة لكنه لن يذهب للمعمل أو المصنع ويصنعها بنفسه، ولو تحدثت معه عن كيفية بناء مفاعل نووي بطريقة مبتكرة وصديقة للبيئة سيقدم لك إجابة شافية ووافية ولكنه لا يملك السلطة ولا حتى الأذرع لتنفيذ فكرته، فهو مجرد مولد للكلمات والرسومات والصور، ولهذا أخبرتك أن الوحش مل يظهر بعد، فتخيل عندما تصبح هذه الأدوات عبارة عن عقول وأذرع وأرجل وأنظمة متكاملة حينها ستكون قادرة على كتابة فكرتها وتضع خطتها ولديها أذرع تنفذ ما في عقولها.
وإذا ذهبت لأدوات تصنيع الفيديوهات بالذكاء الاصطناعي فصحيح أن نتائجها مذهلة ومتطورة فعندما تحول لك النص لفيديو، أو تقوم بتحويل فيديوهاتك لنماذج وأشكال غاية في الروعة إلا أنها حتى الآن لم تصبح نظامًا شاملًا قادرًا على إنشاء محتوى متكامل، وليست قادرة على إنشاء فيديو نستطيع القول بأنه احترافي من حيث الصورة والانيميشن والقصة والمؤثرات والنص، وبالطبع لم تصل قدرات الذكاء الاصطناعي لأن تصنع فيلمًا ولا حتى قصيرًا، فصحيح أن الأدوات موجودة بكل جانب على حدة إلا أنها غير شاملة في برنامج واحد، ولهذا تخيل عزيزي القارئ عندما تصبح هذه الأدوات متكاملة فحينها ستصنع لك فيلمًا سينمائيًا لو أردت، وربما لن تصنع لك ربما تصنع لنفسها وتصبح هي التي تدير قطاع المحتوى بأكمله، وسنجد حينها ذكاء اصطناعي قادر على كتابة سيناريو فيلم ويراجعه ويدققه ومن ثم يبدأ بتجهيزه وتنفيذه ونشره وترويجه دون أي تدخل منك، وربما نجدك تتفاوض معه لشراء حقوق بث أو استخدامه.
وكذلك الأمر في مسألة السيارات ذاتية القيادة، فنحن نجهز لسيارات تقود نفسها بنفسها وإلى الآن لم تكتمل الصيغة النهائية لهذه السيارة وحتى عندما تكتمل ستكون هذه السيارات ملكنا نحن البشر، ولكن ما أن تصبح أنظمة الذكاء الاصطناعي هي التي تحركها وتنظم حركتها وتضع قوانينها وتطبقها على أرض الواقع حينها سنقول بأن هذا النظام لم يعد نظام ذكاء اصطناعي بل سيكون بمثابة وزارة للمواصلات والطرق، وكذلك الأمر عندما تصبح الربوتات هي الطبيب وأجهزة الفحص وهي نفسها المعامل والمختبرات وهي ذاتها من تعمل على تصنيع الأدوية وتقوم بتجريبها واختبارها، وأنا أتحدث أن يكون كل هذا ضمن نظام شامل متكامل، حينها سنجد الذكاء الاصطناعي وحشًا قادر على القضاء على الكثير من الأمراض وبنفس الوقت سيكون بمقدوره تحديد مصائرنا أو التأثير فيها فأنا أتحدث عن ذكاء اصطناعي شامل يدير بيوتنا وشوارعنا ومدننا ومكاتبنا وشركاتنا ومستشفياتنا ومدارسنا وجامعاتنا وكل شيء من حولنا.
ربما قد يصل لك عزيزي القارئ تصورًا بأن الذكاء الاصطناعي سيعمل مكان الحكومات في قادم الوقت وهو من سينفذ أعمالها بدلًا عنها، ولكن ماذا إن قلت لك أن الذكاء الاصطناعي الشامل سيكون قادرًا على إدارة ما هو أصعب من ملفات الحكومات أنفسها، سيكون قادرًا على إدارة حياتنا بأرضنا وسمائنا والدليل أننا نصنع اليوم أدوات ذكاء اصطناعي متفرقة تقوم بمهام هنا وهناك وقد شاهدنا العجب العجاب من قدراتها فكيف هو الحال لو كان النظام شامل.
لا أجد الأمر سيئًا أو مخيفًا؛ بل إنني على يقين بأن الذكاء الاصطناعي سيقدم لنا حلولًا لمشاكل لم نستطع نحن البشر القيام بها، خصوصًا وأننا على مفترق طرق من أمور كثيرة تهدد حياتنا؛ كالحروب والنزاعات وقضايا البيئة وانتشار الأمراض وعدم المساواة والتفاوت في معيشة الشعوب، كل هذا سيجد له الذكاء الاصطناعي تصريفًا ربما شاملًا، لكن كل ذلك مرهون بكيفية بنائه وتأسيسه وبرمجته، وهذا هو دورنا كبشر من الآن وصاعدًا، حتى نضمن تواجدنا في عالم الذكاء الاصطناعي الشامل.
رابط مختصر