في اليوم العالمي لمحاربة الفساد الذي يوافق التاسع من ديسمبر من كل عام، ينبغي التأكيد على أن مكافحة الفساد من القضايا التي أَولاها الإسلام عناية خاصة جدًّا؛ حيث عمل على محاربة الفساد ومنعه وإقامة مجتمع عادل سليم.

محاربة الفساد

عن محاربة الفساد قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، إنه عندما نقرأ القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، نلحظ أن مفردة "فساد" وما يُشتقُّ منها جاءت بأساليب مختلفة متكررة؛ ما يدل على الكراهية للفساد، فالله سبحانه وتعالى لا يحب الفساد ولا يُصلح عمل المفسدين، وهو ما يؤكد لنا أن الفساد بكل مضامينه وأشكاله منبوذ تمامًا في الإسلام.

وأوضح المفتي السابق أن الفسادَ خللٌ حدث لدى الإنسان لأنه خالف ما أمر الله سبحانه وتعالى به أو أتى ما نهى عنه، فهو جناية على القواعد الشرعية وعلى القوانين التي وُضعت لتنظيم حياة الناس، وكل مخالفة أو جريمة تُرتكَب هي نوع من الفساد.

وأشار إلى أن الفساد يتنوع في مجالات عديدة؛ سواء اقتصادية أو اجتماعية أو أُسرية، حتى فساد العلاقة مع النفس بترك العبادات وغيرها، ويجب محاربة الفساد في شتى المواطن؛ لأن الإسلام جاء ليصلح المجتمعات والأفراد بمنظومة تشريعية متكاملة لكافة تعاملات الحياة؛ مما يؤكد أن محاربة الفساد فريضة إسلامية ينبغي أن تُفَعَّل، وهي من فروض الكفايات التي ينبغي أن يقوم عليها المجتمع بكامله لتحصيل كل ما يؤدي للصلاح ودفع ما يؤدي للفساد.

مسئولية مكافحة الفساد

وأضاف أن مسئولية مكافحة الفساد لا تقع فقط على عاتق الحاكم أو الدولة، بل هي مسئولية مشتركة وفردية رسَّختها الشريعة الإسلامية، وجعلت كلَّ فرد من أفراد المجتمع لديه مسئولية في هذا الإطار، يقول تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} [الإسراء: 13]، وكذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كلُّكم راعٍ، وكلُّكُم مسئُولٌ عنْ رَعِيَّتِهِ: الإمامُ راعٍ، ومسئُولٌ عن رعيَّتِهِ، والرجلُ راعٍ في أهلِهِ، وهو مسئُولٌ عن رعيَّتِهِ، والمرأةُ راعيَةٌ في بَيْتِ زَوْجِها، ومسئُولٌة عنْ رَعِيَّتِها، والخادِمُ راعٍ في مالِ سيِّده، ومسئُولٌ عَن رَعيَّتِهِ، والرَّجلُ راعٍ في مالِ أبيهِ، ومسئُولٌ عنْ رَعِيَّتِهِ، وكلُّكُم راعٍ ومسئُولٌ عنْ رَعيَّتِهِ» (رواه البخاري).

وحذَّر مفتي الجمهورية السابق، من الوقوع في الشبهات والأمور التي قد تؤدي إلى الوقوع في الفساد، مذكِّرًا بقول النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله: «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ فِيهِ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَاقَعَهَا وَاقَعَ الْحَرَامَ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَا حَرَّمَ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْإِنْسَانِ مُضْغَةً إِذَا صَلُحَتْ صَلُحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ؛ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» (رواه أحمد في مسنده).

إجراءات مواجهة الفساد

وأكد مفتي الجمهورية السابق، أن الشرع الشريف وضع جملة من الإجراءات لكي يقي بها الإنسان من الوقوع في الفساد، وكذلك وضع إجراءات وعقوبات إذا وقع الإنسان في الفساد، حتى يكون رادعًا لغيره.
وأشار فضيلته إلى أن من تلك الإجراءات تربية الوازع الديني والضمير والرقابة الذاتية لدى الإنسان حتى لا يكون في حاجة إلى مراقبة أحد له، فيكون حينها استشعاره بالمسئولية الدينية هي الرقيب عليه والمانع له من الوقوع في الفساد، فالمؤمن يكون متناغمًا مع نفسه داخليًّا وظاهريًّا.

وشدد على ضرورة رقابة الإنسان على كل كلمة تخرج من فمه أو يكتبها، وأنه لا بد من انتقاء كلماتنا ومعرفة ما ستؤدي إليه؛ لأن الكلام قد يؤدي لفساد عظيم وإحداث خلل لدى بعض الناس، وهو كذلك من صور الفساد.

ولفت إلى أن الإسلام ركَّز كثيرًا على منظومة الأخلاق والقيم، حيث حرص النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرابة 14 عامًا على أن يغرس القيم والإيمان والمبادئ في نفوس أصحابه؛ حتى ينطلقوا إلى المجتمع ويدافعوا عن الصلاح ويحاربوا الفساد بكافة أشكاله.

وأوضح أن نظام الرقابة ومحاربة الفساد تطور عبر التاريخ الإسلامي، فالنبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله كان يقوم بنفسه بمهمة محاربة الفساد، ويطوف بالأسواق ليرى السلع ومدى جودتها، فأصَّل بذلك لمسألة الرقابة.

وأضاف: "بعد ذلك جاء سيدنا عمر بن الخطاب وعيَّن الشفاء -وهي امرأة- مُراقبةً لحركة السوق وعرض السلع وضمانات جودتها فيما يُعرف بنظام "الحسبة"، الذي تطور الآن ليصبح موزعًا على أجهزة الدولة بكاملها، فأصبح هناك جهاز التموين والرقابة الإدارية وغيرهما، وفي عهد عبد الملك بن مروان وجد نظام قضاء المظالم فيما يشبه قضاء مجلس الدولة، هو الحكم فيما بين الدولة والفرد العادي".

وأوضح أن التطور المجتمعي أوجد أنظمة جديدة للرقابة، مؤكدًا أن الإسلام ترك مساحة كبيرة لابتكار مثل هذه الطرق والأنظمة لتحقيق المعاني الإسلامية السامية التي تؤدي إلى الصلاح.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: القرآن الفساد الإسلام الرشوة المزيد المزيد محاربة الفساد فی الفساد الوقوع فی

إقرأ أيضاً:

احتفالية بالأقصر بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد

شهد المهندس عبد المطلب عمارة، محافظ الأقصر، واللواء خالد اللبان مدير هيئة الرقابة الإدارية بالأقصر، الاحتفالية التي نظمتها جامعة الأقصر بالتعاون مع هيئة الرقابة الإدارية بالأقصر ومحافظة الأقصر،  للاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد، بحضور الدكتورة صابرين عبد الجليل رئيس جامعة الأقصر، والدكتور هشام أبو زيد نائب المحافظ ، والقيادات التنفيذية بالمحافظة وقيادات جامعة الأقصر وأعضاء هيئة التدريس والجهاز الإداري وعدد من الطلاب بالجامعة.

وفى كلمته أكد المهندس عبد المطلب عماره محافظ الأقصر، أهمية محاربة الفساد والتصدي لكافة أشكاله وصوره مشيداً بالدور الفعال لهيئة الرقابة الإدارية والجهات الرقابية في مصر وجهودها في  تعزيز الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد معرباً عن تقديره لهيئة الرقابة الإدارية ولجميع القائمين على اقتلاع جذور الفساد وغرس مبادئ الشفافية والنزاهة ودعم مسيرة التنمية في مصر.

فيما قدم اللواء خالد اللبان مدير هيئة الرقابة الإدارية بالأقصر، عرضاً عن مفهوم الفساد وانواعه وتقسيماته وأشكاله المتنوعة وكذلك الأثار السلبية المترتبة عليه بالإضافة الي مهام واختصاصات هيئة الرقابة بالإدارية مشيراً الي أهمية رفع الوعي بمكافحة الفساد لتحقيق التنمية المستدامة في المجتمع.

وأثنت رئيس جامعة الأقصر علي دور الرقابة الإدارية مؤكدة ان الجامعات تعتمد علي التعليم كأداة فعالة لترسيخ القيم الأخلاقية.

شهدت الاحتفالية التي استضافتها كلية طب جامعة الأقصر بمدينة طيبة الجديدة، عرض عدد من الفيديوهات التوعوية التي تبرز دور هيئة الرقابة الإدارية في مكافحة الفساد.

مقالات مشابهة

  • الدقهلية خلال 24 ساعة.. استلام الصكوك واحتفالية محاربة الفساد.. وإصابة 11 شخصا في انقلاب سيارة
  • احتفالية بالأقصر بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد
  • محافظ الدقهلية يُشارك في احتفالية اليوم العالمي لمحاربة الفساد
  • محافظ الدقهلية يشارك في الاحتفال باليوم العالمي لمحاربة الفساد
  • في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. انتهاكات تطال 60% من الشعب العراقي
  • المفتي: حقوق الإنسان في الإسلام ليست مجرَّد شعارات بل فرائض تُؤدى وأمانات تُحفظ
  • مفتي الجمهورية: حقوق الإنسان فى الإسلام فرائض وليست شعارات
  • الرئاسي: المنفي شارك في إحياء اليوم العالمي لمكافحة الفساد  
  • عمار الحكيم: محاربة الفساد تبدأ بضرب الرؤوس الكبيرة والتحول الرقمي الشامل