كيربي للجزيرة:يجب محاسبة الأسد ولا موقف من تكليف البشير
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
قال منسق السياسات الإستراتيجية والاتصالات في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إن الولايات المتحدة ترى ضرورة محاسبة الرئيس السوري السابق بشار الأسد على سنوات من انتهاكاته ضد الشعب السوري، وفي سياق آخر أكد أن بلاده لا تتخذ موقفًا في الوقت الراهن من تكليف المهندس محمد البشير بتشكيل حكومة جديدة في سوريا.
وأوضح كيربي، في مقابلة مع قناة الجزيرة تم بثها ضمن الوقفة التحليلية "مسار الأحداث"، أن الرئيس الأميركي جو بايدن يبقى على تواصل مستمر مع نظرائه في المنطقة، مشيرًا إلى أن الانتقال السلمي في سوريا يمثل أولوية لواشنطن ويخدم الأمن القومي لأميركا وحلفائها.
وأضاف أن هذا الموضوع كان محور مكالمة الرئيس بايدن مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، حيث ناقشا سبل تحقيق انتقال يحقق تطلعات الشعب السوري.
وشدد كيربي على أن الأسد يجب أن يحاسب على 14 عاما من القمع واستخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبه، مؤكدا أن روسيا يجب أن تتحمل مسؤوليتها لدعمها المستمر له بما في ذلك استضافته على أراضيها.
لا تعليقوفيما يتعلق بتكليف محمد البشير بتشكيل حكومة انتقالية في سوريا، قال كيربي "نحن نراقب العملية عن كثب ونسعى لضمان أن تسير بشكل سلمي"، لكنه أوضح أنه ليس لدى واشنطن موقف محدد تجاه هذه الخطوة في الوقت الراهن.
إعلانوكان مراسل الجزيرة قد أفاد بأنه تم اختيار المهندس محمد البشير رئيس حكومة الإنقاذ السورية، التي كانت تدير إدلب منذ سنوات، لتشكيل حكومة سورية جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية.
جاء ذلك بعد اجتماع بين القائد في إدارة عمليات المعارضة المسلحة أحمد الشرع والبشير ورئيس الوزراء في حكومة النظام السابق محمد الجلالي الذي كلف بتسيير أمور الحكومة، إذ هدف الاجتماع إلى تحديد ترتيبات نقل السلطة بعد سقوط النظام وتجنب دخول سوريا في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار.
وعن ملامح المرحلة الانتقالية في سوريا، أشار كيربي إلى أن الولايات المتحدة تتابع التطورات، معبرا عن أمله في أن تلبي المرحلة الانتقالية تطلعات السوريين بعد سقوط الأسد.
وأضاف أن واشنطن تعمل مع شركائها في المنطقة ومع المعارضة السورية بشكل مباشر أو عبر الأمم المتحدة لتحقيق منظومة حكم شرعية تلبي آمال الشعب السوري.
أما عن مسألة رفع جبهة تحرير الشام من قوائم الإرهاب، فقد امتنع كيربي عن التعليق، لكنه أكد أن واشنطن تواصل إرسال الرسائل إلى جميع المجموعات السورية المعارضة والمتمردة لضمان أن تكون قراراتها معبرة عن إرادة الشعب السوري ومستقبله.
ندعم اتفاقية 1974وبشأن التوغل الإسرائيلي داخل سوريا وإلغاء اتفاقية وقف إطلاق النار لعام 1974، شدد كيربي على دعم بلاده لهذه الاتفاقية، داعيا جميع الأطراف إلى احترامها، وأشار إلى أن العمليات الإسرائيلية هي شأن إسرائيلي داخلي، مشيرا إلى تصريحات إسرائيلية بأن تلك العمليات مؤقتة.
ويواجه الوضع الجديد في سوريا تحديات أمنية كثيرة من أبرزها سعي الجيش الإسرائيلي لإعادة تشكيل الواقع الأمني على الحدود مع سوريا، حيث قالت قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "كان" إن الجيش الإسرائيلي يعزز مواقعه ويوسع سيطرته داخل الشريط الذي احتله في قلب الجانب السوري شرقي خط وقف إطلاق النار.
إعلانوكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن أمس الأحد السيطرة على المنطقة العازلة مع سوريا قائلا إن هضبة الجولان ستبقى جزءا لا يتجزأ من إسرائيل، زاعما أن اتفاقية فصل القوات لعام 1974 انهارت بعد أن تخلى الجنود السوريون عن مواقعهم.
وتُدار المنطقة المنزوعة السلاح بموجب اتفاقية فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل عام 1974، مما يجعل التوغلات فيها خرقا لهذه الاتفاقية، إلا أن إسرائيل تبرر تحركاتها بالضرورات الأمنية لخلق مجال أمني خال من الأسلحة الإستراتيجية الثقيلة والبنى التحتية التي تهدد إسرائيل.
وعن موقف واشنطن من قوات سوريا الديمقراطية الكردية، قال كيربي إن الولايات المتحدة تركز عسكريا على شمالي شرقي سوريا، وتواصل العمل مع هذه القوات ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وأكد كيربي أن الولايات المتحدة ستبقى ملتزمة بالعمل مع شركائها في المنطقة لتحقيق تطلعات الشعب السوري نحو مستقبل أفضل، مع استمرارها في مراقبة التطورات عن كثب ودعم الاستقرار الإقليمي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة الشعب السوری فی سوریا
إقرأ أيضاً:
على الغرب أن يرفع عقوبات سوريا الآن
ترجمة: أحمد شافعي -
لم تحظ خطط البنتاجون غير المعلنة مسبقا بسحب القوات الأمريكية البالغ عددها ألفي فردا من شرقي سوريا إلا باهتمام ضئيل الأسبوع الماضي، بعد أن طغى عليها عرض البانتومايم السريالي الذي قام به دونالد ترامب بشأن غزة. ومن المعروف أن هذه القوات الأمريكية تساعد القوات الكردية السورية في احتواء بقايا الخطر الذي يمثله الجهاديون التابعون للدولة الإسلامية المعتقل منهم تسعة آلاف فرد في معسكرات اعتقال. والخوف في حالة رحيل الولايات المتحدة يتمثل في أن يحدث هروب جماعي يؤدي بمرور الوقت إلى تجدد خطر الدولة الإسلامية الإرهابي على أوروبا وبريطانيا والغرب.
يمثل الانسحاب الأمريكي المقترح قطعة واحدة من قطع أحجية الصورة السورية المعقدة التي تتحدى الأصدقاء والخصوم على السواء في أعقاب ما جرى في ديسمبر من إطاحة بدكتاتورية بشار الأسد. خلافا لترامب، تريد تركيا والمملكة العربية السعودية ودول الخليج ـ المتنافسة جميعا على النفوذ ـ زيادة انخراطها في سوريا وليس تقليله. وتريد أوروبا دولة ديمقراطية مستقرة يمكن أن يرجع إليها اللاجئون آمنين. ولا ترى إسرائيل ـ التي تعاني من جنون عظمة عدواني ـ إلا أخطارا محتملة، في حين تسعى روسيا وإيران المهزومتان إلى استعادة موطئ قدم.
ووسط كل ذلك ثمة أحمد الشرع، مقاتل القاعدة السابق وزعيم هيئة تحرير الشام الإسلامية التي أطاحت بالأسد، والمعين حديثا رئيسا مؤقتا لسوريا. ويتوقف عليه ـ بدرجة غير مريحة ـ مستقبل هذا البلد المقسم الخرب. ومن حوله تعاد صياغة جغرافيا الشرق الأوسط السياسية وتوازن القوى على نحو جذري.
وثمة سؤال واحد يهيمن الآن. لقد كان سقوط الأسد خبرا سعيدا في منطقة يعز فيها الأمل. فهل الفرصة التي تسنح بسبب هذه الثورة الشعبية معرضة الآن لخطر الزوال؟
في لقاءين مع الرئيس التركي رجب طيب أردوجان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قال الشرع إن أولوياته هي حماية سلامة الأراضي السورية، وتوحيد الفصائل المتنافسة في جيش وطني، وتكوين إدارة شاملة منتخبة، وإعادة البناء بعد ثلاثة عشر عاما من الحرب الأهلية. وهذه مهمة هائلة الضخامة، والشرع يفتقر إلى الخبرة. ويتشكك البعض في تخليه عن جذوره. غير أن مساعدته ـ في ظل غياب أي بدائل جيدة ـ مقامرة يجب أن يقبلها قادة المنطقة.
وإردوجان ـ الذي ساعد هيئة تحرير الشام في قاعدة إدلب ـ له أولوياته الأنانية. فهو يرجو أن يفرض نفوذا بعيد الأمد على ممتلكاته العثمانية السابقة. ويريد للملايين الثلاثة من النازحين السوريين إلى تركيا أن يرجعوا إلى وطنهم، فضلا عن عقود إعادة الإعمار المربحة. وفوق ذلك كله يريد إنهاء ما يراه خطرا إرهابيا كرديا.
ويأتي اقتراح الشرع بدمج المقاتلين الأكراد السوريين ـ المجتمعين في (القوات الديمقراطية السورية) المدعومة أمريكيا ـ في جيشه الوطني الجيد ملائما لتركيا. ولا يميز إردوجان بين (القوات الديمقراطية السورية) وحزب العمال الكردستاني المحظور الذي يخوض تمردا في جنوب شرق تركيا منذ ثمانينيات القرن الماضي. وتحتل قوات تركية مناطق من شمالي سوريا. وترعى أنقرة الجيش الوطني السوري ـ وهو عبارة عن ميلشيات عربية متفرقة تتصادم بين الحين والآخر مع (القوات الديمقراطية السورية).
تزعم تركيا أنها قادرة على قيادة القتال ضد الدولة الإسلامية، ولذلك فلا حاجة لمواصلة قوات أمريكية التعاون مع أكراد سوريا، وذلك طرح مشكوك فيه. ولكن هذا الغرور [التركي] يروق لترامب الذي سعى ولم ينجح في سحب القوات الأمريكية خلال ولايته الأولى. ويقول ترامب الآن ـ بقصر نظر ـ إن سوريا "ليست معركتنا". وصحيح أن قرار الولايات المتحدة بالتخلي عن حلفائها الأكراد يزيل مصدر إزعاج رئيسيا في العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا.
ولكن هناك عقبة ــ بل عدة عقبات في واقع الأمر. فأكراد سوريا يفضلون ـ على نحو مفهوم ـ الاحتفاظ بالحكم الذاتي الذي اكتسبوه بشق الأنفس في روج آفا. ولا يريدون استيعابهم في جيش تديره ميليشيات الشرع، التي كان بينهم وبينها قتال ذات يوم. وليست لهم أي مصلحة في مساعدة تركيا على سحق الحلم البعيد العزيز القديم بتقرير المصير الوطني في المناطق ذات الأغلبية الكردية في سوريا والعراق وإيران وتركياـ حتى لو كان زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبد الله أوجلان مستعدا للاستسلام كما تردد.
مرة أخرى، تواجه القضية الكردية نقطة تحول ــ وتخاطر بتصادم مع دمشق وأنقرة في آن واحد.
وقد يسعد لاعبون إقليميون آخرون برؤية الشرع فاشلا. فقد استغلت إسرائيل الفوضى المحيطة بسقوط الأسد في تدمير القوات المسلحة السورية. كما رسخت احتلالها لمرتفعات الجولان. وبرغم دعوات الشرع إلى التعايش السلمي، تظل إسرائيل مستريبة فيه بشدة وحليفه أردوجان الداعم لحماس الذي يعد خصما محتملا في المستقبل. والواقع أن سوريا، الضعيفة، وإن لم تكن فوضوية، تناسب أغراض إسرائيل.
ولا تزال روسيا وإيران، داعمتا الأسد السابقتان، كامنتين تتربصان. فبعد انسحابها في ديسمبر، تتحدث طهران عن إعادة بناء النفوذ عبر الباب الخلفي، باستخدام "خلايا المقاومة" والشبكات السرية. وفي الوقت نفسه، تتفاوض روسيا بلا خجل من أجل الاحتفاظ بقاعدتيها العسكريتين. وفي محادثات جرت الشهر الماضي مع الشرع، الذي أمضى فلاديمير بوتن عقدا من الزمان وهو يحاول قتله، قيل للدبلوماسيين الروس إن موسكو "يجب أن تعالج أخطاء الماضي". وطالب الشرع أيضا بإعادة الأسد من موسكو لمواجهة العدالة. لكنه كان حريصا على ألا يحرق جسوره مع روسيا. والواقع أن القوى الغربية تنبهت لذلك.
يواجه الشرع مشاكل أخرى لا حصر لها، منها كيفية المضي قدما في "الحوار الوطني" والتحرك نحو الانتخابات الموعودة، وضمان حماية حقوق الأقليات ضمانا فعليا، وإعادة بناء المؤسسات الوطنية في أرض ممزقة لا يسيطر على معظمها سيطرة ملموسة. وذلك بحق أمر شاق. ومهما يكن سجل الشرع السابق، فإنه والشعب السوري بحاجة إلى المساعدة في الوقت الحاضر، لأن تكلفة الفشل، إذا ما قيست بتجدد الفوضى وسوء التحالفات، قد تكون باهظة.
ولهذا السبب فإن مشكلة رئيسية أخرى ـ هي التأخر غير المبرر في رفع العقوبات الغربية المفروضة في عهد الأسد ـ تعد ضارة للغاية ومدمرة للذات. فعلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، بل وأميركا في عهد ترامب، أن تتوقف عن المراوغة، وعن حساب المزايا، وأن تفتح بالكامل منافذ المساعدات المالية والتجارية والأمنية وإعادة الإعمار، بالتعاون مع الشركاء المحليين والدول العربية. فالفرصة نادرة لتحويل الأخبار الجيدة إلى قصة نجاح دائمة وخدمة للمصالح الغربية من خلال بناء سوريا صديقة ومزدهرة ومتسامحة وديمقراطية.
هي فرصة لا تتكرر إلا مرة في كل جيل. ولن تسنح مرة أخرى. ويمكن بسهولة أن تضيع.
• سيمون تيسدال معلق في الشؤون الخارجية بصحيفة أوبزرفر.
** عن ذي جارديان البريطانية