الجبهة المدنية آلية لإنهاء الحرب وإكمال الثورة أم آلية للمشاركة في العملية السياسية؟
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
الجبهة المدنية آلية لإنهاء الحرب وإكمال الثورة أم آلية للمشاركة في العملية السياسية؟
ياسر عرمان
إلى شعبنا: (مد الخطوة وأمشي، تلقى الصعب فات)
(لما الدنيا تبكيني باقول دي مصيرها مبتسمة)
(طعن الخناجر ولا حكم الخسيس في) أحمد فؤاد نجم شاعر للفقراء مصري
♦️ تبذل قوى وشخصيات ديمقراطية جهد مقدر في محاولة توحيد المدنيين، ولكي تلتف قوى الثورة حوله ويحظى بالنجاح نحتاج أن نسبر غوره بمزيد من الحوار والنقاش المثمر والمنتج دون تربص أو تخوين.
♦️ طريقان يتقاطعان في بناء الجبهة المدنية طريق يحسبه الظمآن ماء يخضع بناء الجبهة المدنية ويكيفها وفق متطلبات العملية السياسية، بما في ذلك التعجيل بقيامها كتجميع شكلي للقوى المدنية وبمحتوى لا يبعد كثيراً أو قليلاً للحاق بسوق العملية السياسية، وطريق آخر في السعي لبناء جبهة مدنية كفاحية ونضالية لإنهاء الحرب وتأسيس الدولة وإكمال مهام الثورة ومخاطبة جذور الأزمة وهنا فإن القيادة للشعب وقواه الحية في جبهة مدنية وطريق صعب.
إن نجاح بناء الجبهة المدنية شرط لإنجاح العملية السياسية بشكل مترابط وعضوي يكمن في اختيار الطريق الثاني، رغم تعقيداته.
♦️ الانقلاب والحرب وجهان لعملة واحدة مصممة لإنهاء ثورة ديسمبر وإغراقها في الدماء من قبل الفلول.
♦️ طرح منبر جدة أطروحة وقف الحرب أولاً ثم العملية السياسية ثانياً بمشاركة المدنيين، وهي أطروحة صحيحة في تصميم عمليات السلام على طريقة وقف النزيف أولاً ثم تشخيص المرض ومعالجته بعد ذلك، ومن هنا تكاثرت الدعوات لبناء جبهة مدنية لمتطلبات العملية السياسية وهي قضية ذات سمات ومحتوى مختلف عن الجبهة التي تساهم في إنهاء الحرب وتأسيس وبناء الدولة وإكمال الثورة وهي عملية نضالية ذات صلة بثورة ديسمبر وإنجاز مهام الثورة السودانية عموماً.
♦️ إنهاء الحرب وعودة الحياة المدنية رغبة نبيلة تستحق الدعم والتأييد، لكن السؤال كيف تنتهي الحرب؟
ولمصلحة أي قوى إجتماعية؟
ووفق أجندة من؟
وهل سنعيد النظام القديم أم نبني نظاماً جديداً ينهي الحروب؟
♦️ تم تقسيم العمل بشبه اتفاق إقليمي ودولي بين منبري جدة والإيقاد والاتحاد الأفريقي، بأن يتولى الأول وقف الحرب والثاني وحدة المدنيين في إطار العملية السياسية وتشكلت كثير من المبادرات الداخلية والخارجية لتوحيد المدنيين للحاق بالعملية السياسية بأكبر صف يتم تجميعه من القوى المدنية، والقوى المدنية ليس بالضرورة قوى الثورة والتغيير، فهي عبارة بلا ضفاف تحتاج إلى ضبط وإحكام بما ذلك السؤال الهام حول من سيشارك في اجتماع 25 أغسطس 2023 الذي كان ينوي الاتحاد الأفريقي قيامه حتى قبل وحدة القوى المدنية نفسها، وحسناً أنه لن يقوم في مواعيده دون تحضير كافٍ.
♦️ يجري الحديث عن توحيد المبادرات المدنية في 8 سبتمبر، السؤال على أي أساس؟ ووفق أي صيغة؟ وما هي القوى المكونة للوحدة؟ وهل هو عمل من أعمال العملية السياسية؟
أم لتوحيد الحركة الجماهيرية ضد الحرب وتأسيس الدولة وإكمال مهام الثورة فعلاً لا قولاً!
♦️ تجري محاولات خجولة وبعيداً عن الأضواء لضم واجهات ذات صلة بالمؤتمر الوطني المحلول والفلول، وهم إن لم يجدوا الميري لا يستنكفون التمرغ في ترابه.
♦️ مكافأة المؤتمر الوطني على حربه مستحيلة ولن تنتج سلاماً، وهنا لا نقف ضد أي إسلامي إن وقف مع الحكم المدني وضد الحرب أينما وجد، والمؤتمر الوطني على كل حال ممثل مع أحد أطراف الحرب ودفع الله الحاج علي هو الذي يقود أجندة المؤتمر الوطني باسم ما تبقى من الدولة يساعده بخاري غانم أفندي الإسلامي وكادر الأمن من الدويم في الخارج وفي الداخل أساطين المكر من البشير وعلي عثمان والجاز وهارون وكرتي وغيرهم، فإنهاء الحرب بالفعل يجري مع الإسلاميين الذين يسعون للدخول بصرفتين مع أحد أطراف الحرب وفي الجبهة المدنية إن أمكنا.
♦️ وحدة القوى المدنية يجب أن تعني في الأساس وحدة قوى الثورة والتغيير قبل أن نصل إلى العملية السياسية، والعملية السياسية في ظل الحرب (عصيدة ملاحها في الريف) فالمؤتمر الوطني يسعى لإطالة أمد الحرب وتحويلها إلى حرب أهلية شاملة ويجب التصدي له.
♦️ للوصول لعملية سياسية ذات جدوى يجب الفصل بين قيام جبهة مدنية لإنهاء الحرب وتأسيس الدولة واستكمال الثورة كتطور لازم لاستنهاض الحركة الجماهيرية وثقتها في قدراتها في مواجهة الحرب والفلول معاً بضم كل الراغبيين في إنهاء الحرب واستكمال الثورة.
♦️ الجبهة المدنية هي انتقال من صيغة 2019 والحكومة الانتقالية ومن ثم مناهضة الانقلاب التي انتهت في 15 ابريل 2023 باندلاع الحرب إلى مرحلة ثالثة تضم قوى الثورة والتغيير ومناهضي الحرب دون ترك ثورة ديسمبر خلفنا ومكافأة الفلول والقوى الخارجية التي تدعمهم، وأي حل نئ سوف يرجعنا للنار مرة أخرى.
♦️ تأسيس الجبهة المدنية ترياق ضد اللتق والتلفيق والتوفيق وإعادة إنتاج النظام القديم بمخاطبة جذور الأزمة وحتى لا تصبح قوى الثورة كالأيتام في موائد اللئام في أي عملية سياسية تصمم على شاكلة سوق عكاظ ومؤتمر كنانة ومؤتمر الحوار الأول والثاني ومؤتمر سلام روتانا وحتى لا نكافئ الفلول على حربهم، وسردية حرب 15 أبريل 2023 هي حرب الفلول وأم حروبهم الطويلة ضد الشعب السوداني.
♦️ أخيراً المبادرات الإقليمية والدولية تجد الترحيب والتقدير منا جميعاً دون إستعجال أو تباطؤ ودن مزايدة أو تفريط، فالتعويض والعوض الوحيد لما لحق بشعبنا من خسائر ودمار وانتهاكات هو في تغيير الاتجاه واستدامة الحلول ببناء دولة جديدة ديمقراطية للمواطنة بلا تمييز وتأسيس جميع المؤسسات بشكل مهني غير محزبن وعلى رأس ذلك بناء القوات المسلحة.
سيكون شعبنا يوماً ما يريد.
17 أغسطس 2023
الوسومأديس أبابا الجبهة المدنية لإيقاف الحرب السودان العملية السياسية الفلول المؤتمر الوطني قوى الثورة والتغيير ياسر عرمانالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أديس أبابا السودان العملية السياسية الفلول المؤتمر الوطني ياسر عرمان العملیة السیاسیة القوى المدنیة لإنهاء الحرب جبهة مدنیة
إقرأ أيضاً:
انتخاب ترامب واحتمال تأثيره على الأوضاع في السودان
د. عصام محجوب الماحي
عودة ترامب للبيتِ الأبيضِ الأمريكي لا شكّ سيكون لها تأثيراً على الكثير من التطورات في العالم واهمها وقف الحروب المُشْتَعِلة في أنحائه، حيث أنّه وعدَ بذلك، وشدّد على أنّه سيعمل لتحقيق ما وعد به. هذه واحدة من الأشياء التي تجعل أطراف الصراع في السودان يحسبونها جيداً، فلا ريب إنّ الحرب في السودان واحِدة من أسوأ الحروب البغيضة، والتي يجِب وقفها حتّى لا تتمدّد في الإقليم والمنطقة ولا يصبح السودان بؤرة لتجميع الدواعش وتفريخهم ونشر إرهابهم. ومن المؤكد انّ إدارة ترامب القادمة تدرك هذا الأمر، ولن تدّخِر جهداً لمحاربته، بل قطع دابره، ولذلك حتماً ستلتفِت للسودان وما يجري فيه. على القوى المدنية التي وقفت ضد الحرب وعملت على إيقافها أنْ تكثِّف اتصالاتها من الآن لتصل لأعلى مستوى في حملة ترامب الانتخابية والمستشارين الذين يعملون معه وصولا لفريق إدارته القادِمة. وفي الانتظار أن يكون للسودانيين الأميركيين دوراً في ذلك. عليهم أن يشرحوا حقائق التطورات، لا بعد اندلاع الحرب القذرة في 15 ابريل 2023، بل مُنذ انطلاق ثورة السودان وانتصارها في 11 ابريل 2019. عليهم ان يوضِّحوا لماذا الثورة على نظام الإنقاذ البائد وعلى جماعات الإسلام السياسي التي كانت تحكُم السودان، وللأسف عادت لتحكُمه؟ ومَن هي القوى المدنية التي صنعت الثورة؟ وكيف كان انتصارها والتضحيات التي جرى تقديمها للدفاع عن الثورة، قبل وبعد انقلاب أكتوبر 2021؟ وما هو المطلوب لإنقاذ السودان من جماعات الإسلام السياسي بمسمياتهم المختلفة؟ وكيف يمكن نزع السلاح من المليشيات التي صنعها النظام السابق والحالي من جماعاته المتطرفة وتلك القَبَلية التي استعملها لزرعِ العُنصرية والكراهية بين المُجتمعات المحلية وعلى النطاق القومي؟ على "تقدُّم" التي تمثِّل، أغلب القوى المدنية، أن تصدر ورقة عن السودان تشرح وتجيب على الأسئلة أعلاه، ليحصل عليها السودانيين في أمريكا، ولا أستبعد أن يكون بينهم مَن عملوا في حملات مع أعضاء في الكونجرس أو مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري، ورُبّما ضِمن حملة ترامب نفسه على مستويات مختلفة في الولايات التي يقيمون فيها. وأعتقد أنهم يستطيعون أن يضعوا موضوع السودان ضِمن اهتمامات ممثليهم الذين انتخبوهم لتصل لإدارة ترامب بأقصر وأفضل الطُرق. إدارة ترامب القادِمة تستطيع أن تقدِّم ما يفيد لوقف الحرب في السودان وعلى القوى المدنية مساعدتها في ذلك، وأن تجهِّز نفسها لإقامة فترة انتقالية مدنية كامِلة الدسم للسير في طريق تأسيس سودان جديد، كدولة ديمقراطية مدنية مُتعدِّدة الثقافات والأعراق والديانات والأعراف. تبقّى القول، يجِب تهنئة دونالد ترامب للضربة الثانية التي وجّهها لعهد باراك أوباما، أسوأ الرؤساء الذين حكموا أمريكا واثّروا سِلباً على الأوضاع في الدول التي ينتشر فيها فكر وجماعات الإسلام السياسي، سُنية وشيعية. فبعد تسديد ترامب الضربة الأولى بهزيمة هيلاري كلنتون، ووقف تمدُّد سياسات عهد أوباما المُدمِّرة لأربعة سنوات، ها هو ترامب نفسه يسدِّد هذه المَرّة ضربة ثانية وقاضية، ليضع حدّاً ونهاية لا رجعة بعدها، لعهد أوباما القميء وآثاره المُدمِّرة للمُجتمعات في العديد من دول العالم. د. عصام محجوب الماحي صحفي سوداني مقيم في بوخارست - رومانيا 9 نوفمبر 2024
isammahgoub@gmail.com