الشطرنج الإقليمي- إيران تفقد أكبر قطعة
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
عدنان هاشم
قبل أسبوع واحد لم يكن يتخيّل أحد أن إيران ستسمح لنظام الأسد بالانهيار، وقبل ذلك لم يكن بشار الأسد ولا الإيرانيين يستوعبون الاعتلال في آخر مؤسسة كانت تعمل في سوريا “الجيش”!
لكن كان المسؤولون في طهران يعرفون حدود تدخلهم دعماً للرئيس لم يقرر طوال 14 عاماً الماضية مساعدة نفسه، فنظام الأسد لم يكن يعاني من انهيار الاقتصاد وحده، ولا يعاني من الفقر المدقع فحسب، ولا يعاني من جيش جائع فحسب، بل كان غبيّ سياسياً ورأس النظام كان مغرور بشكل مقزز ومعتلّ تماماً بجنون العظمة وأوهام القوة والانتصار.
شكا الأسد لعباس عراقجي أن “جيشه لا يستجيب”. وهو الذي تسببت إدارته في إلحاق خسائر فادحة بداخل قواته “صناعة القرار، والبنية الأساسية، والمعنويات، والوحدات، والقيادة” ما أفقده حافز القتال.
لم تتوقع إيران أن ينهار الأسد بهذه السرعة. كان فشل الأسد ومواقفه الأخيرة وراء حالة الحزن الضعيفة بين المسؤولين الإيرانيين. “يمكن للإيرانيين أن يكونوا سعداء”، كما قال حشمت الله فلاحت بيشهة، العضو السابق في البرلمان، مضيفاً “لا يحق لأحد إنفاق دولارات الأمة للحفاظ على شباك العنكبوت بعد الآن.”
بدون سوريا، يمكننا أن نرى محور المقاومة بأكمله ينهار. ومعه تفقد إيران أي مكاسب أربعة عقود من العمل الصبور لتجميع الحركات بالوكالة في جميع أنحاء الشرق الأوسط كانت سوريا درة تجاها. لكن الآن لا شيء يمكنه الصمود في وجه التطورات المتسارعة. لقد أصيب عراقجي بخيبة أمل لسماعه بغداد ترفض ارسال ميليشيات شيعية لإنقاذ الأسد. لكنه عندما غادرها كان الثوار السوريين يقتربون من حمص تأكد حينها أن دعم الأسد غير ممكن، فأمر بمغادرة الدبلوماسيين وإغلاق السفارة؛ وتحدث في التلفزيون الإيراني “لقد مرت جبهة المقاومة بعام صعب حقا”.
خسر النظام الإيراني مليارات الدولارات لإبقاء الأسد، وقُتل أكفأ مقاتليه من فيلق قدس والحرس الثوري، وحزب الله والميليشيات الشيعية الأخرى للدفاع عن الأسد، دُمرت مشاريع اقتصادية بمليارات الدولارات في سوريا منذ2015 بسبب الغارات الإسرائيلية الممنهجة! لكنه كان قضية خاسرة منذ البداية وتجلت العام الماضي العام الماضي فعندما احتاجته طهران لتحقيق المطلوب منه ضمن “محورها” تلكأ ورفض وابتعد، مفضلاً العرض الخليجي بالمساعدة في إعادة الإعمار، رفض مساندة حزب الله وشن عمليات ضمن محور المقاومة، وحتى خط الإمداد المفترض كان يتعرض للاستهداف على أراضيه، لقد سجن قادة من حزب الله حاولوا التحشيد للقتال في لبنان من سوريا!
وفي الحقيقة لقد خسر النظام الإيراني “قاسم سليماني”، و”حسن نصر الله” اللذان كانا يحملان محور المقاومة على عاتقهما، وبدونهما وسوريا لن يعود المحور كما كان قبل ذلك، ولن تكون هناك علاقة جيدة مع حزب الله. ليسبب زلزالاً في الداخل: تشكيك في مدى قدرة مبــدأ “وقف العدو خارج الحدود” على حماية البلاد أم جلب الحرب إليها. وإعلان فشل فيلق قدس وقائده إسماعيل قاآني، ففي 4 سنوات فقط دمر قاآني ما بناه سليماني على مدى عقدين، واضعاً حد للمحور المقاومة كما عرفناه.
من الواضح أن إيران ضعيفة للغاية ويتضاءل ردعها الإقليمي بشكل كبير، خسرت سوريا ربما لعقود قادمة؛ وحزب الله ينكفئ لسنوات من أجل البقاء في مستقبل لبنان؛ والعراق يبدو أن طهران تكافح لتمرير أي أوامر تخدمها؛ أما اليمن فلطالما أعطتها أهمية أقل بكثير مما يعتقد الحوثيون، ودائماً ما اعتمدت على حزب الله وسوريا في المساعدة في صنعاء إلا إذا قررت اعتبار الجماعة المسلحة بديلاً مثالياً!
وبينما هي كذلك فإن الخيار الوحيد المتبقي هو التحول لقوة نووية لردع مخاوفها من التعرض لحرب تحوم فوق سماءها أكثر من أي وقت مضى. الفرصة الأخيرة هي المسار الدبلوماسي، ولا يبدو أن إدارة ترامب ستسهل المهمة على إيران ودول المنطقة.
عدنان هاشم9 ديسمبر، 2024 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام واشنطن تفرض عقوبات على لجنة الحوثيين "لشؤون الأسرى" سفينة مهجورة تنجرف قبالة السواحل اليمنية مقالات ذات صلة
سفينة مهجورة تنجرف قبالة السواحل اليمنية 9 ديسمبر، 2024
واشنطن تفرض عقوبات على لجنة الحوثيين “لشؤون الأسرى” 9 ديسمبر، 2024
انفجار وسط إسرائيل “على الأرجح” طائرة بدون طيار أطلقت من اليمن 9 ديسمبر، 2024
الأرصاد: استمرار تأثيرات المرتفع الجوي السيبيري البارد على اليمن 9 ديسمبر، 2024 اترك تعليقاً إلغاء الرد
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصةنحن لن نستقل ما دام هناك احتلال داخلي في الشمال وفي الجنوب أ...
الله لا يلحقه خير من كان السبب في تدهور اليمن...
الإنبطاح في أسمى معانيه. و لن ترضى عنك اليهود و النصارى حتى...
تقرير جامعة تعز...
نور سبتمبر يطل علينا رغم العتمة، أَلقاً وضياءً، متفوقاً على...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الیمن 9 دیسمبر الیمنیة 9 فی الیمن حزب الله
إقرأ أيضاً:
رغم سقوط الأسد.. مصانع الكبتاغون تتجذر في الشرق الأوسط
حوّل النظام السوري السابق اقتصاد البلاد إلى اقتصاد مخدرات يعتمد على عوائد الكبتاغون، ولكنّ انهيار النظام السياسي لا يعني نهاية تصنيعها والاتجار بهذا المُخدّر الصناعي الذي يحظى بشعبية كبيرة، بحسب نتائج تحقيق فرنسي تحدّثت عنه صحيفة "لو فيغارو"، خلص إلى أنّ حزب الله اللبناني والميليشيات العراقية التابعة لإيران، قد ورثوا إدارة هذه التجارة المُربحة.
وفي السنوات الأخيرة، أغرقت هذه المخدرات منطقة الشرق الأوسط على نحوٍ غير مسبوق. وبحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنّ كميات الكبتاغون التي ضبطتها السلطات في بعض الدول بين عامي 2010 و2024، زادت بشكل أكثر من كل أنواع المخدرات الأخرى الموجودة على هذا الكوكب.
وبسبب موقعه الجغرافي، تحوّل العراق إلى أرض خصبة لتجارة المخدرات الاصطناعية، وخاصة في منطقة كردستان حيث من المستحيل احتواء الأعداد الكبيرة من التجار والمُروّجين والمُجرمين من خلال دوريات أمنية بسيطة، فضلاً عن استحالة ذلك مع وجود حدود برّية غير محكمة الإغلاق. ووفقاً لبيانات أممية، فقد زادت الكميات المُصادرة من الكبتاغون بمقدار 34 ضعفاً، من 118 كغم إلى 4 أطنان بين عامي 2019 و2024.
En savoir plus ↓https://t.co/tuaDYfCGqa
— Le Figaro (@Le_Figaro) March 7, 2025 تحوّل في طرق التصنيع والتهريبولكن هل سقوط بشار الأسد سيؤدّي إلى القضاء بشكل سحري على تجارة الكبتاغون إلى العراق؟ يُجيب الكاتب في "لو فيغارو" المحلل السياسي الفرنسي فينسنت جولي، بأنّه رغم أنّ ما حصل يُمثّل نهاية حقبة في تاريخ سوريا والشرق الأوسط، إلا أنّه لا يُمثّل سوى فصل واحد في تاريخ تجارة المخدرات في المنطقة. فلن يكون التدمير المُعلن من قبل القيادة السورية الجديدة لعدد قليل من المُختبرات كافياً، بل سنشهد تحوّلاً وتغيّراً في طرق التصنيع والتهريب.
وبرأيه، فإنّه في كثير من الأحيان، يؤدي القضاء على بنية ما إلى انتشار المنظمات الإجرامية الصغيرة التي تسعى إلى الاستحواذ على حصة في السوق. وهو ما تؤكده التقارير عن الاشتباكات الأخيرة عند الحدود السورية- اللبنانية، في فبراير (شباط) الماضي، بين قوات النظام السوري الجديد والعشائر المرتبطة بحزب الله.
Malgré la chute de Bachar el-Assad, qui a transformé la Syrie en une narco-économie dopée au Captagon, cette véritable drogue de guerre, d’abord utilisée par les combattants islamistes, se répand désormais dans la société au Proche-Orient. pic.twitter.com/h8EOKouAW0
— Le Figaro (@Le_Figaro) March 7, 2025 10 مليارات يورووفي عام 2011، انزلقت سوريا إلى الحرب. وعلى رماد هذا البلد المُدمّر، تبدأ عائلة الأسد بناء إمبراطورية جديدة من خلال التحوّل إلى التجارة الوحيدة الممكنة في ظلّ العقوبات: إنتاج المخدرات والاتجار بها، هذه الصناعة التي كانت تُولّد نحو 10 مليارات يورو في السوق السورية وحدها.
وفي غضون سنوات قليلة، نجح بشار الأسد في تحويل تصدير الكبتاغون إلى المصدر المالي الرئيسي للبلاد، مما أدّى إلى تصنيفها كدولة مخدرات، حيث كانت الإمكانات متوافرة، فالبلاد تمتلك المعرفة في الكيمياء، والمصانع اللازمة، وحتى القدرة على الوصول إلى طرق الأنهار في البحر الأبيض المتوسط، فضلاً عن طرق التهريب الراسخة إلى الأردن ولبنان والعراق. وهذه هي ميّزة المخدرات المُصنّعة، فهي لا تتطلب أي زراعة أو حصاد. كل ما هو مطلوب كمية كبيرة من المواد الكيميائية ومواقع سرّية، أو سلطات مُتواطئة تُساعد في توزيع المخدرات، فتُصبح المهمّة أسهل بكثير.
Do not believe what the Iranians and Hezbollah are spreading. They have lost their criminal ally in Syria and are now resorting to lies and exaggerations to gain the world's sympathy so they can continue producing Captagon in Syria.#Syria pic.twitter.com/6W8xOjHxEQ
— Rami Seid (@RamiSeid38099) March 9, 2025وبعد أن استولت الفصائل المسلحة على العاصمة دمشق، ومن أجل إظهار مصداقيتهم، قام أسياد سوريا الجدد بتدمير المختبرات ومواقع التصنيع التي تمّ العثور عليها في كلّ مكان: في المصانع، والفيلات، والمباني المهجورة. وأظهرت مقاطع فيديو تمّ تداولها غُرفاً مليئة بتصنيع الحبوب، إلى جانب آلات ومخزونات ضخمة من منتجات الكبتاغون، وكل ما يلزم لإخفائها داخل سلع قانونية. كما تمّ العثور على شحنات في قاعدة جوية عسكرية تابعة للنظام السابق.
Captagon : « La Syrie de Bachar al-Assad était un narco-Etat » https://t.co/NfUVFfw15w
— Public Sénat (@publicsenat) December 14, 2024 حزب الله والحشد الشعبيوبحسب خبراء المُبادرة العالمية لمُكافحة الجريمة المُنظّمة العابرة للحدود الوطنية، التابعة للأمم المتحدة، فإنّ حزب الله اللبناني أصبح بالفعل وبشكل مُستقل ثاني أكبر مُنتج لهذه المخدرات. وهو ما يُشكّل فرصة مالية ضخمة لم يتردد الحزب، الذي قضت عليه إسرائيل في سبتمبر (أيلول) الماضي، من مواصلة استغلالها لتمويل إعادة الإعمار واستمرارية نشاطه.
وأما بالنسبة لكردستان العراق، حسبما نقلته يومية "لو فيغارو" الفرنسية، فقد عانى الإقليم من زيادة الاتجار بالكبتاغون، وخاصة عن طريق أكراد إيران، والعراق يُواجه اليوم مشكلة مزدوجة: فبعد أن كان في الماضي مُجرّد ضحية للاتجار، أصبح الآن لاعباً كاملاً في هذه العملية. والسبب وراء تفاقم المشكلة هو أنّه لم يعد مُجرّد نقطة عبور، بل بات هناك أيضاً مواقع تصنيع على الأراضي العراقية، بدأت في محافظة الأنبار الحدودية مع سوريا.
Le captagon, cette drogue illicite qui a transformé la Syrie en narco-État.
L’avenir de ce trafic reste incertain dans un pays dont l’économie a été alimentée par des milliards de dollars de contrebande et une forte demande des pays voisins.https://t.co/Gb2nNnz2eP [Rediff]
وتنقل عن أحد سكان كردستان العراق، قوله إنّ الكبتاغون وصل أولاً من إيران بمُشاركة الميليشيات التابعة لها، مثل الحشد الشعبي، وعبر حزب الله اللبناني، وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، والذي كان موجوداً في سوريا، وسط دوامة من الولاءات التي سيطرت عليها تجارة المخدرات على حساب السكان الذين وقعوا فريسة للإدمان أو انجرّوا إلى الاتجار بها.