سيناريوهات تقسيم سوريا خطر على منطقة الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في منعطف تاريخي مفاجئ وحاد، وبعد أقل من اثني عشر يوماً لعملية رد العدوان، أعلنت الفصائل السورية المسلحة فجر الأحد الثامن من ديسمبر 2024 إسقاط نظام بشار الأسد على إثر انهيار خطوط دفاع الجيش السوري وعجز حلفائه، إيران وحزب الله، عن تقديم الدعم له في ظل غياب الغطاء الجوي الروسي.
وبالنظر لأوضاع المنطقة المأساوية مؤخراً قد تتبدد الحيرة؛ فحروب الكيان الإسرائيلي المدعومة من الغرب ضد غزة ولبنان حطمت التوازن الهش بالشرق الأوسط وسحبت خيوطاً رئيسية في نسيج المنطقة بأسرها، مما مكّن فصيلاً مثل هيئة تحرير الشام - ويوصف بالتنظيم الإرهابي من قبل حكومات الغرب- إلى الاستيلاء "السهل" على عدد من المدن السورية. وقد عجّل تغيير هذه المعادلة في حسابات الغرب من هذا التحول الدرامي ضد نظام الأسد. كانت الهيئة تسمى جبهة النصرة بعد انشقاقها عن تنظيم القاعدة في العراق وتأسيس الفرع السوري بزعامة أبو محمد الجولاني، تلميذ زعيم القاعدة السابق الظواهري وزعيم داعش السابق البغدادي. وتسعى حالياً حكومات غربية وإقليمية، في مقدمتها الولايات المتحدة وتركيا، إلى تقديم الجولاني على أنه "معتدل" بعد أن وجد بدوره الفرصة مناسبة لكسب الدعم الغربي والإقليمي.
نعود إلى التوقيت الذي أصبح الاستفهام الكبير لدى المحللين الاستراتيجيين وكتاب الرأي في الوطن العربي والعالم (لماذا الآن؟). لقد بدأ التحضير لهذه المعركة منذ سنوات: إعداد مقاتلين، وصناعة مسيرات، وتسليح، وتدريب؛ ولنسأل أصحاب المصالح كيف يختارون معركتهم في اللحظة التي يرونها مناسبة، لنجد الإجابة: هي لحظة انشغال روسيا بالحرب على أوكرانيا، مما جعل النظام السوري ورقة خاسرة لا تتصدر أولوياتها. إضافة لذلك، تنشغل الولايات المتحدة الأمريكية مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض بملفات حيوية لمصالحها مثل التنافس مع الصين وإعادة ترتيب علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي، وإعادة ترتيب ميزان القوة لصالح المشروع الأمريكي الصهيوني الاستعماري الذي يستوجب تصفية قضية فلسطين حتى لو تطلب الأمر تغيير تكتيكاتها والتحالف مؤقتاَ مع تنظيمات تضعها في قائمة الجماعات الإرهابية بجعلها تشغل الفراغ الحالي بعد سقوط النظام السوري. وقد ظهر الحرص الغربي على تقديمه كجيش وطني معني بمصلحة سوريا دون أي مطامع جهادية خارجية، في مسعى ممنهج ومقصود إلى "تلميع سمعة" هيئة تحرير الشام من خلال الإشادة بتسامحها مع المسيحيين وتقبلها للتنوع الديني والعرقي.
ويُلاحظ استخدام مصطلح "بلاد الشام" وليس سوريا وهو ما يضع علامات استفهام حول المعاني التي تحتمل تقسيم سوريا، وهذا ما تروج له بعض وسائل إعلام إحدى الدول من إنشاء دويلات صغيرة يمكن السيطرة على توجهاتها بما في ذلك القضاء على التهديد الكردي الذي حظي بدعم سوري منذ سبعينيات القرن الماضي، ناهيك عن تطمين الكيان الإسرائيلي وتقليم أظافر المقاومة.
أما تداعيات الأحداث برمتها على المنطقة فلا شك أن ما يجري في سوريا حالياً وما ظهر من مواقف دولية يبعث برسالة شديدة الخطورة للمنطقة بدءاً بالتأكيد على استمرار مشاريع التقسيم والتفكيك كما حدث من قبل في العراق وليبيا والسودان، وصولاً لتسخير بعض التنظيمات للسير في المسارات التي تخدم المصالح الغربية وإعداد بعض الفصائل الإسلامية الميكافيلية لإنتاج أنظمة بديلة تضمن تنفيذ أجندته. ومن غير المستبعد حسب قراءة مصالح الدول الموجودة في سوريا الآن أن تقسيمها أمر وارد وهو ما يمثل خطراً مضاعفاً على أمن واستقرار المنطقة بأسرها، ولا يمكن لأي طرف دولي أو إقليمي مساند لهذا التقسيم أن يدّعي أو يتظاهر بأنه صديق لسوريا وشعبها أو يرمي لتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: تقسيم سوريا منطقة الشرق الاوسط
إقرأ أيضاً:
أردوغان: الأسد حول سوريا إلى مزرعة مخدرات.. وتركيا دفعت ثمنا باهظا
شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، على تحويل رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد، البلاد إلى "مزرعة ضخمة لإنتاج المخدرات"، مشيرا إلى أن أنقرة "دفعت ثمنا باهظا" جراء الحرب في سوريا.
وقال أردوغان في كلمة لها خلال فعالية لحزبه العدالة والتنمية بولاية دنيزلي جنوب غربي البلاد، إن "تحرر سوريا أسعدنا مثلما أسعد الملايين من أشقائنا السوريين. وهذا أمر طبيعي، لأننا كنا من أكثر الدول التي تأثرت سلبا من الصراع في سوريا، نظرا لحدودنا الممتدة 911 كيلومترا معها".
وأضاف تركيا "دفعت ثمنا باهظا" جراء الصراع الدائر في سوريا، مشيرا إلى "الهجمات الإرهابية" التي تعرضت لها بلاده خلال السنوات الماضية، حسب وكالة الأناضول.
وانتقد أردوغان المعارضة التركية بسبب مواقفها تجاه التطورات في سوريا، مبينا أنهم "لم يستوعبوا بعد" سقوط نظام البعث هناك، حسب تعبيره.
وأشار إلى أن المعارضة التركية "لا تسعدها مكتسبات البلاد السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية"، مشددا على أنه في الوقت الذي يشيد فيه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب والعديد من قادة دول العالم بـ "النجاح الدبلوماسي والعسكري والدفاعي التركي في سوريا، فإن المعارضة تتنكر لذلك".
وبحسب وكالة الأناضول، فإن أردوغان وجه حديثه إلى رئيس حزب "الشعب الجمهوري" المعارض، أوزغور أوزيل، متسائلا "ما الذي يزعجكم في تعالي الأدعية لتركيا في مساجد دمشق، وحماة وحمص ودرعا؟!".
وفي السياق، شدد الرئيس التركي على أن بلاده كانت على علم بما قامت به عائلة الأسد "من تحويل سوريا إلى مزرعة ضخمة لإنتاج المخدرات".
وأضاف أن "نظام الأسد حوّل أيضا السجون إلى مراكز للقتل والتعذيب، والإعدامات العشوائية، دون أن يستثني من ذلك النساء اللواتي تعرضن للقتل والاغتصاب أمام أعين أطفالهن".
وأشار الرئيس التركي إلى أن "التنظيمات الإرهابية مثل بي كي كي (حزب العمال الكردستاني) وداعش (تنظيم الدولة) استغلت حالة عدم الاستقرار في سوريا لتقوّي شوكتها، وساهم الدعم الأجنبي في تزويد هذه التنظيمات بآلاف شاحنات الأسلحة والذخائر تحت ذريعة مكافحة داعش".
وتلوح تركيا منذ سقوط بشار الأسد بشن عملية عسكرية على قوات سوريا الديمقراطية "قسد" و"وحدات حماية الشعب"، وهذه تنظيمات تعتبرها تركيا امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي تدرجه أنقرة على قائمة الإرهاب، في سوريا.
"تطهير سوريا أولوية"
وفي وقت سابق الجمعة، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان "سيكون تطهير سوريا من الإرهاب أحد الأولويات الرئيسية لعام 2025، فالهدف الأول لجميع المنظمات الإرهابية العاملة في هذه المنطقة هو دائما تركيا".
وأضاف فيدان خلال مؤتمر صحفي، "قلنا مرارا إنه لا يمكننا التعايش مع هكذا تهديد بي كي كي/واي بي جي فإما أن تتخذ أطراف خطوات بحقه أو نحن سنفعل ما يلزم"، وفقا لوكالة الأناضول.
وشدد وزير الخارجية التركي على أن "نهاية الطريق باتت قريبة للتنظيم الانفصالي بي كي كي/ واي بي جي وامتداداته في سوريا"، مشيرا إلى أن "الوضع القديم بالنسبة للتنظيم وداعميه لم يعد من الممكن استمراره في ظل النظام الجديد في سوريا".
وتابع فيدان قائلا "من الطبيعي أن تخوض بلادنا حربا فعالة ضد الإرهاب، تركيا لديها القوة والقدرة والعزم على القضاء على جميع التهديدات، ويبدو أن نهاية الطريق أصبحت قريبة بالنسبة للتنظيم الانفصالي وامتداداته في سوريا".
وأضاف: "باعتباري أحد الأشخاص الذين عملوا بشكل مكثف على القضية السورية خلال السنوات الـ13 الماضية، كنا جميعا سعداء لرؤية هذه النتيجة، وأستطيع القول أن قصتنا مع سوريا بدأت للتو، ويواجه الشعب السوري في هذه المرحلة تحديات كبيرة ومتعددة، وفي مقدمتها إعادة إعمار البلاد".
أكمل فيدان حديثه عن الوضع السوري: "نعتقد أن العناصر التي تشكل المحور الرئيسي لسياستنا تجاه سوريا هي الاستقرار، أؤكد مرة أخرى أن المحور الرئيسي للسياسة الخارجية التركية هو السلام والتعاون والتضامن والازدهار، تركيا ليس لديها أطماع في أراضي أي دولة، وليس لديها أي أجندة خفية".
وعن استقرار المنطقة، أفاد فيدان "نقول دعونا نبني ثقافة التعاون والتنمية في منطقتنا، دعونا نترك وراءنا ثقافة الصراع، وثقافة الإيقاع بين بعضنا البعض ودفع المنطقة إلى الوراء، وثقافة دفع الشعوب إلى الفقر"، وفقا للأناضول.
وأردف: "نشكل سياستنا الخارجية في هذا الاتجاه، وهذا أيضا ما نتوقعه من جيراننا ودول المنطقة"، مشددا "سنحقق هدفنا في تركيا خالية من الإرهاب بطريقة أو بأخرى".