أساتذة علوم سياسية: ما يحدث في «دمشق» ليس مجرد أزمة داخلية بل قضية إقليمية ودولية
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
أكد أساتذة علوم سياسية أن الأوضاع الراهنة فى سوريا تمثل تهديداً للأمن القومى العربى، وقال اللواء الدكتور رضا فرحات إنّ الأوضاع الراهنة فى سوريا تمثل تصعيداً خطيراً على جميع المستويات، بدايةً من احتلال إسرائيل لجبل الشيخ وانتهاءً بالفوضى التى أعقبت الأحداث الأخيرة فى الداخل السورى، مشيراً إلى أن سيطرة الاحتلال الإسرائيلى على جبل الشيخ تعد انتهاكاً صارخاً للسيادة السورية وتهديداً للأمن القومى العربى بأسره، حيث يمثل هذا الجبل موقعاً استراتيجياً بالغ الأهمية، ما يعكس نوايا الاحتلال فى توسيع نفوذه والسيطرة على المزيد من الأراضى السورية.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن هذه الخطوة من قبَل إسرائيل تأتى فى سياق استغلالها لحالة الضعف والانقسام، ما يستدعى موقفاً عربياً ودولياً حاسماً لدعم سوريا واستعادة أراضيها المحتلة، والتصدى لمحاولات فرض أمر واقع جديد فى المنطقة لأن استمرار الاحتلال فى فرض سيطرته على مناطق جديدة لن يؤدى إلا إلى مزيد من زعزعة الاستقرار وإطالة أمد الأزمة السورية.
وأشار «فرحات» إلى أن حالة الفوضى التى شهدتها سوريا مؤخراً تعيد إلى الأذهان سيناريوهات خطيرة سبق أن حدثت فى بلدان أخرى شهدت صراعات داخلية، مثل فتح السجون وهروب الجنائيين، الأمر الذى يمثل خطراً مباشراً على الأمن الداخلى السورى والإقليمى، بالإضافة إلى أن التقارير حول سرقة البنك المركزى السورى توضح أن هناك استهدافاً ممنهجاً لمقومات الدولة السورية، فى محاولة لتدمير الاقتصاد الوطنى وإضعاف المؤسسات التى تمثل العمود الفقرى لأى جهود لإعادة الإعمار أو استعادة الاستقرار.
وأكد «فرحات» أن هذه التطورات تتطلب تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولى لوقف حالة الفوضى فى سوريا، ومحاسبة الجهات التى تسعى لتأجيج الصراع على حساب الشعب السورى، كما دعا إلى ضرورة دعم المؤسسات الوطنية السورية لاستعادة دورها فى الحفاظ على الأمن الداخلى وإعادة بناء الدولة، لافتاً إلى أن ما يحدث فى سوريا ليس مجرد أزمة داخلية، بل قضية إقليمية ودولية تتطلب تضامناً عربياً ودعماً دولياً من أجل تحقيق حل سياسى شامل يحافظ على وحدة الأراضى السورية واستقلالها، ويضع حداً للأطماع الخارجية التى تهدد أمن واستقرار المنطقة بأكملها.
وتابع أن مستقبل سوريا يعتمد بشكل كبير على تضافر الجهود الإقليمية والدولية، لتحقيق تسوية شاملة تعيد بناء الدولة السورية على أسس الاستقرار والتنمية، مشيراً إلى أن الصراع الطويل الذى شهدته سوريا منذ عام 2011 تسبب فى تدمير البنية التحتية وتفكيك النسيج الاجتماعى، ما يجعل المرحلة المقبلة تحدياً يتطلب تكاتف الجميع لإعادة البناء.
طارق فهمى: الفترة المقبلة ستشهد تغيرات فى الخريطة الجيوسياسية لسورياوأكد الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية، أن التطورات الحاسمة التى تشهدها سوريا ستؤثر أيضاً على البيئة المستقبلية فى المنطقة، فما حدث فى لبنان كان تمهيداً لما يحدث فى سوريا، مضيفاً أن سوريا كانت مقسمة إلى 4 قطاعات رئيسية تسيطر عليها فصائل وتنظيمات مختلفة ولكل منها توجهاتها وانتماءاتها، لذلك كان من المتوقع أن يتم التعامل مع الوضع السورى وفقاً لهذا الوضع القائم.
الدول المجاورة ستتأثر بالأحداث وهناك تخوفات من اتساع التطرف والإرهاب وعدم الاستقراروأشار «فهمى» إلى أن هناك مخاوف بشأن الاستقرار فى سوريا والمناطق المجاورة، فضلاً عن الحسابات التى ستؤثر على تحركات الأطراف الإقليمية والدولية، ليس فقط نتيجة دعم هذه الأطراف الداخلية وتقويتها بدول إقليمية وخارجية، بل لأن سوريا الآن فى مرحلة انتقالية، ويمكن قياس الأوضاع من منظور كيفية التعامل مع الأطراف الإقليمية، خاصة تركيا، التى سيكون لها موقف، فضلاً عن إسرائيل وإيران، تجاه ما يحدث، مع الأخذ فى الاعتبار أن هذه المرحلة هى مرحلة ترقب وانتظار لرصد التوجهات الإقليمية المطروحة.
وأكد أن الفترة المقبلة قد تشهد تغيرات فى الخريطة الجيوسياسية لسوريا، حيث تستهدف إسرائيل التوسع فى الجولان المحتلة بدعم من البيت الأبيض، والتخوفات المقبلة على العراق ولبنان من تداعيات التغير للخريطة الجيوسياسية، لافتاً إلى أن هروب قادة الجيش السورى إلى الحدود العراقية تم باتفاق، ولن تعود وحدة سوريا كما كانت سابقاً.
حسن سلامة: التنظيمات المسلحة والمأجورة تلعب دوراً كبيراً فى نشر الفوضى وهدم مؤسسات الدول فى الشرق الأوسط كلهمن جانبه، قال الدكتور حسن سلامة إن التنظيمات المسلحة والمأجورة تلعب دوراً كبيراً فى نشر الفوضى وهدم مؤسسات الدول فى الشرق الأوسط كله، وأوضح أن غياب الدولة يعنى أن الأنظمة تتغير، وعندما تغيب الدولة فإن مؤسساتها لا تعود، مما يؤدى إلى دوامة من الفوضى، وهذا يثير مخاوف كبيرة من التطرف والإرهاب وعدم الاستقرار، إضافة إلى عدم التنمية، مشيراً إلى أن الأحداث الجارية فى دولة ما قد تؤثر على دول أخرى فى المنطقة، وهو ما يعرف باسم العدوى الدولية، والأمثلة واضحة، مثل ليبيا والسودان وسوريا، ونماذج كثيرة أخرى.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: سوريا الأزمة السورية بشار الأسد الفصائل السورية المعارضة السورية الأحداث في سوريا فى سوریا ما یحدث إلى أن
إقرأ أيضاً:
أستاذ علوم سياسية: تصريحات ترامب تكتيكية .. وتراجعه لا يعني موت الفكرة
أكد الدكتور محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الطروحات التي قدمها الرئيس الأمريكي في مؤتمره مع رئيس الوزراء الإسرائيلي يوم الثلاثاء الماضي تختلف تمامًا عن العناصر المطروحة حاليًا.
وخلال لقائه في برنامج "كلمة أخيرة"، الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي على شاشة ON، أوضح كمال: "تحدث الرئيس الأمريكي عن فكرة امتلاك قطاع غزة والسيطرة عليه، وإمكانية نشر قوات أمريكية على الأرض، لكن تم التراجع رسميًا عن تلك التصريحات والأفكار، حيث أُعلن لاحقًا أنه لا يمكن أن تكون هناك قوات أو استثمارات أمريكية في غزة، كما أُشير إلى عدم وجود نية للاستعجال في تنفيذ تلك الفكرة."
وأضاف: "الأمر الأكثر غرابة هو الحديث عن تسليم إسرائيل قطاع غزة للولايات المتحدة، بحيث تتولى واشنطن مسؤولية حفظ الأمن أثناء عملية إعادة الإعمار، لكن لم تُقدَّم أي إجابة حول الجهة التي ستتحمل تكلفة إعادة البناء."
وأشار كمال إلى أن هذا التغيير في الطرح ناتج عن عدة عوامل، موضحًا أن شخصية الرئيس الأمريكي تجعل من الصعب التمييز بين تصريحاته التكتيكية وتوجهاته الاستراتيجية، إذ إن معظم مواقفه تنطلق من حسابات تكتيكية قد تؤدي بالمصادفة إلى تحقيق أهداف استراتيجية.
وتابع: "حتى لو شهدنا بعض التراجع في تصريحات الرئيس الأمريكي، فإن ذلك لا يعني أن الفكرة قد انتهت تمامًا، فقد تعود مجددًا بشكل مختلف. خاصةً أن بعض الجمهوريين انتقدوه قائلين: (وعدتنا خلال الانتخابات بعدم الارتباط بالشرق الأوسط وعدم نشر قوات عسكرية هناك، والآن تغلق هيئة المعونة الأمريكية ثم تتحدث عن الاستثمار الخارجي!)، فضلًا عن معارضة الديمقراطيين لهذا الطرح."
وأكد كمال أن المعارضة الأهم التي واجهها الرئيس الأمريكي جاءت من دول المنطقة، خصوصًا مصر والأردن، وهما الطرفان اللذان كان يعوِّل عليهما في استقبال المهجرين من قطاع غزة. كما لاقى رفضًا عربيًا موحدًا، وهو ما قد يُثمر عن قمة عربية طارئة قبل نهاية الشهر في القاهرة لمعالجة هذا الملف، إلى جانب معارضة بعض الحلفاء الغربيين، مثل فرنسا.
واختتم حديثه قائلًا: "العديد من أفكار الرئيس الأمريكي لا تجد سبيلًا للتطبيق على أرض الواقع، ويتم تعديلها أو تغييرها، لكنها بالتأكيد تترك آثارًا سلبية تستمر لفترة طويلة. ومن أخطر هذه الآثار منح الشرعية لفكرة التهجير، وهي مسألة في غاية الخطورة. فقد قام خلال ولايته الأولى بإحداث تغيير جذري في مسار الحلول السياسية عبر منح الموافقة على ضم القدس والاعتراف بشرعية ضم أراضٍ محتلة مثل الجولان. وخلال ولايته الثانية، يتحدث عن قضية اللاجئين والتهجير، وكأنه يسعى لإفراغ غزة من سكانها."