أكد أساتذة علوم سياسية أن الأوضاع الراهنة فى سوريا تمثل تهديداً للأمن القومى العربى، وقال اللواء الدكتور رضا فرحات إنّ الأوضاع الراهنة فى سوريا تمثل تصعيداً خطيراً على جميع المستويات، بدايةً من احتلال إسرائيل لجبل الشيخ وانتهاءً بالفوضى التى أعقبت الأحداث الأخيرة فى الداخل السورى، مشيراً إلى أن سيطرة الاحتلال الإسرائيلى على جبل الشيخ تعد انتهاكاً صارخاً للسيادة السورية وتهديداً للأمن القومى العربى بأسره، حيث يمثل هذا الجبل موقعاً استراتيجياً بالغ الأهمية، ما يعكس نوايا الاحتلال فى توسيع نفوذه والسيطرة على المزيد من الأراضى السورية.

رضا فرحات: على المجتمع الدولى التحرك العاجل لوقف حالة الفوضى

وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن هذه الخطوة من قبَل إسرائيل تأتى فى سياق استغلالها لحالة الضعف والانقسام، ما يستدعى موقفاً عربياً ودولياً حاسماً لدعم سوريا واستعادة أراضيها المحتلة، والتصدى لمحاولات فرض أمر واقع جديد فى المنطقة لأن استمرار الاحتلال فى فرض سيطرته على مناطق جديدة لن يؤدى إلا إلى مزيد من زعزعة الاستقرار وإطالة أمد الأزمة السورية.

وأشار «فرحات» إلى أن حالة الفوضى التى شهدتها سوريا مؤخراً تعيد إلى الأذهان سيناريوهات خطيرة سبق أن حدثت فى بلدان أخرى شهدت صراعات داخلية، مثل فتح السجون وهروب الجنائيين، الأمر الذى يمثل خطراً مباشراً على الأمن الداخلى السورى والإقليمى، بالإضافة إلى أن التقارير حول سرقة البنك المركزى السورى توضح أن هناك استهدافاً ممنهجاً لمقومات الدولة السورية، فى محاولة لتدمير الاقتصاد الوطنى وإضعاف المؤسسات التى تمثل العمود الفقرى لأى جهود لإعادة الإعمار أو استعادة الاستقرار.

وأكد «فرحات» أن هذه التطورات تتطلب تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولى لوقف حالة الفوضى فى سوريا، ومحاسبة الجهات التى تسعى لتأجيج الصراع على حساب الشعب السورى، كما دعا إلى ضرورة دعم المؤسسات الوطنية السورية لاستعادة دورها فى الحفاظ على الأمن الداخلى وإعادة بناء الدولة، لافتاً إلى أن ما يحدث فى سوريا ليس مجرد أزمة داخلية، بل قضية إقليمية ودولية تتطلب تضامناً عربياً ودعماً دولياً من أجل تحقيق حل سياسى شامل يحافظ على وحدة الأراضى السورية واستقلالها، ويضع حداً للأطماع الخارجية التى تهدد أمن واستقرار المنطقة بأكملها.

وتابع أن مستقبل سوريا يعتمد بشكل كبير على تضافر الجهود الإقليمية والدولية، لتحقيق تسوية شاملة تعيد بناء الدولة السورية على أسس الاستقرار والتنمية، مشيراً إلى أن الصراع الطويل الذى شهدته سوريا منذ عام 2011 تسبب فى تدمير البنية التحتية وتفكيك النسيج الاجتماعى، ما يجعل المرحلة المقبلة تحدياً يتطلب تكاتف الجميع لإعادة البناء.

طارق فهمى: الفترة المقبلة ستشهد تغيرات فى الخريطة الجيوسياسية لسوريا

وأكد الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية، أن التطورات الحاسمة التى تشهدها سوريا ستؤثر أيضاً على البيئة المستقبلية فى المنطقة، فما حدث فى لبنان كان تمهيداً لما يحدث فى سوريا، مضيفاً أن سوريا كانت مقسمة إلى 4 قطاعات رئيسية تسيطر عليها فصائل وتنظيمات مختلفة ولكل منها توجهاتها وانتماءاتها، لذلك كان من المتوقع أن يتم التعامل مع الوضع السورى وفقاً لهذا الوضع القائم.

الدول المجاورة ستتأثر بالأحداث وهناك تخوفات من اتساع التطرف والإرهاب وعدم الاستقرار

وأشار «فهمى» إلى أن هناك مخاوف بشأن الاستقرار فى سوريا والمناطق المجاورة، فضلاً عن الحسابات التى ستؤثر على تحركات الأطراف الإقليمية والدولية، ليس فقط نتيجة دعم هذه الأطراف الداخلية وتقويتها بدول إقليمية وخارجية، بل لأن سوريا الآن فى مرحلة انتقالية، ويمكن قياس الأوضاع من منظور كيفية التعامل مع الأطراف الإقليمية، خاصة تركيا، التى سيكون لها موقف، فضلاً عن إسرائيل وإيران، تجاه ما يحدث، مع الأخذ فى الاعتبار أن هذه المرحلة هى مرحلة ترقب وانتظار لرصد التوجهات الإقليمية المطروحة.

وأكد أن الفترة المقبلة قد تشهد تغيرات فى الخريطة الجيوسياسية لسوريا، حيث تستهدف إسرائيل التوسع فى الجولان المحتلة بدعم من البيت الأبيض، والتخوفات المقبلة على العراق ولبنان من تداعيات التغير للخريطة الجيوسياسية، لافتاً إلى أن هروب قادة الجيش السورى إلى الحدود العراقية تم باتفاق، ولن تعود وحدة سوريا كما كانت سابقاً.

حسن سلامة: التنظيمات المسلحة والمأجورة تلعب دوراً كبيراً فى نشر الفوضى وهدم مؤسسات الدول فى الشرق الأوسط كله

من جانبه، قال الدكتور حسن سلامة إن التنظيمات المسلحة والمأجورة تلعب دوراً كبيراً فى نشر الفوضى وهدم مؤسسات الدول فى الشرق الأوسط كله، وأوضح أن غياب الدولة يعنى أن الأنظمة تتغير، وعندما تغيب الدولة فإن مؤسساتها لا تعود، مما يؤدى إلى دوامة من الفوضى، وهذا يثير مخاوف كبيرة من التطرف والإرهاب وعدم الاستقرار، إضافة إلى عدم التنمية، مشيراً إلى أن الأحداث الجارية فى دولة ما قد تؤثر على دول أخرى فى المنطقة، وهو ما يعرف باسم العدوى الدولية، والأمثلة واضحة، مثل ليبيا والسودان وسوريا، ونماذج كثيرة أخرى.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: سوريا الأزمة السورية بشار الأسد الفصائل السورية المعارضة السورية الأحداث في سوريا فى سوریا ما یحدث إلى أن

إقرأ أيضاً:

سوريا الماضى والمستقبل

بين عشية وضحاها طوى الزمان أربعة عشر عامًا من الدماء والخراب والحروب والتهجير وهدم المنازل والمؤامرات، ووجدنا المدن السورية تتساقط كأوراق الشجر أمام الفصائل السورية، أيا كانت مسمياتها وتوجهاتها أو أجنداتها، المحصلة النهائية هى انهيار نظام الأسد الذى استعصى على هؤلاء ومن رحل منهم ومن غادر سوريا ومن أخرجوه من السجون والمعتقلات طوال الأربعة عشر عاما الماضية.
الجميع فى دهشة من هذا السقوط السريع والانهيار الفورى لنظام الأسد، والأغرب من ذلك هو فرار الأسد وأسرته دون أية مقاومة أو حتى حفظ ماء الوجه لعائلة الأسد التى حكمت سوريا طوال نصف قرن من الزمان، ورحيلهم إلى بلاد الثلوج والحروب والمؤامرات، تحت مسمى لجوء سياسى، وما هو إلا لجوء مهين وهروب مذل ايثارا للسلامة وخوفًا على حياته وحياة أسرته من غضب الشعب السورى، الذى ذاق الويلات على يديه الملطختان بالدماء، لتتولى روسيا رعايته خارج سوريا بعد أن تخلت عنه داخلها فى مفارقة غريبة، وتنصل أغرب من الجميع، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، التى تضع أنفها فى كل تفصيلة من تفصيلات الشرق الأوسط خلال العقود الماضية تطالب الأسد بالرحيل وترك البلاد ليتولى الشعب السورى إدارة بلاده بنفسه.. هل هذه هى أمريكا التى نعرفها؟ وهل هذا ترامب الذى يغضب لإسرائيل إذا اصابها القلق أو الخوف؟ والذى يقيم الدنيا ولايقعدها ويهدد الشرق الأوسط بأكمله بمصير أسود لأجل قلة من الأسرى تحت أيدى حماس، إذا به يسمح ويبارك مليشيات عسكرية، تحمل السلاح وتلاصق إسرائيل فى هضبة الجولان المحتلة معللا حق الشعب السورى فى تقرير مصيره ومستقبله، والذى نتمنى جميعا كعرب ان يصدق الذئب فى صداقته للحملان دون أن يبقر بطونها ويأكل لحومها.
‏وما نراه من مباركات وتأييد القوى العظمى والدول التابعة لها شرقًا وغربًا لرحيل الأسد وبناء سوريا جديدة هو أمر جيد، ولكنه يتعارض مع الخرائط والسياسات التى حفظناها عن ظهر قلب، والتى لا تحمل بين تضاريسها وخطوطها العرضية والطولية إلا الأطماع والمؤامرات والدسائس لصالح دولة الاحتلال الإسرائيلى.
‏هناك غموض فى جميع المواقف التى طرأت على سقوط المدن السورية كقطع الثلج، وسرعة هروب الأسد واستسلام نظامه واختفائه من المشهد يجعلنا نخشى على الشعب السورى، الذى تنسم عبير الحرية بعد نصف قرن من حكم الحديد والنار، ولن يرضى  بالهوان او العودة للوراء على يد أنظمة جديدة للحكم أو تدخلات خارجية لا نعلم عنها شيئا، ولا يدري أحد ماذا ينتظر المسرح السورى من مفاجأت وكواليس وأدوار ونسأل الله السلامة للشعب السورى الشقيق ‏بعيدًا عن المسميات السياسة.
وأكد بيان للسعودية وقوف المملكة إلى جانب الشعب السورى وخياراته «فى هذه المرحلة المفصلية من تاريخ سوريا»، ودعا إلى تضافر الجهود للحفاظ على وحدة سوريا وتلاحم شعبها، بما يحميها من الانزلاق نحو الفوضى والانقسام، مؤكدًا دعمها لكل ما من شأنه تحقيق أمن سوريا الشقيقة واستقرارها بما يصون سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها.
كما دعت السعودية فى البيان المجتمع الدولى للوقوف إلى جانب الشعب السورى الشقيق والتعاون معه فى كل ما يخدم سوريا ويحقق تطلعات شعبها وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، ومساندة سوريا فى هذه المرحلة بالغة الأهمية لمساعدتها فى تجاوز ويلات ما عانى منه الشعب السورى.

مقالات مشابهة

  • ماذا يحدث في كوريا الجنوبية؟.. أزمة سياسية تهدد مستقبل البلاد بسبب الأحكام العرفية
  • 5 قوى دولية فى حلبة الصراع السورية
  • المعارضة السورية تتجاهل العربدة الإسرائيلية
  • أستاذ علوم سياسية يكشف أهداف إسرائيل من ضرب الأراضي السورية
  • سوريا الماضى والمستقبل
  • تحولات مصيرية في سوريا| من رحيل الأسد إلى تحديات إقليمية ودولية واقتصادية.. خبير يعلق
  • وكيل الشئون العربية بالنواب يثمن دعوة مصر للأطراف السورية للبدء فى عملية سياسية متكاملة
  • شاهد | نهاية حقبة الأسد.. مواقف إقليمية ودولية
  • دعوات عربية ودولية إلى صون مقدرات الدولة السورية