لجريدة عمان:
2025-03-25@02:45:19 GMT

اقتصاد الفضاء: المفهوم والفرص

تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT

خلال الفترة الماضية تردد مفهوم اقتصاد الفضاء فـي شبكات التواصل الاجتماعي؛ بسبب إطلاق الصاروخ العلمي التجريبي (الدقم - ١)، الذي مثّل منعطفًا إيجابيًا فـي تطلعات أفراد المجتمع نحو التفكير جديا فـي اقتصاد الفضاء والاستفادة من الفرص التي تملكها سلطنة عُمان لتعزيز الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالاقتصاد الفضائي، حقيقة لا يقتصر الأمر على الجوانب الاقتصادية وحسب بإطلاق الصاروخ من سلطنة عُمان، فقد ارتبط التفاعل مع عملية الإطلاق باسم سلطنة عُمان فـي عناوين الصحف الدولية والحسابات الإخبارية الفاعلة، مما عزز الاطلاع أكثر على تجربة سلطنة عُمان فـي مجال الفضاء وجهودها التي أثمرت عن إطلاق الصاروخ العلمي التجريبي (الدقم-1).

مفهوم اقتصاد الفضاء يحظى بنقاشات وأطروحات فـي مختلف المنصات الإلكترونية خاصة عند المتخصصين والمهتمين بالمجالات الاقتصادية، مما يدل على مستوى الوعي المجتمعي بأهمية اقتصاد الفضاء والفرص الاستثمارية التي ينبغي التفكير جديا بالاستفادة من هذا النوع من الاقتصاد، وهو عموما نشاط ٌ اقتصاديٌ؛ بهدف إنتاج السلع والخدمات والتقنيات فـي الفضاء عبر تعدين الكويكبات والقمر بحثا عن المعادن والمواد، ويتم الاستفادة من نتائج البحوث والدراسات والاستكشافات لإدارة النشاط الاقتصادي فـي الفضاء، حيث بلغت قيمة اقتصاد الفضاء عالميا نحو 630 مليار دولار وفقا لأرقام عام 2023م بسبب ارتفاع الإنفاق العالمي على الاقتصاد الفضائي بنسبة 19% مقارنة بعام 2022م تتصدر كل من الهند والصين والولايات المتحدة الأمريكية نسب زيادة الإنفاق على اقتصاد الفضاء بـ36%، و23%، و18% على التوالي، ويتوقّع منتدى الاقتصاد العالمي أن تصل قيمته 1.8 تريليون دولار عام 2035م.

ويمثّل اقتصاد الفضاء إحدى الفرص الاستثمارية الواعدة التي تسارع الدول المتقدمة على وجه الخصوص؛ لاغتنامها والاستفادة القصوى منها وتحقيق نمو فـي الاقتصاد الفضائي. وربما تتطوّر الأفكار المرتبطة بهذا النوع من الاقتصاد لتصبح سياحة الفضاء أحد العوامل المحفّزة لاقتصاد الفضاء، ورغم التكلفة الباهظة لإطلاق الأقمار الاصطناعية وعمليات التصنيع المرتبطة بتهيئة المركبات الفضائية قبل إطلاقها للفضاء، إلا أن النتائج المتوقع حصدها جراء تمكين الاقتصاد الفضائي تعد مبشرة وتبعث التفاؤل للمضي قدمًا نحو اقتصاد متنوّع مستدام من خلال تعدين المعادن الموجودة فـي الكويكبات والقمر النفـيسة منها والثمينة كالذهب، والفضة، والإيريديوم، والبلاتينيوم، والتنجستن، وغيرها من المعادن التي من الممكن الاستفادة منها فـي كوكب الأرض، ليتم استخدامها فـي الصناعات غير الفضائية وتلبية الاحتياجات البشرية والمواد الخام المستخلصة من جراء تعدينها.

ما يميّز اقتصاد الفضاء أنه مجال حيوي ويتطور سريعًا مما يفتح آفاقًا متجددةً للإبداع والابتكار ولا يقتصر فقط على الأبحاث والدراسات المرتبطة بالفضاء، بل أصبح عنصرًا فاعلًا لتنمية الاقتصاد وتطوّره من حيث الاستفادة من الموارد الطبيعية فـي الفضاء؛ لإيجاد صناعات مبتكرة بنماذج جديدة تسهم فـي تحقيق التنمية المستدامة.

رغم تخوّف البعض من الدخول فـي غمار الاقتصاد الفضائي؛ لعدم وضوح الصورة الكاملة حوله، والآراء الناقدة المتمثلة بارتفاع كلفة التصنيع بسبب كلفة الوصول إلى الفضاء، والتحديات التي يروّج لها مثل القضايا البيئية، والأمن السيبراني، والتنافس الدولي، إضافة إلى عدم وجود المعرفة والأبحاث والبيانات الداعمة لأنشطة الاقتصاد الفضائي، إلا أن التغلب عليها ليس عائقا إذا ما وجدت الإرادة والعزيمة والاستراتيجيات المبتكرة لدحض الآراء غير المبنية على أسس علمية ولا تجارب واقعية ولا فرضيات أشبعت نقاشًا حتى يتم الاستناد عليها أو الأخذ بها فـي الحسبان طالما لم يثبت عكس ذلك؛ فالاقتصاد الفضائي سيولد مزيدًا من فرص العمل وسينتج العديد من الدراسات والبحوث الداعمة لعمليات تطوير قطاع الفضاء، بالإضافة إلى دوره فـي تحديث المناهج فـي المدارس ومؤسسات التعليم العالي بحيث تتضمن المعرفة والوعي بأهمية قطاع الفضاء، وأرى من الجيد أن نبدأ بالتخطيط لاستثمار أدوات الاقتصاد الفضائي وتطويرها؛ بهدف تعظيم منافعه الاقتصادية والإيرادات المالية بالاستعانة بالخبرات والنماذج الدولية التي بدأت مبكرًا بالاستثمار فـي الفضاء وحقّقت مؤشرات وأرقامًا حقيقيةً. ما نرجوه خلال الفترة المقبلة أن يتم التركيز على الابتكار فـي تكوين مستقبل الاقتصاد الفضائي عبر تحليل البيانات المرتبطة بالفضاء وتطويره ونموه إثر تحسين عمليات إطلاق الصواريخ للفضاء؛ زيادة كفاءة الأقمار الصناعية وبحث إمكانية تنظيم الرحلات السياحية إلى الفضاء، من المهم أيضا وجود تعاون دولي لإقرار سياسات تضمن الاستفادة من الموارد الفضائية بطرق مثلى تضمن التعاون والتكامل بين دول العالم فـي حال تعرّض مسار الاقتصاد الفضائي لتحديات تعيق من نموّه واستدامته عبر ابتكار طرق استراتيجية بعمل تشاركي وتبادل المعارف بين دول العالم فـي مجال الفضاء، نأمل أن نستفـيد من الفرص التي تمتلكها سلطنة عُمان والممكنات التي تتميز بها من حيث توفّر المكان والظروف لإطلاق الصواريخ إلى الفضاء؛ لتعظيم الاستثمارات فـي مجال الفضاء وتنمية الاقتصاد الفضائي.

ختاما، إن الفرص التي يوفرها قطاع الفضاء واعدة ولابد من اكتشافها وتهيئة الظروف لتنميتها، وتوظيف الأدوات الحديثة والمتطورة والاستفادة من تجارب الدول الأخرى؛ بهدف الاشتغال على إحداث تقدّم ملموس فـي مجال الفضاء وتعزيز الاقتصاد الفضائي فـي سلطنة عُمان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فـی مجال الفضاء اقتصاد الفضاء الاستفادة من فـی الفضاء

إقرأ أيضاً:

فيلم المقلاع.. الخيال العلمي يدخل رواد الفضاء في متاهة البحث عن الحقيقة

مغامرة تفضي إلى انكشاف هلوسة ما بعد السبات

كانت ولا تزال سينما الخيال العلمي تحمل إلى الجمهور العريض من المشاهدين قصصا مشوقة واستثنائية عن مغامرات غير مسبوقة في أزمنة وأماكن سحيقة وخاصة ذلك النوع الذي يتعلق بغزو الفضاء أو الانتقال عبر الزمن أو الدخول إلى كواكب ومجرات مجهولة.

ولعل نزعتَيْ الاكتشاف والمغامرة هما الركنان الأساسيان بالنسبة للشخصيات وهي تخوض في غمار عوالم مجهولة تستوجب المزيد من العمل المضني وتحمل العديد من المفاجآت والمواقف الصعبة وهو ما شهدناه منذ الفيلم الأول في بواكير السينما من هذا النوع وهو فيلم رحلة إلى القمر للمخرج الفرنسي جورج ميليه وذلك في العام 1902 وصولا إلى عشرات الأفلام التي خاضت ولا تزال تلك المغامرة المدهشة.

ويأتي هذا الفيلم للمخرج السويدي ميكائيل هافستروم ليضاف إلى تلك السلسلة الطويلة من أفلام الخيال العلمي المرتبطة بغزو الفضاء والرحلات الفضائية وحيث يكون الهدف في هذا الفيلم هو وصول المركبة الفضائية أوديسا 1 إلى كوكب المشتري ومن ثم خوض مغامرة ما يُعرَف بالمقلاع للوصول إلى تيتان وهو أحد أقمار كوكب زحل، فيما يكون المقلاع بمثابة عملية معقدة يتم فيها النفاذ عبر الزمان والمكان للوصول إلى الهدف دون المرور بمسار المجرة الطويل ولغرض الاستفادة من مخزون قمر تيتان من غاز الميثان الذي يعول عليه لغرض حل أزمة المناخ على كوكب الأرض.

وها نحن مع ثلاث شخصيات سوف تظهر تباعا وهم كل من: جون (يقوم بالدور الممثل كيسي أفليك) ثم الكابتن فرانكس (يقوم بالدور الممثل لورانس فيشبورن)، بينما الثالث هو ناش (يقوم بالدور الممثل تومير كابون)، وهؤلاء الثلاثة يسعون من خلال مهمتهم إلى العثور على مصدرٍ جديدٍ ووفيرٍ للطاقة المُتجددة. ولغرض الوصول إلى وجهتهم، عليهم القيام بمناورة بالغة الصعوبة تتضمن استخدام جاذبية كوكب المشتري لدفعهم بقوة إلى أقصى مدى فضائي ممكن.

وللحفاظ على الموارد على طول الرحلة الممتدة لسنوات، عليهم تحمّل سلسلة من دورات النوم المفرط المرهقة أو السبات الطويل، كل منها تجعلهم أقل يقينًا من أن ما يرونه ويسمعونه ويتذكرونه حقيقي.

من هنا سوف يدخل الطاقم في سبات ويخرج منه في كل مرة لإتمام الرحلة؛ فهم يستيقظون كل ثلاثة أشهر للتأكد من أنهم لا يزالون على المسار الصحيح. وبطبيعة الحال، يؤدي هذا إلى حالة مستمرة من التشتت في الزمان، بل وفي المكان حرفيًّا.

تبرز هنا شخصية جون الذي يخرج من السبات لوحده ليعاني من تشتت شديد ما يلبث أن يزداد تعقيدا عندما يلتقي مع ناش الذي يتجه اضطرابه باتجاه العودة إلى الأرض فيما يعيش جون يوميات وذكريات مع زوجته وهو بمثابة خط سردي متكامل يرتبط به فهو أكثر اتزانا ولكنه أشد عاطفة فهو يعيش حنينا جارفا إلى حياته السابقة إلى درجة اكتظاظ كثير من المشاهد بذكريات سابقة وخاصة بداية علاقته مع زوجته روزي (تقوم بالدور الممثلة إيميلي بيتشام)، لكن تلك الذكريات الرومانسية ما تلبث أن تتطور إلى ركام من المواقف يختلط فيها ما هو حقيقي وما هو متخيل أو ما هو مرتبط بهلوسات ما بعد الاستيقاظ من السبات.

وفي هذا الصدد يقول الناقد جوردان مينتزير في موقع هوليوود ريبورتر "يعتمد هذا الفيلم على الكثير من العناصر السردية والمنعطفات المفاجئة بدلًا من الاتكاء على المعجزات أو الغرائب الكونية ولهذا تبدو النتيجة أن هذا الفيلم هو أقرب إلى فيلم الإثارة والتشويق فضلا عن كونه من أفلام الخيال العلمي، وقد ارتقى به طاقم تمثيل جيد ونص بلمسات ذكية لم يهتم كثيرًا بواقع السفر بين النجوم، بقدر ما ركز اهتمامه على حالة جون النفسية المتدهورة مع توغله في النظام الشمسي".

أما الناقدة روس مكلندو في موقع سلانت السينمائي فتذهب إلى أنه "نظرًا لأنه فيلم إثارة في معظمه، فإن "المقلاع" لا يعنى ببنية القصة التي ننتظرها أو نتوقعها بنهاياتها السعيدة بل إنه يتجه إلى الابتعاد أحيانا عن الحبكة الرئيسية لتقديم لمحات من حياة جون على الأرض كأحد الحلول الإخراجية.

من الواضح أن الإيقاع المُتكرر عمدًا والذي يرتبط غالبا بشخصية جون، يهدف إلى جذب الجمهور وإلى شعور الرجل المُتزايد بتعقيدات المهمة ومصاعبها، وتزيد لقطات الاستذكار هذا الشعور القاسي بالوحدة والدوران في دوامة بلا نهاية.

في الأخير، يجد الفيلم طريقةً ممتازةً لتجسيد ذلك السؤال المحوري المرعب حول كيفية تنقلنا في عالمٍ كوني فضائي مبهم لا نستطيع إدراكه إلا من خلال قدراتنا الذاتية المعرضة غالبا إلى الاستنتاج الخطأ".

هذه الأرضية من العلاقات الهادئة بين رواد الفضاء الثلاثة ما تلبث أن تشهد تشنجا ثم مواجهات تصاعدت بالتدريج في موازاة التباس في عامل الإحساس بالزمن وركود في التفاعل مع الحاضر، فبينما يكون جون شبه مخدر ولديه إحساس متناقض بين الحاضر والماضي، فإن الأمر بالنسبة لناش يتعلق بسلامته الشخصية وسعيه للخروج من المربع الذي وجد نفسه فيه وهو ما يخالف توجهات الكابتن فرانكس الذي لا يتردد في اتخاذ أي إجراء من أجل إكمال المهمة.

هذه البنية السردية القائمة على سلسلة من التعارضات وظفها المخرج بحذر وتماسك باتجاه التصعيد الدرامي الذي أفضى لاحقا إلى مواجهة شديدة الشراسة بين الأطراف الثلاثة حتى أدمت وجوههم وبينما تكون المركبة الفضائية قد خرجت بسلام من مقلاع المشتري فإن اهتزازات في المحركات وانبعاث أدخنة تزيد من الصراع بين الشخصيات الثلاث وحيث كل واحد منهم يسعى باتجاه هدفه الخاص.

يتم خلال ذلك إدخال مزيد من استذكارات جون وخاصة عن بدايات علاقته بزوجته وكيف تعرف عليها وهو ما يخفف عنه الوحشة والإحباط الذي بدأ يسيطر عليه لكن الأمر ما يلبث أن يتطور إلى نوع من الهلوسات واللامنطق إلى درجة أنه يتخيل أن الزوجة موجودة هنا في داخل المركبة الفضائية.

لكن السؤال الذي هو بمثابة انقلاب درامي حاسم يتمثل في: ماذا لو كانت كل تلك الأحداث بما فيها المواجهات الدامية دخل المركبة كلها تتسرب من تشظيات خيال جون وهلوساته والآثار الجانبية المترتبة على استسلامه لحالة العجز التي أثّرت عليه بسبب طول ساعات السبات والانقطاع عن العالم الخارجي؟ فماذا لو كان جون في تلك الرحلة الفضائية لوحده يمضي بالمهمة إلى نهاياتها دون مساعدة من أحد وأن لا وجود لزميليه اللذين أمضى زمنًا في خوض نزاع معهما؟

..

إخراج: ميكائيل هافستروم.

سيناريو: سكوت آدامز، ناثان باركر.

تمثيل: كاسي افليك في دور جون، لورنس فيشبورن في دور الكابتن فرانكس، ايميلي بيتشام في دور زوي، تومير كابون في دور ناش.

مدير التصوير: بار ايكبيرغ.

موسيقى: ستيفين ثام.

مقالات مشابهة

  • نمو اقتصاد الهيدروجين وخفض الكربون.. أرامكو تستحوذ على 50 % في شركة الهيدروجين الأزرق
  • كالكاليست: تداعيات كارثية لـانقلاب نتنياهو على اقتصاد إسرائيل
  • إحياء التراث والاقتصاد المعرفي
  • «الملتقى» يكشف عن مبادرات تعزز دور القطاع الخاص في اقتصاد أبوظبي
  • فندق كبسولة الفضاء في برلين.. حين تلتقي الأحلام بالواقع
  • إنقاذ اقتصاد أمريكا من ترامب
  • روسيا تصبح ثالث أسرع اقتصاد نموا في مجموعة العشرين
  • فيلم المقلاع.. الخيال العلمي يدخل رواد الفضاء في متاهة البحث عن الحقيقة
  • رحلة لأجل غير مسمي .. هؤلاء عالقون فى الفضاء| ما القصة؟
  • برزة رواد مسندم تناقش التحديات والفرص في ريادة الأعمال