سأسرد في سطور قليلة مستجدات الأوضاع في سوريا وما آلت إليه خاصة بعد سقوط الأسد، وذلك لأني أتصور اننا بحاجة لتفنيد الأوراق ولجمع المشاهد التي تبدو ولو لحظة متناثرة؛ لعل تتضح الرؤية ونستطيع قراءة دقيقة وحقيقية لمسار الاحداث وشكل المنطقة حتى نتمكن- دول المنطقة-من التعامل مع المجريات السريعة والمتتالية بشكل أكثر احترافية.
وبالتالي ستركز هذه المقالة على تجميع المشاهد التي تبدو ولو لحظة متناثرة، وذلك انطلاقا من الإجابة علي تساؤلات عديدة، أولها ماذا حدث في سوريا؟ وما حجم تأثير ذلك على مجريات الأمور علي المستوي الإقليمي والدولي؟ أطاحت فصائل
المعارضة في سوريا بالرئيس بشار الأسد بعد هجوم خاطف، حيث شهد انتزاع مدن كبرى من أيدي
النظام في أقل من أسبوعين، وذلك علي خلفية احتدام الصراع بين النظام وفصائل المعارضة في شمال غرب سوريا لتتجه بداية إلي حماة لتسيطر علي 18 قرية منها صوران وحماة الامام ومعردس. ومن ثم، فالوضع في سوريا قد تطور بصورة دراماتيكية وذلك فوراً بعد اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، حيث استغلت اسرائيل هشاشة الأوضاع في الداخل لتأجيج الاقتتال، وسقوط النظام للتوسع، وهو ما أعلنته القيادة السياسية الإسرائيلية كونها تدرس إمكانية تعميق سيطرة الجيش الإسرائيلي داخل الجولان السوري، بهدف منع تسلل قوات المعارضة المسلحة إلى المنطقة، بدعوي ما نتج عن سقوط النظام
السوري من فراغ أمني على الحدود الشمالية الشرقية لإسرائيل وبالنظر إلى الفترة الانتقالية في النظام الدولي، والطبيعة الفوضوية له، والبيئة الفوضوية في الشرق الأوسط، والتهديدات المتزايدة باستمرار من جانب إسرائيل، فإن إيران قد تبنت إستراتيجية الردع الكامن، إذ أن فصائل المعارضة حققت هذا التقدم علي خلفية انسحاب قوات النظام والميليشيات الموالية لها والمدعومة من إيران من مواقعها ولا سيما من بلدتي النبل والزهراء بمنطقة سراقب من دون قتال وبعد مناوشات محدودة، وأعلن الجيش السوري أن الانسحابات جاءت كإعادة للتموضع واستعداداً لتنفيذ هجوم مضاد بعدما قتل العشرات جراء الهجمات. وعند استذكار الأوضاع التي شهدتها سوريا طوال فترة الثورة، فأن البلدتين ذو الاغلبية الشيعية لم تسقط وظلت تسعي فصائل الميليشيات الإيرانية للوصول إليهما ومنع سقوطهما وهو عكس ما حدث في الصراع الحالي حيث انسحبت في عملية أشبه بالفرار والإخلاء من دون أي قتال يذكر، خاصة أن عدد القتلى في هذين اليومين بلغ نحو 350 فقط وهو ما يعطي مؤشر واضح إلى عدم وجود قتال حقيقي لاجتياح مساحات واسعة بهذه الصورة، ومن ثم هناك عمليات فرار من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية. ومع سقوط الأسد وهروبه، يٌطرح التساؤل عن سبب عدم مشاركة إيران والفصائل المؤيدة لها في معركة النظام السوري مع المعارضة المسلحة ومن ثم فعلي الأرجح هناك صفقة تتعلق بالبرنامج النووي. ففي نوفمبر 2024 التقي وزير الخارجية الإيراني مع عباس عراقجي مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد بدا اللقاء كجولة حسم ترسم مسار التعاون النووي ولاسيما أن عام 2025 سيكون نقطة فاصلة في تحديد مسار الملف النووي الإيراني، خاصة مع اقتراب موعد رفع العقوبات الدولية المفروضة على طهران في أكتوبر 2025 أما فيما يخص الجانب الروسي، لعل تدخل سلاح الجو الروسي بصورة محدودة جداً وسحب روسيا سفنها من قاعدة طرطوس في سوريا، والذي تم رصده خلال الأقمار الصناعية، اثار أيضا العديد من التساؤلات في ضوء عدد من المؤشرات أبرزها زيارة الرئيس بوتين إلي القاعدة في 2020. ألا أنه ومن المؤكد إن قوات الرئيس بوتين قد تحول تركيزها نحو الجبهة الأوكرانية بعد أن قامت بغزو الأخيرة في فبراير ٢٠٢٢، فلم تعد سوريا في هذا السياق الزمني تمثل أولوية استراتيجية للجانب الروسي، وفي هذا الإطار لا يمكن إغفال اللقاء الثلاثي بين دونالد ترامب في أول زيارة خارجية له منذ فوزه في الانتخابات وماكرون وزيلينسكي والذي صرح بضرورة أن تنتهي هذه الحرب في أقرب وقت وبطريقة عادلة وهو ما آثار العديد من التأويلات وينذر بأن هناك اتفاق ما متعلق بالتفاعلات الدائرة في الحرب الروسية- الأوكرانية ، خاصة بعد وصول ترامب إلي البيض الأبيض. ختاماً، تتضح اشتباكية الملفات التفاوضية سواء علي المستوي الإقليمي او الدولي، ومن ثم لا يمكن قراءة حدث بمعزل عن الأخر وان ما حدث في سوريا هو نتاج تفاعلات علي أصعدة مختلفة، تتداخل فيها العوامل السياسية والاقتصادية وفي نظري يُظهر الصراع السوري، كيف تداخلت المصالح والأهداف، مما يستدعي منا التفكير بنمط أكثر عمقاً وشمولية في التحديات التي تواجه الإقليم العربي اليوم !
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية:
بشار الأسد
فصائل المعارضة في سوريا
المعارضة المسلحة إلى المنطقة
إسرائيل
وزير الخارجية الإيراني
الجانب الروسي
فی سوریا
ومن ثم
إقرأ أيضاً:
نفاق النظام الجزائري الداعم لبشار الأسد بعد وصفه المعارضة بالإرهابية: نقف إلى جانب الشعب السوري
زنقة 20 | الرباط
دعت الجزائر، كافة الأطراف السورية إلى “الوحدة والسلم والعمل من أجل الحفاظ على أمن الوطن واستقراره ووحدة وسلامة أراضيه”، وفق ما جاء في بيان لوزارة الشؤون الخارجية.
وقال بيان الخارجية الجزائرية :”تتابع الجزائر باهتمام بالغ تطورات الأوضاع الأخيرة والتغيرات المتسارعة التي تشهدها الجمهورية العربية السورية، وتدعو كافة الأطراف السورية إلى الوحدة والسلم والعمل من أجل الحفاظ على أمن الوطن واستقراره ووحدة وسلامة أراضيه”.
وأضاف البيان أن “الجزائر تؤكد وقوفها إلى جانب الشعب السوري الذي تربطه بالشعب الجزائري صفحات نيرة من التاريخ المشترك القائم على التضامن والتآزر”.
الغريب أنه قبل أيام فقط وبتاريخ 3 دجنبر ، أكد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال مكالمة هاتفية مع نظيره السوري بسام صباغ، على تضامن الجزائر المطلق مع سوريا دولة وشعبا، في مواجهة ما وصفها بـ”التهديدات الإرهابية”.
وأكدت وزارة الخارجية الجزائرية “موقف الجزائر الثابت وتضامنها المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة، دولة وشعبا، في مواجهة التهديدات الإرهابية التي تتربص بسيادتها ووحدتها وحرمة أراضيها، وكذا أمنها واستقرارها”.