ارتبط الخنجر بالهوية الثقافـية العُمانية ماديا ومعنويا كونه يمثل شعارًا للدولة بتوسطه للسيفـين العمانيين التقليديين، إضافة إلى حضوره فـي الحياة الاجتماعية والثقافـية للإنسان العُماني، وقد أدرجته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) فـي قائمتها التمثيلية للتراث الثقافـي غير المادي فـي عام 2022م، أثناء انعقاد الدورة السابعة عشرة للجنة الحكومية الدولية فـي الرباط، ونظرًا لأهمية الخنجر العُماني ورمزيته الثقافـية فقد أنتجت قناة (RT Arabic) الروسية فـيلمًا وثائقيًا مدته (28 دقيقة) حمل عنوان الخنجر، يحكي عن رحلة الخنجر العماني من المتحف الوطني إلى متحف الأرميتاج بمدينة سانت بطرسبورج، الفـيلم من إعداد الإعلامية أنيسة مراد غوردينا، وإخراج كريم نجيب، وعُرض بداية الشهر الجاري فـي رواق المتحف الوطني العُماني، برعاية معالي الدكتور وزير الإعلام، وشاهده عدد من الإعلاميين والكتاب وأفراد من الجالية الروسية بسلطنة عمان، إضافة إلى عدد من طلبة الدراسات الإعلامية.
يُروج الفـيلم للسياحة فـي سلطنة عمان عبر انتقال التصوير بين مكونات الطبيعة العُمانية الغنية بمفرداتها المتنوعة، بالإضافة إلى أهم المعالم الثقافـية والحضارية الحاضرة فـي مناطق سلطنة عمان، بالإضافة إلى استعراض التعاون بين المتحف الوطني العُماني، ومتحف (الأرميتاج)، حيث يُعرض الخنجر العُماني من النوع السعيدي والذي تعود ملكيته إلى السلطان حمود بن محمد البوسعيدي (1853- 1902)، والخنجر السعيدي نوع من أنواع الخناجر العمانية كالنزواني، والصوري، والباطني (الساحلي)، والسدحي (الجنبية). يتكون الخنجر العُماني من عدة جزاء منها «المقبض (القرن) الذي يفصله الطوق عن النصل، ثم الصدر الذي يفصله الطمس عن القطاعة، ثم الغمد (القطاعة)، ويتكون من (الشاندة، المكسر، المكحلة) وينتهي الغمد بالجزء المسمى بالقبع، أما الحزام (الحزاق) فـيتكون من حلقة البزيم والفتحة (الرزة)». وكانت الموسوعة العمانية قد أفردت للخنجر عدة صفحات فـي المجلد الرابع، تناولت ما كتبه الرحالة والمستشرقون عن الخنجر أمثال روبرت بادبروغ الذي يصف خنجر الإمام سلطان بن سيف اليعربي عام 1672م «كان جلالته.. يرتدي حزاما حول وسطه وضع فـيه خنجرا مغطى بخيوط حريرية بشكل تقاطعي». كما كتب القبطان البريطاني ألكساندر هاميلتون الذي زار مسقط عام 1715م «أن الرجال كانوا يلبسون خنجرًا أو سيفًا عريضًا قصيرًا ملصقًا بأحزمتهم بشكل عمودي».
يحضر الخنجر فـي الثقافة الشفوية فـي الأقوال الموروثة منها «اليد ما جت على الجنبية» أي لم تأت اليد على الجنبية، ويصف المثل حالة ضيق الحال وشدة الظروف. أما فـي الشعر الغنائي فنستحضر الأغنية الشهيرة «بعدت يا صولي» للشاعر الراحل جمعان ديوان (1905- 1995)، التي غناها الفنان سالم علي سعيد (1959-2017) تقول الكلمات «بعدت يا صولي قرب حمران بشويه.. لعمامي وصهوري كل واحد جنبية»، وأيضا أوردها فـي قصيدته «خمسين ربية معانا باقية» التي تقول «خمسين ربية معانا باقية.. باخذ بها خنجر جديده غاويه * وباخذ بها بندوق من عز السلب».
كنت أتمنى لو أشار الفـيلم إلى ارتباط الخنجر بفن البرعة المُدرج منذ عام 2010م فـي القائمة التمثيلية للتراث الثقافـي غير المادي اليونسكو، إذ يقبض مؤدي فن البرعة الخنجر فـي يده اليمنى «ويكون نصل الخنجر فـي اتجاه الجمهور، حفاظا على سلامة المؤدي، حينما يرفع الخنجر وينزلها فـي اتجاه الكتف الأيمن حسب حركة صعود القدم عن الأرض ونزولها».
ينضم فـيلم الخنجر إلى عدة أفلام وثائقية رائعة أنتجتها القناة الروسية منها فـيلم (ذهاب وعودة) للمترجم الروسي فـيكتور ياكوشيف الذي أقام عدة سنوات فـي القاهرة فـي القطاع العسكري إبان التعاون السوفييتي المصري.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
«اللوفر أبوظبي»: 1.4 مليون زائر خلال عام 2024
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةحقق متحف اللوفر أبوظبي رقماً قياسياً جديداً في عدد الزوار لعام 2024، حيث استقبل المتحف 1.422.021 زائراً، وهو أعلى معدّل إقبال يشهده منذ افتتاحه، وبذلك يرتفع إجمالي عدد زواره إلى أكثر من 6 ملايين شخص، ويُبرز هذا الإنجاز تفاني المتحف في إنشاء روابط ثقافية هادفة من خلال معارضه عالمية الطراز، ومبادراته التعليمية الرائعة، والتجارب الغامرة التي يقدمها لزواره.
يتميز متحف اللوفر أبوظبي بمكانته على الساحة الدولية، كأحد أبرز الوجهات الثقافية، حيث بلغت نسبة زواره من خارج دولة الإمارات العربية المتحدة 84%، بينما يمثل الزوار من داخل دولة الإمارات العربية المتحدة نسبة 16%.
وبالنظر إلى أعداد جميع الزوار، شاملة الزوار الدوليين والمقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتصدر الزوار من جمهورية الصين الشعبية وروسيا الاتحادية أعداد الزوار حيث يشكلون 12% من إجمالي عدد الزوار، ويليهم الزوار من الهند (7%)، وفرنسا والمملكة المتحدة (بنسبة 6% لكل منهما)، وتعكس تلك الأرقام الانتشار الواسع والجاذبية التي يحظى بها المتحف على المستوى العالمي مع احتفاظه بالدور الهمه، الذي يؤديه في المجتمع.
وقد شملت أبرز الأيام التي شهدها المتحف خلال عام 2024 كلاً من اليوم العالمي للمتاحف (18 مايو)، وعيد الاتحاد (2 ديسمبر)، اللذين شهدا أعداد حضور قياسية في يوم واحد بلغت 15.075 و15.477 زائراً على التوالي، وذلك بفضل برامج المتحف المبتكرة التي حفّزت الفضول وعززت التواصل.
دور محوري
قال سعود الحوسني، وكيل دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي: «أسهم متحف اللوفر أبوظبي منذ افتتاحه بشكل بارز في تحفيز الحراك الثقافي والدبلوماسية الثقافية، ويشير نجاحه في تحقيق رقم قياسي جديد بأعداد الزيارات إلى دوره المحوري في عملية التحول الثقافي لإمارة أبوظبي. ومن خلال مجموعاته ومقتنياته الفنية وعروضه وبرامجه، أسهم المتحف في إثراء حياة أفراد المجتمع المحلي والعالمي، حيث عزّز الروابط بين مختلف الثقافات وصاغ قصتنا الإنسانية المشتركة. ومن خلال جهودنا المتواصلة لتطوير المنطقة الثقافية في السعديات، نتطلع إلى إلهام الجميع من حول العالم برؤيتنا القائمة على المعرفة والإبداع والابتكار».
ومن جهته، أوضح مانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي، رأيه في التأثير الذي يحظى به المتحف، قائلاً: «يمثل عام 2024 محطة بارزة في مسيرة المتحف، فقد كان عاماً استثنائياً في كل جوانبه، وبينما نحتفل بمرور سبعة أعوام على افتتاح المتحف، نتأمل في مسيرته التي تجسد ما حققه من نمو ونضج، وتشهد على مستوى الثقة الذي نجحنا في الوصول إليه على مرّ السنين. لقد كان ارتباط المتحف الوثيق بالثقافة والتراث المحليين بمثابة قوة دافعة له، وهو ما يظهر بوضوح من خلال تكرار زيارات المقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولم يكن دور المتحف مقتصراً على المساهمة في النجاح المتميز الذي حققته إمارة أبوظبي في مجال السياحة، بل كان شريكاً مستفيداً من هذا النجاح أيضاً، ويظهر هذا الإنجاز جلياً في التطور المستمر للمتحف واستقباله 1.4 مليون زائر خلال عام 2024. إضافة إلى ذلك، يسهم المتحف بدور محوري في تمهيد الطريق أمام المؤسسات الثقافية الأخرى للانضمام إلى المشهد، وهو ما يثري البيئة الفنية والثقافية الديناميكية في أبوظبي ويعزز من مكانتها».