رسائل هاكان فيدان خلال مؤتمر السفراء الذي تنظمه الخارجية التركية بخصوص سوريا
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن مرحلة جديدة بدأت في سوريا ومن الضروري الآن التركيز على المستقبل.
جاء ذلك في كلمة، الاثنين، بالعاصمة أنقرة، خلال الجلسة الافتتاحية للنسخة الـ 15 من مؤتمر السفراء الذي تنظمه الخارجية التركية.
وتطرق الوزير فيدان إلى الأوضاع بسوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد، أمس الأحد.
وذكر أن التطورات التي شهدتها سوريا، أمس، شكلت "بصيص أمل"، داعيا الجهات الفاعلة دوليا وعلى رأسها الأمم المتحدة، للتواصل مع الشعب السوري ودعم جهود تشكيل حكومة شاملة.
وجدد التأكيد على أن المصالحة الوطنية هي السبيل الوحيد للوصول إلى الحل الدائم والسلام والاستقرار في سوريا.
وأوضح أنه بالرغم من كل الجهود المبذولة والفرص المتوافرة، فإن نظام بشار الأسد لم يسعى للتوصل إلى السلام مع شعبه.
وأعرب عن رغبة تركيا في رؤية سوريا تعيش فيها مختلف المجموعات العرقية والدينية في سلام وفي ظل مفهوم شامل للحكم.
- سوريا جديدة
وتابع: "نريد أن نرى سوريا جديدة تتمتع بعلاقات جيدة مع جيرانها وتسهم في السلام والتسامح والاستقرار بمنطقتها".
وأكد فيدان أن تركيا ستواصل العمل لضمان العودة الآمنة والطوعية للسوريين وإعادة إعمار سوريا.
وأردف: "تركيا التي مدت يدها لأشقائها السوريين وقت المحن ستقف أيضا بجانبهم خلال المرحلة الجديدة".
وعبّر عن ثقته في أن الشعب السوري سيستغل هذه "الفرصة الذهبية" جيدا.
كما شدد الوزير فيدان على ضرورة عدم اتاحة المجال للتنظيمات الإرهابية لاستغلال الأوضاع في سوريا.
وقال إن الحيلولة دون استفادة تنظيمي "داعش" و"بي كي كي" الإرهابيين من الوضع الحالي في سوريا، سيخرج الأخيرة من أن تكون ملاذا آمنا للإرهاب.
وعلى الصعيد السوري أيضا، أكد الوزير التركي على أن بلاده تدافع عما تعتقد أنه صواب منذ 13 عاما، سواء فيما يخص العلاقات الثنائية أو في المحافل متعددة الأطراف.
وشدد على أنه "في حين تخلى الجميع عن السوريين، فإن تركيا وقفت بجانبهم".
وأضاف أن تركيا مستعدة لمواجهة كافة التحديات وتحمل الصعوبات "من أجل تحقيق العدالة والسلام والاستقرار في المنطقة".
وأفاد أن أنقرة وخلال اتصالاتها وتحركاتها الدبلوماسية، أثبتت بصدق أنها تريد السلام والازدهار ليس فقط لها ولأمنها القومي، بل للمنطقة برمتها أيضا.
وفجر الأحد، سيطرت فصائل المعارضة السورية على العاصمة دمشق مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكام نظام حزب البعث الدموي و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وحكم بشار الأسد سوريا لمدة 24 عاما منذ يوليو/ تموز 2000 خلفا لوالده حافظ الأسد (1970-2000)، وغادر البلاد هو وعائلته خفية إلى حليفته روسيا، التي أعلنت منحهم حق اللجوء لما اعتبرتها "أسباب إنسانية".
- القضية الفلسطينية
وتطرق الوزير فيدان إلى القضية الفلسطينية، لافتا إلى أن تركيا كانت وما زالت تؤكد على ضرورة حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس حل الدولتين.
وأضاف أن تركيا اتخذت مبادرات دولية لضمان الاعتراف الدولي بفلسطين من قبل المزيد من الدول ووقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل.
وأوضح فيدان أن أنقرة بذلت جهودا دبلوماسية مكثفة من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإيصال المساعدات الإنسانية والاعتراف بفلسطين كدولة.
وأكد الوزير فيدان أن دعم تركيا لفلسطين سيستمر حتى إقامة الدولة الفلسطينية على أساس حدود 1967.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 150 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
ورغم قرار المحكمة الجنائية الدولية، تواصل تل أبيب مجازرها في قطاع غزة، متحدية أيضا قرار مجلس الأمن الدولي بإنهاء الحرب فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
سوريا والتحديات الداخلية والخارجية
شهدت سوريا في العصر الحديث منذ استقلالها عن فرنسا عام 1946، عدم استقرار سياسي، نتج عنه انقلابات عسكرية بلغ عدد ” 8″، آخرها عام 1970 الذي قاده وزير الدفاع حافظ الأسد.
نعتقد بأن نظام حافظ الأسد الذي جاء في ظروف استثنائية، وحكم في مرحلة تختلف عن ما قبلها وبعدها، حيث كان هناك تأييد كبير، بنوايا حسن من الشعب، مع وجود معارضين لهم أبعاد، وتوقعات حول نظام حافظ الأسد، حدث قمع شديد وقتل ولعل ما حدث في حماة عام 1981، كم قيل أحد البراهين!.
لكن لا ننكر بأن الجيش السوري قدم تضحيات في الحروب مع الكيان الصهيوني في 1967، 1973، 1982، ساهم في إنهاء الحرب الأهلية في لبنان 1976، على الرغم من المأخذ على الأخطاء والاتهامات للجيش السوري بحق المعارضيين للوجود السوري، في الوقت الذي لو تدخله بموافقة عربية، لا استمرت الحرب الأهلية، علما بأن الكيان الصهيوني، سوف يستغل الفرصة من خلال حلفائه.
ولذلك بنت سوريا تحالفات على حساب أطراف لبنانية، لكن من إيجابيات ذلك هو دعم المقاومة وحزب الله، وأن كانت هناك معارضة لبنانية وهذا حقهم، لأن الأمور يجب أن تؤخذ بعناية وحكمة، لأنها نسبية ويصعب فيها الجزم، فتوافق اللبنانيين أمر جوهري!.
لا ننكر بأن سوريا مستهدفة من أمريكا وإسرائيل باعتبارها دولة مواجهة، وجولانها محتل وواجهت صعوبات وأزمات بسب هذا الموقف، فكان وضعها الاقتصادي في مستوى خطير، ولكنها استطاعت إدارة سياسات اقتصادية، فحققت الاكتفاء الذاتي، وصناعات في المنسوجات والألبسة، والصناعات الغذائية والأدوية، والإنتاج الزراعي، والنظام الصحي المتميز، والتعليم واستطاعت تعريب الطب، وتميزت في الفنون والدراما والثقافة والآداب، فدخلت الدارما والمسرح السوري، لكل الأقطار العربية.
سياسيا.. التقى حافظ الأسد في قمة مع الرئيس الأمريكي “نيكسون” في 1976، وهذا ما يؤكد حنكته ودوره في المنطقة.. واجتماع في قمة مع “بيل كلينتون” 1991.
كانت سوريا من أوائل الحاضرون للمؤتمر مدريد 1992، وقد برز وزير خارجيتها “فاروق الشرع” بقوة حضوره، وشجاعته عندما أخرج صورة “لأسحاق شامير” رئيس حكومة الكيان الصهيوني، وقال له أنت إرهابي ومظلوم في بولندا! وقد كتب الصحفي البريطاني “باترك سيل” عن سيرة حافظ الأسد، الذي وصفه بالحنكة والدهاء! وكما تمنينا أن يكون ذلك في إصلاح النظام السياسي في سوريا آنذاك.
لعبت سوريا دورا في تحرير الكويت بعدما دفعت بـ30000 ألف جندي لدعم التحالف، فكانت خطوة سياسية ذكية من سوريا، اتفقنا أو اختلفنا معها.
بعد موت حافظ الأسد، كان يمكن إحداث تغيير سياسي، لتنصيب رئيس بدل بقاء السلطة لدى عائلة الأسد، وليكن فاروق الشرع، ولكن ذلك لم يحدث، وتم تنصيب بشار الأسد، بطريقة رفضها الكثيرون وفهمت بعدم الرغبة في إجراء إصلاحات في النظام السوري، فكان عليها الحوار مع شخصيات إعلان دمشق بدل قمعهم وسجنهم.
شهدت فترة حكم بشار الأسد، أخطاء وأزمات عكست عدم الرغبة في إجراء إصلاحات، بسبب القبضة الشديدة من أركان النظام، مما يعكس أن فشل بشار في إدارة الحكم، لعدة أسباب لعل أهمها، بأنه لا يمسك بالسلطة وأخيرا يتحمل المسؤولية.
وقعت أخطاء في لبنان والاتهام بأغتيال الشهيد “رفيق الحريري”، واغتيال شخصيات أمنية سوريا، غازي كنعان، أصف شوكت؛ علي مملوك، وقيادات عسكرية بارزة أثناء الحرب على سوريا 2011.
وعند بداية ما يسمى الثورة، التي خلقت جدال داخلي بين معارض لها والتفاف حول الدولة، وبين معارضيين من الداخل والخارج، وقد تعرض الاقتصاد السوري لانهيار، وقد وجهت اتهامات بسرقة أكثر من 5000 ألف من المصانع ونقلها إلى تركيا، التي يعتمد عليها الاقتصاد، والسيطرة الأمريكية على حقول النفط والغاز، ناهيك أن الصراع يدور حول الاحتياطيات الغاز، ووقف نقل الغاز عبر سوريا.
بطبيعة الحال استعانت سوريا بحلفائه حزب الله وإيران وروسيا الاتحادية، واستطاع إنهاء الحرب، ولكن الحصار استمر في دولة خارجة من حرب، في الوقت الذي لم يكن هناك رغبة من النظام السوري، في إجراء حوار سوري شامل، من أجل المصالحة والاعتراف بالمعارضة والتوجه نحو إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وإقرار دستور جديد، ولا حل غير ذلك، ولكن سياسية التعنت والفشل السياسي جعل النظام يرفض ذلك.
استمر النظام في الجمود والانكفاء على نفسها، في ظل متغيرات إقليمية، لم ينتبه لها أو لم يأخذها مأخذ الجد، وأهمها عملية طوفان الأقصى وتوسعها إلى لبنان وإيران بل حتى سوريا التي تعرضت كل يوم للقصف الصهيوني، وتجاهل ما يخطط لسوريا في تركيا، وحالة التردي والإحباط داخل سوريا ولدى مختلف الشرائح، وخاصة الجيش والقوي الأمنية، وانتشار الفساد والتهريب، مما أدى إلى شراء الذمم العسكرية والأمنية، مما مهد الطريق لانهيار الجيش، وانسحابه وتسليم مواقع للمسلحين وسقط النظام!.
مسؤوليات جسام
سقط نظام الأسد، وسيطرة السلطة الجديدة ونالت الاعتراف الدولي، ودخلت في مرحلة ذات حساسية في دولة الطوائف والاعراق، وانهيار للمؤسسات والاقتصاد.
ويمثل حل الجيش السوري والقوة الأمنية من الأخطاء، وهل يعقل تنصيب قيادات أجنبية مناصب، مما يتوافق مع شعارات الدولة الإسلامية، التي كان يتبعها الجولاني، وقد طلبت أمريكا إنهاء هذه الإجراءات!.
ما حدث مما لا يبشر بالخير ويكشف عن نوايا وأجندة لا تخدم إلا أعداء سوريا وتحديدا الكيان الصهيوني، الذي منذ اللحظة الأولى دخل الأراضي السورية، استباحة بكل أريحية، وقصف كل المواقع العسكرية والأسلحة والمطارات والموانئ، وحتى مراكز الشرطة ومراكز البحوث العلمية.
وقد ارتكبت جرائم القتل والتصفية بحق الطائفة العلوية، بحجة أن النظام قام بقتل السنة، فهذا تعميم ومغالطات، ليس لها أي مبرر، وتنم على نوايا مسبقة ممن لاعلاقة لهم بالنضال والثورة، فلا يعقل أن مظلوم الظلم، لأن الثورة تغيير إلى الأفضل.
نعتقد بأن سوريا أمام اختبار، من خلال حوار شامل يستوعب كافة التيارات السياسي والطوائف والمكونات، من أجل بناء سوريا جديدة بحضاراتها وعراقتها، كما تستحق وليس مجرد دول في ظل أجندات إقليمية، تحاول حصد دعمها لما حدث من إسقاط للنظام! أما الخطاب الإعلامي فهو محرض على الانتقام وتصفية الحسابات، بدون أدلة أو براهين.
إذا استمرت سوريا في طريق الانتقام والإقصاء، ولم تستفيد مما حدث في العراق وليبيا، سوف تبقى دولة فاشلة، في ظل تحديات تستهدف المنطقة بما يحدث في فلسطين، وسوريا ليست استثناء فالمخطط أصبح واضحا، فالشعب السوري الذي قدم تضحيات جامدة، بمواقفه الصلابة في مواجهة الكيان الصهيوني، ورفض الهيمنة الأمريكية، قادر على التذكير بحضارته وعراقته وأمجادها التاريخية، سوريا لا تقبل إلا أن تعود إلى ممارسة دورها الحضاري عربيا وإقليميا ودوليا!.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.