سوريا بين الطغيان والعدالة: هل تنجح العدالة الانتقالية في طي صفحة الألم؟
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
#سواليف
#سوريا بين #الطغيان و #العدالة: هل تنجح #العدالة الانتقالية في طي صفحة الألم؟
بقلم : ا د #محمد_تركي_بني_سلامة
رغم كل ما تم الكشف عنه من جرائم مروعة ارتكبها النظام السوري بحق الشعب، فإن ما ظهر لا يمثل سوى قمة جبل الجليد. وحشية هذا النظام تفوق كل وصف، وتجاوزت حدود الإدراك الإنساني. على مدار سنوات، تحولت سوريا إلى مسرح للرعب المنهجي، حيث السجون تُقام تحت الجامعات، والمستشفيات، وحتى حضانات الأطفال، وكأن الأرض نفسها تحولت إلى شبكة من المقابر للأحياء.
المشاهد المؤلمة التي تتوالى من سوريا، من جثث المعتقلين في مستشفى حرستا القادمة من سجن صيدنايا، إلى قصص التعذيب والاغتصاب والقتل، تعكس واقعاً مأساوياً لا يمكن تجاهله. هذا النظام جعل من القمع سياسة ممنهجة، وحوّل السوريين إلى أرقام تُعلق على أبواب الزنازين، بلا هوية أو أثر، في محاولة لطمس إنسانيتهم وسحق أحلامهم.
مقالات ذات صلةورغم هذه الفظائع، لا يزال هناك من يبررون جرائم النظام، متجاهلين الدماء التي أريقت، والأرواح التي أزهقت، والكرامة التي داستها أقدام الطغيان. إن الدفاع عن هذا النظام بحج واهية من الممانعة والمقاومة إلى الأمن و الاستقرار هو تبرير لاستمرار الظلم، وإنكار لمعاناة الملايين. كيف يمكن لإنسان عاقل أن يتغاضى عن صرخات الأمهات الثكالى، ودموع الأطفال الذين دفنوا تحت الأنقاض، وآهات المعتقلين في السجون السرية؟
إن العدالة الانتقالية ليست خياراً بل ضرورة حتمية لتحقيق السلام ومنع الانتقام. لا يمكن أن تبنى سوريا المستقبل على طمس الحقائق أو تجاهل الجرائم. العدالة الانتقالية هي الطريق الوحيد لإنصاف الضحايا، ومحاسبة الجناة، وضمان أن لا تتكرر هذه المآسي. إن محاسبة مرتكبي الجرائم ليست مجرد مطلب للضحايا، بل هي أساس لإعادة بناء الثقة، وتحقيق المصالحة الوطنية، ومنع دائرة الثأر والانتقام التي قد تدمر أي أمل في الاستقرار.
النظام السوري، الذي ادعى المقاومة وحماية القضايا العربية، لم يعرف سوى قمع شعبه، بينما يكتفي بحراسة حدود إسرائيل. هذه المفارقة تفضح ازدواجية الخطاب الذي استخدمه النظام لتبرير جرائمه، وتؤكد أن ما حدث في سوريا هو لحظة سوداء في تاريخ الإنسانية.
لكن رغم كل هذا الظلام، يبقى الأمل قائماً. الشعب السوري، الذي صمد في وجه كل هذه المعاناة، يستحق أن يعيش في وطن يكرم كرامته ويعيد بناء ما دمرته يد الطغيان. العدالة، وإن تأخرت، ستتحقق، والجناة سيُحاسبون، والشعب السوري سيستعيد حريته وكرامته.
سوريا اليوم تحتاج إلى دعم العالم لتحقيق العدالة الانتقالية، ليس فقط لمعاقبة المجرمين، بل لضمان مستقبل آمن وعادل للجميع. إننا أمام مسؤولية إنسانية وأخلاقية، والتاريخ لن يرحم من يغض الطرف عن هذه الجرائم أو يدافع عنها. سوريا تستحق السلام، ولا سلام دون عدالة. الشعب السوري لن ينسى، ولن يغفر، لكنه يتطلع إلى العدالة كطريق لبناء وطن جديد خالٍ من الطغيان والقهر. سوريا ستنهض، والعدالة ستنتصر، والإنسانية ستكتب فصلاً جديداً من الأمل والحرية.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف سوريا الطغيان العدالة العدالة محمد تركي بني سلامة العدالة الانتقالیة
إقرأ أيضاً:
النيجر تنظم مؤتمرا وطنيا حول المرحلة الانتقالية
أعلنت وزارة الداخلية في النيجر أن السلطات ستنظّم "مؤتمرا وطنيا" من 15 حتى 19 فبراير الجاري، يهدف خصوصا لتحديد مدة للفترة الانتقالية.
وكشفت الوزارة عن الموعد في بيان تلي عبر التلفزيون الرسمي، مضيفة أن المؤتمر سيعقد في العاصمة نيامي.
وفي أغسطس 2023، بعيد توليه السلطة، أعلن رئيس المجلس العسكري الجنرال عبد الرحمن تياني عن تنظيم "حوار وطني شامل" لتحديد أولويات الحكم ومدة الفترة الانتقالية.
وتحدّث يومها عن مدة أقصاها ثلاث سنوات.
وجرت مشاورات، مطلع العام الماضي، في أرجاء مناطق البلاد الثماني لتحديد أساس لاجتماعات الأسبوع المقبل بينما شُكلت لجنة وطنية بموجب مرسوم رئاسي للإشراف على عمل المؤتمر الذي سيتواصل أربعة أيام لوضع "مسودة مبدئية لميثاق انتقالي".
وتعقب الاجتماع مهلة مدتها ثلاثة أسابيع لرفع مسودة "تقرير نهائي" إلى الجنرال تياني.