في قراءة ثانية لتصريح دونالد ترامب، الذي هدّد فيه المقاومة في غزة بأنه سيحوّل منطقة "الشرق الأوسط" إلى جهنم أو جحيم، إذا تسلّم قيادة أمريكا في 20 كانون الثاني/ ديسمبر 2025، ولم يكن كل "المحتجزين" لدى حماس في غزة قد أفرج عنهم جميعا.. يمكن قراءة التهديد بأنه سيهاجم غزة، ولكن تحويل منطقة "الشرق الأوسط" (الاسم المزوّر لمنطقتنا) إلى جحيم، يتضمن مهاجمة محور المقاومة كله، وعلى التحديد إيران بالخصوص، الأمر الذي يفرض التحضير من الآن لمواجهة ترامب، ابتداء من محور المقاومة مجتمعا، ومَن يُمكن أن يستفزه ترامب، من قوى سياسية ودول عربية وإسلامية.
ولكن قبل تناول ضرورة التحضير لمواجهة ترامب، يجب أن يُلاحظ بأن تبني ترامب لهذا التصريح، مفتتحا به استراتيجيته وسياساته، يعني أن أولوية الاستراتيجية الأمريكية ستكون التركيز على "الشرق الأوسط"، بدلا من الصين التي تهدّد بالحلول مكان أمريكا، في احتلال مكانة الدولة الكبرى رقم 1، بل تهدّد بحرمان أمريكا من سيطرتها العالمية، أو من أن تترأس نظام القطب الأوحد.
التركيز بإعطاء الأولوية للشرق الأوسط، سوف يُسهم بإضعاف أمريكا أكثر أمام الصين، أو سيعود على الصين بفوائد مجانية، بسبب غرق أمريكا في حروب "الشرق الأوسط"، فيما احتمال الفشل في هذه الاستراتيجية، من حيث تغيير المنطقة، هو الراجح بل المؤكد
هذا التركيز بإعطاء الأولوية للشرق الأوسط، سوف يُسهم بإضعاف أمريكا أكثر أمام الصين، أو سيعود على الصين بفوائد مجانية، بسبب غرق أمريكا في حروب "الشرق الأوسط"، فيما احتمال الفشل في هذه الاستراتيجية، من حيث تغيير المنطقة، هو الراجح بل المؤكد.
وقد سبق وفشل الرؤساء الذين سبقوا دونالد ترامب في هذه الأولوية، وصولا لبايدن، وفشل هو في "صفقة القرن"، التي لم يبق منها ما حملته من مشروع شامل.
إن تهديد ترامب قبل تسلم الرئاسة، بتحويل "الشرق الأوسط" إلى جحيم، يكشف ما وراء استمرار نتنياهو بما يقوم به من اختراقات لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، بهدف إبقاء التصعيد على أشدّه، تمهيدا لتنفيذ تهديد ترامب من جهة، ولامتصاص الانتصار الذي حققه حزب الله ولبنان، في إجبار نتنياهو على توقيع الاتفاق، الذي لم يلتزم به، من جهة ثانية.
هذا وانتقل الآن نتنياهو إلى احتلال موقع هام عسكريا في حرمون (في جبل الشيخ) في سوريا، وإلى تموضع توسّعي جديد في الجولان، مع مواصلة القصف والاعتداءات، وتجريد سورية من سلاحها، مما يشكل تمهيدا آخر لتنفيذ تهديد ترامب، الأمر الذي يفترض التحرك منذ الآن لإحباط أهداف نتنياهو، واختراقاته للاتفاق في لبنان. وهو ما سيتم من خلال صمود المقاومة في لبنان، وحشد كل القوى خلف حزب الله ولبنان في هذه المعركة، ذات الطابع السياسي- العسكري.
وكذلك الأمر، بضرورة حشد أوسع القوى، لإحباط الهجمة الترامبية ضد الدول العربية، وذلك إلى جانب الهجمة على قطاع غزة والضفة وإيران وحزب الله والعراق واليمن.
يجب التفريق بين ما يمكن أن يحقق من قتل للمدنيين، وتدمير هائل للأبنية والمساكن والمشافي، كما يحدث في قطاع غزة من جهة، وبين عدم نجاح التآمر في تحقيق أهدافه السياسية، أو التغيير في موازين القوى، من جهة أخرى
فما يبيته ترامب لن يقتصر على استهداف تصفية القضية الفلسطينية، وظاهرة المقاومة التي تطوّرت، ولم تزل، في مواقع السير على طريق تحرير فلسطين، وذلك بالرغم مما يوجّه إليها من ضربات هنا أو هناك، وبالرغم مما يجري من حرب نفسية، توحي كأن ترامب سيحقق ما يتوعد المنطقة به.
وهنا يجب التفريق بين ما يمكن أن يحقق من قتل للمدنيين، وتدمير هائل للأبنية والمساكن والمشافي، كما يحدث في قطاع غزة من جهة، وبين عدم نجاح التآمر في تحقيق أهدافه السياسية، أو التغيير في موازين القوى، من جهة أخرى.
ذلك لأن ميزان القوى ما زال في غير مصلحة أمريكا والكيان الصهيوني، كما أثبتته المواجهات الميدانية العسكرية. وهو ما أثبتته انتصارات المقاومتين في غزة ولبنان، ومحور المقاومة عموما، في مرحلة ما بعد طوفان الأقصى، وما ستثبته، بإذن الله، الجولة الجديدة من الصراع.
الكيان الصهيوني وأمريكا يعانيان داخليا وخارجيا من نقاط ضعف كثيرة، بعضها ظاهر وأشير إليه مرارا، وبعضها كامن، أو في طريقه للخروج إلى السطح.
فاستقواء ترامب ونتنياهو يجب ألّا يحجب ما يتصفان به من نقاط ضعف، وما ينتظرهما من فشل، وهذا ما يوجب أن تبقى الإرادة الحديدية، والمعنويات العالية، والإيمان بنصر الله، أسياد المواجهة القادمة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب المقاومة غزة نتنياهو غزة نتنياهو المقاومة ترامب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق الأوسط من جهة فی هذه
إقرأ أيضاً:
ما وراء تصريحات ترامب في الشرق الأوسط.. مفاوضات الرهائن بين التهديد والواقع
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في تصريح أثار جدلاً واسعاً، أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب أن "الجحيم سيندلع" إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس بحلول يوم تنصيبه.
هذا التصريح، الذي كرره أربع مرات خلال مؤتمر صحفي في منتجعه بمار إيه لاغو في فلوريدا، يثير تساؤلات حول ماهية الإجراءات التي قد يتخذها ترامب، ومدى تأثير تهديداته على ديناميكيات المفاوضات القائمة بالفعل.
تصعيد لفظي بلا تفاصيل واضحةترامب، المعروف باستخدامه لغة التهديد، لم يوضح ما الذي يقصده بـ"الجحيم"، ولم يقدم أي تفاصيل حول الإجراءات التي قد يتخذها.
في المقابل، أشار إلى أن احتجاز الرهائن كان خطأً كبيراً من قبل حماس، محملاً الحركة المسؤولية عن أزمة 7 أكتوبر 2023، والتي أسفرت عن مقتل العشرات وأسر العديد من الرهائن.
في حين يبدو أن تصريحات ترامب تهدف إلى إرسال رسالة صارمة إلى حماس، إلا أن الخبراء يرون أنها تفتقر إلى خطة واضحة، ما يثير التساؤل حول فعاليتها.
دانييل كورتزر، السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل، وصف تصريحات ترامب بأنها "أسوأ أشكال السياسة"، مشيراً إلى أنها ربما تزيد الوضع تعقيداً بدلاً من تقديم حلول.
جهود إدارة بايدن.. أسلوب مختلفعلى الجانب الآخر، تعمل إدارة بايدن منذ شهور على التفاوض بشأن إطلاق سراح الرهائن من خلال قنوات دبلوماسية معقدة.
وبالرغم من أن المفاوضات كانت على وشك النجاح عدة مرات، إلا أنها انهارت بسبب تعنت حماس واعتراضات إسرائيل على بعض المقترحات.
ويرى محللون أن تصريحات ترامب قد تخلق توتراً إضافياً، حيث تعمل الإدارة الحالية والقادمة بشكل غير مسبوق لتحقيق نفس الهدف، وهو إطلاق سراح الرهائن.
بريت ماكجورك، كبير مفاوضي إدارة بايدن، يجري اتصالات منتظمة مع ممثلي إدارة ترامب، في إشارة إلى مستوى عالٍ من التنسيق، رغم الخلافات السياسية بين الجانبين.
تأثير تهديدات ترامب على المفاوضاتترامب أشار إلى أن تهديداته من شأنها أن تدفع حماس إلى التراجع. ومع ذلك، يشكك الخبراء في قدرة هذه التهديدات على تحقيق أي نتائج ملموسة.
آرون ديفيد ميلر، المحلل السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، أكد أن التصعيد الكلامي قد لا يترجم إلى خطوات عملية، خاصة وأن حماس واجهت بالفعل قصفاً إسرائيلياً مكثفاً على مدى أشهر.
دوافع التصريحات.. هل هي تكتيك سياسي؟يرى البعض أن تصريحات ترامب ليست سوى محاولة لبناء سردية تتيح له نسب الفضل لنفسه إذا تم إطلاق سراح الرهائن قبل توليه منصبه.
ويبدو أن هذه التصريحات مصممة جزئياً لتقديم صورة قيادية حازمة، خصوصاً في ظل الانتقادات التي توجهت لإدارته السابقة بشأن تعاملها مع الأزمات الدولية.
وسط التوترات السياسية والتصعيد الإعلامي، يبقى مصير حوالي 100 رهينة على المحك. عائلات الضحايا ناشدت الطرفين، إدارة بايدن وإدارة ترامب المقبلة، للعمل معاً لتحقيق الإفراج عن ذويهم، بعيداً عن الحسابات السياسية.
وفي ظل غموض الخطوات القادمة، تبقى تصريحات ترامب مثار جدل حول تأثيرها الفعلي على الأرض. وبينما تتوالى الجهود الدبلوماسية من قبل الأطراف المختلفة، يظل التساؤل قائماً: هل ستنجح لغة التهديد أم ستثبت الدبلوماسية التقليدية أنها الطريق الأمثل لتحقيق العدالة الإنسانية؟