سواليف:
2024-12-12@02:01:50 GMT

سقوط النظام السوري وولادة سوريا الجديدة

تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT

#سقوط_النظا_ السوري وولادة #سوريا الجديدة

دوسلدورف/ #أحمد_سليمان_العمري

منذ عام 1970، عاش الشعب السوري تحت وطأة حكم عائلة الأسد الذي شكّل نظاما قائما على القمع والدم. بداية من حافظ الأسد، الذي استولى على السلطة عبر انقلاب عسكري، وحتى عهد ابنه بشار، شهدت سوريا عقودا من الظلم والاستبداد، حيث حوّلت تلك العائلة البلاد إلى سجن كبير يحكمه الخوف والترهيب.

مع سقوط هذا النظام أخيرا، تفتح سوريا أبوابا جديدة لمستقبل طالما حلم به الشعب؛ تتسع فيه مساحة الحرية والعدالة، ويتلاشى شبح الطغيان.

مقالات ذات صلة هل من أمل؟ 2024/12/09

إرث القمع والدم

حين استلم حافظ الأسد الحكم، وعد ببناء سوريا قوية، لكن وعوده تحوّلت إلى كابوس طويل الأمد، فقد اعتمد حكمه على الترهيب، فكانت مجازر مثل حماة عام 1982 إحدى أبرز معالم فترة حكمه، حيث قُتل عشرات الآلاف ودُمّرت أحياء بأكملها بحجة قمع المعارضة. لم يكن أخوه رفعت الأسد بعيدا عن هذه الجرائم، فقد نفّذ عمليات إعدام جماعية، مثل ما حدث في سجن تدمر، حيث قُتل مئات السجناء السياسيين بدم بارد.

عندما ورث بشار الأسد الحكم عام 2000، ظنّ البعض أن سوريا قد تدخل عهدا جديدا أقل قمعا، لكن هذا الأمل سرعان ما تبدد، فمع اندلاع الثورة السورية عام 2011، قُوبلت الاحتجاجات السلمية برصاص القنّاصة والقمع الوحشي، حيث آلت الثورة إلى حرب مدمّرة، استخدم فيها النظام كل أنواع الأسلحة ضد شعبه، من البراميل المتفجّرة إلى الأسلحة الكيميائية، ليترك البلاد غارقة في الفوضى والدمار.

مأساة حلب: جريمة بشراكة روسية وإيرانية

من بين المدن السورية التي تعرّضت لوحشية النظام، تبرز حلب كرمز للمعاناة والدمار، ففي عامي 2015 و2016، كانت المدينة مسرحا لقصف عنيف شنّه النظام السوري بدعم من القوات الروسية والإيرانية. أسفرت هذه الحملة العسكرية عن تدمير حلب الشرقية بالكامل تقريبا، حيث قُصفت المستشفيات والمدارس والأسواق دون تمييز، فقد استُخدمت أسلحة محرّمة دوليا في الهجوم، وراح ضحية تلك الجرائم آلاف المدنيين، في حين نزح عشرات الآلاف من سكان المدينة بحثا عن مكان آمن.

أصبحت حلب، بأطلالها ودمارها، شاهدا على تحالف القمع بين النظام السوري وحلفائه، روسيا وإيران، في محاولة لإبقاء بشار الأسد على كرسي الحكم حتى لو كان الثمن دم الأبرياء.

الثمن الباهظ للحرب

طوال سنوات الصراع، دفع الشعب السوري ثمنا باهظا كان أثره عميقا على كل بيت وكل فرد، فقد خلّفت الحرب أكثر من 610,000 شهيد حتى عام 2022، وفق تقارير منظمات حقوق الإنسان، ومن بين هؤلاء، قُتل الكثيرون نتيجة القصف العشوائي والاشتباكات المسلّحة، بينما قضى آلاف آخرون تحت التعذيب في سجون النظام.

لم تقتصر المأساة على القتلى، فقد دمّرت الحرب أحلام الملايين وأجبرتهم على ترك منازلهم، حيث نزح أكثر من 6.9 مليون شخص داخليا، في حين هاجر 5.6 مليون سوري إلى دول الجوار ودول أخرى حول العالم، وحسب مفوّض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فقد وصل الرقم الإجمالي إلى 14 مليون؛ بين نازح ولاجئ ومُتشرّد، فضلا عن 100 ألف مفقود، حسب المصدر.

هذه الأرقام تعكس حجم الكارثة التي عاشها الشعب السوري، الذي أصبح نصف سكانه بين مشرّد ولاجئ أو مفقود، أو فاقد للاستقرار والأمان.

فجر التحرير

مع سقوط النظام السوري ونهاية السلالة الوحشية، التي احتفل بها السوري واستقبلها بالفرحة والإحساس بالإنتصار، ورحّب بها أيضا الشارع العربي، بينما العالمي ينتظر التصريح الأمريكي بالقبول أو الرفض أو الحياد.

خرج السوريون، بكل أطيافهم، يحتفلون بنهاية عقود من القمع والظلم، فهذه الفرحة كانت امتدادا لأمل طالما تمسّك به السوريون رغم المعاناة، لأنّ سقوط النظام لم يكن مجرّد انتصار على الطغيان والطاغية فحسب، بل كان بداية لكتابة صفحة جديدة، تحمل بين سطورها وعدا بالحرية والكرامة.

لكن الفرح وحده لا يكفي، فأمام الشعب السوري مهمة صعبة تتمثّل في بناء دولة جديدة قائمة على التعددية السياسية واحترام حقوق الإنسان، الأمر الذي يُلزم أن تكون المرحلة المقبلة فرصة لتجاوز الانقسامات التي زرعها النظام بين مكونات الشعب، والعمل على بناء وطن يجمع الجميع تحت راية واحدة، خالية من الطائفية والكراهية.

ضرورة الوعي ورفض الطائفية

من الدروس التي تعلّمها السوريون خلال سنوات الحرب، أن الانقسام والطائفية لا يجلبان سوى الدمار، هذا لأنّ النظام استغل هذه الانقسامات ليُطيل أمد حكمه، مما أدى إلى تمزيق النسيج الاجتماعي في البلاد.

اليوم، مع ولادة سوريا الجديدة، يجب أن تكون الأولوية لترسيخ قيم التعايش المشترك، وتبنّي دستور يحمي حقوق جميع المواطنين بغض النظر عن الدين أو العرق.

إن بناء سوريا المستقبل يتطلّب وعيا وطنيا يتجاوز أخطاء الماضي. يجب أن تتركّز الجهود على تحقيق المصالحة الوطنية، والعمل على محاسبة كل من تورّط في جرائم الحرب، مع ضمان ألّا يتحوّل الانتقام إلى سياسة الدولة، لأنّ استقلال القرار السوري هو الضمانة الوحيدة لتحقيق الاستقرار والازدهار في المستقبل.

الدرس المستفادة من دول الربيع العربي لتجنّب الهيمنة الخارجية

مع ولادة سوريا الجديدة، يبرز تحدٍّ كبير أمام الإئتلاف السوري والحكومة الحالية، التي ستعمل على تشكيل هيئة الحكومة الإنتقالية حتى الحكومة القادمة؛ من المفروض أن تُنتخب خلال 18 شهرا، والتي تبدأ بالإستفتاء على الدستور، الذي يضمن الحفاظ على كرامة الشعب وسيادة البلاد واستقلال قرارها الوطني.

لقد عانت سوريا لسنوات طويلة من تدخّلات خارجية زادت من تعقيد المشهد السياسي، حيث استغل العديد من القوى الدولية والإقليمية الصراع لتحقيق مصالحها الخاصّة.

كان التحالف مع روسيا وإيران من العوامل الرئيسية التي ساعدت النظام السوري في البقاء على قيد الحياة، مما زاد من تعقيد الصراع وأدى إلى تعميق المأساة السورية. لقد بات من الضرورة تجنّب الحكومة الجديدة الوقوع في فخ الهيمنة الخارجية، سواء كانت من قبل روسيا أو إيران، أو على الجبهة الأخرى الولايات المتحدة أو إسرائيل، أو غيرها من القوى التي قد تسعى لفرض أجندتها على مستقبل البلاد.

تاريخيا، شهدت دول أخرى من دول الربيع العربي إخفاقات كبيرة نتيجة السماح للقوى الخارجية بالسيطرة على مسارها السياسي والاقتصادي. تجربة تلك الدول يجب أن تكون درسا لسوريا، لتفادي تحويل الاستقلال الوطني إلى مجرّد شعار، لأنّ بناء سوريا الحرّة والديمقراطية يتطلّب أن يكون القرار السياسي نابعا من إرادة الشعب، لا خاضعا لضغوط خارجية، مهما كانت المغريات أو التحديات.

أمل في مستقبل مشرق

سقوط النظام السوري هو بداية لمرحلة جديدة في الشرق الأوسط عامّة، فهو يُعدّ مؤشّرا لتغيير ميزان القوى الإقليمي، مع الأخذ بالإعتبار اختلاط المُسلّمات والأوراق السياسية التي كان يتبنّاها العالم، والعالم العربي والمنطقة برُمّتها، وخاصّة بعد السابع من أكتوبر 2023.

أمّا على المستوى السوري فاللحظات الحالية تحتاج إلى عزم وتصميم من الشعب السوري بجميع أطيافه وأعراقه لتجاوز الألم، الذي استمر قرابة الـ 60 عاما من حكم عائلة الأسد، والعمل على بناء وطن يليق بتضحياتهم، ومع كل التحديات التي تنتظرهم، يبقى الأمل في أن تعود سوريا وطنا آمنا ومستقرّا، يحتضن أبناءه جميعا دون تمييز، ويعيد للاجئين كرامتهم وأملهم بالحياة.

سوريا الجديدة ليست مجرّد حلم، بل مشروع يمكن تحقيقه بإرادة السوريين وتكاتفهم، فهي الفرصة لصنع دولة حرّة وعادلة، تكون رمزا للصمود والانتصار على القتل المُمنهج والقمعية والبلوليسية، ونموذجا يحتذى به في العالم العربي.

سوريا تستحق مستقبلا أفضل، وشعبها يستحق حياة مليئة بالكرامة والحرية.

ahmad.omari11@yahoo.de

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سوريا أحمد سليمان العمري سوریا الجدیدة النظام السوری الشعب السوری سقوط النظام

إقرأ أيضاً:

دول عربية تبدأ بإرسال مساعدات لدعم الشعب السوري بعد سقوط الأسد

 

وصلت أول طائرة قطرية إلى مطار غازي عنتاب في تركيا، الثلاثاء، محمّلة بمساعدات غذائية وطبية ومستلزمات إيواء للشعب السوري.

إذ قدمت هذه المساعدات من قبل صندوق قطر للتنمية، تنفيذاً لتوجيهات أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

أعلنت وزارة الخارجية القطرية، عبر منشور على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي "إكس" أنّ: "الطائرة التي وصلت الثلاثاء هي جزء من جسر جوي تنفذه دولة قطر، لإغاثة الأشقاء في سوريا والمساهمة في معالجة أوضاعهم 

وأكدت الوزارة أنّ: "هذه المساعدات، تأتي في إطار موقف دولة قطر الداعم لسوريا ووقوفها الدائم إلى جانب الشعب السوري الشقيق".

وفي سياق آخر٬ أكد مستشار رئيس الوزراء القطري والمتحدث الرسمي باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أنّ أبواب قطر مفتوحة لجميع الأطراف في سوريا، وأن الدوحة تتواصل مع جميع الأطراف هناك، منتقداً انتهاك الاحتلال الإسرائيلي لسيادة سوريا.

 مشيراً إلى أنّ: "قطر تنظر بإيجابية إلى إعلانات المعارضة السورية". ورداً على سؤال حول دعم قطر للشعب السوري، أكد الأنصاري: "الأشقاء في سوريا هم من يحدّدون الدور المقبل لقطر، وأن الدوحة تدعم الشعب السوري وتتواصل مع جميع الأطراف".

وأعرب الأنصاري عن الحاجة لاجتماع عربي، ضمن الجامعة العربية، للتوصل إلى موقف موحّد في القضية السورية، مشدداً على أنّ: "قطر تتواصل مع الأطراف الدولية لتوفير الدعم لسوريا والعمل على تحقيق التوافق داخل وخارج البلاد بشأن مستقبلها".

 

كذلك، أعلنت الهيئة الخيرية الهاشمية في الأردن، أنها قامت بتجهيز 200 طن من المساعدات الغذائية والمواد الإغاثية لإرسالها إلى سوريا. فيما أكد الأمين العام للهيئة، حسين الشبلي، أن الشاحنات سوف يتم إرسالها براً خلال الساعات المقبلة بعد الانتهاء من الترتيبات اللازمة.

وأكد أن هذه الخطوة تأتي بناءً على التوجيهات الملكية لدعم الأشقاء في سوريا وتقديم كل ما يلزم من مساعدة وعون لهم للتخفيف من معاناتهم نتيجة الظروف الصعبة التي يواجهونها.

ولم يحدد بيان الهيئة الجهة التي ستتسلم قافلة المساعدات أو المحافظات التي سيتم توزيعها فيها.

إلى ذلك، ترتبط سوريا والأردن بمعبرين رئيسيين، هما: معبر الجمرك القديم في سوريا الذي يقابله معبر الرمثا من الجانب الأردني، والذي خرج عن الخدمة منذ سنوات بسبب تداعيات الأزمة في البلاد.

والمعبر الثاني هو معبر نصيب الذي يقابله معبر جابر الأردني، وقد أغلق منذ الجمعة الماضية إثر سيطرة فصائل المعارضة عليه.

تجدر الإشارة إلى أنه فجر الأحد الماضي، دخلت فصائل المعارضة السورية العاصمة دمشق وسيطرت عليها، فيما انسحبت قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد استمر 61 عاماً لحكم نظام حزب البعث و53 سنة من حكم عائلة الأسد

مقالات مشابهة

  • تداعيات سقوط نظام الأسد على تركيا
  • دول عربية تبدأ بإرسال مساعدات لدعم الشعب السوري بعد سقوط الأسد
  • ياسر العظمة يوجه رسالة إلى الشعب السوري بعد سقوط الأسد.. حذر من سرقة الثورة
  • صدمة سقوط الأسد
  • البرلمان السوري يعلق على سقوط الأسد.. وجه رسالة إلى الشعب
  • صراع محاور يُسقط النظام… هل يمكن أن ينسحب الوضع السوري على السودان؟
  • مجلس الشعب: نؤيد إرادة الشعب لبناء "سوريا الجديدة"
  • وزير مغربي سابق لـ عربي21: سقوط الأسد نقطة ضوء في ليل الشرق الطويل
  • بعد سقوط نظام الأسد.. تعرف على مكون الشعب السوري